د. يوسف عامر يكتب: مقومات الإسلام (1)
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
من خصائص عقيدة الإسلام: الإسلام دين الله تعالى الخالد، والرسالة السماوية الخاتمة الموجهة لكل البشر، متجاوزةً فى ذلك كل الحدود والقيود، فهو صالح لكل زمان، ولكل مكان، ولكل أحد، وفى كل حال.
وقد قامت هذه الرسالة السماوية الكريمة على مجموع ثلاثة أصول أو مقومات أو محاور كبرى هى: محور الإيمان، ومحور التشريع، ومحور الأخلاق أو التزكية (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا).
أما محور الإيمان فهو العقيدة وما تنبنى عليه من أصول، وهو أساس للمحورين الآخرين، فلن يلتزم بتشريعات الإسلام المختلفة من لم يؤمن بالله تعالى رباً، وبالإسلام ديناً، وبسيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، نبياً ورسولاً.
ومحور التشريع هو محور الأحكام الشاملة للعبادات والمعاملات وسائر الأحكام التى يتناولها علم الفقه.
ومحور الأخلاق أو التزكية هو ثمرة للمحورين السابقين، فالإيمان له أثر فى القلوب والنفوس، والتزام الأحكام الشرعية له أثر فيهما أيضاً، وهذا الأثر يظهر فيما بين العبد وبين الخالق سبحانه، وفيما بين العبد وبين الخلق، تزكيةً وأخلاقاً.
وأول هذه المحاور هو محور العقيدة، وللعقيدة فى الإسلام خصائص ذاتية وخصائص فى طريقة عرضها وتلقينها، فالعقيدة عندنا (علم)...! نعم فالله تعالى يقول: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الله} [محمد: 19]، ومفهوم العلم عندنا هو «الإدراك الجازم المطابق للواقع الناشئ عن دليل»، فحتى يحصل العلم، وحتى تتكون العقيدة، لا بد من وجود إدراك جازم ثابت لا يشوبه أدنى شك أو ارتياب وإلا لم يكن يقيناً بل هو مجرد ظن أو شك أو وهم، ولا بد من مطابقة هذا الإدراك للواقع وإلا لم يكن صحيحاً بل هو كذب وباطل، ولا بد من قيامه على دليل صحيح ثابت وإلا كان تقليداً لا ثبات له فى قلب صاحبه أمام أدنى الشبهات.
وهذا ما دفع علماءنا عند عرض العقيدة وتلقينها لتلاميذهم إلى تأييد مسائلها مفصلةً بأدلة عقلية ونقلية، وهم فى هذا ليسوا فقط طائعين لأمر المولى سبحانه وتعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الله}، وإنما هم أيضاً مقتدون بهدى القرآن الكريم ذاته فى عرض العقيدة، فحين ادعى المشركون أن الملائكة بنات لله -سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً- جاءت آيات القرآن الكريم مخاطبةً عقولهم: {وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ، بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} [الأنعام: 100، 101]، أى: من أين وكيف يكون له ولد كما زعموا وليس له زوجة، وهذا أمر مسلّم عندهم حيث لم يدّعوا أن له زوجةً، فلزمهم من هذا انتفاء الولد لانتفاء شرط حصوله وهو وجود الزوجة! ولم يكن هذا الأسلوب القرآنى الجليل يريد فقط مجرد الإلزام والإفحام، وإنما كان يريد أيضاً إلى جانب هذا إيقاظ العقول وتوجيهها إلى طرائق التفكير المنضبطة، وانضباط تفكير العقل كفيل بإذعان صاحبه لدعوة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حينما تعرض عليه.
فالعقيدة إذاً توقظ العقل وتحركه ليقوم بوظيفته التى أناطها الله تعالى به مستهدياً بوحى الله تعالى، فهى علم راسخ لا يتزعزع لقيامه على براهين ثابتة من العقل والنقل.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: العقيدة العبادة الدين الإسلامى الله تعالى
إقرأ أيضاً:
خطيب الأوقاف: الشريعة الإسلامية تميزت بالسهولة والتيسير.. فيديو
قال الدكتور نوح العيسوي، من علماء وزارة الأوقاف، إن الدين الإسلامي الحنيف، هو دين الوسطية والاعتدال، ومن أجل ما تميزت به الشريعة الإسلامية، هو الرفق والسهولة والتيسير، فلا ترى فيها حرجا ولا مشقة ولا عسر ولا شدة.
وأضاف نوح العيسوي، في خطبة الجمعة اليوم، من مسجد السلام بالسنطة محافظة الغربية، أن الله تعالى يقول في كتابه العزيز (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) ويقول تعالى (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ).
كما يبين النبي الكريم، يسر الدين وسماحته وينهى عن التشدد والمبالغة فيه، فيقول النبي (إن الدين يسر ولن يشاد أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشئ من الدلجة).
وأشار إلى أن المشادة في الدين أن يضيق الإنسان واسعا أو أن يحرم الإنسان مباحا أو أن يوجب الإنسان ما ليس بواجب، فهذه هي المشادة في الدين.
وذكر خطيب الأوقاف، أن من يسر الإسلام وسماحته أن الله تعالى لم يكلف أحدا من عبادته فوق طاقته، فيقول تعالى ( فاتقوا الله ما استطعتم ) ويقول تعالى (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا).
وأكد أن التيسير منهج رباني، حدد النبي معالمه وأرسى قواعده بعيدا عن التشدد والعنت والتكلف والتطرف، فقال النبي (إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق) أي إن هذا الدين قوي وشديد فسيروا فيه برفق ولين دون عنت أو تشدد أو تكلف أو تطرف أو غلو، ولا تحملوا أنفسكم مالا تطيقون فتعجزوا عن العبادة والعمل.