ثقافة الفيوم تناقش الحريات الدينية والأفكار المغلوطة
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
شهدت مكتبة الفيوم العامة ندوة ثقافية بعنوان ''الحريات الدينية والأفكار المغلوطة''، ضمن البرامج الثقافية للهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، شارك في الندوة الأديب عصام الزهيري، د. نصر الزغبي، وأدارها الشاعر محمد حسني إبراهيم، بحضور د. ميرفت عبد العظيم عضو مجلس النواب، ونخبة من المثقفين.
في بداية اللقاء أعرب "الزهيري" عن سعادته بموضوع الندوة التي تنعقد بمناسبة يوم 27 أكتوبر الذي حددته الأمم المتحدة يوما عالميا للحريات الدينية، وهو ما يجعل من شهر أكتوبر شهر حرية شاملة بالنسبة لمصر، حرية وطنية، واستقلال حققه انتصار السادس من أكتوبر 73، وحرية دستورية وقانونية تجسدها رمزية احتفال العالم بيوم الحريات الدينية.
وحول تعريف معنى "الحريات الدينية"، استعرض ''الزهيري'' نصوص ومواد الإعلان العالمي لحقوق الانسان والعهود والمواثيق الدولية، والتي تحدد تعريف وممارسات الحريات الدينية، وتنص مواد الدستور المصري على كونها بمثابة قوانين سارية المفعول، بالإضافة لنصوص الدستور المعززة والمحددة لمفاهيم الحرية الدينية، والتي تحدد من نفس المنظور المفاهيم والأفكار المغلوطة المرتبطة بالحريات، من بين تلك الأفكار مخاوف تحول الحريات الدينية إلى فوضى دينية ذات عواقب خطيرة، إذا عملت من خارج الأطر والمفاهيم القانونية والدستورية والحقوقية، ومن بينها تحول الحوار الديني إلى جرائم تمييز ضد المختلف دينيا وتحريض كراهيته، ونبذه والتمييز ضده، ومن بينها أيضا ممارسات القولبة السلبية، والتنميط الفكري، والعزل الطائفي، وكلها أفكار وممارسات نددت بها العهود والمواثيق الدولية ونصوص الدستور والقوانين المصرية.
في كلمته، أوضح الباحث والبرلماني السابق د. نصر الزغبي إلى أن الأزمة الحقيقية التي تواجه الحريات القانونية في المجال الديني هي مشكلة ثقافية قائمة على إساءة التفسير والتوجه المغلوط، وعلى رأس هذه المشكلات احتكار المعرفة، وتعطيل العقول باسم العلم والتخصص، لأن التخصص في المهن أمر محمود وصحيح، لكنه في الثقافة والمعارف والأديان يعني مصادرة حقوق وحريات المواطنين في بناء معارفهم، وممارسة اختلافاتهم وحق التعبير عن آرائهم وتداولها عبر النقاش الحر والمتحضر فيها.
وأكد '' الزغبي'' أن أزمة الحريات الدينية في المجتمعات التي تعاني من صعوبات التعاطي معها ليست أزمة دينية، أو تتعلق بطبيعة الدين، لأن الأديان السماوية، ومن بينها الإسلام تؤكد ضرورة الاختلاف وتدعم الحرية الدينية فلا إكراه في الدين، ولو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة كما تقول آيات القرآن الكريم، لكن الأزمة تأتي من الممارسات البشرية التي تجري باسم الدين والعقيدة وتهدف إلى استخدام الأديان، وتأويلها بشكل خاطئ، ليجعلها أداة للتسلط، والاستفادة وتحقيق المنفعة، والوصاية والحجر على حقوق العقل، والمواطنة وحرية الفكر والضمير، من شروط المرويات ألا تخالف القرآن وألا تخالف العقل، وما دون ذلك قابل للخلاف والنقد والمناقشة.
الندوة نظمها قسم الثقافة العامة بفرع ثقافة الفيوم برئاسة سماح كامل، التابع لإقليم القاهرة الكبرى الثقافي برئاسة لاميس الشرنوبي، وأقيمت بالتعاون مع الإدارة المركزية للشئون الثقافية برئاسة الشاعر مسعود شومان. وأعقبها مداخلات للحضور، ومنهم الأدباء سامي حنا، نادي جاد، خالد السنراوي، محمد قاياتي.
