ماذا تُخفي إسرائيل وراء توغلها المحدود في غزة؟
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
يبدو أن النطاق الأولي المحدود للتوغل في غزة يساعد الجيش الإسرائيلي على استخدام ميزة القوة النارية ضد حماس، مع تقليل المخاطر.
يبدو أنهم راغبون في تدمير البنية التحتية العسكرية وقتل القيادة
ردت إسرائيل على هجوم حماس المدمر في 7 أكتوبر (تشرين الأول) بأكبر تعبئة في تاريخ البلاد، ولكن عندما دخلت دباباتها وقواتها غزة في نهاية الأسبوع الماضي، لم يكن ذلك الغزو بالنطاق الذي توقعه البعض.
وتنسب صحيفة "فايننشال تايمز" إلى مسؤولين حاليين وسابقين أن النطاق المحدود على ما يبدو للتوغل الإسرائيلي الأولي، والذي وصفه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بأنه "المرحلة الثانية" من حرب إسرائيل مع حماس، يعكس خليطاً معقداً من العوامل. وأضافوا أن إسرائيل أرادت، قبل كل شيء، تأكيد تفوقها في قوة النيران على حماس، وتقليل خسائرها إلى أدنى حد، بينما تحاول تجنب جرّ خصوم آخرين إلى الحرب.
وعلى المستوى التكتيكي، فإن التدخل البري الأصغر يعني أنه يمكن بسهولة تزويد القوات البرية بدعم جوي قريب، وهو غطاء حاسم لدخول أجزاء من شمال غزة، حيث أمضت حماس سنوات في إعداد الدفاعات، وفقًا لشخص مطلع على خطط المعركة الإسرائيلية.
وقال أمير أفيفي، النائب السابق لقائد فرقة غزة بالجيش الإسرائيلي: "نحن لا نجازف، عندما يقوم جنودنا بالمناورة فإننا نقوم بذلك باستخدام مدفعية ضخمة، حيث تحلق 50 طائرة في السماء لتدمير أي شيء يتحرك".
ويتوقع مسؤولون أن القتال في غزة سيكون مكثفاً، فقد تدربت حماس على القتال في المناطق الحضرية، وأقامت شبكة ضخمة من الأنفاق، أطلق عليها اسم "مترو غزة"، وتساعد على نقل المقاتلين والأسلحة، دون أن يتم اكتشافها. وتمتلك الجماعة المسلحة أيضاً ترسانة من الأسلحة المضادة للدبابات والعبوات الناسفة.
وفيما يبدو تجربة للمعارك المقبلة، اشتبك الجيش الإسرائيلي يوم الأحد مع مقاتلي حماس، الذين خرجوا من نفق بالقرب من معبر إيريز الحدودي.
Military briefing: the tactics behind Israel’s ground offensive https://t.co/n865rLtfxo
— Financial Times (@FT) October 29, 2023
وقال إيال هولاتا، الذي كان رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي حتى وقت سابق من هذا العام إن "الشيء الوحيد الأسوأ من القتال في المناطق الحضرية هو القتال تحت أنقاض المناطق الحضرية. هناك الكثير من الأماكن التي يمكنهم الاختباء فيها، ونصب الكمائن".
وأضاف: "عندما يصبح الجيش الإسرائيلي جامداً، فإنه يصبح أكثر عرضة للخطر. ولهذا السبب تراهم في حركة بطيئة، ولكن مستمرة، يكونون حذرين للغاية في تأمين الأماكن التي يتواجدون فيها بالفعل".
وتلفت الصحيفة البريطانية إلى أن الجيش الإسرائيلي التزم الصمت بشأن التفاصيل الدقيقة لواحدة من أهم عملياته منذ عقود. لكن المسؤولين يقولون إن الحشد التدريجي للقوات يهدف إلى تقليل احتمال انضمام حزب الله إلى الصراع.
إلى ذلك، رأت أن الالتزام بعدد أقل من القوات في غزة يعني أيضاً أنه يمكن نشر القوة البشرية بسهولة أكبر في الشمال إذا دخل حزب الله الذي انخرط مقاتلوه في مناوشات متصاعدة عبر الحدود مع القوات الإسرائيلية في الحرب، وفقًا للشخص المطلع على خطط المعركة الإسرائيلية.
“The only thing worse than combat in urban terrain is combat in the rubble of urban terrain. There are so many places where they can hide and carry out ambushes,” said Eyal Hulata”
https://t.co/EMMM45k4Xb
وقال دبلوماسي غربي: "أعتقد أن الرسائل الموجهة إلى الإسرائيليين بشأن الهجوم البري متعمدة للغاية، كانوا قلقين من أن حزب الله وإيران قد يعتبران الغزو البري بمثابة حافز لنوع من التصعيد، ولهذا السبب لم يطلقوا عليه اسم الغزو البري".
