الإمارات وتركيا.. شراكة لآفاق أرحب ونمو اقتصادي مشترك
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
مصطفى عبد العظيم (دبي)
ترتبط الإمارات وتركيا بعلاقات تجارية واستثمارية وثيقة في ظل رغبة مشتركة من البلدين في الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية إلى آفاق أرحب من الشراكة والنمو المشترك لاقتصادي البلدين.
وتتزايد التوقعات بأن تشهد العلاقات الإماراتية - التركية دفعة قوية بعد توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين والتي تتيح العديد من الفرص التجارية والاستثمارية التي تعود بالنفع على شعبي البلدين الصديقين.
وتستهدف اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات وتركيا التي تم التوقيع عليها خلال قمة رئاسية عقدت في مارس الماضي عبر تقنية الاتصال المرئي، عقدها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وفخامة رجب طيب أردوغان، رئيس الجمهورية التركية، زيادة حجم التجارة البينية غير النفطية بين البلدين سنوياً من 18.9 مليار دولار حالياً، إلى نحو (40 مليار دولار)، في غضون السنوات الخمس المقبلة، وزيادة الصادرات الإماراتية إلى تركيا بنسبة 21.7% وزيادة تدفقات الاستثمار في القطاعات الرئيسية مثل الخدمات اللوجستية والتجارة الإلكترونية والأمن الغذائي والطاقة المتجددة.. وتأتي الطفرة المنتظرة في التجارة البينية غير النفطية بين البلدين، مع بدء تطبيق بنود اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة، مدعومة بتخفيض أو إلغاء الرسوم الجمركية لما يقارب من %82 من بنود التعرفة الجمركية المطبقة في كلا البلدين والتي تغطي %96 من السلع المتبادلة تجارياً بينهما.
ودشنت الاتفاقية حقبة جديدة من الشراكة والتكامل الاقتصادي منطلقة من قاعدة صلبة من العلاقات التجارية والاستثمارية الوطيدة، إذ ارتفعت التجارة البينية غير النفطية بنسبة 40% لتبلغ قيمتها 18.9 مليار دولار في عام 2022 ما يجعل تركيا أحد أكبر 10 شركاء تجاريين لدولة الإمارات حول العالم بحصة تبلغ أكثر من 3% من التجارة الخارجية غير النفطية للدولة.
ووصل إجمالي حجم الاستثمارات الإماراتية في تركيا إلى نحو 7.8 مليار دولار نهاية العام 2021 في قطاعات متنوعة شملت الخدمات المالية والعقارات والنقل والمواصلات والطاقة المتجددة والموانئ والخدمات اللوجستية.
وفور دخول اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة حيز التنفيذ، سيتم بموجبها إلغاء أو تخفيض الرسوم الجمركية على 82% من المنتجات والسلع وهو ما يمثل أكثر من 93% من قيمة التجارة الثنائية غير النفطية، إلى جانب إزالة الحواجز غير الضرورية أمام التجارة وخلق مسارات جديدة لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الثنائية، وتعزيز وصول المصدرين المحليين إلى الأسواق بما في ذلك القطاعات الرئيسية مثل البناء والمنتجات المعدنية والبوليمرات والمنتجات الصناعية الأخرى.
وتفتح اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وتركيا مسارات جديدة لمصدري السلع والخدمات إلى أسواق البلدين والمنطقة وإطلاق منصة تعاون وشراكة بين الشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال في البلدين بما يضع المنطقة في قلب حركة التجارة الدولية وعلى خريطة المراكز الجديدة للنمو العالمي.
كما تجرد الإشارة إلى أن وجود عدد من الشركات الإماراتية الرائدة التي تستثمر في تركيا ومنها «القابضة – ADQ»، وبنك الإمارات دبي الوطني، وإعمار العقارية، والعالمية القابضة، وجهاز أبوظبي للاستثمار، ومبادلة. أخبار ذات صلة الإمارات وتركيا.. دور رائد لدعم الأمن والاستقرار في المنطقة مئوية تركيا.. تنمية واستدامة
أهمية الإمارات
تشكل الإمارات مركزاً تجارياً واستثمارياً وسياحياً ولوجستياً رئيسياً على مستوى المنطقة والعالم، وتعتبر ممراً وبوابة تجارية تسهل تدفق التجارة بين أرجاء العالم، كما أنها من بين أهم المقاصد للتدفقات الاستثمارية حول العالم، وكذلك أحد أهم مصدري الاستثمار إلى الخارج.
