ما إن انطلقتْ عمليّة "طوفان الأقصى" حتى انفلتت ألسنةُ مسؤولين كثيرين في الغرب، في مقدّمتهم الرئيسُ الأميركي جون بايدن، بوصف المقاومة الفلسطينيّة، بأنّها "تنظيم إرهابي"، يتطابق تمامًا مع "داعش"، ولذا فلا بدَّ من التصدّي له، ومعاقبة المنضوين تحت لوائه، بل إنهاء وجوده تمامًا، حتى لو تطلب هذا حرق الأرض، وقتل مَن عليها، وتهجير بقيّتهم وتشريدهم، بلا تحسّب ولا هوادة.

وتصرّ بعض الأقطاب السياسية والثقافية في الغرب إلى وصْم حركات المقاومة بالإرهاب، متناسيةً أمرَين أساسيَين؛ الأول هو طبيعة الوضع على الأرض في الأماكن التي تشهد حركات المقاومة، والثاني هو إغفال أو تناسي حركة المقاومة في الغرب نفسه، حين واجهت بعض دوله الاستعمارَ، مثل المقاومة الفرنسية التي تصدّت للاحتلال النازي.

لكننا رأينا في الغرب نفسه، كثيرًا من المثقّفين والفنّانين، وأتباع الحركات الاجتماعية، والتجمعات السياسية، ترفض هذا المنطق، الذي يبرّر القتل والتخريب، وقاد هؤلاء تظاهرات في الشوارع انضمت إليها الملايين في مدن أوروبيّة وأمريكيّة عدّة. بل وجدنا من بين المتظاهرين كثيرًا من اليهود، وهم إما ينتمون إلى طائفة من أتباع هذا الدين يعتبرون قيام "دولة إسرائيل" خطيئة دينية وسياسية، وإمّا يرفضون، من منطلق إنساني رحيم، إفراطَ الجيش الإسرائيلي في القتل والتدمير لقطاع غزة، ومحاولة تهجير سكانه إلى الشّتات.

انقاذ المشروع الغربي

وهؤلاء الرافضون للخلط بين المقاومة المشروعة والإرهاب، على كثرتهم- وإن كانوا بعيدين عن دوائر صنع القرار واتخاذه- إلا أنّهم يشكّلون حالة ظاهرة من الاتّساق مع الذات، ويعملون في خطابهم وتصرّفاتهم، إلى إنقاذ "المشروع الغربيّ" كلّه، بعلاج الفِصَام الذهني الذي يصيبه في مقتل، وهم إن واصلوا الاحتجاج، فسيؤثرون، دون شكّ، على القرار الرسميّ الغربيّ، ولو بالقدر الذي يهذّب تحيّزه التامّ، وتعصّبه الأعمى لإسرائيل.

إنَّ موقف الخالطين بين المقاومة والإرهاب، يتغافل عمدًا وقائعَ التاريخ الفلسطينيّ، وبنود القانون الدوليّ، سواء في شِقّه المتعلّق بمشروعية مقاومة الاحتلال، أو في مسؤوليّة المحتل عن السكّان الذين يقبعون تحت سلطانه، ويرسفون في أغلاله. كما يناقض التجربة الأوروبية نفسها، في صورتها القديمة، التي تتعلّق بالاحتلال النازي، أو صورتها الحديثة التي تتمثّل في إقرار حقّ الأوكرانيين في مقاومة الروس، وما بينهما من تجارب عديدة.

فوقائع التّاريخ تبين بجلاء أنّ الفلسطينيين يعيشون في سجن دائم، بالضفة الغربية وقطاع غزّة، يمارس فيه السجّان، دون سند من قانون أو أخلاق، كلَّ أصناف القهر، بدءًا من التضييق في الرزق، وانتهاء بالاغتيال، مرورًا بالخطف والارتهان والسجن والقضم المتتابع للأرض، علاوةً على التشويه المنظّم ومحاولة طمس الهُوية والتاريخ والحقّ.

أمّا القانون الدوليّ فإنه يقرّ، ابتداءً، حقّ الغضب المشروع من زاوية ثقافية، مثلما فعلت اليونسكو في تفريقها بين "التسامح" و"التساهل" أو "عدم الاكتراث" و"اللامبالاة"، عبر إعلان مبادئ صدر عام 1995. كما يقرُّ هذا القانون "حقّ الاسترداد" الذي يعني مسؤولية الاحتلال عن ردّ كل ما يستولي عليه عَنوة أو غفلة من أملاك الغير، سواء كانت أموالًا أم سلعًا عينية أو بيوتًا أو أرضًا.

