الجزيرة:
2025-02-10@14:01:50 GMT

كيف تحولت أنتاركتيكا إلى قارة للعلوم؟

تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT

كيف تحولت أنتاركتيكا إلى قارة للعلوم؟

بحلول نهاية الخمسينيات من القرن الماضي طالبت بعض دول العالم مثل الأرجنتين وتشيلي وأستراليا وفرنسا بملكية مناطق في القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا)، وفي ذلك الوقت كان هناك جدل بشأن هذه القارة التي لم يكن يملكها أحد بعد ولم توضع أي قوانين لإدارتها.

لكن مع تطور الحرب الباردة وانشغال العالم بالصراع بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة تم توقيع "معاهدة أنتاركتيكا" لأول مرة من قبل 12 دولة، لإنهاء الخلافات بشأن حكم القارة، وأقرت المعاهدة بأنها لا تنتمي إلى أحد.

وفي هذه الأثناء، استغلت فرق من العلماء حول العالم هذا الموقف المحايد للحصول على دعم واسع للبرامج العلمية في القارة، وبالفعل نجح الأمر ونشأت مؤسسات دولية رسمية مختصة بتنسيق الأبحاث العلمية في القطب الجنوبي، فأصبحت القارة القطبية الجنوبية مركزا علميا عالميا.

التجربة تستهدف دراسة أحد أكثر أنواع الجسيمات مراوغة في عالم الفيزياء وهو "النيوترينو" عالي الطاقة (شترستوك) الجسيم الشبحي

وتوجد إحدى أكبر التجارب العلمية في العالم الآن في قارة أنتاركتيكا، وهي تجربة مكعب الثلج "آيس كيوب"، ومن الاسم يبدو شكل التجربة، فهي مكعب ثلج عملاق بطول وعرض كيلومتر كامل، مع أقصى عمق عند 2.5 كيلومتر تحت سطح القارة القطبية الجنوبية، وهو ببساطة محاولة لاستغلال طبيعة أنتاركتيكا الثلجية لخدمة العلم.

تستهدف التجربة دراسة أحد أكثر أنواع الجسيمات مراوغة في عالم الفيزياء وهو "النيوترينو" عالي الطاقة، والذي يأتي إلى الأرض من مصادر مجرية عميقة جدا، مثل بقايا المستعرات الأعظمية أو النوى المجرية النشطة وانفجارات أشعة غاما.

جسيمات "النيوترينو" عالي الطاقة ضعيفة التفاعل جدا، وكمثال للتوضيح فإن تريليون جسيم منها يمكن أن تمر عبر أحد أصابعك كل ثانية ولن تشعر بها أبدا، لأنها ضعيفة التفاعل جدا ولا تكاد تتفاعل مع شيء، ولذلك تستخدم تجربة "آيس كيوب" مساحة واسعة من الثلج مع عدد كبير من المستشعرات الموزعة بانتظام داخلها لمراقبة أي تفاعل طفيف بين أحد جسيمات "النيوترينو" عالي الطاقة والثلج، وهو شيء يحتمل أن يحدث باحتمال أقل من مرة في المليون، لكن مع كمية الثلج الكبيرة يمكن للعلماء التقاط هذا التفاعل الضعيف.

وقد تم التقاط أولى إشارات "النيوترينو" عالي الطاقة في عام 2017، واكتشف العلماء أن المصدر هو مركز متوهج لمجرة ضخمة اسمها "تي إكس إس 0506+056" تقع على مسافة نحو 5.7 مليارات سنة ضوئية، وتوالت الاكتشافات منذ ذلك الحين.

مرصد "بايسيب" يستهدف التقاط أثر أول ضوء نشأ في تاريخ هذا الكون (ويكيبيديا) أصل الكون

أما "بايسيب" فهو مرصد آخر يقع في القارة القطبية الجنوبية، ويستهدف التقاط أثر أول ضوء نشأ في تاريخ هذا الكون بعد نحو 380 ألف سنة فقط من الانفجار العظيم، حيث يستفيد العلماء من طبيعة القارة الجافة جدا، لأن الموجات الدقيقة لهذا الضوء تصل إلى الأرض بشكل مستمر لكنها تتفاعل مع بخار الماء في الغلاف الجوي للأرض.

لكن البرودة الشديدة على قارة أنتاركتيكا -والتي تصل في منتصف القارة إلى نحو 35 درجة تحت الصفر وقد سجلت في بعض الأحيان درجة بلغت 89 تحت الصفر- تنقي الغلاف الجوي من بخار الماء، وبذلك تصل تلك الموجات إلى المستشعرات في مرصد "بايسيب".

