لتحقيق رفاهية البشر.. الصين تطلق مبادرة الذكاء الاصطناعي من أجل خدمة العالم
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
أطلقت الصين، مبادرة الذكاء الاصطناعي في ضوء تأثيرها العميق على التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتقدم الحضارة الإنسانية وإتاحتها فرصًا هائلة للعالم وإمكانية جلب مخاطر لا يمكن التنبؤ بها، مشددة في هذا الصدد على ضرورة بناء توافق في الآراء من خلال الحوار والتعاون وتطوير آليات حكم مفتوحة وعادلة وفعالة في محاولة لتعزيز تقنيات الذكاء الاصطناعي لصالح البشرية والمساهمة في بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية.
وترتكز مبادرة الصين، حسبما أفاد بيان صادر عن سفارة الصين، اليوم الاثنين، على ضرورة أن تلتزم جميع الدول برؤية للأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام والتركيز بشكل متساو على التنمية والأمن، مشددة على أن حوكمة الذكاء الاصطناعي تعد مهمة مشتركة تواجهها جميع دول العالم لما لها تأثير على مستقبل البشرية.
وتؤكد مبادرة الصين، على أهمية التمسك بنهج يعتمد على الإنسان في تطوير الذكاء الاصطناعي، بهدف زيادة رفاهية البشرية وعلى أساس ضمان الضمان الاجتماعي واحترام حقوق ومصالح البشرية بحيث يتطور الذكاء الاصطناعي دائمًا بطريقة مفيدة للجميع، مشيرة إلى دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز التنمية المستدامة ومواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ والحفاظ على التنوع البيولوجي.
وأكدت على أهمية احترام السيادة الوطنية للدول الأخرى والالتزام بشكل صارم بقوانينها عند تزويدها بمنتجات وخدمات الذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى معارضة الصين استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لأغراض التلاعب بالرأي العام ونشر المعلومات المضللة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى والأنظمة الاجتماعية والنظام الاجتماعي، فضلاً عن تعريض سيادة الدول الأخرى للخطر.
وشددت على ضرورة التعاون لمنع ومكافحة إساءة الاستخدام والاستخدام الضار لتقنيات الذكاء الاصطناعي من قبل الإرهابيين والقوى المتطرفة والجماعات الإجرامية المنظمة العابرة للحدود الوطنية.. مطالبة جميع الدول خاصة الدول الكبرى أن تتبنى موقفا حكيما ومسؤولا تجاه البحث والتطوير وتطبيق تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري.
ودعت الصين إلى تعاون عالمي لتعزيز التطور السليم للذكاء الاصطناعي وإتاحة تقنيات الذكاء الاصطناعي للجمهور بموجب شروط مفتوحة المصدر.. مؤكدة معارضتها رسم خطوط أيديولوجية أو تشكيل مجموعات حصرية لمنع الدول الأخرى من تطوير الذكاء الاصطناعي وإقامة الحواجز وتعطيل سلسلة التوريد العالمية للذكاء الاصطناعي من خلال الاحتكارات التكنولوجية والتدابير القسرية الأحادية.
وأكدت على أهمية وضع نظام اختبار وتقييم يعتمد على مستويات مخاطر الذكاء الاصطناعي وتنفيذ حوكمة رشيدة، وتنفيذ إدارة متدرجة وقائمة على الفئات من أجل الاستجابة السريعة والفعالة، مضيفة أنه ينبغي على كيانات البحث والتطوير تحسين إمكانية شرح الذكاء الاصطناعي وإمكانية التنبؤ به، وزيادة صحة البيانات ودقتها، والتأكد من بقاء الذكاء الاصطناعي دائمًا تحت السيطرة البشرية، وبناء تقنيات ذكاء اصطناعي جديرة بالثقة يمكن مراجعتها ومراقبتها وتتبعها.
ولفتت الصين، إلى أهمية الالتزام بمبادئ العدالة وعدم التمييز، وتجنب التحيز والتمييز على أساس العرقيات والمعتقدات والجنسيات والجنس وما إلى ذلك، أثناء عملية جمع البيانات وتصميم الخوارزميات وتطوير التكنولوجيا وتطوير المنتجات وتطبيقها مطالبة بوضع ووتحسين المبادئ والمعايير الأخلاقية وآليات المساءلة للذكاء الاصطناعي وصياغة المبادئ التوجيهية الأخلاقية وبناء المراجعة الأخلاقية للعلوم والتكنولوجيا والنظام التنظيمي.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الصين الذكاء الاصطناعي خطر الذكاء الاصطناعي استخدام الذكاء الاصطناعي أهمية الذكاء الاصطناعي تطور الذكاء الاصطناعي تقنیات الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
سياسة ترامب الخارجية ستُسرِّع مساعي الصين لقيادة العالم
ترجمة: قاسم مكي
لم يُخْفِ الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نِيَّته في تَبنِّي موقف متشدد تجاه الصين بدءا بتهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة 60% على الواردات الصينية ثم حشده صقورا متشددين ضدها في إدارته. وسيتبَّين أن ذلك سيشكل صداعا لبكين فيما يتعلق بعلاقتها الثنائية مع واشنطن.
