أثير- عبدالرزّاق الربيعي

كلّنا تسمّرنا، أيام الانتفاضة الثانية، أمام الشاشات في 30 سبتمبر 2000م، ونحن نرى صورة الشهيد محمّد الدرّة التي التقطتها عدسة المصور الفرنسي شارل إندرلان مراسل قناة فرنسا2 وهو يحتمي من الرصاص خلف خزّان، أمام أنظار أبيه، الذي كان يهدّيء من روعه، تلك الصورة كانت أبلغ من الخطابات، والقصائد، التي كُتبت بوحي منها، فقد هزّت ضمير العالم، وكانت كافية لا يصال رسالة بليغة للمجتمع الدولي عما يجري في الأراضي المحتلة، فالرصاص لا يفرّق بين صغير وكبير، ولا بين جندي في ساحة قتال، وطفل أعزل ليس له سوى حضن والده يلجأ به، متحميا من وابل الرصاص المنهمر.


واليوم، ونحن في خضمّ متابعة الأخبار التي تنقل لنا ما يدور في فلسطين، وقطاع غزّة المحاصر، تتقطّع قلوبنا ألما عندما نشهد المأساة الإنسانيّة التي تحدث في الأرض المحتلّة، وقد لفتت نظري صورة لثلاثة أطفال خلال القصف بعثها لي الفنّان غنّام غنّام، جعلتني أتوقف عندها طويلا، فوجوه الأطفال الثلاثة وثيابهم وأجسامهم يغطّيها التراب، الصورة لولدين وبنت يبدو أنّهم أشقّاء نجوا من القصف، وخرجوا سالمين إلّا من التراب الذي كوّن طبقة سميكة على وجوههم وثيابهم، الولد والبنت حملا الثالث وهو طفل صغير، تلتفّ على عنقه الكوفية الفلسطينية، وتظهر عليها ألوان العلم الفلسطيني، وتأكيدا على روح التحدّي والتمسّك برمزيّة العلم، حمله بيده اليسرى، والثلاثة كانوا ينظرون للكاميرا بعيون متربة، ولكنّهم كانوا يبتسمون لعدستها، وينظرون نظرة تحدّ، فيما تظهر في الخلفية الرمادية بيوت مدمّرة، وأشخاص يبحثون عن ناجين بين الأنقاض، وبدلا من الدموع والبكاء، والخوف وهو أمر طبيعي في مشهد كهذا، كسر المصوّر ردّات الفعل المعتادة في مثل هذه الصور، وجعل الأطفال يبتسمون، ثمّ تلاعب بالألوان، فالتراب الذي غطّى الوجوه جعله المصوّر باللون الأخضر، ويظهر الأحمر على أجزاء من الوجوه، تتخلّله بقع السواد، ويظهر البياض على وجه الطفل، وكلّها إشارات لألوان العلم الفلسطيني، فيما صبغ الخلفية باللون الرمادي، ووضع على الصورة بيتين للشاعر محمود درويش أستلّا من قصيدته( مديح الظل العالي) هما “لا شيء يكسرنا، وتنكسر البلادُ على أصابعنا كفُخَّارٍ “.
لقد أراد المصوّر أن يقول لنا أنّ هؤلاء الأطفال هم مستقبل فلسطين، لذا صاروا هدفا لصواريخ قوات الاحتلال، وأنّهم مثل طائر العنقاء ينهضون من الرماد، والنظرة الواثقة لهم
تكمل السطور التي تلي ذلك:
“وينكسرُ المسدِّسُ من تلهُّفِكَ.
انتصرْ، هذا الصباحَ، ووحِّد الراياتِ
والأممَ الحزينةَ والفصولَ”
وأنّ ابتسامتهم، وعيونهم المضيئة، تفتح الطريق لغد مشرق، لشعب سيجعل المأساة خلف ظهره، ويقف بصلابة.
صورة الأطفال الفلسطينيين الثلاثة، في زمن تشكّل فيه الصورة اليوم من أهم وسائل الاتصال، والتعبير، وفّرت علينا الكثير من الكلمات، وقد جاءت لتقول :لا شيء يكسرنا .

المصدر: صحيفة أثير

إقرأ أيضاً:

استشهاد سيدة فلسطينية إثر إصابتها في قصف الاحتلال لمخيم طولكرم

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد سيدة متأثرة بإصابتها في قصف الاحتلال لمخيم طولكرم ليرتفع عدد الشهداء إلى 3.

وأفادت وكالة "وفا"، بأن طائرة مسيرة للاحتلال قصفت تجمعا لمواطنين في حارة الحمام بمخيم طولكرم، ما أدى إلى استشهاد المواطنة خولة عبده (53 عاما)، وإصابة 3 آخرين بجروح، بينهم طفل (10 سنوات) وإصابة لشاب (29 عاما) بجروح خطيرة،، ونقلوا إلى مستشفى الشهيد ثابت ثابت.

ووصف رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم طولكرم فيصل سلامة لمراسلة "وفا"، وضع المخيم بالكارثي والصعب للغاية، وسط تشديد الحصار عليه، وما يرافقه من تدمير البنية التحتية بشكل كبير وواسع لشبكات المياه والصرف الصحي والمياه وشبكات الانترنت، وفصله عن العالم الخارجي.

وأضاف، أن قوات الاحتلال أخرجت عائلات من منازلهم خاصة في حارة المدارس، بحجة تفجير منازل مجاورة لمنازلهم، مشيرا إلى أن الاحتلال فجر وأحرق عدد من المنازل لعائلات سليط والمتروك، عدا عن أعمال الهدم والتخريب لأسوار وجدران المحلات التجارية والمنازل ومسجد السلام.

وأشار سلامة، إلى أن الاحتلال حول المخيم لثكنة عسكرية ونشر قناصته في المباني العالية واستولى على عدد كبير منها، واعتدى على سكانها وحولهم الى دروع بشرية، وسط اطلاقه للنيران بشكل كثيف وعشوائي باتجاه المواطنين.

وفي تطور لاحق، اقتحمت جرافات الاحتلال محيط مخيم نور شمس شرق المدينة، وشرعت بأعمال تجريف شارع نابلس المحاذي لمداخله وتحديدا محيط ميدان الشهيد سيف ابو لبدة المدمر سابقا.

كما جرفت جانب من شارع السكة عند اسكان الموظفين في ضاحية اكتابا القريب من مخيم  نور شمس، وأغلقته بالسواتر الترابية.


 

 

مقالات مشابهة

  • استشهاد سيدة فلسطينية إثر إصابتها في قصف الاحتلال لمخيم طولكرم
  • "بسيوني": الشائعات تهدف إلى التأثير على الصورة التي تقدمها مصر في مجال حقوق الإنسان
  • صورة في مدرسة تثير الجدل في تركيا
  • قرار جريء يكتب الحياة لـ3 توائم متطابقين.. معجزة تحدث كل 200 مليون ولادة
  • جامعة القاهرة تُكرم وزير الثقافة خلال احتفالية عيد العلم الـ19‏
  • ماذا يفعل الأمي الذي لا يحفظ إلا قصار السور؟
  • لعنة بين طيات التراب.. العثور على صورة عشرينية عليها طلاسم سحر بمقابر – صور
  • طلعت عبد القوي: حقوق الأطفال ذوي الإعاقة منصوص عليها في دستور 2014
  • لعنة بين طيات التراب.. العثور على صورة عشرينية عليها طلاسم سحر بمقابر سوهاج
  • أوقاف أسوان تنفذ البرنامج التثقيفي للطفل وجلسات العلم والذكر بالمساجد