وفي إطار أوسع يقرّ القانون الحرب العادلة التي تنبع من أساس أخلاقي، عبَّر عنه القديس والفيلسوف توما الإكويني بقوله: "يجب ألا يعرض الإنسان حياته للخطر إلا من أجل العدالة."، أو إقراره التدخل في الحروب بعدالة القصد، وتقديم المساعدة الإنسانية، وَفق إدراك أن الحرب تكون، أحيانًا، خيارًا لا بدّ منه لإنهاء الظلم والعدوان.

الحق في مقاومة الاحتلال

في ركاب هذا كلّه أعطى القانون الدوليّ حقّ مقاومة الاحتلال، إذ أقرّت اتفاقية جنيف لسنة 1949 هذا، ووضعت له شروطًا منها، أن يكون لحركة المقاومة تنظيم هرميّ محدّد القوام، وأن يميّز المقاومون المسلحون أنفسَهم عن السكان المدنيين بزيّ خاصّ، ثم جرت تعديلات طرأت عليها عام 1977، لتبين أنه في بعض النزاعات المسلحة، قد لا يتمكّن المقاتلون من تمييز أنفسهم عن السكان المدنيين بطريقة ظاهرة، ويكون عليهم في هذه الحالة أن يستعيدوا مظهرَهم كمقاتلين ما داموا قد حملوا أسلحتَهم علانية خلال الاشتباكات العسكريَّة.

لا يتنكّر الأوروبيون الرافضون حقَّ مقاومة الاحتلال للقانون الدولي، ولا للتاريخ الأوروبي نفسه فحسْب، بل إنّهم يقعون في تناقض ظاهر، لا أعرف كيف لا يخجلون منه، حين يصير كلُّ من يعمل لصالحهم مناضلًا، ومن يعمل ضدهم إرهابيًا، حتى لو كان عمله مشروعًا، يوالي فيه مصلحة بلاده.

فقد رأى أبناء جيلي- على الأقل- كيف كان الأوروبيون ينظرون إلى أي حاملي سلاح يدورون في فلكهم، ويعملون لأجلهم، ويحقّقون مصالحهم، أو يقاتلون خصومهم، على أنّهم مقاومون ومناضلون وطلاب حريّة أو حتَّى مجاهدون، مثلما تعاملوا مع مقاتلي الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، وهم أنفسهم الذين صاروا "إرهابيين" مع طالبان حين وقفوا ضدّ الغرب.

وهي مسألة تعلو من التنظيمات إلى الدول، فقد رأينا الغرب يمدح جوزيف ستالين، ويصفه بـ "العمّ جو" حين كان في حاجة إلى أن يشاركه الاتحاد السوفيتي التصدّي لأودلف هتلر خلال الحرب العالمية الثانية، لكن حين وضعت الحرب أوزارها، وظهرت موسكو منافسًا للولايات المتحدة، سرعان ما عاد ستالين ليكون الدكتاتور الدمويّ المتوحّش.

الغريب أنّ الغرب استغلّ تنظيمات إرهابيّة، على رأسها داعش، في تحقيق مصالحه، وزوّد التنظيم بالمال والخطط والسّلاح، فيما وجدنا بعض الباحثين الأوروبيين مثل فرانسوا بورغا وجيل كيبيل يصرّون على وصف الإرهابيين حقًا بأنهم "مناضلون" ضد الظلم والقهر والإكراه، دون الالتفات إلى مضمون رسالتهم المغلقة المفعمة بكراهية الآخر، واستحلال عرضه وماله ودمه، ولا الوقوف عند ما كانوا يرتكبونه من جرائم القتل والتخريب. وكان مبرر هؤلاء أنّ التنظيمات الإسلامية المسلّحة تعيش في ظلّ أنظمة حكم قمعية فاسدة.

ولو أنّ هذا المعيار الذي ارتضى به باحثون ومفكّرون غربيون تم تطبيقه على التنظيمات الإسلامية التي تعمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة لكان، وحده، كافيًا لقبول حمل أتباع هذه التنظيمات السلاح، لاسيما أنّ ما يقوم به الجيش وأجهزة الشرطة والأمن الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة يتجاوز كثيرًا وبعيدًا وعميقًا ما تفعله أنظمة الحكم في العالم الإسلاميّ بالتّنظيمات المسلّحة.

