يمن مونيتور/وحدة التقارير/ من محمد الوجيه

ساعدت موجات النزوح المستمرة إلى محافظة مأرب منذُ بداية الحرب الدائرة في اليمن في جلب الكثير من الاستثمارات وساهمت في إحداث آثار اقتصادية واجتماعية وتنموية كبيرة.

وتشير التقارير إلى أن أكثر من مليون نازح يوجد بداخل مدينة مأرب وأغلبهم جاءوا من المناطق الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي خوفا من الاعتقال والملاحقة أو بسبب سوء الأوضاع المعيشية التي خلفها انقلاب الجماعة المسلحة في 21 سبتمبر من العام 2014 على الحكومة الشرعية.

وشهدت مدينة مأرب وبشكل متسارع نشاط ملحوظ في حركة المطاعم، والفنادق، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى افتتاح مولات ومحلات تجارية متعددة الخدمات، مما جعل المدينة وجهة لكثير من رجال المال والأعمال والذين سارعوا في تنفيذ مشاريعهم الخاصة في المدينة.

كما انتشرت الاستثمارات العقارية بكثافة عالية، مع زيادة الطلب والقبول الكبير من قبل النازحين على استئجار الشقق السكنية، الأمر الذي ساعد في تمدد واتساع المدينة لما يقارب عشرة أضعاف مما كانت عليه في السابق.

وبدأ التدفق السريع للأسر اليمنية إلى مدينة مأرب منذ العام 2015 حين أعلنت الحكومة اليمنية وقوات التحالف العربي نقل مركز عملياتها العسكرية إلى المدينة، والذي انعكس بالإيجاب من حيث توفر الأمن والسلطة المحلية المتمكنة من اتباع خطوات التقدم والازدهار مما رسم الخطوة الأولى والقاعدة الأهم لتحويل وجهة المستثمرين والنازحين صوب المدينة.

 انفتاح المجتمع الماربي وقابلية التطور

وبعد الطفرة العقارية والتجارية في المدينة لوحظ انفتاح المجتمع المأربي الذي سادت حوله نظرة الانغلاق والتمسك بالموروث لعشرات السنين، فالمدينة التي كانت تحتوي أبناءها فقط مع قلة قليلة من بقية المحافظات كالموظفين الحكوميين والمعلمين باتت تشهد انسجاماً كبيراً بين النازحين والمواطنين.

يشيد الكثير من أبناء المحافظة بالإيجابيات التي التمسوها منذ تدفق النازحين إلى المدينة، ويتحدث عن ذلك الأستاذ علي عبد الله وهو أحد عاملي المنظمات الإنسانية في المحافظة لموقع “يمن مونيتور”‘ قائلا: إن النازحين أحدثوا نقلة نوعية في سوق العمل، ومنها نقل الخبرات والتجارب لأبناء المحافظة، بالإضافة إلى زيادة حركة التسويق والمطاعم ومراكز الخدمات الإنسانية والعلمية وهو ما جعل المواطنين يلتفتون إلى أشياء ظلوا يجهلونها لقرون عدة.

ويضيف عبد الله: إن الأغلبية الكبرى من العمال الذين يعملون ليل نهار في تطوير البنية التحتية للمدينة هم من النازحين وهو ما جعلها من أهم المدن اليمنية في الوقت الحالي.

ويشير إلى أن أبناء المحافظة باتوا أكثر انفتاحًا حيث” هرع الكثير من ذوي الأموال والمشايخ في المحافظة للحاق بركب المنافسة وبناء المشاريع الخاصة والتي بدورها تخدم المواطن أكثر. وتخفف من وطأة الضغوط التي سببتها الكثافة السكانية العالية في المدينة.

وفي السياق ذاته يقول الأكاديمي محمد مفتاح: صحيح أن المحافظة عانت من بعض المشقات في بداية تدفق النازحين إليها فالمدينة كانت نائية إلى حد كبير، لكن بمرونتها تمكنت من استيعاب ذلك وتواءمت مع الوضع بوقت قصير.

ويضيف مفتاح “التدفقات والإنجازات المتسارعة أظهرت أن مدينة مأرب قابلة للحياة والتطور لاستعادة مركزتيها كمدينة هامة بثرواتها وقياداتها وبعديها الحضاري والتاريخي.

 البيئة الآمنة واجتذاب رؤوس الأموال.

