كتبت سابين عويس في" النهار": لا يتوقع اللبنانيون أن تكون حرب غزة عابرة أو سريعة، بل هم على دراية بأن الحرب ستطول وأن المطلوب تأمين مستلزمات الصمود الداخلي فيظل الفراغ والشلل المتمددان الى مؤسسات الدولة. فقد مضى على الشغور في موقع الرئاسة الاولى عام لم تشهد خلاله البلاد أي عمل أو إجراء داخلي من شأنه أن يكسر حال الجمود والمراوحة السائدين.

وباستثناء مبادرتين إحداهما فرنسية وأخرى قطرية، بتكليف من مجموعة الدول الخمس المعنية بالشأن اللبناني، لم يسجل أي حراك بين المكونات اللبنانية. وفيما كانت المبادرة الفرنسية تلفظ أنفاسها الأخيرة، لم يُكتب للمبادرة القطرية أن تتحول فعلاً الى مبادرة عملية، إذ بقيت في إطار استطلاع الآراء.   ومع انغماس العالم بحرب غزة ومآلها، وانشغال الأسرة الدولية بترقب تطوراتها، فقد لبنان كل فرصة ممكنة للوصول الى توافق داخلي على انتخاب رئيس للجمهورية وإعادة تكوين السلطة التنفيذية. وليس في الأفق ما يشي بإمكان حصول ذلك في غياب المبادرات الجدية أو على الأقل الوعي لأهمية إنجاز الاستحقاق وتكوين السلطة. حتى الجولة التشاورية لرئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل انتهت من حيث بدأت في هذا الشأن، لأن كل التفاهمات التي حصلت بموجبها استثنت الاستحقاق الرئاسي، تماماً كما كانت الحال في اللقاء الذي جمعه برئيس تيار "المردة" المرشح الرئاسي سليمان فرنجية حيث كشف الأخير أن الاتفاق حصل على ٩٩ في المئة من المواضيع المطروحة، ومفهوم أن الـ١ في المئة الباقي يتعلق بالملف الرئاسي!

وإن كانت المبادرات الخارجية في اتجاه لبنان توقفت بالكامل، منتقلة الى رصد حرب غزة، فإن الهاجس الكبير يبقى في خطر استمرار انكفاء الأسرة الدولية عن لبنان إذا ما تعرّض للاعتداء، وسط غياب أي مقوّمات للصمود، أو المواجهة لديه. ولعل هذا من الأسباب الرئيسية التي تدفع الحزب الى التروّي وعدم التسرّع في دخول الحرب مع إسرائيل من خارج قواعد الاشتباك التقليدية.

وكما في السياسة، فإن الأمر ينسحب أيضاً على الوضع الاقتصادي، إذ فقد لبنان موقعه المتقدم في اهتمامات المؤسسات الدولية ولا سيما صندوق النقد الدولي. والمفارقة المؤسفة أن المسؤولين اللبنانيين سمعوا في أكثر من مناسبة من مسؤولي الصندوق ضرورة الإفادة من الفرصة المتاحة قبل أن يستجدّ ملفّ ويستأثر بالأولوية، كما حصل الآن مع تفجر حرب غزة، حيث يرصد الصندوق الآن تطوّرها ومدى تأثيرها على المنطقة والعالم، وعلى التوقعات السابقة التي وضعها الصندوق وأعلنها في مراكش على هامش اجتماعاته السنوية التي تزامنت مع اندلاع الحرب، وتركت الصندوق في حال ارتباك أمام إعلان توقعاته الاقتصادية الإقليمية والدولية للسنة المقبلة، وهي قد باتت عرضة للتغيّر إذا ما استفحلت الحرب كما هو حاصل حالياً.

إذن، وفي تقييم لخلاصة عام على البلاد من دون رئيس، واستطراداً من دون حكومة تنفيذية فاعلة، وبمجلس نيابي مشلول نسبياً، تبدو الصورة على مشارف السنة الثانية للشغور، قاتمة من دون آفاق مستقبلية واضحة، في ظل الانقسام الشديد على الساحة المحلية واستقالة القوى السياسية من مسؤولياتها في التعطيل، ما ينعكس استمراراً في الانزلاق نحو أفق غامض لا يبشّر بالخير أبداً.  

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

مقاولو كركوك يشكون عدم وجود سيولة مالية: توقفت اغلب مشاريع المحافظة

مقاولو كركوك يشكون عدم وجود سيولة مالية: توقفت اغلب مشاريع المحافظة

مقالات مشابهة

  • الملف الرئاسي على ايقاع الضغوطات الدولية... سفراء الخماسية يحضّون القيادات المسيحية على التوافق
  • الرحلة الغامضة التي أنقذت بشار الهارب .. توقفت في عاصمة عربية قبل توجهها إلى روسيا
  • ‏إسرائيل تعلن أنها ستغلق سفارتها في دبلن بسبب السياسات المعادية التي تنتهجها الحكومة الأيرلندية
  • مقاولو كركوك يشكون عدم وجود سيولة مالية: توقفت اغلب مشاريع المحافظة
  • الملف الرئاسي يحسم خلال أيام واطلالة مرتقبة لفرنجية.. ميقاتي: نأمل انتخاب رئيس وتشكيل حكومة تقوم بالإصلاحات
  • الحرب النفسية .. والأساليب غير المعروفة
  • غزة تسير على خطى لبنان بعد نجاح وقف إطلاق النار
  • إطلاق برنامج دعم مرضى غسيل الكلى برعاية مفتي عكار
  • جاد شويري: الحرب في لبنان أفقدتني أموالي وأرصدتي في البنوك
  • لقاء بين بخاري وسكاف بحث في الاستحقاق الرئاسي ودور اللجنة الخماسية