ما يدعو للأسى

وهنا يثار تساؤل أمام المؤسّسات البحثية والأكاديمية الغربية: أليس الأولى تفهّم، إن لم تكن مناصرة، قيام تنظيمات، مهما كان انتماؤها بمقاومة الاحتلال؟ إنّ كثيرًا من الباحثين والكتّاب والمفكرين المسلمين، تصدوا بأقلامهم وحناجرهم للتنظيمات المتطرفة والإرهابية، التي آذت المسلمين أكثر من غيرهم، لكن أغلب هؤلاء يفرقون جيدًا بين الإرهاب والمقاومة المسلحة.

إنّ ما يدعو للأسى والأسف معًا أنّ الموقف الأوروبي من أهل غزة خصوصًا، والقضية الفلسطينية عمومًا، جاءَ في وقت كان العالم قد قطع فيه شوطًا على درب إقرار الحقوق الإنسانيّة، وتعزيز مسار المجتمع المدني، وهدم بعض مداميك جدار الصّراع الحضاري، بعد إطلاق حوار بين أتباع الثقافات والأديان والمُعتقدات.

في ضوءِ ذلك أقول بوضوح: إنّه لن تكون لحوار الحضارات والثقافات وأتباع الديانات والمنحازين إلى "الإرث الإنساني المشترك" والمصير أو المستقبل البشري كله، مصداقيةٌ، ما دامَ أنَّ هذا الدمج المتعمَّد بين "الإرهاب" و"المقاومة" مستمرٌّ، والتي تجعلها القوانين الدولية والشرائع السماوية والتجارب والممارسات الإنسانية عملًا مبررًا وشرعيًا، بل ونبيلًا وجديرًا بالاحترام والتقدير، وذلك على العكس من "الإرهاب" الذي هو عمل عدوانيّ أعمى، لا يمكن أن يحظى بأي تعاطف أو تقدير.

من الأفضل بالطبع أن يعيش العالم في سلام، وأن تدفن الحروب إلى جانب الديناصورات، لكن ما دام أنَّ غريزة العدوان تلهب نفوس الأشرار فيعتدون على غيرهم، فالعدل والإنصاف يقتضيان ألا نشجّع المعتدين، وألا نتخلّى عمّن يقاومهم.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: مقاومة الاحتلال فی الغرب کثیر ا

إقرأ أيضاً:

  كيف ألهم حزب الله وحماس فكر المقاومة العالمية

لقد نجح الكيان الصهيوني، بدعم قوي من القوى الأميركية والأوروبية، في تحقيق أجندته وأهدافه من خلال القمع والعنف. وقد أدى هذا المسار التدميري، المقنّع بغطاء الأمن والشرعية، إلى إزهاق أرواح لا حصر لها، إذ تحمّل الأبرياء وطأة السعي الوحشي للاستعمار والاستكبار. وبينما كان العالم يراقب في صمت، عانت غزة من حصار لا هوادة فيه، وواجه لبنان هدم القرى، وظلت الأصوات الفلسطينية مقموعة في الساحة الدولية. والآن، تتغير الأمور. فقد أشعلت عملية “طوفان الأقصى” زخماً لا رجعة فيه، وحوّلت خطاب المقاومة إلى صرخة حشد عالمية قوية. واليوم، لم يعد التضامن مع القضية الفلسطينية مجرد تعاطف عابر؛ بل أصبح حركة تتجاوز الحدود والأديان والأجيال.

لقد كان النضال الفلسطيني لسنوات طويلة لا يُعترف به إلا في لحظات عابرة، مع إدانات سطحية تركت الأجندة الصهيونية من دون أي تحد. وظلت غزة، رمز الصمود، محاصرة ومعزولة وخاضعة للعنف العشوائي من قبل الكيان الصهيوني. وظلت القوى العالمية غير مبالية، وكأنها مشلولة بقبضة المصالح المؤيدة للاحتلال، ما سمح للحصار بالاستمرار من دون اتخاذ أي إجراء ذي معنى. لكن عملية “طوفان الأقصى” حطمت هذا الرضا عن الذات، وأشعلت الوعي حتى بين أولئك الذين ربما لم يروا فلسطين على الخريطة الجغرافية قط. كما سلطت الضوء بشكل واضح على الحق في مقاومة الاحتلال، وهو مبدأ عالمي يتردد صداه بين الناس في جميع أنحاء العالم. وما كان يُنظر إليه ذات يوم على أنه صراع محلي أصبح الآن رمزاً لنضال أكبر بكثير من أجل العدالة والسيادة والكرامة الإنسانية.