أحدثت الإجراءات الأمنية المشددة في مدينة مأرب بيئة استثمارية ووجهة جديدة لاستقبال رؤوس الأموال الهاربة من بطش وجبايات الأطراف المتصارعة في البلاد. خاصةً جماعة الحوثي، والتي عمدت منذ تربعها على مؤسسات الدولة في سن قوانين ولوائح متشددة مهمتها الرئيسية فرض الضرائب والإتاوات المالية على الشركات، والمؤسسات، والتجار مبررة ذلك بعدة مسميات أبرزها ما يسمى بالمجهود الحربي. ونتيجة للمضايقات الشديدة أعلنت الكثير من الشركات الخاصة إفلاسها وتعثر مشاريعها بسبب تلك القوانين، فيما هرع الكثير منهم للخروج بما تبقى من أموالهم من العاصمة صنعاء والبحث عن أماكن أخرى بعيدة عن الجماعة وجباياتها. وبرزت مدينة مأرب لما تشهده من استقرار أمني ونظام مستنير كواجهة أولى للفارين بأموالهم ليجدوا فيها الملاذ الآمن لاستثماراتهم.

كان عبدالله البيضاني يمتلك مصنع لصناعة المواد البلاستيكية في شارع الثلاثين شمال العاصمة صنعاء؛ لكن بعد ضغط ومضايقات شديدة تعرض لها من قبل مليشيات الحوثي والتي فرضت عليه جبايات مرهقة عرض مصنعه الخاص للبيع والانتقال بما تبقى من أمواله إلى مدينة مأرب.

يتحدث البيضاني لموقع “يمن مونيتور” عن تجربته في البيئة الجديدة قائلاً: بعد ما وصلت مدينة مأرب رتبت مسألة السكن لتستقر الأسر وبعدها بدأت البحث عن شركاء محليين لافتتاح مصنع جديد في مدينة مأرب ولو كان يصغر مشروعي السابق، فالأهم لدي كان هو فتح المصنع.

الآن بعد ثلاث سنوات من افتتاح المصنع بات يعمل بطاقة استيعابية مرضية بحسب المالك.

ويواصل عبد الله حديثه: القوانين واللوائح المعمول بها في مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل في مدينة مأرب فريدة ومتميزة ومساهمة بشكل كبير جداً في اجتذاب رؤوس الأموال وأصحاب المشاريع.

فيما تجرع مفيد أحمد والذي كان يمتلك معهد خاص لتعليم اللغات معاناة مريرة بعد أن تسببت الجماعة في إغلاقه وإفلاسه نتيجة الضرائب الكبيرة المفروضة عليه، برغم من امتلاكه ترخيص حكومي يعمل على ضوءه منذ أربعة عشر عاماً على حد قوله.

ويتحدث مفيد لموقع “يمن مونيتور” لم تكن الضرائب لوحدها السبب الوحيد في الإغلاق إنما تعددت الأسباب والتي تقف وراءها مليشيات الحوثي كحجز مقاعد عديدة لما يسمونهم أسر الشهداء، كذلك تضيق الخناق على الطالبات والمدرسات في المعهد بواسطة مندوبهم الذي عمد على وقف كافة الأنشطة الثقافية والترفيهية للطلاب.

ويضيف أحمد: بعد خمس سنوات من تكبدنا لتلك الظروف القاسية وصلنا حد الانهيار وهو اضطرني لبيع المبنى لأحد مشرفي الجماعة والخروج إلى مدينة مأرب.

وبعد انتقال مفيد قبل أربع سنوات إلى مدينة مأرب حفزته البيئة الاستثمارية الجذابة في المدينة للتفكير بإعادة افتتاح مشروعه في المحافظة بعد أن كان يفضل العيش فيها كمواطن وليس كمستثمر.

ويستمر مفيد في حديثه: اتفقت مع أحد الأصدقاء المغتربين بإعادة افتتاح المعهد كشراكة فيما بيننا والآن بعد أربع سنوات بفضل من الله وبفضل الدولة الموجودة والتي لم نلتمسها إلا في مأرب بات المعهد بأحسن حال ومستمر في افتتاح الأقسام الجديدة كالتأهيل الجامعي ودورات التقوية لطلاب الثانوية العامة بعد أن كان مخصص لدراسة اللغة الإنجليزية فقط.

