تقرير: حرب غزة تكتب نهاية نتانياهو السياسية
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، اعتذاراً نادراً، الأحد، ساهم عن غير قصد في تفاقم الأزمة السياسية التي يواجهها.
دعم نتانياهو صعود حماس وسمح لها بالتسلح وحكم غزة بهدف تقسيم القيادة الفلسطينية بين القطاع والضفة الغربية
وبحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، ألقى نتانياهو باللوم علناً في الإخفاقات الأمنية على أجهزة الدفاع والاستخبارات الإسرائيلية، بعد مواجهته انتقادات متزايدة بسبب هجمات حماس، التي أسفرت عن مقتل 1400 إسرائيلي.وأشار التقرير إلى أنه لم يتم تحذير نتانياهو من نية حماس لبدء الحرب، كما كتب في تغريدة على موقع إكس، (تويتر سابقاً)، قائلًا إن مسؤولي الدفاع والاستخبارات "قدروا أن حماس تم ردعها"، وبعد فترة وجيزة، حذف التغريدة واعتذر.
In the face of a devastating intelligence failure, a hostage crisis and the launch of a brutal, grinding war, Israel’s Prime Minister Benjamin Netanyahu struggles to rally the public to his side https://t.co/LJbmFOHmYY https://t.co/LJbmFOHmYY
— The Wall Street Journal (@WSJ) October 30, 2023 تحول الموقف ويوضح هذا التحول غير المعتا موقف نتانياهو المشحون بشكل متزايد، والذي بنى صورة باعتباره صقراً أمنياً صارماً تجاه العنف الفلسطيني، ومستعداً لمواجهة التهديد المتمثل في إيران النووية، إلا أن تلك الصورة تحطمت في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، عندما دخل أكثر من ألف مقاتل فلسطيني من حركة حماس إلى إسرائيل، حيث وصفت الحادثة أنها "أسوأ فشل أمني واستخباراتي" في تاريخ إسرائيل الممتد 75 عاماًـ وأكبر عار على مدى 35 عاماً في السياسة بالنسبة لنتانياهو.ويواجه نتانياهو توازناً مثيراً للجنون، ويتطلب منه تفسيراً للإخفاقات الأمنية في البلاد؛ وشن حرب على حماس في قطاع غزة؛ والسعي لإعادة الرهائن المحتجزين؛ والحفاظ على ائتلافه (الحكومي) متماسكاً، وسط انتقادات متزايدة لهجمات 7 أكتوبر، وحتى لو فازت إسرائيل في هذا الحرب، لن ينقذ ذلك حياته السياسية، التي باتت قاب قوسين أو أدنى من نهايتها.
وخلافاً للعديد من القادة في زمن الحرب، يكافح نتانياهو من أجل حشد الجمهور إلى جانبه، فيما ألقى الإسرائيليون اللوم عليه، خلال مراسم تأبين القتلى؛ وطرد وزراء حكومته خارج المستشفيات خلال زيارة المصابين، ونشرت صور لطلاء أحمر ملطخ على جدران مقر حزب الليكود الذي يتزعمه نتانياهو.
https://t.co/IRU2ghAne2https://t.co/Z4iP3aSGEU
— DarkV (@DarkV2024) October 25, 2023 مصير نتانياهو وقال أحد كبار المسؤولين في حزب الليكود إن "مصير نتانياهو" يعتمد على الكيفية التي ستنتهي بها الحرب مع حماس، ولكن من غير المرجح أن يبقى كزعيم للحزب، وبالتالي سيسقط من رئاسة الوزراء. وقال: "إنها نهاية اللعبة بالنسبة له.. ستجد عدداً قليلًا جداً من الأشخاص الذين قد يختلفوا مع هذا التوجه".ورداً على تغريدة نتانياهو، كتب شريكه اليميني المتطرف في الائتلاف إيتامار بن غفير، على موقع "إكس" أن فشل الهجمات لم يكن سوء فهم في الفترة التي سبقت ذلك، بل "فهم خاطئ بالكامل" حول احتواء حماس.
وبينما ضغط بعض أعضاء المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من أجل "تجريد حماس" من السلاح، اختار نتانياهو اتباع استراتيجية تسمح لحماس بالحكم في غزة وبقاء المسلحين أثناء محاولتها ردعها عن العنف، بحسب ما ذكر مستشار الأمن القومي الإسرائيلي لعوزي أراد، في عهد نتانياهو من عام 2009 إلى عام 2009 - 2011 .