إن التأثير المتتالي لعملية “طوفان الأقصى” لا لبس فيه. ففي شوارع أوروبا وأميركا، ترتفع الأصوات احتجاجاً، حاملة الأعلام الفلسطينية، وتهتف تضامناً، وتتحدى دعم حكوماتها الثابت للكيان الصهيوني. لقد تحوّلت شرعية المقاومة ضد الاحتلال من خطاب إقليمي إلى خطاب عالمي يرمز إلى المقاومة ضد الظلم. ويشير هذا السرد المتطور إلى تحوّل ينتج بالفعل عواقب بعيدة المدى. واليوم، تتردد شعارات المقاومة الفلسطينية في قلوب الناس عبر القارات، وتغرس صدى دائماً لا يمكن لدعاية الكيان الصهيوني إسكاته.

هذه المقاومة ليست مقتصرة على القضية الفلسطينية وحدها؛ إذ تسلط تجربة لبنان الضوء على قصة مماثلة. لقد سعى الكيان الصهيوني لعقود من الزمان، وبالأخص خلال الأشهر الماضية، إلى تقويض حزب الله، مستخدماً استراتيجيات لا ترحم من الاغتيالات الواسعة النطاق إلى التدمير الكامل للقرى في جميع أنحاء جنوب لبنان وبيروت. ولكن، بدلاً من كسر رابطة حزب الله مع شعبه، فإن هذه الحملات العنيفة لم تفعل سوى تعزيزها. واليوم، ينظر الشعب اللبناني، المتحد عبر جميع الطوائف، إلى حزب الله كمدافع عن أرضه وسيادته ضد المعتدي الذي لا يميز بين الطوائف أو المجتمعات. كل قنبلة سقطت، وكل حياة فقدت لم تفعل سوى تعزيز دور حزب الله كمدافع ثابت عن سلامة لبنان وحامي شعبه.

إن حزب الله ليس مجرد منظمة عسكرية؛ بل هو حركة متجذرة بعمق في الإيديولوجية والدعم الشعبي. إنه ليس فصيلاً معزولاً بل هو انعكاس لإرادة لبنانية جماعية للدفاع عن النفس والكرامة. لقد أتت استراتيجية الكيان الصهيوني المتمثلة في إضعاف حزب الله من خلال الاغتيالات بنتائج عكسية، حيث عززت قدرته على الصمود وألهمت حركات مماثلة في أماكن أخرى. فمع كل محاولة اغتيال، خرج حزب الله أقوى، باستراتيجية أكثر تقدماً وقدرات عسكرية محسنة. لقد تجاوزت فكرة حزب الله الآن لبنان، وألهمت حركات تشترك في الالتزام بمقاومة الاحتلال والظلم، ما يثبت أن القوة العسكرية وحدها لا تستطيع سحق فكرة ولدت من المقاومة الجماعية.

وحماس أيضاً تجسد قوة المقاومة الشعبية. من المستغرب أن يقوم المجتمع الدولي المنافق بتصنيف حماس “منظمة إرهابية”، فمن غير الممكن إنكار أن حماس تستمد قوتها من جذورها داخل المجتمع الفلسطيني. ويحاول هذا الوصف نزع الشرعية عن حركة هي في الأساس استجابة للاحتلال غير الشرعي من الكيان الصهيوني. منذ عام 1948، كانت حماس تمثل جهداً مشروعاً للدفاع عن النفس، يرتكز على النضال من أجل استعادة الحقوق ومقاومة التهجير المنهجي. فكيف يمكن لنظام قائم على الأكاذيب والعنف واحتلال أراضي الآخرين أن يبرر حقه في “الدفاع عن نفسه”، في حين يحرم الفلسطينيين الأصليين من حق المقاومة واستعادة تراثهم وأرضهم؟ إن المعايير المزدوجة صارخة، وهي تفشل بشكل متزايد في إقناع العالم الذي يستيقظ على حقائق الاحتلال والقمع من كيان دموي.

