قراءة في الموقف السعودي من حرب غزة وتأييد إسرائيل
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
ومع استمرار الحرب على غزة للأسبوع الرابع تباينت مواقف الأنظمة وتمايزت صفوفها، فما بين منحازٍ للاحتلال علانية وبين داعمٍ لغزة ومقاومتها وما بين من يحاول الترقيع بالتصريحات والاستنكارات ليخفي معسكره الحقيقي.
والموقف الرسمي لولي العهد جسّده بنفسه في القمة الخليجية ورابطة الآسيان عندما أعلن ما سمّاه “رفضه استهداف المدنيين بأي شكل من الأشكال” مساويًا بين الفلسطينيين والإسرائيليين ولم يُشر لجرائم الاحتلال أو قتل المدنيين، أو لحق الفلسطينيين في طرد الاحتلال وقتالهم.
ولم يكتفِ ولي العهد بذلك، بل وجّه رسالة صريحة للغرب من خلال الأمير تركي الفيصل الذي أدان ممارسات المقاومة الفلسطينية ضد المدنيين الإسرائيليين ونزع عنها هويتها الإسلامية مما جعل المواقع الإسرائيلية تحتفي بتصريحاته وذلك رغم أن مقاطع التعامل برحمة من نساء المستوطنين وأطفالهم ملأت شاشات العالم.
أمّا عن تطبيع السعودية فماضٍ رغم مجازر غزة، وهذا ما أكده مراسل موقع Axios الأمريكي Barak Ravid بأن ولي العهد أكد لبايدن رغبة المملكة باستكمال محادثات التطبيع بعد انتهاء عمليات غزة.
وهذا ما يؤكد أن هدف التطبيع ليس مصلحة الفلسطينيين ولكن تأمين تسليح المملكة والبرنامج النووي.
إعلاميًا اختار الإعلام الرسمي السعودي عدم الوقوف بجانب أهل غزة ومقاومتها فجاءت لغة الخطاب مطالبة بإيقاف استهداف “المدنيين والأبرياء” من الطرفين وتناقلت القنوات الرسمية روايات الاحتلال وبثّتها.
بل استنكف إعلامنا إطلاق كلمة “شهداء” على من ارتقى من أهل غزة واستبدلهم بكلمة “ضحايا”!
فيما مواقف الوطنجية ورؤوس الذباب الذين تحرّكهم أوامر الديوان كانت أشد شراسة وعداوة وخزيًا.
إذ انطلقت حملات التشويه والشيطنة والتخوين للمقاومة في غزة وحمّلتها مسؤولية القتل والدمار ووصل الأمر لاتهامها علانية بالإرهاب.
وشعبيًا وقفت السلطات السعودية بحزم ضد كل من يحاول مساندة أهل غزة ودعمهم فمُنعت حملات جمع التبرعات لهم وتم تهديد من يقوم بها بالعقوبات الرادعة، ولم تُخصّص خطب الجمعة لدعمهم والتذكير بقضيتهم ومُنعت إقامة الخطب والمحاضرات في المساجد لإدانة الاحتلال.
بل وصل الأمر لعدم السماح للناس في المملكة بإظهار عواطفهم تجاه فلسطين أو الدعوة لمساعدتهم ولو على مواقع التواصل.
أما إظهار التعاطف مع المقاومة فجريمة كبرى تستدعي عقوبات شديدة وأعوامًا من السجن وزنازين المملكة التي تضم علماء ونشطاء شاهدة على ذلك.
وعلى صعيد التحركات الميدانية لم تقم الحكومة بأي دور فعلي، فلم توقف طيران طائرات الاحتلال فوق أجوائنا ولم تطرد شركاتهم التي تستثمر في أراضي المملكة ولم تلوّح بإيقاف تصدير النفط للدول التي انحازت الاحتلال ولم تدعُ الناس لمقاطعة الشركات التي تدعم الاحتلال.
وفي الوقت الذي كان المئات من أهل غزة يرتقون يوميًا بقصف طائرات الاحتلال وينتظرون تحرّك حكام العرب والمسلمين لنجدتهم تحرّك ولي العهد ولكن باتجاه آخر إذ أعلن بنفسه افتتاح بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية متجاوزا مآسي غزة وسط تطبيل إعلامي غير مسبوق بالحدث التاريخي.