ويستهدف "بايسيب" دراسة هذا الضوء الدقيق من أجل أهداف متعددة، أهمها فهم ما حصل خلال اللحظات الأولى لنشأة الكون، حيث تضخم الكون كله في جزء صغير من الثانية بعد الانفجار العظيم، مما تسبب في توسعه بمعدل سريع للغاية، وتسمى تلك فرضية "التضخم".

ويبدو أن جانبا آخر من طبيعة "أنتاركتيكا" يخدم علم الفلك كذلك، وهو الظلام الكامل لمدة 6 أشهر تقريبا، وبالطبع انعزال القارة ما يبعدها عن أقرب مصدر ضوء مسافة آلاف الكيلومترات، وإلى جانب الجفاف والارتفاع عن سطح الأرض فإن تلك الخلطة تعد مثالية بالنسبة لمشاريع مثل "التلسكوب القطبي الجنوبي" الذي ساهم في إطلاق أول صورة لثقب أسود في سنة 2019.

بدأ التلسكوب عملياته البحثية في عام 2007، وتم توصيله بكاشف من الجيل الثالث مصمم لتوفير أفضل البيانات عن ظاهرة استقطاب الضوء، مما يساعد العلماء في تقلبات الكثافة في الكون المبكر، بالإضافة إلى كشف أثر جزيئات الغبار في درب التبانة، والتي تعمل على تحريف الضوء أثناء مروره إلى التلسكوب.

تلسكوب القطب الجنوبي قطره 10 أمتار، ويقع في محطة "أموندسن-سكوت" للقطب الجنوبي، ويساهم مع مرصد "بايسيب" في فهم الفترة المبكرة من تاريخ هذا الكون الواسع.

تلسكوب القطب الجنوبي بدأ عملياته البحثية عام 2007 (ويكيبيديا) تجارب كثيرة

في الواقع، فإن التجارب البحثية في القارة القطبية الجنوبية كثيرة بحيث لا توجد إجابة محددة لعدد التجارب العلمية هناك، إذ تُجري البلدان والمنظمات المختلفة أنواعا مختلفة من الأبحاث في مواقع ومواسم مختلفة، ويتغير العدد كل شهر.

لكن في المتوسط يتراوح عدد الأشخاص الذين يقومون بالبحث العلمي في القارة والجزر القريبة بين 4800 خلال موسم الصيف و1200 أثناء الشتاء.

وتوصف القارة القطبية الجنوبية أحيانا بأنها "قارة العلوم"، وهناك عدد من الأسباب التي تدفع العلماء من نطاقات أخرى غير الفلك والكونيات للذهاب إلى القارة القطبية الجنوبية لدراسة جوانب مختلفة من العلوم، مثل نظامها البيئي الفريد وسجل بياناتها المناخية.

وفي هذا السياق، فإن القارة القطبية الجنوبية مهمة لفهم كيفية عمل الأرض كنظام، وكيف تتكيف الحياة مع البيئات القاسية، وكيف يؤثر البشر على البيئة، وكيف يؤثر تغير المناخ على الكوكب.

ووفقا للمسح البريطاني لـ"أنتاركتيكا"، يلعب مجتمع أبحاث القطب الجنوبي النابض بالحياة دورا رائدا في الجهود الدولية للتحقيق في التغير البيئي ومراقبته في المناطق القطبية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: القارة القطبیة الجنوبیة القطب الجنوبی فی القارة

إقرأ أيضاً:

تترأس مصر اجتماعها الـ 71.. ما هي وكالة الاتحاد الأفريقي للتنمية؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ترأس السفير أشرف سويلم مؤخرا الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية لدى وكالة الاتحاد الافريقي للتنمية "النيباد" ومساعد وزير الخارجية للمنظمات والتجمعات الافريقية الاجتماع الواحد والسبعين للجنة تسيير النيباد.

ونرصد أبرز المعلومات عن وكالة الاتحاد الافريقي للتنمية النيباد:

- ناقش الاجتماع تقرير عمل الوكالة لعام 2024 ومتابعة تنفيذ توصيات الاجتماع السبعين للجنة التسيير، في ضوء التحديات التنموية الكبيرة التي تشهدها القارة الإفريقية

- استعراض الموقف التنفيذي للمشروعات التي تعكف النيباد على تنفيذها حاليا في شتى المجالات ومن بينها دور الوكالة في تيسير تنفيذ مشروعات البنية التحتية القارية والإقليمية ذات الأولوية لتحقيق الاندماج والتكامل القاري.