إن الوضع الحالي يتطلب تدخلاً دولياً حاسماً، وخصوصاً من القوى الناشئة التي وقفت تاريخياً من أجل العدالة. ويتعين على روسيا والصين أن تتحمّلا مسؤوليتهما وتعارضا بنشاط قمع الكيان الصهيوني. لقد تغيرت التوقعات العالمية؛ فلم يعد كافياً أن تعبّر الدول المستقلة عن الدعم اللفظي فحسب. بل إن الأمر يتطلب موقفاً استباقياً، لا يدافع عن التغيير فحسب، بل ويواجه بشكل مباشر طغيان الاحتلال والمعاناة التي يلحقها بالشعب الفلسطيني. وهذه الدعوة هي مطلب لإعادة ترتيب التحالفات الدولية لدعم أولئك الذين تم تهميشهم وقمعهم بعنف من قبل الكيان المحتل والولايات المتحدة والأوروبيين الفاقدين للاستقلال. لقد حان الوقت لكي تصطف روسيا والصين بقوة إلى جانب العدالة وتقفا إلى جانب المضطهدين، في معارضة الاحتلال الصهيوني.

ولا يمكن تجاهل دور إيران المحوري في هذه المعادلة. ففي حين واجهت العديد من التحديات والتهديدات، عززت إيران باستمرار قدراتها الاستراتيجية والعسكرية، وبرزت كقوة هائلة ضد عدوان الكيان الصهيوني. لقد نجحت إيران، من خلال ما ارتكبه الكيان الصهيوني وأنصاره بناء على حسابات خاطئة، في تطوير دفاع قوي يتجلى بوضوح في نفوذها المتنامي وشراكاتها في مختلف أنحاء المنطقة.

ومن الجدير بالذكر أنه في حين تعهدت إيران بعدم تطوير الأسلحة النووية، فإن حلفاءها الاستراتيجيين لا يلتزمون بأي التزام من هذا القبيل. ويشكل هذا التوازن في القوة رادعاً قوياً ضد الطموحات التوسعية للكيان الصهيوني، ما يضمن مواجهة أي عدوان بمقاومة هائلة.

الرسالة واضحة للجميع وهي أن عصر الهيمنة الصهيونية غير المقيدة قد انتهى. لقد عادت روح المقاومة إلى الظهور، الأمر الذي ألهم ليس الفلسطينيين فحسب، بل وأيضاً الحلفاء في مختلف أنحاء المنطقة وخارجها. وتدعو هذه الحركة العالمية إلى عالم يقدر العدالة والكرامة وحق جميع الناس في العيش أحراراً من القمع. إنها دعوة تتجاوز الحدود والثقافات، وتستمد الدعم من أولئك الذين يرون من خلال النفاق ويطالبون بإنهاء العنف.

إن النضال من أجل فلسطين أكثر من مجرد نزاع إقليمي؛ إنه نضال محدد لعصرنا، وهو نضال يختبر نزاهة القوى العالمية وعزيمة الدول الملتزمة بالعدالة.

وبينما يراقب العالم ما يجري، تستمر المقاومة بلا هوادة في الصمود. وبفضل دعم الأصوات الواعية في مختلف أنحاء العالم، سيستمر النضال الفلسطيني، وسيكشف في نهاية المطاف عن خواء الاحتلال الذي كان مبنياً دائماً على الخداع ومدعوماً بقوى الاستكبار والاحتلال. وفي هذا النضال، سيظل انتصار المظلوم على الظالم شهادة على قوة الكرامة الإنسانية الدائمة وروح المقاومة التي لا تنكسر.

مدير ورئيس تحرير مركز الرؤية الجديدة للدراسات الاستراتيجية.

 

 

 

مقالات مشابهة

  • وفق محاميه.. متابعة الكاتب الجزائري صنصال بالإرهاب والمس بالدولة
  • الجزيرة ترصد الدمار الذي خلفه القصف الإسرائيلي على بلدات بعلبك
  • من هو العلامة السعودي الذي وثّق جغرافية الجزيرة العربية؟
  •   كيف ألهم حزب الله وحماس فكر المقاومة العالمية
  • خبراء أمميون: إسرائيل مسؤولة عن سلامة مصور الجزيرة فادي الوحيدي
  • شاهد بالفيديو.. “كيكل” يكشف معلومات خطيرة عن قيادات بارزة بالدعم السريع: (قجة أكبر شفشافي ودخلت في معارك مع قائدهم الذي اقتحم الجزيرة وجلحة دا ما محسوب)
  • ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟
  • شاهد بالفيديو.. البرهان يكشف تفاصيل تحرير “سنجة” (نصبنا لهم “الشرك” الذي توعدنا به قائد التمرد والدعامة الدخلوا الجزيرة والخرطوم مافي زول بطلع منهم)
  • جيش الاحتلال يعترف بإصابة 11 جنديًا في معارك بـ غزة ولبنان 
  • ولایتي: جبهة المقاومة ستنتصر واسرائيل اقتربت من يوم أفولها