ويستطرد أحمد بأن التنمية الحاصلة في المدينة ماهي إلا نتاج للقيادة الحكيمة التي فتحت ذراعيها لاحتضان كافة المدنيين سواء كمستثمرين أو مواطنين.

 الكثافة السكانية

ومع الكثافة السكانية العالية بسبب استمرار تدفق النازحين استنفذت فيها العقارات والشقق السكنية والفنادق، وهو ما جعل الكثير من رجال الأعمال يسارعون في بناء الكثير من الفنادق والاستراحات والشقق السكنية حيث” باتت الفنادق السياحية والترفيهية تزين شوارع المحافظة بأبنية واسعة وطوابق عديدة وبحسب مكتب السياحة في المحافظة فقد تم إصدار تراخيص لبناء أكثر من 27 فندقاً متنوعة الخدمات والأشكال. فيما تم افتتاح وإصدار تراخيص لأكثر من ثلاثين وكالة سياحية ومكاتب سفريات عامة.

أحمد الخضيري يملك إحدى الاستراحات في المدينة، يقول لـ “يمن مونيتور ” زاد الإقبال أضعاف كثيرة عما كان عليه في السابق، بسبب الكثافة السكانية المرتفعة وكثرة الشباب المقبلين للمدينة.

ويضيف الخضيري، أنه خلال العام الأخير اشتدت المنافسة وافتتحت الكثير من الاستراحات والمطاعم والفنادق والبواقي في المدينة، ورغم كثافتها إلا أن العمل فيها لم يتراجع.

وبرز قطاع المطاعم والكافتيريا كأكثر قطاع شهد ارتفاع في معدل التنافس بين المستثمرين حيث افتتحت عشرات المطاعم السياحية والكبيرة والمتوسطة في معظم الشوارع الرئيسية والفرعية، وهو الآخر ما ساعد في تمدد المدينة إلى مناطق صحراوية تحولت إثر افتتاح الشوارع الجديدة والأبنية السكنية والمشاريع الخاصة إلى أحياء سكنية تنافس أحياء مدن بنيت على مر السنين. وتشير الإحصائيات الرسمية في المحافظة بأن معدل نسبة الإعمار والتنمية في السابق كانت تمثل 0,2 مما باتت عليه اليوم.

 

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الحرب الحضارة النزوح اليكم مأرب الکثافة السکانیة إلى مدینة مأرب یمن مونیتور فی المحافظة فی المدینة الکثیر من

إقرأ أيضاً:

الحوثيون: صاروخنا وصل إلى إسرائيل والمستقبل يخفي الكثير

#سواليف

أكد نائب رئيس الهيئة الإعلامية لأنصار الله ( #الحوثيين) أن #الدفاعات الجوية #الإسرائيلية فشلت باعتراض #الصاروخ اليمني، مشددا على أنه بلغ هدفه.

وأضاف أن عمق الاحتلال أصبح مكشوفا بالكامل أمام القوات المسلحة اليمنية (الحوثيين)، قائلا إن مسيّراتهم وصلت سابقا إلى إسرائيل والآن تصل الصواريخ دون اعتراض، متوعدا #الاحتلال بأن ” #المستقبل يخفي الكثير”، وفق تعبيره.

مقالات ذات صلة عائلات الأسرى: نتنياهو تخلى عن أبنائنا من خلال التوجه للحرب في الشمال وخلق “101 رون آراد” 2024/09/15

مقالات مشابهة

  • انطلاق أعمال المؤتمر الخليجي للتراث والتاريخ الشفهي
  • افتتاح معرض أهلا مدارس للمستلزمات المدرسية بأسعار مخفضة بالجيزة غدا
  • "الخليجي للتراث والتاريخ الشفهي" يضيء على التراث البحري
  • وكيل مأرب يبحث مع وفد الاغاثة الفرنسية الوضع الانساني
  • رئيس مدينة صفد: حزب الله وضع المدينة ضمن أهدافه العسكرية وأصبحت في انهيار تام
  • الحوثيون: صاروخنا وصل إلى إسرائيل والمستقبل يخفي الكثير
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يوزع 158 حقيبة إيوائية و92 خيمة في مديرية المدينة بمحافظة مأرب
  • هكذا نعت فادية عبد الغني الفنانة ناهد رشدي
  • الحياة كما يرويها النازحون في الخيام شمال قطاع غزة
  • كيف احتفل النازحون من غزة بالمولد النبوي الشريف تحت أصوات القصف؟ (صور)