وليت الأمر اقتصر على ذلك ففي الوقت الذي أعلنت دول مجاورة إيقاف مهرجاناتها السينمائية وحفلاتها الغنائية تضامنًا مع غزة أقامت الرياض أسبوع الموضة للأزياء، واستمرت هيئة الترفيه بالترويج لافتتاح موسم الرياض ولحفلاته الماجنة ولم يدر في خلد المنظمين فكرة تأجيله على الأقل.
وبحسب المراقبين فإن تاريخ محمد بن سلمان المنحاز للاحتلال أكدته أحداث غزة، فبدءً من تغيير مناهج التعليم واعتقال ممثلي المقاومة في المملكة وعشرات العلماء والمغردين المناصرين لفلسطين وفتح الأبواب لحاخاماتهم وشركاتهم للتغلغل في بلادنا والصفقات الكبرى مع عراب التطبيع كوشنر والتي تجاوزت 2 مليار دولار.
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: أهل غزة
إقرأ أيضاً:
“قوانين الثورات” العدالة التي لا تُهزم
” #قوانين_الثورات ” #العدالة التي لا تُهزم
د. #هشام_عوكل، أستاذ إدارة الأزمات والعلاقات الدولي
كما للكون قوانين تحكمه بدقة تامة، وكما تخضع الفيزياء والرياضيات لقواعد صارمة لا تُكسر، فإن الثورات التحريرية تخضع أيضًا لقوانين حتمية، وإن كانت غير مكتوبة، فهي تنظم حركة الشعوب في مواجهة الطغيان والظلم. هذه القوانين، رغم خفائها أحيانًا تحت وطأة القمع أو استبداد القوة، تظل تعمل بصمت إلى أن تصل إلى لحظة الانتصار.
القضية الفلسطينية هي مثال حي لهذه القوانين؛ فهي ليست مجرد قضية شعب محتل، بل نموذج عالمي يُظهر كيف تتحدى العدالة قوة الظلم، وكيف أن قوانين الحق أقوى من كل أنظمة القهر، حتى لو وقفت خلفها قوى العالم أجمع.
قوانين الكون والثورات: التوازي الأزلي
1. قانون التوازن
الكون: كل حركة في الكون تسعى نحو التوازن، ولا يمكن لأي قوة أن تبقى في حالة اضطراب دائم.
الظلم مهما اشتد يولد مقاومة تسعى لتحقيق العدالة واستعادة التوازن بين الحاكم والمحكوم.
في فلسطين، الاحتلال يسعى لكسر إرادة الشعب، لكن كل موجة قمع تُقابل بموجة مقاومة أقوى.
2. قانون السبب والنتيجة
الكون: لكل فعل رد فعل مساويًا له في القوة ومعاكسًا له في الاتجاه.
الثورات: كل قمع يولد مقاومة، وكل عدوان يخلق شرارة لثورة جديدة.
النكبة الفلسطينية عام 1948 كانت سببًا مباشرًا لمقاومة مستمرة امتدت لعقود، حيث تحولت كل مجزرة أو اعتداء إلى حافز جديد للنضال.
3. قانون الطاقة لا تفنى
الكون: الطاقة لا تُخلق ولا تُفنى، لكنها تتحول من شكل إلى آخر.
الثورات: العدالة قد تُخمد مؤقتًا، لكنها لا تموت. تتحول من مقاومة مسلحة إلى كفاح سياسي، ومن احتجاج شعبي إلى دعم دولي.
القضية الفلسطينية انتقلت من انتفاضات شعبية إلى نضال دولي في المحافل الأممية، مما يثبت أن طاقة الحق لا تُهزم.
قوانين الثورات التحريرية
1. قانون عدالة القضية
الثورات التي تنطلق من قضايا عادلة تكتسب شرعية أبدية، حتى لو حاولت قوى الظلم تشويهها.
فلسطين: الشعب الفلسطيني لا يطالب إلا بحقوقه المشروعة في أرضه، مما يجعل قضيته عادلة في عيون العالم رغم محاولات الاحتلال لتزييف الحقائق.
قانون التراكم الظلم لا يخلق ثورة مباشرة؛ بل يتراكم على مدار سنوات أو عقود.
الثورة الفرنسية (1789) جاءت بعد تراكم طويل من الاستبداد الملكي، الفقر، وارتفاع الضرائب.