لكن إدارة ترامب الجديدة ستقدِّم للصين فرصة كبرى لتوسيع نفوذها أيضا. فسياسة ترامب الخارجية المسمَّاة «أمريكا أولا» ستشهد في الغالب انسحابا جزئيا أو كليا للولايات المتحدة من المنظمات والمبادرات الدولية التي ظلت تمثل أحجار الزاوية لهيمنتها. وستوجد بذلك فراغا ستحرص بكين على استغلاله. ستأمل الصين في الحصول على مساحة أكبر لتأسيس دور قيادي عالمي لها وتشكيل ما يتحول باطراد إى عالم متعدد الأطراف وفقا لمصالحها الخاصة بها.
رؤية الرئيس الصيني شي جينبينج تنطوي على بسط نظام عالمي وليس الفوضى. لكن هذا النظام سيتحاشى الأعراف وأنظمة التحالف التي ترتكز على القيم العامة لصالح شراكات غير ملزِمة ترتكز على المصالح المشتركة. عمليا، من شأن ذلك أن يمنح الصين نفوذا مُهمِّا بسبب حجم اقتصادها وقيادتها التقنيَّة وقوتها العسكرية المتنامية.
تسعى الصين إلى تحقيق هذه الرؤية بإعادة تشكيل الأمم المتحدة والدفع بالمبادرات العالمية الخاصة بها وتحديد الشروط والظروف المادية التي تحكم سلاسل الإمداد والتقنيات الصاعدة.
منذ عام 2021 كشفت بكين عن ثلاث مبادرات عالمية مرتبطة بنفوذها في الأمم المتحدة وهي مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية.
يُستَشهَد في ورقة مفهوم الأمن العالمي بميثاق الأمم المتحدة باعتباره «جوهر» النظام العالمي. والمبادرات المرتبطة بمبادرة الحضارة العالمية التي تروِّج للحوار بين الحضارات أجيزت من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة اليونيسكو (التي سحب ترامب الولايات المتحدة منها.)
أصبحت الأمم المتحدة أداة رئيسية حاولت الصين وتحاول من خلالها بناء دورها كوسيط دولي بما في ذلك ترويجها لخطة سلام لأوكرانيا إلى جانب البرازيل.
مبادرة التنمية العالمية تمثل تطويرا لمقاربة التنمية العالمية عبر مبادرة الحزام والطريق والتي أرست دور الصين كشريك تنمية أساسي لبلدان جنوب العالم. والمبادرتان اللتان يجب متابعتهما ستكونان مبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية.
تقدم مبادرة الأمن العالمي إطارا للتعاون الأمني الدولي في معارضة للتحالفات العسكرية الأمريكية. وفي حين لا تقترب الصين بأي حال من مضاهاة الانتشار العسكري للولايات المتحدة إلا أن المبادرة يتم تفصيلها وفقا لعناصر قوتها مع التركيز على التعاون في مجالات تشمل الأمن الداخلي وأمن البيانات. تقليص تعهدات الولايات المتحدة يمكن أن يساعد بكين على توظيف المبادرة لنشر المعايير الأمنية الصينية وفي ذات الوقت حماية المصالح الاقتصادية الصينية.
أثبتت الصين أنها شريك أمني جذاب لشركاء الولايات المتحدة في مجال الدفاع. فباكستان وهي حليف رئيسي للولايات المتحدة خارج الناتو تعزز التعاون العسكري مع الصين لحماية المواطنين الصينيين الذي يعملون في مشروعات مبادرة الحزام والطريق. ويشاع أن مصر لديها خطط لإحلال طائرات إف-16 الأمريكية بطائرات جيه -20 الصينية.
بالمقارنة يتم إعداد مبادرة الحضارة العالمية لتقديم بديل لقيم حقوق الإنسان العالمية التي يدفع بها الغرب. فبدلا عنها تروِّج المبادرة لنظام عالمي يرتكز على حضارات متميزة لكل منها قيمها الخاصة وأنظمتها السياسية التي يجب احترام سيادتها وسلطتها.
