خبراء: الفائدة المرتفعة أضرّت بقطاعات اقتصادية ودفعت البنوك للتشدّد في القروض
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
أشار خبراء اقتصاد إلى أن أسعار الفائدة وصلت إلى مستويات قياسية لم تسجلها منذ أكثر من 15 عامًا، لافتين إلى أن الخطورة في الأمر هذه المرة هي إمكانية بقاء تلك الأسعار مرتفعة، وفي تصاعد، لفترة طويلة، مرجّحين عدم القدرة على السيطرة على التضخم وعكس مسار أسعار الفائدة قبل نحو عامين إلى ثلاثة. وأشاروا إلى أن أسعار الفائدة المرتفعة أضرّت بالقطاعات الاقتصادية والإنتاجية خاصة القطاع العقاري، كما دفعت البنوك إلى التشدّد في منح القروض، ولفتوا على صعيد ذي صلة إلى أن ربط الدينار بالدولار يحتّم على مصرف البحرين المركزي رفع أسعار الفائدة على الدينار كلما ارتفعت على الدولار؛ وذلك حفاظًا على القوة الشرائية للدينار، لكنهم أكدوا أن هذا الربط له إيجابيات أكبر بكثير من سلبياته.
انكماش السيولة وقال الدكتور عمر العبيدلي مدير إدارة الدراسات والبحوث في مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة أكد أنه لا مفرّ من رفع سعر الفائدة على الدينار البحريني كلما قام البنك الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة على الدولار، وذلك لارتباط العملتين ببعضهما بعضا، وحتى لا يفقد الدينار من قيمته الشرائية، والحفاظ على الودائع بالدينار كي لا يقوم أصحابها ببيع الدينار مقابل الدولار في حال اختل الربط بينهما، كما يحصل في عدد من أسواق الدول الناشئة مثل مصر وتركيا، وبالتالي يضغط ذلك على المستثمرين وقطاع الأعمال وعموم المواطنين والمقيمين. وأشار د. عبيدلي إلى أن القطاع العقاري - حاله حال أي قطاع اقتصادي آخر - يتأثر سلباً بارتفاع أسعار الفائدة، وذلك لأنها تسبب انكماش في السيولة، إذ ترتفع تكلفة الحصول على رؤوس الأموال اللازمة لشراء العقارات وتطوير المشاريع، لكنه جدد التأكيد على أن الحفاظ على سعر صرف ثابت للدينار أمام الدولار يمثل أحد أهم العوامل التي تجذب المستثمرين الخارجيين للبحرين بالقطاع العقاري. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة يجعل البنوك تتشدد في منح القروض طويلة الأجل بمختلف أنواعها، بما فيها القروض الشخصية وقروض السيارات والقروض العقارية وغيرها، خاصة أن أسعار الفائدة تأخذ منحنى تصاعديا، وبالتالي يعتقد البنك أن الاحتفاظ بالسيولة أو تسليفها لفترات قصيرة أفضل له من التسليف لفترات طويلة قد تمتد لخمسة عشر عاما أو أكثر كما هو حال القرض العقاري.
جاذبية الودائع والسندات والصكوك إلى ذلك، أشار الخبير المصرفي البحريني المخضرم عبدالكريم بوجيري أنه عبر التاريخ ارتبط موضوع رفع أسعار الفائدة بجمود الأسواق، وقال: «هناك علاقة عكسية بين أسعار الفائدة وسوق العقار، فكلما ارتفعت أسعار الفائدة قل النمو بالسوق العقاري، والعكس صحيح»، وأضاف: «كل مستثمر الآن وصاحب رأس مال يفاضل بين الدخول في استثمارات تجارية أو عقارية تحقق له عوائد 7% ويتحمل مسؤولية الجهد والتشغيل والمتابعة وهموم الخسارة المحتملة، أو يضع رأس ماله في وديعة ثابتة أو يشتري سندات أو صكوكًا حكومية بعوائد وصلت إلى 6 و7%، ويجني ثمارها دون أي تعب، ومن الواضح أنه سيميل للخيار الثاني». وأشار إلى أن رفع أسعار الفائدة لم يؤدِّ إلى جمود القطاع العقاري فقط، بل إلى ارتفاع أسعار الوحدات السكنية، خاصة أن معظم شركات التطوير العقاري تتسلف من البنوك من أجل تنفيذ مشروعاتها، وبالتالي تحمِّل نسبة الزيادة في أسعار الفائدة للمشتري النهائي، سواء أكان يشتري لغرض الاستثمار أو التأجير أو السكن. بوجيري، صاحب الخبرة الطويلة في القطاع المصرفي بما في ذلك شغله لمنصب الرئيس التنفيذي الأسبق لبنك البحرين والكويت، أشار إلى أن البنوك تكون أكثر حذرا في منح القروض العقارية عند ارتفاع نسبة أسعار الفائدة وضبابية السوق؛ وذلك خوفا من تخلف العميل عن سداد القرض، وقال: «صحيح أن البنك يمنح القرض بضمان العقار نفسه على الأغلب، إلا أن آخر ما يريده البنك هو تعثر العميل في السداد واضطراره لبيع الرهن وخسارة فوائد القرض». وتوقع على صعيد آخر أن تبقى أسعار الفائدة مرتفعة على المدى القريب والمتوسط، إلى حين تخفيض نسب التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية إلى 2%، مشيرا إلى أن ذلك لن يحدث قبل سنتين إلى ثلاث سنوات.