وبحسب الصحيفة دعمت المؤسسة الأمنية برئاسة نتانياهو إلى حد كبير سياسة "احتواء حماس"، لكن خبراء سياسيين إسرائيليين قالوا إن نتانياهو كان أيضاً على استعداد للسماح لحماس بالتسلح وحكم غزة، لأن ذلك يقسم القيادة الفلسطينية بين القطاع والضفة الغربية، التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية.
وفي تصريحات علنية، قال نتانياهو إن السلطة الفلسطينية، بقيادة الرئيس محمود عباس، لا يمكن اعتبارها شريكة للسلام. العودة السياسية
بدأ نتانياهو من عام 2019، أكثر تركيزاً على جولات الانتخابات المتكررة من التعامل مع حماس، ولم يتمكن أي حزب سياسي إسرائيلي من الحصول على ما يكفي من الأصوات للسيطرة على البرلمان، ما أدى إلى جمود دام لسنوات وللحظة، بدا أن مسيرة نتانياهو المهنية قد انتهت، وواجه محاكمة بتهم الفساد (التي أنكرها)، وفي نهاية العام الماضي، صوتت إسرائيل في انتخاباتها الخامسة خلال 4 سنوات بعد انهيار تكتل حكومي أبعد نتانياهو "مؤقتاً".
وفي استطلاع للرأي، قال 4 من كل 5 إسرائيليين إن نتانياهو يجب أن يعترف بالمسؤولية، وأظهر استطلاع منفصل انهياراً في عدد المقاعد البرلمانية التي سيفوز بها حزب ليكود بزعامة نتانياهو في الانتخابات، مما يعني أنه سيتم إقصاؤه من السلطة إذا أجريت الانتخابات الآن. وظهرت التوترات بين نتانياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت حول كيفية الرد على الهجمات.
How Israel's Citizen Soldiers Forced Netanyahu to Retreat on Judicial Overhaul. https://t.co/elpaQV0o8B
— ExtensiveOpinion (@extnsv_opinion) March 28, 2023وقد أدلى الرجلان بتصريحات علنية بشكل فردي، وليس معاً، وتوترت العلاقات الشخصية قبل الحرب، بعد أن أقال نتانياهو غالانت لأسباب أمنية في مارس (آذار) بسبب معارضة وزير الدفاع للإصلاح القضائي وفي 25 أكتوبر (تشرين الأول) بعد أيام من الانتقادات العلنية لفشله في تحمل المسؤولية عن الهجمات، قال نتانياهو في خطاب له إنه بعد الحرب، سيتعين على الجميع الرد على الإخفاقات.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل نتانياهو نتانیاهو من
إقرأ أيضاً:
الإسلاميون والجيش واستراتيجية المليشيات: أدوات السيطرة التي تهدد مستقبل السودان
في الأسابيع الأخيرة، ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي أخبار عن تأسيس مليشيات جديدة للقتال بجانب الجيش مثل الأورطة الشرقية، حركة تحرير الجزيرة، تيار شباب البجا، وغيرها. قبل الحرب أيضاً وبذرائع مختلفة كالمطالبة بالحقوق والتمثيل في السلطة، وعدم حصول مناطق على إمتيازات أو تجاهلها في إتفاق جوبا وغيرها، تم تأسيس مليشيات مثل قوات درع البطانة، درع الوطن، وقوات كيان الوطن، تحت بصر وسمع الأجهزة العسكرية والأمنية، وفي الغالب هذه الأجهزة هي من أسست هذه المليشيات، مما يدل على أن استراتيجية الجيش والإسلاميين الرئيسية هي تأسيس واستخدام المليشيات، سواء التي أسسها الجيش أو التي تحالفت معه، بما في ذلك تلك المرتبطة بالإسلاميين كالبراء بن مالك. هذه المليشيات استخدمت قبل الحرب لإشاعة الفوضى ولتهديد قوى الثورة المدنية بالحرب، ولإشاعة حالة من الضعف الأمني. بعد إندلاع الحرب تستخدم هذه التشكيلات للقتال ضد مليشيا الدعم السريع. وللمفارقة العجيبة، فإن قوات درع الوطن بقيادة كيكل كانت قد إنضمت للدعم السريع وتسببت في إجتياح مدني وسنجة وغيرها وسقوطها في قبضة مليشيا الدعم السريع، ثم قبل أسابيع عاد كيكل بعدد قليل من هذه القوات وإنضم للجيش كمليشيا شبه مستقلة تحت اسم درع البطانة وليست تحت سيطرة الجيش بالكامل وإن تم الإدعاء بغير ذلك.
