منع مظاهرات وتقييد التعبير.. شيطنة الفلسطينيين تتصاعد في ألمانيا
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
برلين – أمام محل لبيع الفلافل في محطة مدينة بون -غرب ألمانيا- تتساءل لافتة بعنوان كبير: "هل دولة القانون لا تزال موجودة؟ أين محاموكم الألمان"؟، ومن فوق اللافتة يرفف علم فلسطين مكتوب عليه: "تسقط معايير الغرب المزدوجة".
يقول صاحب محل الفلافل مصطفى الهادي، إنه بعد عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وضع لوحة على باب مطعمه، مكتوب عليها "عاشت فلسطين، يسقط الإرهاب الأميركي الإسرائيلي"، وبعدها بساعتين صادرتها الشرطة الألمانية، ورفعوا دعوى ضده بتهمة "تهديد الأمن العام"، لكنه لم يتوقف ووضع هذه المرة لافتة أكبر للاحتجاج على قرار الشرطة.
مصطفى الهادي ليس مجرد بائع فلافل، فهو شاب مصري كان يعمل باحثا في جامعة فرانكفورت، لكنه ترك مجال البحث العلمي في ألمانيا وتفرغ للعمل الحر، إثر وقف منحة الدكتوراة بسبب "مواقفه القوية المساندة للقضية الفلسطينية"، حسب قوله.
في حديثه للجزيرة نت، قال مصطفى، "هذه مجتمعات تبيع أكذوبة المساواة بين البشر، وهو ما كنت قد صدقته، المجتمعات الغربية متساوية بين بعضها، لكن بقية الشعوب متخلفة في نظرهم، وضمنها الشعوب العربية، يرون أن لديها درجة أقل من الإنسانية".
وأضاف مصطفى، "يمنعوننا من التجمعات والمسيرات وأي أحداث، وهناك من يُطردون ويحظر عليهم الحديث إذا ما انتقدوا إسرائيل"، موضحا أن هناك عنفا ضد من يحملون الأعلام الفلسطينية، بينما تنتشر الأعلام الإسرائيلية، منتقدا بشدة موقف الحكومة الألمانية الداعم لـ "قتل الأبرياء في غزة".
مع بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، رفعت عدد من البلديات الأعلام الإسرائيلية في مقارها في المدن الألمانية تعبيرا عن التضامن مع إسرائيل، في المقابل منعت الشرطة مظاهرات عدة مؤيدة للفلسطينيين قبل أن تحدث، لأسباب "أمنية ولإمكانية معاداة السامية، أو التحريض على العنف"، حسب تصريحات مسؤولين، كما اشتبكت الشرطة مع متظاهرين رفضوا قرار المنع، واعتقلت العشرات منهم، خاصة في حي نيوكولن، حيث تعيش جالية عربية كبيرة في برلين.
ودأبت سلطات بعض الولايات على المنع المسبق للتجمعات المتعلقة بالقضية الفلسطينية منذ مدة، حيث منعت شرطة برلين تخليد ذكرى النكبة في آخر سنتين على الأقل، بالمسوغات ذاتها. وقالت، إنه في احتجاجات سابقة بمناسبة هذه الذكرى، وقعت أعمال عنف وأُنكر حق إسرائيل في الوجود". وخلّف قرار المنع استياء كبيرا، وانتقدته منظمة "هيومن رايتس ووتش"، منبهة إلى أنه يمثل "قيودا غير مسوغة على الحق في حرية التعبير والتجمع".
يأتي هذا في سياق وضع ألمانيا حدودا كبيرة على انتقاد إسرائيل، وترى السلطات أن أي نقد يجب ألا ينزلق إلى شيطنتها ومن ذلك وصفها بدولة الإرهاب، أو الدعوة إلى إزالتها، بحكم مسؤولية برلين التاريخية تجاه اليهود.
لذلك يرى المخرج والصحفي الفلسطيني الألماني رشاد الهندي، أن القرار بمنع مناصرة القضية الفلسطينية هو قرار سياسي، لأسباب منها: التحالف مع إسرائيل وما سماه "عقدة الذنب للإجرام النازي بحق اليهود"، وتحوّل نقد إسرائيل إلى شكل من أشكال معاداة السامية، موضحا في حديثه للجزيرة نت، أن هذه القرارات منافية للدستور الألماني.
