في بلد مثل السودان حيث ينتشر الفقر مع شعور واسع بالظلم والتهميش فإن قيام حركة تمرد مدعومة خارجياً تملك المال وقوية بما يكفي لتغري من ينضم إليها بالمال المنهوب أو الذي تركه أصحابه، أمر خطير.

يتداخل هنا المضمون الاجتماعي مع البعد القبلي مع العوامل الخارجية مع المشاكل التي تعاني منها الدولة تاريخيا، تتداخل كل هذه العناصر لتصنع تحدي كبير.

تمرد مليشيا الدعم السريع بدأ كتمرد قوات شبه نظامية كانت جزء من المنظومة الأمنية ولكنه، مع مرور الوقت يملك القابلية لكي يتطور لشيء آخر مختلف. بعبارة أخرى، لا يجب أن نركن إلى رؤية سكونية لتوصيف ما يجري كحرب تقودها عائلة آل دقلو والحاضنة الإجتماعية لهم. لأن ضعف الدولة وتراخي قبضة الجيش وقلة عنفه تجاه هذا التمرد سيغري آخرين بالانضمام إلى المليشيات المتمردة في بلد مليئة سلفاً بالحركات المسلحة والتي انحاز بعضها للمليشيا منذ وقت مبكر ومليئة بالعطالى وبمقاولين الحروب. أي مرتزق أو أمير حرب سابق سيجري تحليل مخاطر بسيط إذا شعر بأن كفة المليشيا راجحة سينضم إليها. بمعنى أن الظهور بمظهر في جانب الجيش لن يترتب عليه فقط خسائر عسكرية مباشرة بفقدان موقع أو ما شابه ولكن سيؤدي ذلك إلى ما هو أسوأ، إلى انحياز كثير ممن يقفون في المنطقة الرمادية إلى صف المليشيا بوصفها الخيار الرابح أو على الأقل غير الخاسر وبذلك تزداد قوتها على حساب الجيش.

أضف إلى ذلك، توفر لك المال وتوفرت بيئة مواتية غنيمة سلهة وأياب في بلد سايب ومفتوح تستطيع أن تجعل من السودان الوجهة المفضلة للمجرمين والمرتزقة وطالبي الهجرة والحيارى ليس من السودان وحسب وإنما من كل أفريقيا.

ما حدث في الخرطوم أمر مغري لكل مرتزق ويمكن تكراره في مدن أخرى طالما أن أصحاب الأموال يهربون بجلدهم ويتركوها كغنيمة سهلة وسائغة.

أنا لا أقول هذا الكلام من موقع انحياز طبقي، أنا مع العدالة بكل تأكيد. ولذلك، يجب أولاً تجريد المليشيا من هذا السلاح، أعني سلاح العدالة الإجتماعية وذلك برؤية سياسية قادرة على توحيد كل السودانيين للدفاع عن الدولة، عن دولتهم كلهم التي تمثلهم وتحميهم وتضمن حقوقهم، هذا أولاً. وثانياً وفي نفس الوقت يجب أن يظهر الجيش ومعه الشعب السوداني لكل من تسول له نفسه الانضمام إلى التمرد أن ذلك سيكون أقصر طريق إلى الموت وليس إلى الأموال والغنائم. التساهل مع المجرمين يغري مجرمين آخرين وسيصبحون في النهاية جيشاً حقيقاً وجراراً.

حليم عباس

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يقصف مواقع الدعم السريع في الخرطوم وشمالي الأبيّض

قالت مصادر محلية للجزيرة إن الجيش السوداني قصف -فجر اليوم- بالمدفعية الثقيلة مواقع قوات الدعم السريع في الخرطوم ومنطقة شرق النيل، وشمال مدينة الأبيّض، في أعقاب احتدام الاشتباكات في محيط القصر الرئاسي وسط العاصمة.

وأفاد الجيش السوداني في بيان، بأن قوات المهام الخاصة والعمل الخاص بسلاح المدرعات التابع للجيش دمر عددا من مواقع قوات الدعم السريع بمحاور: شارع الصحافة زلط، ومحطة الغالي، ومستشفى الجودة، ومدرسة الخرطوم النموذجية جنوبي العاصمة.

وذكر الجيش السوداني، أن قواته قتلت خلال العملية عددا من "مليشيا الدعم السريع" واستولت على أسلحة، وذلك قبل أن يتحدث الجيش -في بيان لاحق- أنه تقدم على المحاور بمنطقة شرق النيل شرقي العاصمة الخرطوم، واستولى على منظومة تشويش كاملة بالمنطقة.