هذا التأطير والذي أصبح روتينيا في البيانات الدبلوماسية الصينية جذاب بطبعه للقوى الصاعدة وغير الراضية عن النظام العالمي الذي تقوده واشنطن.
فك الإدارة الأمريكية ارتباطها بالساحة الدولية يمكن جدا أن يسمح لخطاب بكين عن القيم الحضارية بأن يتحول إلى التأطير المفضل للدبلوماسية الدولية خصوصا مع تزايد النفوذ الصيني في الأمم المتحدة.
في نهاية المطاف سيظل النفوذ القوى للصين متجذرا في التجارة والتقنية خصوصا في المجالات التي أسس له فيها دورا قياديا. فمقاربة الصين المنهجية لتطوير التقنية الخضراء بداية من إنتاج الطاقة والى السيارات الكهربائية حققت لها الهيمنة على سلاسل التوريد هذه. وقدراتها الفنية المتقدمة إلى جانب مكانتها كشريك تنمية وتقنية رئيسي حول جنوب العالم تعني أن باقي العالم سيصبح باطراد معتمدا على الصين في سلاسل توريد التقنية الخضراء. وبالتالي مع تحول التقنية الصينية إلى التقنية المفضلة من المرجح أن تسود المعايير التي تحكم استخدامها. وإدارة ترامب التي لا ترغب في أن تكون طرفا في التعاون الدولي حول المناخ ستترك الصين اللاعب الأكبر في مجال التقنية والسلع التي يحتاجها باقي العالم للانتقال إلى الطاقة المتجددة.
يجب عدم التقليل من النفوذ العالمي الذي تحصل عليه الصين من هذا الوضع. لقد شهد منتدى هذا العام حول التعاون الصيني الإفريقي حزمة من التعهدات لزيادة التعاون في الموارد المتجددة والتقنية الخضراء. كما شهد أيضا تعهدات بمزيد من التعاون حول تقنية المعلومات والتي يمكن أن تحدث تحولا جذريا.
حرص الصين على أن تلعب دورا قياديا في الحوكمة الدولية للذكاء الاصطناعي يشكل تحديا شبيها للولايات المتحدة حين تنطوي على نفسها. الصين حريصة على اقتسام خبرتها والتعاون مع بلدان جنوب العالم حول التطبيق المباشر لأنظمة الذكاء الاصطناعي كما في مشروعات المدينة الذكية على سبيل المثال. وفي غياب الولايات المتحدة وهي المنافس الوحيد الجاد سيكون بمقدور الصين وضع المعايير العالمية لاستخدام الذكاء الاصطناعي وتأسيس اعتمادٍ طويل الأجل على المعايير والأنظمة الصينية. وفي آخر الأمر لا يعتمد توازن النفوذ الدولي للولايات المتحدة والصين على العلاقات الثنائية الأمريكية الصينية ولكن على علاقة كل منهما مع باقي العالم.
نفوذ الصين المتزايد في الأمم المتحدة في اقترانه مع مبادراتها الدولية وقيادتها التقنية يجعلها في موضع جيد للاستفادة من ميزة الغياب المحتمل لإدارة ترامب عن المسرح الدولي وتشكيل المعايير العالمية الجديدة على نحو أوسع نطاقا. ولن يكون لدى حلفاء الولايات المتحدة الذين يسعون للتصدي لذلك الوضع خيارات تذكر في ظل ضآلة اهتمام البيت الأبيض بالقيادة الدولية.
قد تقوض الحرب التجارية أجندة ترامب الداخلية لكن يمكن القول إن أجندة «أمريكا أولا» في الخارج أكثر اتساقا مع تعددية الأطراف من النظام الذي يرتكز على قواعد.
الإستراتيجية الأفضل لحلفاء الولايات المتحدة ستكون التخطيط للتكيف مع حقائق عالمٍ يزداد فيه النفوذ الصيني في الأجل الطويل. وهذا يعني تطوير روابط فيما بين هؤلاء الحلفاء ترتكز على مصالح وقيم مشتركة ليس بهدف الحفاظ على النظام الذي تقوده الولايات المتحدة (فقد فات الأوان) ولكن حماية الأعراف والمعايير الأكثر أهمية لهم ما أمكنهم ذلك.
وهذا يتطلب الارتباط مع بلدان جنوب العالم كبلدان شريكة لديها مصلحة في النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب وعبر الارتباط الثنائي ومتعدد الأطراف للتأثير على الاتجاه الذي يتطور فيه ذلك النظام.