السلطات الألمانية التي سمحت بمظاهرات مساندة لإسرائيل شارك فيها كبار المسؤولين الألمان، سمحت بالعديد من تجمعات التضامن مع غزة في مدن عدة، بعد تكرار المظاهرات الرافضة للحظر المسبق، خاصة إثر ارتفاع حصيلة الضحايا في غزة.
وقالت رئيسة شرطة برلين، باربارا سلوفيك -في تصريحات إذاعية-، إن القانون يسمح بالتجمع، وهو ما ينطبق على المظاهرات الداعمة للفلسطينيين، بشرط "عدم اقتراف أي جريمة"، مشيرة إلى قرابة 740 دعوى جنائية ضد مشاركين في المظاهرات، كما تحدثت عن نشر قوات من الشرطة لحماية المؤسسات الإسرائيلية واليهودية.
وحسب بيانات لشرطة برلين، فإن حوالي نصف المظاهرات الفلسطينية حُظرت مؤخرا، وطعن المنظمون في اثنين من قرارات المنع، لكن المحكمة الإدارية في برلين دعمت الحظر.
عن هذا يقول الهندي، "لا شك هناك حالات فردية لمعاداة السامية في بعض المظاهرات، لكن يُسمح هنا بمظاهرات للنازيين، وكذلك ضد إجراءات كورونا، كما أن المسيرات الداعمة لأوكرانيا تتضمن أحيانا عنصرية ضد الروس ويسمح بها"، موضحا أن عددا من المظاهرات الفلسطينية في برلين لم تتضمن أي حالة عنف، أو خطاب كراهية.
لكن الحظر لا يخص المظاهرات التي يتجمع فيها الأشخاص فقط؛ بل حتى لو كان هناك شخص واحد يرفع لافتة، وحتى ولو دعت لها جهات غير فلسطينية ولو كانت يهودية؛ مثل: الناشطة إيريس هيفيتس من منظمة "الصوت اليهودي للسلام العادل"، التي تعرضت للتوقيف بسبب رفعها لافتة مكتوب عليها "كوني يهودية وإسرائيلية.. أوقفوا الإبادة الجماعية في غزة".
يحدث هذا في وقت ارتفع فيه الخطاب السياسي المعادي للفلسطينيين في ألمانيا، حيث يُربطون بشكل واضح بمعاداة السامية.
وكرّر رئيس الحزب المسيحي الديمقراطي فريدريش ميرتس –أكبر أحزاب المعارضة- تهجمه على الفلسطينيين، وكتب على منصة إكس، "على ألمانيا ألا تقبل أي لاجئ من غزة، وإلا فمشكلة عداء السامية ستتفاقم"، مكررا تضامنه مع إسرائيل دون كتابة كلمة عن الضحايا في غزة.
في هذا السياق، قال الصحفي الألماني هانو هوينشتاين، إن "برلين هي إحدى أكبر مواطن الشتات الفلسطيني في أوروبا، كما أن الجالية الإسرائيلية واليهودية في ارتفاع، لذلك فمن غير المرجح أن تتراجع الأسئلة المتعلقة بسياسة الهجرة لألمانيا".
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف هوينشتاين، "أمر طبيعي أن ترغب ألمانيا في منع معاداة السامية، وعليها أن تفعل ذلك، ولكن ليس بالافتراض أن كل انتقاد لإسرائيل يساوي معاداة السامية، فهذا افتراض خاطئ، يؤدي إلى افتراضات أخرى خاطئة".
