اندفعت الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا خلف إسرائيل لدعمها عسكريًا وسياسًا وإعلاميًا بطريقة لم يسبق لها مثل، وتفوقت على احتشاد أوروبا خلف أكرانيا في صراعها مع روسيا، وكان لافتا أن هذا التداعي الأمريكي - الأوروبي الذي ظهر في صورة حاملات طائرات وصواريخ وقوات مدربة على العمل داخل المدن مثل قوة دلتا الأمريكية، وتلك الأقمار الاصطناعية وأجهزة الاستخبارات، وأحدث ما أنتجته الحضارة الأمريكية - الأوروبية من تقنيات للتجسس والمتابعة، كل هذا الحشد المذهل جاء ليدعم إسرائيل أقوى جيش في منطقة الشرق الأوسط في مواجهة بضعة آلاف من حماس المحاصرة منذ عام 2006 داخل أفقر منطقة عشوائية في العالم وهي غزة.
من المعلوم أن الغرب وأمريكا صنعوا إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط كي تكون قاعدتهم الأمنية والعسكرية والاستخبارية الدائمة والمضمونة التي يثقون فيها بنسبة 100% كحارس أصيل لمصالحهم في هذه المنطقة والتي تتمثل في:
1 ـ منابع النفط والغاز المصدر الرئيسي لاستمرار تفوق الحضارة الأمريكية - الأوروبية.
2 ـ حماية احتكار الأسواق العربية، وعدم السماح بدخول أطراف دولية أخرى إليها مثل الصين، وروسيا، خاصة في مجال السلاح، والأجهزة الطبية والمنزلية، بل وجميع ما يحتاجة المواطن العربي ماعدا التقنيات والتكنولوجيا باعتبارها من المحرمات على العرب.
3 ـ حماية بقاء المنطقة في دائرة التخلف، وعدم خروجها أبدًا إلى مناطق النهضة والتقدم حتى تظل مجرد أسواق استهلاكية لأمريكا والغرب.
4 ـ وضع كمية مراكز اتخاذ القرار والفاعلين في المجتمعات العربية تحت دائرة استخبارية محكمة تنقل بشكل مباشر إلى مراكز القرار في واشنطن ولندن وباريس وغيرها كل ما يدور في قصور الحكم في تلك الدول، إضافة إلى الاستمرار في دراسات فئات المجتمع ومدى تطوره على كافة المناحي.
5 ـ وضع المنطقة العربية في حالة جهوزية دائمة لخدمة المشاريع الأمريكية - الأوروبية بحيث تكون تحت الطلب وعلى استعداد دائم، سواء كان هذا الطلب عسكريا بتقديم القوة البشرية والموت في الحروب كما حدث في أفغانستان، إضافة إلى دفع الفواتير لجميع العمليات القذرة التي تقوم بها الدول، أو حتى تمويل بعض الخلل الذي يمكن أن يحدث في الموازين التجارية لتلك الدول.
وكل هذا وغيره لا يمكن أن يتم بواسطة العواصم الغربية التي تبتعد عن منطقتنا آلاف الكيلو مترات، ولكنه تم ويتم بواسطة تل أبيب التي زرعت في قلب العرب بإحكام شديد، وقال رئيسهم جون بايدن لو لم تكن قائمة لأوجدناها.
إسرائيل إذا ليست دولة عادية بل هي خطة واستراتيجية، ولذلك كان هذا التداعي المذهل الذي فجر رؤوس صناع القرار في منطقتنا من هول الصدمة، فهم كانوا يعتقدون أن بينهم وبين أمريكا وأوروبا قرابة، أو على الأقل صداقة يمكن أن يضعها هؤلاء في الاعتبار عندما تتغطرس وتتجبر دولة الكيان الصهيوني.
حاول العرب جاهدين خلال فترة سحق غزة وإعانة العرب والمسلمين بشكل علني أن يتلمسوا أي طريق لوقف إهانتهم، ولكن عملية السابع من أكتوبر كانت الناقوس الأكبر الذي نبه دول الحماية بأن محميتهم في الوطن العربي على وشك الانهيار على الرغم من كل ما صنعوه وقدموه لها طوال الـ 75 عامًا الماضية.
وربما يجب على العرب في المستقبل أن يطالبوا بخروج إسرائيل من الأمم المتحدة كدولة لأنها في الحقيقة ليست كذلك بل هي مقر جهاز استخباري، وقاعدة عسكرية، ومجموعة من العصابات والجيش الأسود يمثل وينتمي للولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية وخاصة بريطانيا وفرنسا وألمانيا.
وربما أيضًا يكون عليهم الحوار والتفاوض في المستقبل في واشنطن وباريس ولندن حول العلاقات مع تلك الكيانات المزروعة في قلب منطقتنا.
وفي المستقبل أيضًا على مراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية أن تعيد التفكير في كل ثوابتها حول الصراع مع إسرائيل والصراع مع أمريكا والغرب، فما تقوم به إسرائيل الآن في غزة متناهية الصغر والفقر بتعاون مشترك ومباشر مع أكبر إمبراطورية في التاريخ يجب أن يحول عقولنا إلى واشنطن بدلًا من تل أبيب.
ولقد كان جو بايدن أكثر وضوحًا عندما أعلن أنه صهيوني بالرغم من أنه ليس يهوديًا، وكان أكثر وضوحًا عندما شارك هو ووزير دفاعه ووزير خارجيته ورئيس استخباراته في مجال الحرب الإسرائيلية في تل أبيب للقضاء على الفلسطينيين والتخلص منهم.
ويبقى أن العرب يحتاجون إلى قدر من الصراحة التي تحلى بها "بايدن" وأنصاره في تل أبيب.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: تل أبیب
إقرأ أيضاً:
بقائي: معيارنا في التقييم هو الأداء الذي تبديه الحكومة الأمريكية
طهران-سانا
أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي أن معيار تقييم أي إدارة أمريكية بالنسبة لإيران يعتمد على أداء هذه الإدارة.
وقال بقائي رداً على سؤال صحفي حول الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي انتهت أمس بفوز الجمهوري دونالد ترامب: “لدينا تجارب مريرة جداً مع الإدارات الأمريكية المختلفة”، معتبراً أن الانتخابات تشكل فرصة لمراجعة وإعادة النظر في التوجهات غير الصائبة السابقة في واشنطن.
وأضاف بقائي: “إن انتخاب رئيس أمريكا هو بعهدة الشعب الأمريكي، والآن حيث انتخب الشعب الأمريكي، فإن ما هو مهم بالنسبة لإيران والمعيار للتقييم هو أداء الإدارة الأمريكية”.