في بعض الأحيان، تُستخدم هذه المليشيات كأداة ضغط سياسي، وربما لاحقاً عسكري، كما يحدث حالياً في مطالبة ما يسمى تيار شباب البجا بإخراج مليشيات العدل والمساواة وتحرير السودان من ولايات الشرق. تُستخدم هذه المليشيات الآن لإنهاء الحرب والإنتصار على مليشيا الدعم السريع، على حساب استقرار الدولة ومستقبلها.
يناقش هذا المقال لماذا يرفض الجيش والإسلاميون دمج أو ضم، ولو مؤقتاً، كل التشكيلات والأفراد الراغبين في القتال ضد مليشيا الدعم السريع في الجيش، وماهي أسباب استخدامهم لاستراتيجية المليشيات وتأثيرها على مستقبل السودان.
أسباب استخدام المليشيات
إحدى الأسباب الرئيسية وراء الاعتماد على هذه المليشيات، وربما السبب الرئيسي، هو الخشية من صعود تيار داخل الجيش بعد إنضمام فئات مختلفة من الشعب للقتال معه، قد ينحاز إلى مطالب الشعب السوداني التي عبرت عنها ثورة ديسمبر. هذه الخشية تُفسر رفض الجيش والإسلاميين لانضمام الكثير من العسكريين المفصولين أو المعاشيين إلى صفوف الجيش في الحرب الحالية، حيث يرون أن هؤلاء قد يشكلون تياراً مناهضاً لهم وقد يصبح لهم صوت ووزن داخل الجيش، وربما أصبحوا أداة للتغيير السياسي خارج سيطرتهم. كذلك قتال هذه التشكيلات هذه بجانب الجيش بشكل شبه مستقل بعيداً عن سيطرة الجيش الكاملة عليها، يطرح تساؤلاً بشأن دور هذه المليشيات بعد الحرب وقابلية استخدامها للتمكن من السلطة، أو للحصول على إمتيازات سياسية، أو لقمع الشعب والقوى السياسية.
وفي الوضع الإقتصادي الحالي، فإن تشكيل المليشيات يُعتبر أقل تعقيداً وأقل تكلفة من تدريب الجنود وفق المعايير النظامية. هذه التشكيلات المسلحة تعتمد غالباً على دعم مالي ولوجستي من قنوات غير رسمية كالدعم الشعبي، ولكن مثلاً يتحدث العديد من المواطنين عن كثرة الإرتكازات الأمنية والمطالبة بالرسوم من المركبات العابرة وغيرها من الظواهر. هذا الشكل من التمويل يقلل من الأعباء المباشرة والإلتزامات المالية على القيادة العسكرية والسياسية. كما أن الإرث التاريخي للمليشيات، الذي يعود إلى نزاعات السودان الطويلة، جعلها أداة مفضلة لتحقيق السيطرة وتقسيم القوى داخل الدولة.
التحديات الناجمة عن المليشيات
هذا النهج يمثل خطراً كبيراً على مستقبل السودان. وجود المليشيات يضعف المؤسسات الوطنية ويؤدي إلى ازدواجية السلطة، ويعيق الإلتزام بالقوانين وتطبيقها. كما أن الغالب في تكوين هذه المليشيات أنه على أسس قبلية وإثنية أو مناطقية مما يزيد من التوترات الاجتماعية ويخلق صراعات محلية طويلة الأمد، تهدد الوحدة الوطنية. تزايد هذه التوترات يؤدي إلى إضعاف التماسك المجتمعي ويعيق إنتصار الجيش نفسه، ويزيد من تعقيد أي جهود للوصول إلى تسوية سياسية.