وفي رأي رشاد الهندي، فالمناخ الألماني معادي للفلسطينيين منذ سنوات، والعنصرية ضد الفلسطينيين هي العنصرية الوحيدة المقبولة في ألمانيا، بينما تُدان العنصرية ضد كل الفئات، مضيفا أن "جُلّ الأحزاب أضحت متفقة نوعا ما على إظهار الفلسطيني كأنه غير آدمي، وشرعنة المجزرة في غزة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المظاهرات الفلسطینیة معاداة السامیة فی ألمانیا فی برلین فی غزة
إقرأ أيضاً:
نتنياهو ينتقد المظاهرات في تل أبيب.. رئيس الشاباك السابق: العصيان المدني ضدّه قد بدأ
أدان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “عرض رؤوس مقطوعة مزيفة تحمل وجهه، خلال مظاهرة مناهضة للحكومة في تل أبيب مساء السبت”، حيث “بدا المتظاهر الذي أثار الجدل يرتدي ضمادات ملطخة باللون الأحمر، مستلقياً في الشارع وممسكاً بعلم إسرائيل، ومحاطاً برؤوس تحمل وجه نتنياهو مع شعارات مثل “مذنب” و”خطر”.
التظاهرة التي شارك فيها الآلاف كانت احتجاجًا على سياسات الحكومة الحالية، وللمطالبة بالإفراج عن 59 أسيرًا فلسطينيًا محتجزين في قطاع غزة منذ 568 يومًا.
بدوره، وصف منتدى “تيكفا” المحافظ الاحتجاجات “بأنها تحريض على القتل، وطالب باعتقال المتورطين”، بينما وصف حزب الليكود المظاهرة “بأنها “جنون” وتهديد خطير لرئيس الوزراء”، من جانبه، دعا زعيم المعارضة يائير لابيد نتنياهو إلى “وقف التحريض ضد رئيس الشاباك، محذراً من أن ذلك قد يؤدي إلى “اغتيال سياسي”.
بدوره، أكد رئيس جهاز الشاباك السابق، عامي أيالون، “أن العصيان المدني ضد حكومة بنيامين نتنياهو قد بدأ بالفعل”، مشيرًا إلى أن “الإفادة التي قدمها رئيس الشاباك الحالي، رونين بار، إلى المحكمة العليا تمثل لحظة مفصلية في مستقبل الهوية اليهودية لدولة إسرائيل”، وقال أيالون خلال مظاهرة حاشدة في ساحة هابيما وسط تل أبيب، إن “الراية السوداء قد رفعت”، في إشارة إلى رفض الانصياع لأوامر حكومية يعتبرها غير شرعية.
وفي كلمته أمام المحتجين، حذر أيالون من أن “كل من قرأ إفادة رئيس الشاباك يرى بوضوح التهديد الذي يواجهه الطابع الديمقراطي للدولة”، مؤكدًا أن العصيان المدني أصبح أمرًا ضروريًا في مواجهة هذه التهديدات”.
في سياق متصل، وجه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، دان حالوتس، هجومًا لاذعًا ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، معتبرًا إياه “تهديدًا واضحًا ومباشرًا لوجود إسرائيل”، ومضيفًا أن نتنياهو “يقاتل شعبه ويتعاون مع دولة قطر الإرهابية”. وحث حالوتس المواطنين على التساؤل حول “ما إذا كانت الخيانة قد وصلت إلى قدس أقداس الدولة”.
من ناحية أخرى، أعلن الجيش الإسرائيلي “عن مقتل جنديين وإصابة آخرين في معارك شمال قطاع غزة، تحديدًا في حي الشجاعية”، والقتيلان هما إيدو فولوخ، ضابط في سلاح المدرعات، ونتا يتسحاق كهانا، ضابط في شرطة حرس الحدود. وذلك ضمن اشتباكات عنيفة، حيث تم استهداف دبابة إسرائيلية بقذائف آر بي جي، مما أدى إلى إصابات إضافية.
كما تعرضت القوات الإسرائيلية لهجمات متكررة أثناء عمليات الإنقاذ، حيث أُطلقت خمس قذائف مضادة للدروع ونيران أسلحة خفيفة من قبل المسلحين الفلسطينيين. في حادثة أخرى في مخيم تل السلطان جنوب رفح، أصيب أربعة جنود إسرائيليين، أحدهم بجروح خطيرة، نتيجة انفجار عبوات ناسفة.
الوضع في غزة يشهد تصعيدًا مستمرًا، مع محاولات الجيش الإسرائيلي لتحقيق مكاسب ميدانية وسط مقاومة شرسة من الفصائل الفلسطينية.