- استعرض الاجتماع أيضا دراسة الجدوى الخاصة بإنشاء صندوق للتنمية تابع للوكالة لتسريع وتيرة تنفيذ أجندة 2063 حيث يمثل هذا الصندوق بعد اعتماده أحد أهم ركائز تنفيذ المشروعات القارية الكبرى، وذلك في ضوء توفيره لآلية مستدامة تعالج مشكلة فجوة تمويل أنشطة الوكالة.

- ناقشت لجنة التسيير الخطة الإستراتيجية لأنشطة الوكالة خلال عام 2025 تمهيدا لعرضها على القمة القادمة للنيباد والتي سيترأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي والمقرر عقدها خلال الساعات المقبلة في ضوء رئاسته للجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات النيباد.

- تأتي المشاركة المصرية لتؤكد حرص مصر على التواجد الفعال والنشط بالمحافل الإفريقية خاصة أن مصر إحدى الدول الخمس المؤسسة للوكالة، وكذا في إطار الدور الريادي المصري في معاونة الدول الإفريقية على تحقيق أهداف الأجندة الإفريقية للتنمية 2063.

- تسلم الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئاسة لجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات الوكالة الإنمائية للاتحاد الأفريقي نيباد من الرئيس الرواندي بول كاجامي وذلك بإجماع أعضاء اللجنة لدعم الترشح المصري وتمتد رئاسة مصر للجنة حتى عام 2025

-نيباد NE PAD هي مختصر ترجمة تعنى الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا New Partnership for Africa's Development The

-  تعد مبادرة تتضمن رؤية الاتحاد الأفريقي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للقارة الأفريقية كما أقرتها قمة منظمة الوحدة الأفريقية الاتحاد الأفريقي بعد ذلك التي عقدت في لوساكا العاصمة الزامبية في يوليو 2001

- تم صياغتها وتبنيها من قبل رؤساء 5 دول أفريقية، هي: مصر والجزائر ونيجيريا وجنوب أفريقيا والسنغال وأهداف المبادرة تتمثل في (‌القضاء على الفقر، تحقيق التنمية المستدامة، تدارك تهميش القارة الأفريقية، تمكين المرأة، دمج الاقتصاد الأفريقي مع الاقتصاد العالمي)، كما تؤكد المبادرة على الملكية الأفريقية للتنمية القارية، والاعتماد على الموارد الذاتية، والشراكة بين الشعوب الأفريقية، وتحقيق التكامل الإقليمي والقاري، وتنمية التنافسية لدول القارة، الشراكة مع الدول المتقدمة من أجل تقليص الفجوة بينها وبين أفريقيا.

- آليات حوكمة النيباد عبارة عن المحفل السياسي المفوض من جانب مؤتمر الاتحاد الأفريقي لمتابعة تنفيذ أهداف المبادرة، وتضم رؤساء الدول الخمس أصحاب المبادرة، إلى جانب رؤساء 15 دولة أخرى يمثلون في مجموعهم مناطق القارة الجغرافية الخمس، بواقع 4 دول عن كل منطقة إذ تجرى انتخابات للدول الأفريقية بشكل دوري للانضمام للجنة لمدة عامين بناء على المشاورات الإقليمية داخل الاتحاد كما يتم تمويل الوكالة من خلال ميزانية الاتحاد الأفريقي

 

مقالات مشابهة

  • تترأس مصر اجتماعها الـ 71.. ما هي وكالة الاتحاد الأفريقي للتنمية؟
  • الرئيس السيسي يعزي نظيره الناميبي في وفاة الرئيس سام نجوم
  • نتنياهو: غزة تحولت لسجن كبير ومصر ترفض خروج الفلسطينيين منه
  • برودة الشتاء تحت تأثير الموجات القطبية والرياح تحدد تقلبات الفصول .. فيديو
  • كلية عُمان للعلوم الصحية تحتفل بتخريج دفعة جديدة من طلبتها
  • علي جمعة: كسوف الشمس وخسوف القمر آيتان تذكران بعظمة الله وهلاك الكون
  • أوروبا حائرة.. من يدفع ثمن حماية أمن القارة العجوز؟
  • بمشاركة 25 جامعة .. غدا انطلاق هاكاثون التعليم الذكي بجامعة بنها
  • سماع صوت دويّ قويّ في الضاحية الجنوبيّة (صورة)
  • تعمّق تأثير الرياح القطبية شديدة البرودة الليلة وهطولات ثلجية في بعض المناطق / تفاصيل