ركود اقتصادي عالمي من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور مشعل الذوادي إن معظم القطاعات الاقتصادية حول العالم تعاني شح تدفق السيولة الاستثمارية إليها، ويأتي ذلك نتيجة رفع البنوك المركزية معدلات الفائدة، ما يدفع الأفراد والمتعاملين بمن فيهم المستثمرون إلى إيداع أموالهم في البنوك التجارية والاستثمارية للاستفادة من العوائد المرتفعة والتي تشكل ربحا مضمونا وآمنا لهم. وأضاف د. الذوادي أن قطاعات الصناعة والعقارات والبورصات العالمية أكثر القطاعات الاقتصادية التي تأثرت سلبا برفع أسعار الفائدة، مشيرا إلى أن القطاع العقاري أحد أكبر القطاعات تشغيلا للاقتصاد وتحريكا للأموال، وقال: «المقترض الذي كان يدفع 2.5% فائدة على قرض عقاري سيدفع الآن بين 3.5-6% أي ضعف ما كان يدفعه سابقا، وهذا بالتأكيد يحد من الإقبال على العقارات بمختلف أنواعها». وأضاف: «كما أن الصناديق الاستثمارية العقارية تتأثر سلبا أيضا بشكل كبير برفع الفائدة». وأشار إلى أنه من التداعيات السلبية الخطيرة لرفع أسعار الفائدة حدوث ركود اقتصادي عالمي، ذلك أن الإقبال على وضع الأموال المسيلة في البنوك يؤدي إلى عزوف وضعف إقبال المستثمرين عن الاستثمار الأجنبي غير المباشر والاستثمار المباشر في المشروعات والقطاعات الاقتصادية والإنتاجية، وبالتالي ينخفض حجم الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير وهو ما يؤثر سلبا حتى على فرص العمل. وأضاف أن القطاع العقاري في كل أنحاء العالم تأثر بموجات التضخم التي عصفت بالأسواق أسوة بجميع القطاعات الاقتصادية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار العقارات والإيجارات بالنسبة للمستهلكين، ونقل عن أحد المستثمرين العقارين بمنطقة الحد تأكيده وجود 85 شقة فارغة في مجمع صغير هناك، وأن سوق التأجير أصبح مقلقا بالوقت الحالي. وأشار الدكتور الذوادي على صعيد آخر إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة يجعل أيضا مستوردي مود البناء غير قادرين على تلبية احتياجات السوق بأسعار مستقرة، وهو ما ينعكس سلبا على المشروعات العقارية قيد الإنشاء، لكنه عاد وأكد أن العقار أثبت جدارته كأصل استثماري يساعد على التحوط من التضخم، وبالتالي يُعد ملاذا آمنا في المدن والدول التي توفر بيئة جاذبة للمستثمرين مملكة البحرين.
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا القطاعات الاقتصادیة رفع أسعار الفائدة القطاع العقاری ارتفاع أسعار إلى أن
إقرأ أيضاً:
"المركز الإحصائي الخليجي": توقعات اقتصادية خليجية إيجابية
توقع المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة لدول المجلس بنسبة 3.7 بالمئة في العام الجاري 2024، واستمرار النمو بوتيرة أعلى في عام 2025م ليصل إلى 4.5 بالمئة، ثم يستقر النمو عند معدل 3.5 بالمئة في عام 2026.
