لا يختلف اثنان على حقيقة أن المنطقة العربية تعيش على صفيح ساخن جداً، وتكاد أجواء الحرب تخيّم عليها، ليس بسبب المعارك التي تدور بين حركة حماس وإسرائيل، ويدفع ثمنها المدنيون، وليس بسبب المعارك التي تدور على الحدود اللبنانية بين حزب الله وإسرائيل، وليس بسبب استنفار الأحزاب المسلحة في العراق واليمن، واستعدادها للدخول في الحرب، ولكن بسبب الجو العام الذي يسود التحركات الدبلوماسية والعسكرية حول العالم.
فكيف سنفسر قدوم حاملتي طائرات أمريكيتين إلى البحر المتوسط، وكذلك زوارق بريطانية وألمانية، وإبداء الصين رغبتها في إرسال سفن حربية إلى الخليج؟ وكيف نفسر التحالفات السريعة التي ظهرت ارتجالية ولكنها ليست كذلك؟ إذ لم يعلن أحد عن تحالف ما، ولكن إسرائيل دعت العالم (المتحضر) كي يتكاتف لمحاربة الإرهاب، وهو توصيف فيه الكثير من عدم الدقة؛ لأن محاربة الإرهاب لا تتم بالعقاب الجماعي للمدنيين، كما جاء في كلمة الإمارات في الأمم المتحدة، وليس بحصارهم، ومنع الماء والدواء والوقود عنهم. نعلم أن العسكري يفكر بطريقة أخرى تكون (عمياء) أحياناً، إلا أنه حتى للحرب قواعد، وأولها حماية المدنيين، وتأمين المأوى لهم.
قلنا إن العالم يعيش على صفيح ساخن، بمن فيهم المدنيون البعيدون عن أرض المعارك، القلق والخوف والانتظار والخشية من أن تتحول المعارك إلى حرب مفتوحة، عندها ستشمل الدول التي يتحرك فيها المسلحون والأحزاب (المقاومة)، وسيدفع الثمن كل من لبنان وسوريا والعراق واليمن وربما مصر، وربما الأردن إذا غامرت إسرائيل، ونفذت عمليات التهجير، ومعظم هذه الدول يعاني في الأصل أزمات سياسية واقتصادية، وسوء بنية تحتية؛ أي أنها غير مستعدة للحرب.
ما زلنا نتحدث عن الحرب، والتهديدات التي وجهتها أمريكا لكل من تسول له نفسه التدخل في المعارك من الأطراف الإقليمية، وهذا يعني حصر مساحة الحرب، لكنه يعني أيضاً، الاستفراد والاستقواء بمساحة صغيرة مثل قطاع غزة، لا يملك مقومات الصمود طويلاً.
ما زلنا نتحدث عن الحرب، الناس يجلسون ساعات طويلة أمام وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، ويتابعون بخوف وفضول ومنهم من يتابع (بفخر) ما يجري. ولا أستطيع تفسير خوف البعيد، ولا فخر القريب من المعارك إلا برغبة كثيرين في التغيير، فالواقع السياسي في فلسطين المحتلة، وإسرائيل هو واقع غير سوي وغير صحي؛ توتر مستدام ومناوشات يومية، كل ذلك يمكن أن ينتهي بسهولة حين نعطي أصحاب الحقوق حقوقهم، فمثلاً إسرائيل لم تنفذ اتفاقية أوسلو التي تنص على إزالة المستوطنات، وتمكين الشعب الفلسطيني من حكم نفسه بنفسه، ولا نعني هنا الحكم الذاتي، وإنما «حل الدولتين»، فلماذا تتعرض غزة للحصار منذ 17 عاماً؟ ولماذا تتم استباحة الضفة الغربية يومياً؟! والعنصر الفلسطيني يتحمل مسؤولية في مراوحة الوضع الحالي في مكانه، من خلال الاستمرار في الانقسام، حتى صار لدينا شبه دولة في كل من قطاع غزة والضفة الغربية، كل جهة لديها مرجعية مختلفة، وتصورات متباينة للقضية الفلسطينية.
وستبقى أجواء الحرب حتى لو انتهت المعارك وسكت صوت الرصاص، طالما لا يوجد حل سلمي واستقرار في المنطقة؛ فالسلام أسهل الطرق للتعايش.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
معرض فني للأطفال في الخرطوم لتخفيف آثار الحرب عليهم
نظمت غرفة طوارئ منطقة بري في وسط العاصمة السودانية الخرطوم، الخميس الماضي، المعرض الفني الأول للرسم لطلاب مركز "متطوعي بري أبوحشيش التعليمي"، بهدف إخراج الأطفال من أجواء الحرب التي تشهدها المنطقة منذ أكثر من 20 شهرًا.
ونشرت الغرفة مقطع فيديو عبر صفحتها على "فيسبوك" يُظهر مشاهد من فعالية المعرض، والتي تضمنت كلمات ألقاها ممثل الأطفال وممثلو الحي، بالإضافة إلى لقطات توثق لحظات توزيع الجوائز على الأطفال المشاركين.
وقالت ممثلة الأطفال بالمركز، ريتان رامي، خلال كلمة ألقتها في الفعالية التي حملت شعار "ضحكة في وجه الهموم": "عامنا الدراسي كان مفيدًا وممتعًا ومليئًا بالتحديات".
وأوضحت أن المعلمين واجهوا صعوبة في التعامل مع التلاميذ في سبيل استيعاب الدروس، بسبب الظروف التي فرضتها الحرب، لكنهم كانوا على قدر التحدي.
وأشارت إلى أن التلاميذ واجهوا صعوبات في الدراسة بسبب انقطاع التيار الكهربائي عن المنطقة، خاصة في فترة الامتحانات، قائلة "لكن الحمد لله، صبرنا واجتهدنا ونجحنا".
من جانبه، قال ممثل الحي، عادل إبراهيم مرحوم، إن نجاح مركز "متطوعي بري أبوحشيش التعليمي" كان لافتًا للنظر، بفضل تكاتف الشباب منذ اندلاع الحرب، حيث استطاعوا إخراج الأطفال من جو الرعب الذي تسببت فيه الحرب.
إعلانوتشهد أحياء بري والمناطق المجاورة لها، المتاخمة لقيادة الجيش السوداني في وسط الخرطوم، انقطاعًا للتيار الكهربائي منذ أكثر من 11 شهرًا على التوالي، مما زاد من معاناة المواطنين العالقين في تلك الأحياء، بالإضافة إلى "ارتفاع غير مسبوق في سعر السلع الاستهلاكية"، حسبما أفادت غرفة طوارئ المنطقة.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع نزاعا مسلحا خلّف أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء النزاع المسلح بما يجنب السودان كارثة إنسانية بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.