وقال ياكوف أميدرور، الزميل المتميز في المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي ومستشار الأمن القومي السابق، إن التوغل الأولي المحدود كان أيضاً انعكاسًا لتعهد نتانياهو بتدمير حماس، وإخراجها من قطاع غزة، باعتباره أكبر من أن يتم إكماله بسرعة.
وأضاف أن "الهدف ليس هدفاً تكتيكيا سنحققه غداً"، مضيفا أنه يتوقع أن تستمر العملية ما بين 6 أشهر وسنة، و"ما ترونه هو الحذر على المستوى التكتيكي – لماذا يجب أن نخسر جنودًا أكثر من اللازم؟ - وفهم أن الهدف كبير جدًا لدرجة أنه لا يمكن تحقيقه بأي حال من الأحوال في الأسبوع المقبل".
ويعتقد مراقبون آخرون أن حجم التوغل الأولي هو علامة على أن إسرائيل تهدف إلى شيء أقل طموحاً من الإطاحة بحماس.
ورأى الدبلوماسي الغربي أن أهدافهم لا تصل إلى القضاء التام على حماس في غزة، مضيفاً: "يبدو أنهم راغبون في تدمير البنية التحتية العسكرية وقتل القيادة...لكن الإجابة الصادقة هي أنهم لم يوضحوا بعد الهدف النهائي، ربما لأنهم لم يتوصلوا إليه بعد".
وأوضح عاموس هاريل، المراسل العسكري ومؤلف كتاب عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، أن القوات الإسرائيلية تحركت مسافة تتراوح بين 3 و4 كيلومترات داخل غزة، لكنها لم تشارك بعد في قتال في المناطق الحضرية. وقال: “يبدو أن المنطق هو ممارسة الضغط، وإجبار مقاتلي حماس على الخروج من أنفاقهم ثم ضربهم”.
وقال الشخص المطلع على خطط المعركة الإسرائيلية، إنه حتى صباح الأحد، لم تكن المقاومة التي واجهتها إسرائيل “كبيرة”، ولم يكن من الواضح لماذا لم تطلق حماس المزيد من الصواريخ المضادة للدبابات على المركبات المدرعة التابعة للجيش الإسرائيلي عند دخول غزة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الجیش الإسرائیلی المناطق الحضریة حزب الله یبدو أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
ردود الفعل الإسرائيلية على الخطة المصرية لإعمار غزة
القدس المحتلة- بدت ردود الفعل الإسرائيلية متناغمة مع موقف الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، برفض مخرجات وقرارات القمة العربية التي تبنت خطة مصر لإعادة إعمار قطاع غزة.
وتعزز هذا التناغم بتل أبيب مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رفض الخطة المصرية، وتمسكه بمقترحه الهادف إلى تهجير سكان قطاع غزة.
وحمل الرفض الإسرائيلي لخطة الرئيس عبد الفتاح السيسي في طياته كواليس مخططات حكومة نتنياهو بشأن قطاع غزة سواء استئناف القتال والعودة للحرب، وهواجس تل أبيب من طرح مقترح حل الدولتين الذي تكرسه الخطة المصرية، وكذلك التخوف من الضبابية حيال مكانة حركة حماس في إدارة القطاع مستقبلا.
وحيال ذلك، سارعت وزارة الخارجية الإسرائيلية انتقاد ومهاجمة قرارات ومخرجات القمة العربية واعتبرت أن بيانها الختامي "لا يعكس الواقع بعد 7 أكتوبر 2023، ويستند إلى مفاهيم قديمة".
وترى أن حكم حماس في غزة "يمنع أي فرصة للأمن بالنسبة لإسرائيل وجيرانها. ومن أجل السلام والاستقرار، لا يمكن ترك حماس في السلطة"، على ما جاء في بيان الناطق باسم الوزارة أورن مرمورشتاين.
وحظي موقف الخارجية الإسرائيلية بتفاعل من قِبَل الكُتّاب والمحللين ووسائل الإعلام الإسرائيلية التي تماهت إلى حد كبير مع رفض الخطة المصرية، والترويج لمقترح ترامب من أجل تهجير الغزيين.
إعلانوبررت القراءات والتحليلات الإسرائيلية رفض الخطة المصرية بعدم واقعيتها، وخطورتها على إسرائيل من حيث الإبقاء على الغزيين في القطاع، وكذلك الإبقاء على حركة حماس بالمشهد، كما أن الخطة تضمن الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني، وتكرس حل الدولتين، وهي بالتالي تتعارض وتتصادم مع مخططات إسرائيل بعد السابع من أكتوبر.
تحريض
هذه المبررات والتوليفات لدوافع رفض إسرائيل للخطة المصرية، استعرضها رئيس قسم الشؤون العربية في القناة الـ14 الإسرائيلية عمري حاييم، من خلال مقال له بعنوان "الخطة المصرية في غزة ولماذا لا أمل لها".