ونظراً للدور المهم الذي تلعبه كل من الإمارات وتركيا في تسهيل تدفق التجارة الدولية باعتبارهما من أهم الاقتصادات الحيوية في المنطقة، فمن المتوقع أن تنعكس الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين إيجابياً على منطقة الشرق الأوسط بأكملها وعلى حركة التجارة العالمية بشكل عام. كما يتوقع أن تساهم الاتفاقية، والتي ستوفر نحو 25 ألف وظيفة بالاقتصاد الإماراتي، و100 ألف وظيفة في تركيا، في بناء شراكات طويلة الأجل بين مجتمعي الأعمال في الدولتين للنمو والازدهار والتوسع بالاستفادة من الموقعين الاستراتيجيين للدولتين كمركزين إقليميين وعالميين مهمين للأعمال.
الاستثمار الأجنبي
وفي الجانب الاستثماري، فإن كلا البلدين تشكلان وجهتين مفضلتين لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في منطقة غرب آسيا، حيث استقطبا استثمارات مباشرة كرصيد لنهاية 2022 بلغت قرابة 360 مليار دولار بنسبة 38% من إجمالي الاستثمار المباشر الأجنبي الوارد إلى غرب آسيا، وبالنسبة إلى الاستثمارات الصادرة إلى الخارج يبلغ رصيد الإمارات وتركيا معاً نحو 300 مليار دولار، أي نحو 50% من استثمارات غرب آسيا المصدر إلى العالم.
وأعدت وزارة التجارة التركية تشريعات لتحديد منشأ السلع القابلة للتداول، في إطار اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع دولة الإمارات، حيث نشرت الجريدة الرسمية التركية، في شهر يوليو الماضي التشريعات التي ستدخل حيز التنفيذ اعتباراً من مطلع سبتمبر القادم. في حين تنظم التشريعات المبادئ والإجراءات المتعلقة بتعريف مفهوم «السلع المصدرة» وتنفيذ أساليب التعاون الإداري التي تنظمها اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين تركيا والإمارات العربية المتحدة.
شريك تجاري
وتعد تركيا من أبرز 10 شركاء تجاريين رئيسيين لدولة الإمارات حول العالم، وبنسبة مساهمة تبلغ 3% من تجارة الإمارات الخارجية غير النفطية، وتشير معدلات النمو التي تعكسها أرقام 2022 إلى أن النمو في التجارة البينية غير النفطية خلال عام 2022 تجاوز 40% مقارنة مع 2021 لتسجل 18.9 مليار دولار. كما تعد تركيا سادس أهم وجهة للصادرات الإماراتية غير النفطية، وبالمقابل تعتبر تركيا من بين أهم 5 دول تستورد منها الإمارات التي تأتي في المرتبة الـ 15 عالمياً في قائمة أهم الشركاء التجاريين لتركيا حول العالم، والثانية عربياً والأولى خليجياً، حيث إن قرابة 50% من تجارة تركيا مع الدول الخليجية تتم مع الإمارات وبحدود 15% من تجارتها مع الدول العربية مجتمعة.
ثقل اقتصادي
وتشكل الإمارات وتركيا ثقلاً اقتصادياً مهماً في المنطقة والعالم حيث يقترب الناتج المحلي الإجمالي لكلا البلدين من 1.5 تريليون دولار، مع تقارب هيكل مساهمة القطاعات في ناتجهما المحلي الإجمالي، خاصة الخدمات إلى حد ما بنسبة تفوق 50%، فضلاً عن وجود إمكانات غير محدودة لتزايد التعاون الاقتصادي بين الجانبين، في القطاعات الخدمية، بما فيها الأنشطة الداعمة للسياحة والتجارة والتكنولوجيا، وكذلك الصناعة والزراعة والبنية التحتية، وغيرها الكثير من القطاعات التي يُعتبر البلدان ذوي ريادة وتميز إقليمياً وعالمياً فيها.