وأشار المركز إلى أن هذا النمو المتوقع خلال الأعوام 2024 و2025 و2026، يأتي بسبب زيادة الإنتاج النفطي في دول المجلس، لاسيما أن تحالف أوبك+ يقوم حاليًا بتحرير حصص الإنتاج تدريجيًا منذ النصف الثاني من العام الحالي 2024، خاصة مع اكتمال تطوير حقول الغاز الجديدة في المنطقة، بالإضافة إلى تسارع وتيرة التعافي الاقتصادي في القطاعات المرتبطة بالنقل والسياحة ومشروعات البنية الأساسية مدعومًا بسياسات توسعية على مستوى المالية العامة.
وأفادت التوقعات الأولية الصادرة عن المركز الإحصائي الخليجي إلى تحسن النمو في القطاع غير النفطي في المجلس محققًا نمواً بنسبة 4.5 بالمئة خلال العام الجاري 2024، مع الحفاظ على هذه الوتيرة في النمو وبنسبة ارتفاع 3.3 بالمئة و4.1 بالمئة في العامين 2025 و 2026 على التوالي، مدفوعًا بزيادة متسارعة في أنشطة القطاع الخاص لاسيما في قطاعات السياحة والنقل والتخزين والبيع بالتجزئة، كما ستساهم مشاريع البنى الأساسية في دول مجلس التعاون في تعزيز النمو في القطاعات المرتبطة وتحفيز النمو في القطاع الخاص.
وبينت التوقعات استمرار دول مجلس التعاون في تنفيذ إستراتيجيات التنويع الاقتصادي خلال الأعوام 2024 – 2026، ما سيؤدي إلى تحقيق نمو ملحوظ في قطاعات رئيسية أبرزها الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والابتكار والصناعات التحويلية.
ولفت المركز الإحصائي الخليجي إلى أن الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة لدول المجلس خلال عام 2023 بلغ 1,691.8 مليار دولار أميركي محققًا نموًا بنسبة 0.5 بالمئة مقارنة بعام 2022 حيث شهدت القيمة المضافة للقطاع غير النفطي نموًا بنسبة 3.3 بالمئة في عام 2023.
وشهد متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية في دول المجلس تراجعًا بنسبة 5 بالمئة في عام 2023 ليصل إلى 36.7 ألف دولار أميركي مقارنةً بما قيمته 38.6 ألف دولار في عام 2022.
وقد ساهم الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية لدول المجلس بما نسبته 2 بالمئة من الناتج الإجمالي العالمي، والبالغ 105.4 تريليون دولار خلال عام 2023، ومستأثرًا بنسبة 60.5 بالمئة من إجمالي الناتج العربي والبالغ 3.5 تريليون دولار .
ومن ناحية أخرى، أشارت توقعات المركز الإحصائي الخليجي إلى أن معدلات التضخم في دول المجلس ستستقر عند مستويات 2.4 بالمئة و2.6 بالمئة و2.1 بالمئة خلال الفترة 2024- 2026، حيث إن المخاطر التي قد تزيد الضغوط التضخمية تتمثل في أسعار المستهلكين وارتفاع أسعار المواد الأولية المستوردة من خارج دول المجلس، وزيادة معدلات الاستهلاك والانفاق العام في دول المجلس كافة نتيجةً لزيادة معدلات التوظيف وارتفاع الأجور وتحسن دخل الأسر المعيشية، بالإضافة مساهمة السياسات النقدية في كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة واليابان في إبقاء أسعار الفائدة لكبح الضغوط التضخمية.
وأوضحت بيانات المركز أن معدل التضخم في أسعار المستهلكين في دول المجلس بلغ في عام 2023 نحو 2.2 بالمئة منخفضًا عن معدل التضخم المسجل في العام 2022 البالغ 3.1 بالمئة، وذلك نتيجة التحسن في سلاسل الإمداد وتراجع أسعار النفط الخام وانخفاض أسعار المواد الغذائية عالميًا وارتفاع الدولار مقابل عملات أساسية "مع ارتباط عملات دول المجلس بالدولار الأميركي".