من جانبها أشادت د. ميرفت عبد العظيم بموضوع الندوة، وأوضحت وجود تداخل سائد بين العرف والمعتقد الديني، وأن الفكر الجمعي للشعب المصري صعب تغيير أفكاره الدينية الراسخة، كما أن الحريات بصفة عامة وليست الدينية فقط، يقابلها رفض شعبي للتغيير، فعلى سبيل المثال ''ختان الإناث''، يقابله مواجهة كبيرة مع العرف والعادات، ولا يتم مواجهة تلك الظاهرة بالقانون فقط، بل بالحوار، كما أكدت أننا بحاجة إلى مخاطبة الجمهور، وتجديد الخطاب الديني الموجه لهم، كما نحتاج إلى إعادة إعداد كوادر دينية جديدة تكون قريبة من الجمهور.
بينما أشار الروائي محمد جمال الدين إلى الفرق بين النص والتأويل، الإسلام والموروث، مشيرا إلى أن أسباب نزول النص له عامل كبير في التأويل، ويبقى النص بقوته ويبقى التأويل اجتهاد، وأكد في ختام كلمته قائلا: إذا لم تستطع أن تستوعب من يخالفك الفكرة، فعليك أن تتعامل معه كإنسان، وعلينا أن نتعايش كبشر.
فيما أشار الشاعر محمد شاكر رئيس نادي الأدب المركزي، إلى المادة 98 من القانون المصري التي تتناول ازدراء الأديان، وفي ختام الندوة أكد ''الزهيري'' أننا نحتاج أنظمة قانونية ثقافية اقتصادية شاملة تواجه التعصب، وشدد ''الزغبي'' على رفض مبدأ الوصاية على العقل والتفكير. كما دعا الحضور لفعالية ثقافية تعبر عن موقف المثقفين في الفيوم من القضية الفلسطينية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ندوة الأفكار المغلوطة البرامج الثقافية الحريات الدينية الحريات الدينية والأفكار المغلوطة الحریات الدینیة
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: وسائل الإعلام تلعب دورا مهما في التصدي للشائعات والأفكار المتطرفة
الْتقَى الأستاذ الدكتور نظير عيَّاد مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، بعدد من الإعلاميين والصحفيين في جناح دار الإفتاء المصرية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث أكَّد خلال اللقاء على الدَّور المحوري الذي تقوم به المؤسسات الدينية في تعزيز الوعي الفكري والديني والمشاركة في عملية البناء والتنمية.
المفتي: المؤسسات الدينية شريك أساسي في بناء الوعي وتعزيز الاستقرار المجتمعيوأعرب المفتي عن تقديره الكبير للدَّور الذي يقوم به الإعلام والصحافة في نقل الصورة الصحيحة والتصدي للشائعات والأفكار المتطرفة، مؤكدًا أنَّ التعاون المستمر بين المؤسسات الدينية والإعلامية هو السبيل الأمثل لتحقيق وعي مجتمعي مُتَّزن قائم على العلم والمعرفة والفهم الصحيح للدين.
وأوضح أنَّ دار الإفتاء المصرية تبذل جهودًا كبيرة لمواكبة التحديات المعاصرة والتعامل مع القضايا المجتمعية والفكرية والدينية بواقعية ومنهجية علمية رصينة، مشيرًا إلى أن التصدي للقضايا المعاصرة يتطلب فهمًا دقيقًا للنصوص الشرعية مع مراعاة الواقع، وذلك دون المساس بقدسية هذه النصوص أو تجاهلها تحت دعاوى الحداثة.
المفتي: التعاون بين المؤسسات الدينية والإعلامية ضرورة لمواجهة الشائعات وتصحيح المفاهيم المغلوطةوأوضح أن جناح دار الإفتاء المصرية بمعرض الكتاب هذا العام يشهد نقلة نوعية في محتواه وطريقة عرضه، ولم يَعُدْ مقتصرًا على عرض الإصدارات العلمية وبيعها، بل أصبح مِنصَّة تفاعلية لمناقشة القضايا المجتمعية الشائكة من خلال ندوات وفعاليات يشارك فيها خبراء في مختلف المجالات، حيث عقدت الدار عدة ندوات مثل:
- الفتوى والدراما، لمناقشة العَلاقة بين الشريعة والفنون.
- الفتوى والظواهر المجتمعية، بمشاركة متخصصين في علم الاجتماع والشريعة.
- الفتوى والصحة النفسية؛ لبحث تأثير الفتاوى على التوازن النفسي للمجتمع.
- الفتوى وفقه التعايش؛ لتعزيز قِيَم التسامح والمواطنة والتعايش المشترك.