فقد وجّه انتقادات للخطة وعمد إلى التحريض عليها، كونها بالأساس تعارض تهجير الغزيين، وكذلك تبقي على حركة حماس في تصدر المشهد، وتمهد لإعادة السلطة الفلسطينية إلى القطاع.
وأوضح حاييم أن مخرجات القمة العربية وقراراتها تأتي في ظل الأزمة في المحادثات بين إسرائيل وحماس، وهو ما يعني تحصينا لحماس في المفاوضات واتخاذ موقف مناهض لإسرائيل بكل ما يتعلق في اتفاق وقف إطلاق النار والمرحلة الثانية من المفاوضات، كما أن الخطة المصرية بمثابة البديل لمقترح ترامب للتهجير وإعادة الإعمار.
وحيال ما تحمل الخطة من مواقف ومحاور لا تتناغم مع الموقف الإسرائيلي، يعتقد حاييم أن "الخطة المصرية لا تملك فرصة كبيرة للنجاح لأكثر من سبب، كونها تتناقض تماما مع مقترح ترامب بشأن إخراج سكان غزة من القطاع، وفي القمة، أكد القادة العرب مرارا وتكرارا معارضتهم لهذا الأمر".
وفي محاولة منه لدق الأسافين بين العرب والفلسطينيين، واصل الكاتب الإسرائيلي التحريض على الخطة المصرية وزعم أنها لن تحظى بالدعم الشعبي بالعالم العربي ولا حتى بين أبناء الشعب الفلسطيني، وذلك لعدم استعداد الفلسطينيين لتطبيق ما تقترحه الدول العربية بأن تكون السلطة الفلسطينية هي السلطة الحاكمة رسميا في القطاع.
إعلانولفت إلى أن الخطة المصرية تزيح حماس جانبا لكن تبقي عليها بالمشهد السياسي، كما أنها تعزز مكانة السلطة الفلسطينية بإعادتها إلى الحكم في القطاع، كما أن الخطة لا تبدد التهديدات الأمنية من القطاع ولا تضمن الحفاظ على الأمن القومي لإسرائيل.
"كامب ديفيد" على المحكوفي سياق تداعيات الرفض الإسرائيلي للخطة المصرية على العلاقات بين القاهرة وتل أبيب، ترى محللة الشؤون العربية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" سمدار بيري، أن ذلك يضع معاهدة السلام "كامب ديفيد" على المحك خصوصا في حال قررت إسرائيل استئناف الحرب على غزة، وكذلك يضع إسرائيل أمام تحديات جديدة بالشرق الأوسط حتى وإن حظيت بدعم ترامب.
وتعتقد بيري أنه حتى لو لم يتم تنفيذ خطة السيسي، فإن الموافقة المبدئية التي حصلت عليها من زعماء الدول العربية لها معنى أوسع، وهو رفض التهجير والترانسفير، وأنهم لن يستوعبوا حشود الفلسطينيين الذين سيتم طردهم من قطاع غزة، وبالتالي فإن مقترح ترامب لتهجير الغزيين، في شكله الحالي، سيصبح غير قابل للتنفيذ.
لكن لا تزال هناك أسئلة كبيرة وساخنة لم تتم الإجابة عنها في الخطة المصرية، تقول بيري "هل توافق حماس والجهاد الإسلامي على نزع سلاحهما وتسليمهما للشرطة الفلسطينية الجديدة؟ من سيدير قطاع غزة: السكان المحليون أم الفلسطينيون من الضفة الغربية، أم قيادة مختلطة تشمل أيضا شخصيات من العالم العربي؟ ومن أين ستأتي الأموال لإعادة الإعمار؟".
رسائل إسرائيلالقراءة ذاتها استعرضها محلل الشؤون السياسية في صحيفة "يسرائيل هيوم" أرييل كهانا، مشيرا إلى أن إسرائيل ترفض خطة الدول العربية لحل أزمة غزة، في إشارة منه إلى أن تل أبيب معنية بالإبقاء على الأزمة وحالة القتال في قطاع غزة، وذلك حتى تحقق أهداف الحرب المعلنة.
ورجح المحلل السياسي أن الرفض الإسرائيلي للخطة المصرية التي يأتي الكشف عنها بالتزامن مع دخول رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي إيال زامير، لمنصبه خلفا للمنتهية ولايته هرتسي هاليفي، مؤشر إلى أن إسرائيل قد تستأنف القتال في القطاع بما يتلاءم وتعليمات واشنطن.
إعلانوأوضح أن الرسالة الرئيسية التي تريد إسرائيل إيصالها من خلال رفض الخطة المصرية هي أن حماس لا يمكن أن تبقى في السلطة، وأن إعادة إعمار قطاع غزة يجب أن تتم "من خلال الهجرة الطوعية للسكان"، وكذلك رفض إعادة السيطرة على قطاع غزة إلى السلطة الفلسطينية، وهي خطوة ترى إسرائيل أنها "غير مرغوب فيها وخطيرة".