"لا يوجد مكان أكثر عزلة في هذا الكون من سرير طفل جريح لم يعد لديه عائلة تعتني به".. بهذه الكلمات تحدث طبيب بأحد مستشفيات قطاع غزة ليعبر عن الحال التى يعيشها الأطفال تحت نيران القصف المتواصل لقوات جيش الاحتلال، الدكتور غسان أبو ستة، الذى يعمل الآن فى مستشفى الشفاء، قال فى مقابلة تليفزيونية إن 40% من المصابين الذين وصلوا إلى المستشفى أطفال.
وبحسب منظمة أنقذوا الأطفال الخيرية، فإن "طفلاً واحداً من أطفال غزة يُقتل بسبب القصف الإسرائيلي كل ربع ساعة تقريباً"، كما أن مؤسسة "يورو ميد" الخيرية لحقوق الإنسان، تقدر العدد اليومي للقتلي بين الأطفال والرضع في غزة بحوالي 200 طفل.
المشاهد المذاعة عبر شاشات الفضائيات منذ يوم السابع من أكتوبر الجاري، لهلع وفزع الأطفال فى غزة، وتلك الصور المتداولة عن الحكايات التى تروى من واقع المأساة، كلها تدمي القلوب وينفطر لها الروح، فإذا كنا نضع أطفالنا بين جفون أعيننا وفى جنبات القلب نحميهم من كل خطر يحيق بهم، حتى لو كان مجرد تعثر أقدامهم الصغيرة أثناء الخطو، فإننا نتخيل مشاعر أمهات ثكلي وآباء مكلومين فى فلذات أكبادهم، فالموت لا يلحق بواحد فقط ولكنهم يموتون بالجملة، اثنين وثلاثة وأربعة وربما عائلة بأكملها.
تلك السيدة التى احتضنت طفلها وهو فى الكفن وخارت قواها حتى ارتمت على أرض المستشفي وهى تبكيه بحرقة، وذلك الطفل الذى يظل يضرب بكفيه على أكتاف أبويه الملتاعين وهما يبحثان عن طفلهما بين الجثث فى المستشفى وهو يصرخ "وين يوسف.. بدي يوسف"، وهذا المراسل الصحفي الذى فقد زوجته وطفله وطفلته مرة واحدة، والذى بكي معه الملايين من المشاهدين.
حكايات لا يكفي مداد القلم على سردها ولا التعبير عن وجعها، ولكنها تحدث كل دقيقة على أرض أراد أصحابها أن يتمسكوا بها ولم يفروا ولم يتنازلوا فدفعوا ومازالوا أثمانا باهظة وسط صمت دولى وانحياز أعمى لصالح قوات المحتل، حيث أصيب ما لا يقل عن 4، 600 طفل وفقًا لما ذكرته وزارة الصحة الفلسطينية، بعضهم مصاب بحروق قوية أو فقد أطرافه، وجميعهم لا يحصلون على الرعاية الكافية.
ووفقا لتقارير صحفية فإن هناك مليون طفل داخل قطاع غزة يواجهون أخطارا داهمة لا تتعلق فقط بخطورة القصف والعدوان المتواصل، ولكنها تتعلق بنقص المواد الغذائية بما فيها الماء وقالت كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لليونيسف: "تم نقل أكثر من 44 ألف قارورة من مياه الشرب التي قدمتها اليونيسف - عبر منفذ رفح وهي كافية لـ 22 ألف شخص لمدة يوم واحد فقط، هذه الدفعة الأولى المحدودة من المياه ستنقذ الأرواح، لكن الاحتياجات عاجلة وهائلة".
وسط حالة الصمت والانحياز نقول أخيرا "يا ضمير العالم المتحضر قولا.. افيقوا فهل هلع وموت الأطفال لا يؤرق ضمائركم؟".
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
دوجاريك: حياة أطفال غزة على المحك والقطاع على وشك الانهيار
قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية يؤكد أنه لم تدخل أي شاحنة غذاء أو وقود أو دواء إلى قطاع غزة منذ أوائل شهر مارس/آذار الماضي، محذرا من أن مخزونات الغذاء انخفضت بشكل خطير على مدى 50 يوما، وتناقصت الأدوية الأساسية والإمدادات الطبية.
وأضاف المسؤول الأممي أن سيارات الإسعاف اضطرت لتقليص خدماتها المنقذة للحياة بسبب نفاد الوقود، بينما اضطرت المخابز للإغلاق، كما نفدت الخيام اللازمة للنازحين من مخازن الأمم المتحدة ومخازن شركائها في المجال الإنساني.
وأكد دوجاريك أن الأمم المتحدة لا تتمكن من الوصول لبعض مستودعاتها داخل غزة بسبب أوامر التهجير القسري.
بدورها، دعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إلى استئناف وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وقالت إنّ بقاء الأطفال على قيد الحياة يعتمد على ذلك.
وأضافت المنظمة الأممية أنّ المستشفيات التي تعالج الأطفال وحديثي الولادة في قطاع غزة تفتقر للمعدات الطبية وتعمل في ظروف بالغة الصعوبة، وطالبت بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة مجددًا.
إعلان تحذيرات صحيةفي السياق نفسه، قال فادي المدهون المدير الطبي لدى منظمة "أطباء بلا حدود"، للجزيرة إن النظام الصحي في كل أرجاء قطاع غزة شمالا وجنوبا وفي الوسط شبه منهار تماما، وسط تفش كبير للأمراض.
وأضاف المدهون أن نحو 50 ألف مريض وجريح بغزة يحتاجون إلى عمليات جراحية سريعة، وحذر من أن آلاف الأطفال يعانون من سوء التغذية بسبب نقص الإمدادات الغذائية.
كما كشف الدكتور منير البرش، المدير العام بوزارة الصحة في غزة أن هناك زيادةً في عدد الوفيات بين الأطفال في القطاع نتيجة سوء التغذية وعدم توفر العلاج.
وأضاف في لقاء مع الجزيرة، أن فحوصا طبية أُجريت لعدد من المتبرعين بالدم في مستشفيات القطاع أظهرت إصابتهم بفقر الدم.
من جهته، شدد مدير الإغاثة الطبية في غزة الدكتور محمد أبو عَفَش أنه في حال لم يتمّ إدخال المساعدات الطبية إلى غزة، فالقطاع برمته على شفا انهيار كامل للعمل الإنساني، وأكد أن السماح بدخول الوفود الطبية ضرورة ملحة لإنقاذ حياة عدد كبير من المصابين.