أيهما أكثر خسائر الفلسطينيون أم إسرائيل؟
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
أيهما أكثر #خسائر #الفلسطينيون أم #إسرائيل؟ – #ماهر_أبوطير
اللعبة التي يتذاكى فيها العالم اليوم، تركز على خسائر الفلسطينيين، الخسائر البشرية والاقتصادية، للقول ان الفلسطينيين وحدهم يدفعون الثمن جراء ما يعتبرونه مجرد مقامرات.
هذه اللعبة يتم لعبها عادة عبر الاعلام، بالتركيز على الحالات العاطفية والانسانية، للذين تضرروا وخسروا عائلاتهم او بيوتهم، ومن خلال الصور التي تكشف قوة الاحتلال النارية وقدرته على مسح احياء بكاملها، وهذا الكلام على صحته يحقق غايات سيكولوجية احيانا اي اثارة الخوف من اسرائيل والتراجع امامها، وتذكير النفس بمدى اجرامها وقوتها، وبالتالي تحقيق ردع ذاتي، يجعل الناس في حالة استسلام، وضعف، ان لا احد قادرا على وقفهم عند حدهم.
لكن مهلا أيها السيدات والسادة، فالقصة أعقد بكثير من ذلك، لأننا منذ حرب غزة نعرف ان خسائر اسرائيل كبيرة جدا، وتتجنب بث اي صور لما يمكن وصفه بضعف الجنود او الاسرائيليين عموما، وكل ما تسمح به الرقابة العسكرية الاسرائيلية تصوير القصف على تجمعات الاسرائيليين من بعيد، والهدف اخفاء الصور التي قد تخلخل بنية مجتمع الاحتلال.
خسائر اسرائيل في الحرب اضعاف خسائر الفلسطينيين، وهذا كلام غير عاطفي، اذ إنها اقتصاديا تخسر مليار دولار يوميا، على صعيد السياحة والبناء ومبيعات التكنولوجيا التي ثبت ضعفها اصلا، وعلى صعيد اسهم الشركات والبورصة، وسعر صرف الشيكل، واسرائيل ايضا فقدت جاذبيتها لاستقطاب اليهود من العالم الى فلسطين، فلماذا سيأتي اليهودي الروسي مثلا، الى منطقة تدب فيها حرب كل عامين، ولا تتمكن مؤسسات هذه الدولة من حمايته، كما ان اسرائيل مهددة اليوم بخروج مئات الشركات والمستثمرين، الذين خرج بعضهم فعليا، ومهددة بخسارة جزء من مخزونها البشري وخصوصا اصحاب المهارات العليا ، عندما تتاح الفرصة لكثير منهم، كما ان كل خططها الاستثمارية في قطاعي الغاز والنفط تحت التهديد، اضافة الى ما يتعلق بسمعتها في دوائر وعواصم ومؤسسات دولية محايدة، تجرم سلوكيات الاحتلال، اضافة الى ان هذا الظرف ايقظ القضية الفلسطينية على المستوى العالمي من جديد.
اسرائيل ايضا تعرضت لزلزال حول قدرتها السياسية والعسكرية والامنية، اذ ان كل جرائم الانتقام من المدنيين في غزة الآن، تأتي للتغطية على الفضيحة الداخلية، اي هشاشة بنية الاحتلال بما يؤدي الى هز وانهاء حالة اليقين والثقة بين الاسرائيليين ومؤسساتهم.
الانتقام العشوائي من المدنيين لن يخفي اصل الصورة، اي ان اسرائيل لم تكن قوية كما كانت تقدم نفسها، للمنطقة والعالم، عندما وقعت احداث السابع من تشرين الأول، والمؤكد ايضا أن الارتداد السياسي والامني والعسكري على المؤسسات الاسرائيلية سنراه بعد الحرب، في مناخات المحاكمات وتصفية الحسابات، في ظل ازمة موجودة اصلا، مع المعارضة، وقوى يمنية تنافس رئيس الحكومة الاسرائيلية الحالي، وسوف تسعى لتدفيعه ثمن كل شيء بشأن هذا المشهد.
هناك اختلال متعمد يتم تصنيعه اليوم في الصورة الفلسطينية، لإضعاف معنويات الناس، وهذا اختلال مدروس، يريد ان يجعل كل انسان فلسطيني، او عربي، في حالة ندم على الوقوف في وجه اسرائيل، وليس ادل على ذلك من تراجع معنويات البعض في تعليقات السوشال ميديا، ومن “جردة الحساب” التي باتت تركز فقط على خسائر القطاع، واهله.