ويلعب البلدان دوراً محورياً في تسهيل تدفق التجارة الدولية باعتبارهما من أهم الاقتصادات الحيوية بما يعزز التقدم والازدهار الإقليمي في ظل تطور العلاقات الاقتصادية المشتركة التي شهدت إنشاء صناديق استثمارية بمليارات الدولارات والتعاون في قطاعات رئيسية مهمة منها التكنولوجيا المتقدمة والخدمات اللوجستية إضافة إلى الشراكة لدعم تطوير التجارة الإلكترونية الناشئة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: يوم الجمهورية الإمارات تركيا اتفاقیة الشراکة الاقتصادیة الشاملة بین الإمارات وترکیا ملیار دولار بین البلدین حول العالم
إقرأ أيضاً:
«الشراكة».. الهُوية التي نذهب بها نحو العالم
أبرز أمرين في تدشين الهوية الترويجية الموحدة لسلطنة عمان اليوم تمثلا في أن يدشن الهُوية حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- بنفسه؛ وفي ذلك تقدير كبير واهتمام من جلالته بالمشروع والدور المنوط به في رسم صورة ذهنية إيجابية عن سلطنة عمان. وهذا المشروع هو جزء من استراتيجية تم تطويرها لتقود المنظومة الترويجية المتكاملة لسلطنة عمان.
أما الأمر الثاني، وهو لا يقل أهمية عن الأمر الأول، فيتعلق بالمواطنين والمقيمين على أرض سلطنة عُمان أو من صوتوا من خارجها حيث إنهم اختاروا الهُوية التي تشير إلى دلالة «الشراكة» وفي هذا تأكيد جديد على أن العمانيين يحتفون «بالشراكة» مع الآخر ويقدرون العلاقات الاستراتيجية القائمة على فكرة الشراكة المنبثقة من أصولهم الحضارية، ولكن الساعية نحو مستقبل أكثر حداثة ووضوحا. والمثير في الأمر أن يصوت غير العمانيين لهذا الشعار في إشارة إلى الصورة المتشكلة في أذهانهم عن عُمان أنها بلد «الشراكة» وبلد «التسامح» و«تقبل الآخر».. وهذا أمر مبشر بالخير للهُوية نفسها وقبول الآخر لها حيث إن نجاحها بدأ من لحظة التصويت عليها وعلى القائمين على الأمر والمعنيين بموضوع رسم الصورة الذهنية في وعي الآخر عن عُمان أن ينطلقوا من هذا النجاح.
والموضوع برمته متأصل في الثقافة العمانية، فالعمانيون شعب يملك قيم الترابط والاندماج مع شعوب العالم، بل هو شعب قادر على التأثير المقبول في الآخر لأسباب تتعلق بالشخصية والثقافة العمانيتين وأصولهما الحضارية.
وإذا كانت الهوية الجديدة معنية في المقام الأول بالترويج التجاري والاستثماري إلا أن هذا لا يتحقق عبر الخطاب الاقتصادي أو الاستثماري وحده ولكن يتحقق عبر كل الخطابات بما في ذلك الخطاب السياسي والدبلوماسي والثقافي، وهذه الخطابات الأخيرة يمكن أن تنضوي تحت مصطلح «القوة الناعمة» التي شكلها العمانيون عبر قرون طويلة وحان الوقت لتحويلها إلى قيمة مضافة للمسارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ومن الصعب النظر إلى مشروع الهوية الترويجية الموحدة لسلطنة عُمان في معزل عن جهود كبيرة وعميقة تبذل في سلطنة عمان ليس من أجل بناء صورة ذهنية عن عُمان فقط، ولكن -وهذا مهم جدا- من أجل بناء صورة عُمان الجديدة الدولة الحديثة ولكنها المتمسكة بأصولها الحضارية، الدولة المنفتحة على الآخر ولكن دون أن تنْبتَّ عن قيمها ومبادئها السياسية والثقافية، الدولة الذاهبة لبناء علاقات استراتيجية مع العالم ولكن القائمة في الوقت نفسه على مبدأ الشراكة التي تعود بالنفع على الوطن والمواطنين.
ومع تنامي هذا الجهد وبدء بروزه شامخا فوق السطح بفضل الفكر والجهود التي يقودها حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم بنفسه سيستطيع العالم أن يعيد رسم الصورة الذهنية عن عُمان عبر تجميع الكثير من المقولات والصور والمبادئ والسرديات التاريخية والثقافية والسياسية التي ستشكل مجتمعة الصورة التي هي نحن، والقصة التي هي قصتنا، والسردية التي تمثل أمجاد قرون من العمل الإنساني الحضاري. وحين ذاك، وهو قريب لا شك، سيعرف العالم عُمان الجديدة القادمة من أصولنا الحضارية والذاهبة باطمئنان نحو المستقبل الذي نريده.