تعودت شعوب العالم أن تشاهد العديد من العروض و المونديالات التي عادة ما تبدأ ثم تنتهي في تاريخ محدد ومعلوم، ولكن المونديال الذي يشاهده العالم الآن يختلف عن كل تلك المونديالات التي يعرفها العالم، ألا وهو مونديال قصف وقتل المدنيين العزل في غزة، وقد بدأ هذا المونديال منذ السابع من أكتوبر الجاري، ووفقا لبشاعته وتواصل جرائمه من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلي فإنه مونديال دم مفتوح لا نهاية له، لأنه وبالرغم من كل المساعي الدولية لا تبدو أي بوادر تشير إلى وضع نهاية لتلك المأساة التي يشهدها العالم الآن، فقد تعود العالم على مشاهدة أفلام هوليوود وغيرها من أفلام الرعب والقتل، وتعود أيضا على أن يشاهد أعمال الرعب والوحشية عن طريق الألعاب الإلكترونية، إلا أن العالم الآن يشاهد أحداثا حقيقية ومآسي ترتكب في حق الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وفي حق الإنسانية، فخلال أكثر من ثلاثة أسابيع تقوم قوات الاحتلال الإسرائيلي وحكومتها المتطرفة بقصف الأبراج والمنازل والمستشفيات والمساجد والكنائس في قطاع غزة، مما تسبب في سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى الأبرياء معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ دون رحمة، وما تزال هذه المجازر الوحشية تتواصل وتحصد أرواح الأبرياء في غزة، إذ تنتشر في كل مكان أشلاء الجثث والضحايا التي لم يعد يوجد لها أكفان وقبور في قطاع غزة، ناهيك عن تعمد قوات العدوان الإسرائيلي قطع الماء والكهرباء والغذاء والدواء عن أهل غزة بغرض وقوع أكبر عدد من الضحايا لتنفيذ المخطط الصهيوني الكبير الذي يسعي من خلال هذا المونديال لطرد أهل غزة والضفة، لتصفية القضية الفلسطينية.
إن ما يخجل في هذا المونديال أن حكامه يمثلهم قادة أمريكا والغرب، لم لا وهم الذين يتحكمون في قرارات فيفا مجلس الأمن والأمم المتحدة، والذين يساندون إسرائيل بكل أشكال الدعم، ويمنعون صدور القرارات الدولية التي تسعي جاهدة لوقف إطلاق النار ومناصرة القضية الفلسطينية وفقا للقرارات الأممية التي تمنع ارتكاب المجازر في حق المدنيين خلال الحروب والنزاعات؟ فقادة أمريكا والغرب يقفون مع إسرائيل من أجل استعادة توازنها بعد فضيحتها العسكرية وانكسارها على يد حماس في السابع من شهر أكتوبر الجاري، ولحفظ ماء الوجه لإسرائيل فإن قادة تلك الدول يتوافدون عليها ويمدونها بكل ما يلزمها من عتاد، ناهيك عن أساطيلهم الحربية التي تحيط بالمنطقة، إضافة إلي عرقلتهم أي قرار يتعلق بوقف إطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية إلى هذا الشعب الذي تتناثر أشلاء ودماء أبطاله في شتى بقاع أرض غزة الطاهرة، ما يعني استمرار عداد القتل وإراقة الدماء واستشهاد الأبرياء المدافعين عن أرضهم وحقوقهم المشروعة، فهل ترضى شعوب العالم الحر أن تري هذا المونديال الدموي علي هذا النحو المخزي؟ هل يصمت العالم أمام وحشية إسرائيل وعدوانها بمساندة قادة أمريكا والغرب الذين يمارسون هواياتهم الوحشية في إراقة الدماء وإشعال الفتن والحروب والوقوف من أجل مصالحهم مع الظالمين؟
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: هذا الموندیال فی غزة
إقرأ أيضاً:
العالم يتغير بعد الحرب الأوكرانية: أوروبا قد تخسر أمريكا.. والصين تربح روسيا
فى مذكراتها التى صدرت فى بداية الشهر الحالى تحت عنوان «الحرية: مذكرات ١٩٥٤-٢٠٢١»، تعترف المستشارة الألمانية السابقة «أنجيلا ميركل» أنها كانت تتمنى فوز كل من «كامالا هاريس» و«هيلارى كلينتون»، فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية أمام الرئيس الأسبق والمنتخب من جديد «دونالد ترامب».
السيدة السياسية الألمانية الأولى كانت تتمنى فوز السيدات اللاتى رشحهن الحزب الديمقراطى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى ٢٠١٦ و٢٠٢٤ ضد المرشح الجمهورى. ربما لتوافق الرؤى السياسية معهن، ربما لأمل خفى فى رؤية مزيد من التمكين السياسى للمرأة، كما حدث معها، فى قلب صناعة القرار الدولى. ربما حتى لتوافقها الواضح مع الرؤساء الأمريكان الذين ينتمون للحزب الديمقراطى، والذى يصل إلى حد الصداقة مع الرئيس الأسبق «باراك أوباما»، ونائبه الذى أصبح رئيساً فيما بعد «جو بايدن».
لكن الناخب الأمريكى لم يهتم على ما يبدو بما تتمناه المستشارة الألمانية السابقة، واختار فى المرتين أن يدلى بصوته لمن رأى أنه يعبر عن طموحاته ويدافع عن مصالحه، فجاء الرئيس «دونالد ترامب» فى المرتين محمولاً على أعناق أنصاره، ليضع ألمانيا وأوروبا كلها أمامه فى مواقف لم تعهدها من «شركائها» الأمريكان من قبل، ويفرض على «ميركل» وغيرها من زعماء الاتحاد الأوروبى ضرورة مراجعة شروط التحالفات بين أوروبا وأمريكا (بما يحقق مصلحة أمريكا كما يراها أولاً)، خاصة فيما يتعلق بمواجهة التهديد الأهم: روسيا.
يسرا زهران