الدم الفلسطيني المسفوك، يتم سفكه منذ الثلاثينيات توطئة لقيام اسرائيل، وقبل ظهور كل هذه التنظيمات، حتى لا تصير القصة مرتبطة بالتنظيمات فقط، واسرائيل ارتكبت آلاف المجازر طول تاريخها في كل مكان، واغلبها دون ان يطلق عليها احد رصاصة، بل باغتوا الابرياء بها، في مدنهم وقراهم، وفي صحوهم ونومهم، حتى لا يتبنى البعض مظلومية الإسرائيليين.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: خسائر الفلسطينيون إسرائيل
إقرأ أيضاً:
كيف استقبل اليمين الإسرائيلي والمعارضة خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين؟
شكّل إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطته لتهجير الفلسطينيين من غزة، "حبة النشوة" التي لم يكن اليمين الإسرائيلي يعرف أنه يحتاج إليها، والجرعة التي كان يريد أن يتناولها، وفيما ركض بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة لمدح صديقه الحقيقي في البيت الأبيض، فقد أعلن رئيس الكنيست أمير أوحانا أننا أمام "فجر يوم جديد"، أما إيتمار بن غفير وبيتسلئيل سموتريتش فسارعا لإحضار الشمبانيا والكؤوس لشرب نخب الانتصار.
وأكد دان بار-نير، المستشار السياسي السابق، والمتخصص بدراسات الشرق الأوسط، أن "ردود الفعل في صفوف المعارضة على خطة ترامب تراوحت بين التلعثم والصمت، وكتب زعيم المعارضة يائير لابيد على فيسبوك أن "هذا كان مؤتمرا صحفيا جيدا لإسرائيل"، أما وزير الحرب ورئيس الأركان الأسبق بيني غانتس فكتب أن الفكرة "ستصمد أمام اختبار الواقع".
وأضاف في مقال نشره موقع زمن إسرائيل، وترجمته "عربي21" أن "رئيس الحزب الديمقراطي يائير غولان أعلن أنه فهم من تصريحات ترامب أن "جميع المختطفين يجب أن يعودوا الآن، فيما غضبت زهافا غالئون رئيسة حزب ميرتس السابقة عندما سمعت أن معارضة الترحيل تنبع من حقيقة أنه غير عملي، وليس أنه غير أخلاقي".
وأوضح أنه "عندما ننظر للابتهاج بين الائتلاف وأنصاره مقابل التذبذب بين ممثلي المعارضة التي تدّعي خلق بديل للحكومة، فربما يكون هناك سبب وراء نشر أن 70% من الجمهور يؤيد فكرة ترامب، ودعم شبه توافقي له، صحيح أنه تم انتخاب الرئيس السابع والأربعون للولايات المتحدة بأغلبية أصوات الأمريكيين، لكنه في واقع الأمر يتمتع بشعبية أكبر بكثير بين الإسرائيليين، وفي استطلاعات مختلفة أجريت بينهم، أعرب 60-70% منهم عن تأييدهم له، مقارنة بـ53% من الأمريكيين، ويشعرون بأنه "جيد لإسرائيل".
وأوضح أن "هذا التأييد الاسرائيلي الجارف لترامب يعود للدعم الشعبي الذي يقدمه لمصلحتهم، والخط العدواني الذي يتخذه ضد إيران ووكلائها، وفي عالم يشعرون فيه بأن دولتهم معزولة في الساحة الدولية، لا يُنظر لتصريحات ترامب على أنها منارة ضوء في نهاية النفق، بل قوس قزح في يوم شتوي كئيب ممطر".
واستدرك بالقول أنه "رغم كل ذلك، فإن فكرة ترامب بتفريق الفلسطينيين في دول العالم العربي ليست فكرة سيئة من الناحية النظرية فحسب، بل فاشلة تاريخياً، لأن الملايين منهم فرّوا بالفعل لبلدان أخرى بعد حرب النكبة، خاصة سوريا ولبنان والأردن والضفة الغربية الخاضعة آنذاك لسيطرة الاحتلال".
وأكد أنه "في ظل الفقر والإهمال والشعور بالانتقام من الاحتلال، أصبحت مخيمات اللاجئين حاضنة للمقاومة، وهو عانى منه الاحتلال على مدى عقود من الزمن بسبب هجماتها المنطلقة من لبنان والأردن".
وأشار أننا "اليوم نشهد التأثير المتطرف المناهض للاحتلال القادم من مسلمي أوروبا، كما أن المظاهرات الضخمة المؤيدة لغزة وحماس، والعنف المنظم ضد الإسرائيليين، ومطاردة الجنود المسرّحين في الخارج، كلها أسباب تثير تساؤلات حول جدوى خطة تهجير ملايين الفلسطينيين في الشرق الأوسط ودول العالم، حتى قبل المناقشة الوهمية حول قضية طردهم من ديارهم دون أن يتحول ذلك لمذبحة جماعية".
وخلص الى القول أن "أي زعيم إسرائيل مهتم بتشكيل الحكومة المقبلة يجب أن يفهم أمراً واحداً، أن كل ما يتصل بمستقبل غزة بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر، لن يناقش الجمهور الإسرائيلي القضايا الأخلاقية، لأنه غير مبالٍ بالمعاناة في غزة، لأنه يبحث عن الحلّ الأمني فقط، وسيتبع من يقدّمه، بغض النظر عن مدى أخلاقيته".