كما قال مصدر محلي مطلع للجزيرة إن الطيران الحربي وسلاح المدفعية التابعين للجيش السوداني قصفا -فجر اليوم السبت- مواقع لقوات الدعم السريع جنوب وغربي مدينة بارا الواقعة شمال مدينة الأبيض بنحو 60 كيلومترا.

وأضاف المصدر أن الطيران الحربي استهدف أيضا قوات من الدعم السريع غربي مدينة الأبيض كانت قد "تشتت" أمس عقب القصف الجوي على قافلة إمداد بشري للدعم السريع في منطقة أم كريدم متجهة نحو مدينة بارا.

إعلان

وكانت قوات الدعم السريع قالت -أمس- في بيان إنها "سحقت" قوات الجيش السوداني التي حاولت السيطرة على مدينة بارا.

وتعتبر مدينة بارا منطقة حيوية في الطريق الثاني الرابط بين ولايات دارفور غربا والعاصمة الخرطوم ومنها لميناء بورت سودان شرقا.

في هذه الأثناء، قال إعلام الفرقة الخامسة مشاة التابعة للجيش بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور إن ما سماها المليشيا استهدفت بالمسيّرات والمدافع عددا من المواقع بالمدينة، من بينها حيي أبوجَربون وباب الحارة "دون وقوع خسائر".

وأوضح إعلام الجيش أن قيام قوات الدعم السريع بقصف الفاشر يأتي بعد أن "منيت بخسائر" يوم أمس بمناطق ودَعه ودارالسلام جنوبي وغربي الفاشر، حسب البيان.

كما أضاف أن الجيش أوقع خسائر بشرية ومادية في صفوف قوات الدعم السريع القادمة من مدينتي نِيالا بولاية جنوب دارفور، والضِعين بولاية شرق دارفور القادمة "بغرض الهجوم على الفاشر".

وتسيطر قوات الدعم السريع على 4 ولايات في إقليم دارفور (غرب) من أصل 5 ولايات، في حين تخوض اشتباكات ضارية مع الجيش في مدينة الفاشر، التي تعد مركز العمليات الإنسانية لولايات الإقليم.

ويأتي ذلك بعد يوم من حديث مصدر عسكري سوداني أن اشتباكات تدور بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في محيط القصر الرئاسي، وسط الخرطوم والتي تتجدد منذ أيام.

وقال المصدر للجزيرة، إن الجيش استعاد السيطرة على أجزاء واسعة من ضاحية "حلة كوكو"، بشرق النيل شرقي الخرطوم.

وحسب المصدر، فقد هاجم الجيش حلة كوكو من محاور عدة، من بينها محور كافوري ومحور سلاح الإشارة، في حين تداول ناشطون عبر فيسبوك، الخميس، مشاهد لانتشار جنود الجيش السوداني في منطقة "حلة كوكو".

عودة النازحين

وأمس الأول، قال مندوب السودان لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس، إن عدد العائدين من اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم بلغ نحو مليوني مواطن حتى نهاية فبراير/شباط المنصرم، وفق ما أوردته وكالة أنباء السودان.

إعلان

وأوضح السفير السوداني أن تلك العودة جاءت بعد استعادة الجيش السوداني والقوات المساندة له لولايتي الجزيرة وسنار ومعظم مناطق ولايتي الخرطوم والنيل الأبيض، مشيرا إلى توقعاتهم ارتفاع عدد العائدين إلى 5 ملايين مواطن في نهاية شهر يونيو/حزيران المقبل.

ويخوض الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، في حين قدّر بحث لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين الأشخاص إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يستعيد مواقع استراتيجية ويسيطر على جسر المنشية في الخرطوم
  • «شرق النيل» في قبضة الجيش السوداني
  • الجيش السوداني يعلن سيطرته على "مواقع استراتيجية" شرقي الخرطوم
  • مكاسب الجيش في العاصمة… هل تُنهي حرب السودان؟ توقعات بأن تنتقل المعارك منها إلى غرب البلاد
  • السودان: هل تنهي مكاسب الجيش في العاصمة الحرب؟
  • الجيش السوداني يتقدم شرقي الخرطوم
  • السودان: مواقف كينيا معزولة ووضعتها في خانة “الدولة المارقة” حسب بيان لوزارة الخارجية أشادت فيه بمواقف دول أخرى
  • وزير المالية رئيس حركة العدل والمساواة يشارك في احتفال تطهير بحري من المليشيا
  • الجيش السوداني يفرض سيطرته على جسر سوبا بشرق النيل
  • الجيش السوداني يقصف مواقع الدعم السريع في الخرطوم وشمالي الأبيّض