وأشار المفتي إلى أن الدار تُولي اهتمامًا خاصًّا بتصحيح المفاهيم المغلوطة التي يجري ترويجها باسم الدين، وذلك من خلال تقديم الفتاوى المتخصصة التي تتناول قضايا العصر، مثل: الجهاد، والتحول الجنسي، وقضايا المرأة، والفتاوى الطبية، وفقه الدولة، وحقوق المواطنة، مؤكدًا أن هذه الفتاوى تستند إلى قواعد علمية رصينة وتصدر عن أهل التخصص، وهو ما يضمن دقة الطرح وسلامة الاستنتاجات.
كما كشف فضيلة المفتي عن عدد من الإصدارات العلمية الجديدة التي أطلقتها الدار هذا العام، والتي تسلِّط الضوءَ على مختلف القضايا الفكرية والاجتماعية، مثل فتاوى وقضايا تشغل الأذهان في ثلاثة أجزاء، تتناول القضايا الشائكة المتعلقة بالعقيدة، والتكفير، والعبادات، والفنون وغيرها، وكتاب فتاوى المرأة، وهو إصدار شامل يوضح الأحكام الشرعية المتعلقة بشؤون المرأة المختلفة بأسلوب واضح وسَلس، وكتاب دليل الأسرة في الإسلام، وهو كتاب يهدُف إلى تعزيز القيم الأسرية الصحيحة ومواجهة المفاهيم الدخيلة التي تهدف إلى تفكيك بِنية الأسرة التقليدية، وكتاب أصول الفقه تاريخه وتطوره، وهو إصدار علمي يوثق مراحل تطور علم أصول الفقه، ويوضح دَوره في ضبط عملية الفتوى، وكتاب الدليل الإرشادي للإجابة عن أسئلة الأطفال الوجودية، وكتاب فقه الدولة وغيرها من الإصدارات المهمة.
الفتوى المؤسسية تعني الرجوع إلى العلماء المتخصصين في المؤسسات الدينية الرسميةوفي ردِّه على مداخلات الصحفيين، أوضح عياد أن التمييز بين الفتوى الصحيحة وغير الصحيحة يعتمد على أمرين أساسيين؛ الأول هو الرجوع إلى الفتوى المؤسسية الصادرة عن الجهات الدينية المعتبرة، والثاني هو الاستفادة من الوسائل التكنولوجية الحديثة والمنصات الرقمية الموثوقة في نشر الفتاوى وتصحيح المفاهيم المغلوطة.
وأضاف أن الفتوى المؤسسية تعني الرجوع إلى العلماء المتخصصين في المؤسسات الدينية الرسمية، مصداقًا لقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]، مشيرًا إلى أن الإنسان في مختلف مجالات الحياة يلجأ إلى أهل التخصص، فالمريض يذهب إلى الطبيب، ومن يريد تشييد بناء يستعين بالمهندس، وكذلك الأمر في الشأن الديني، حيث ينبغي الرجوع إلى العلماء المعتبرين لضمان صحة الفتوى ومواءمتها لمقاصد الشريعة.
وأشار إلى أنَّ مصر تتميز بوجود مؤسسات دينية راسخة تحظى بالاحترام والثقة، على رأسها الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف المصرية، والتي تعمل جميعها على تقديم الفتاوى الصحيحة المستندة إلى العلم الشرعي والمنهج الوسطي، مؤكدا أن دار الإفتاء تعمل على توسيع نطاق خدماتها الإفتائية من خلال افتتاح فروع جديدة في مختلف المحافظات؛ وذلك بهدف تيسير وصول المواطنين إلى الفتاوى الصحيحة من مصادرها الموثوقة، ضمن خطة تنموية تهدُف إلى محاربة الجهل والتصدي للأفكار المغلوطة.
وأكَّد أنَّ الوسائل الإلكترونية أصبحت ضرورة لا يمكن التغافل عنها في نشر المعرفة الدينية الصحيحة والتواصل مع الجمهور، مشيرًا إلى أنَّ دار الإفتاء المصرية أدركت أهمية هذه الأدوات وسخَّرت التكنولوجيا الحديثة لخدمة الفتوى الشرعية، منها الفتوى الهاتفية عبر الخط الساخن، والفتوى المكتوبة، والفتوى الشفوية، إضافة إلى الفتوى الإلكترونية عبر موقع الدار الرسمي وصفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وشدَّد فضيلة المفتي على أن اتِّباع الفتوى الصحيحة مسؤولية كبيرة، مما يستوجب على كل فرد الرجوع إلى مُفْتٍ معتمد ينتمي إلى مؤسسة دينية معروفة، حتى إذا ما وُجد خلل أو خطأ في الفتوى، تكون هذه المؤسسة قادرة على تصحيح المسار وضبط الفتوى بما يحقق الأمن والسلم المجتمعي.