الاعتماد على المليشيات يؤدي إلى إضعاف الجيش النظامي، حيث تصبح هذه التشكيلات بديلاً غير منضبط للقوة الرسمية، مما يقوض فعالية الجيش ويهدد تماسكه. بالإضافة إلى ذلك، التمويل المالي لهذه المليشيات لاحقاً سيعتمد غالباً على السيطرة على الموارد وربما النهب، مما يؤدي إلى استنزاف الاقتصاد وتعطيل التنمية كما حدث في حالة مليشيا الدعم السريع. كما أن انعدام الأمن الناتج عن نشاطها يفتح الباب لممارسات كالتهريب والأنشطة غير المشروعة، ويعوق الاقتصاد ويزيد من الأزمات المعيشية.
الدور الخارجي والتدخلات الإقليمية
تدخل القوى الخارجية لدعم هذه المليشيات يضيف حلقة أخرى من التعقيد، ويحول السودان إلى ساحة صراعات إقليمية ودولية. وفي تناقض غريب، ورد أن الأورطة الشرقية ومليشيات أخرى قد تم تدريبها في إريتريا، حيث بدأت مليشيا الدعم السريع كقوة محلية ثم طورت علاقات خارجية لتصبح مستقلة عن الدولة، ما يعكس إمكانية تحول هذه المليشيات إلى كيانات ذات علاقات خارجية معقدة وربما تصبح تحت سيطرة خارجية. هذه العلاقات تُعقد أي محاولة لفرض السيادة الوطنية وقد تؤدي إلى فقدان القدرة على التحكم في الأراضي والموارد الوطنية.
على المدى الطويل، تُعرف المليشيات باستخدامها للعنف المفرط وغير المنضبط، مما يؤدي إلى تصاعد الانتهاكات وزيادة الفوضى. هذا الوضع يجعل الإنتصار الشامل أو تحقيق السلام أمراً صعباً، حيث تصبح هذه التشكيلات المسلحة عقبة رئيسية أمام أي حل. حتى في حال الإنتصار الكامل للجيش، فقد تتغير أهداف المليشيات مع مرور الزمن وقد تستخدمها أطراف خارحية كما حدث مع الدعم السريع، مما يهدد استقرار الوضع حتى بعد انتهاء الصراع العسكري.
التحديات في المستقبل: تفكيك المليشيات ودمجها في الجيش
حتى إذا تحقق إنتصار كامل للجيش على مليشيا الدعم السريع وهو أمر مستبعد في الظرف الحالي، أو تم التوصل إلى اتفاق سلام، فإن تفكيك المليشيات أو دمجها في الجيش يمثل تحدياً كبيراً، كما أظهرت تجارب دول أخرى في المنطقة مثل الصومال وليبيا. منذ بداية التسعينات، واجهت الصومال صراعاً طويل الأمد بسبب وجود المليشيات المسلحة التي دعمتها قوى خارجية مختلفة، مما أدى إلى انهيار الدولة وتفككها إلى مناطق سيطرة متعددة. وبعد أكثر من ٣٥ عام على إندلاع الحرب في الصومال لا تزال المليشيات تستخدَم في صراعات محلية ودولية، مما أدى إلى حالة من عدم الاستقرار المستمر والتدخلات العسكرية الإقليمية والدولية. في ليبيا، تسببت المليشيات المدعومة خارجياً في تمزيق الدولة إلى كيانات متناحرة على السلطة. فإن كان قرار الجيش والإسلاميين أنهم لن يذهبوا لإتفاق مطلقاً، فالأفضل لمستقبل السودان أن يكون كل المقاتلين تحت القوات المسلحة فعلياً والإبتعاد عن استراتيجية المليشيات هذه.
في النهاية، الاعتماد على استراتيجية المليشيات يعكس ضعف الفكر وعدم قدرة قادة النظام السياسي والعسكري الحالي في السودان على التعلم من التجارب الذاتية والخارجية، وعدم الاكتراث لأرواح السودانيين. إن تحقيق السيطرة الآنية باستخدام المليشيات، وإن حدثت وهي مستبعدة في الظرف الحالي، على حساب الاستقرار الوطني لن يحقق الأمن المستدام، بل يقود السودان نحو التفتت والانقسام، مع تداعيات كارثية على الشعب السوداني لعقود قادمة. الحلول الحقيقية تكمن في بناء مؤسسات قوية، والبدء بإصلاح الجيش إلى مؤسسة مهنية ذات عقيدة وطنية تمثل كل السودانيين الآن وأثناء هذه الحرب.
mkaawadalla@yahoo.com
محمد خالد