الإمبراطورية البريطانية: سقوط الشمس عن الإمبراطورية التي لا تغيب
لكنها واجهت مقاومات حاسمة، أبرزها في الهند بقيادة المهاتما غاندي,واستقلت الهند عام 1947 كان بداية لانهيار منظومتها الاستعمارية عالميًا
الثورة الفيتنامية ضد الاحتلال الفرنسي والأمريكي استمرت لثلاثة عقود قبل تحقيق الاستقلال عام(1975)
في جنوب أفريقيا، استغرق الكفاح ضد الفصل العنصري عقودًا حتى تحقق النصر عام (1994)
الثورة الكوبية (1959) استفادت من الدعم الشعبي الداخلي ومناخ الحرب الباردة عالميًا.
سقوط جدار برلين (1989) كان نتيجة لتآكل الهيمنة السوفييتية داخليًا وخارجيًا.
في تونس، إحراق البوعزيزي نفسه عام(2010 ) شرارة أشعلت “الربيع العربي”
.
واخرها(2024) نظام بشار الاسد بعد معاناة مع القمق والبطش للاكثر من خمس عقود تعذيب وقهر احفاء قسري
2. قانون الذاكرة الجماعية
الشعوب لا تنسى الظلم مهما طال الزمن. ذاكرة الأجيال تحفظ حقوقها وتعيد إشعال الثورات حتى تحقيق النصر.
في فلسطين، رغم مرور أكثر من سبعة عقود على النكبة، ما زالت الأجيال الجديدة متمسكة بحق العودة.
3. قانون انهيار الباطل
الأنظمة الظالمة تبدو قوية في ظاهرها، لكنها ضعيفة داخليًا لأنها تقوم على القهر.
الاحتلال الإسرائيلي يعتمد على القوة العسكرية لكنه يواجه انقسامات داخلية وتآكلًا في شرعيته الدولية، مما يشير إلى نهايته الحتمية.
4. قانون الإيمان بالحق
الثورات الناجحة تعتمد على إيمان الشعوب بعدالة قضيتها، لأن هذا الإيمان هو مصدر القوة الحقيقية.
الشعب الفلسطيني رغم كل المعاناة، لم يفقد إيمانه بحقه، مما يجعله قادرًا على مواصلة نضاله.
5. قانون الدعم الدولي
الثورات العادلة تجد دائمًا مناصرين حول العالم، حتى لو كان الدعم محدودًا في البداية.
حركة التضامن مع فلسطين تتزايد يومًا بعد يوم، من حملات المقاطعة إلى التظاهرات العالمية، مما يعزز الموقف الفلسطيني.
القضية الفلسطينية: ثورة ضد العالم
القضية الفلسطينية ليست مجرد مواجهة بين شعب محتل وقوة استعمارية. إنها ثورة ضد نظام عالمي يقف في كثير من الأحيان مع الاحتلال. الدعم الغربي لإسرائيل، الهيمنة الإعلامية التي تبرر العدوان، والمحاولات المستمرة لتصفية القضية لم تمنع الفلسطينيين من مواصلة كفاحهم.
لماذا فلسطين؟
عدالة القضية: الشعب الفلسطيني يطالب بحقوق أساسية: الأرض، الحرية، والكرامة.
رمزية القضية: فلسطين أصبحت رمزًا عالميًا للصراع بين الحق والباطل، بين الاستعمار والتحرر.
صمود الشعب: رغم الحصار والاحتلال، لم ينكسر الفلسطينيون، بل أصبحوا نموذجًا يُحتذى في المقاومة.
القوانين تقول: النصر حتمي
كما أن قوانين الفيزياء والكون لا تخطئ، فإن قوانين الثورات تؤكد أن الباطل مهما طال، لا يدوم. الاحتلال الإسرائيلي، رغم قوته العسكرية ودعمه الدولي، يواجه انهيارًا داخليًا وخارجيًا. ومع كل جيل جديد يحمل راية النضال، تقترب فلسطين من لحظة التحرير الحتمية.
خاتمة: الثورة هي قانون الطبيعة
الثورات ليست استثناءً، بل هي جزء من نظام كوني يسعى دائمًا لتحقيق التوازن والعدالة. كما لا يمكن لأي قوة أن توقف قوانين الطبيعة، لا يمكن لأي قوة أن توقف شعبًا يؤمن بعدالة قضيته. القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية شعب، بل هي قانون حي يقول: “الحق ينتصر دائما مهما طال الزمن