معاناة المواطنين الفلسطينيين في إسرائيـل
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
الشيء الوحيد الذي يوحدُنا نحن الفلسطينيين هو أن رحلتنا لم تكن سهلة أو سلسة أبدا، فأن تكون مواطنًا فلسطينيًا في إسرائيل يمثّل تحديًا ليس عاديا، خاصة في الوقت الحالي، عندما يتوقع الناس منك اتخاذ موقف واضح وأحادي الجانب. إنني مجبرة على التساؤل باستمرار عن المكان الذي أنتمي إليه حقًا، فأنا أشعر بأنني لا أنتمي إلى مكان ما، وفي الوقت نفسه، أنتمي إلى كل مكان.
لقد ولدت وترعرعت في الناصرة في عائلة مسيحية، وفي وقت لاحق، انتقلت إلى تل أبيب، وأعيش في مجتمع متنوع من العرب واليهود. وعلى الرغم من أنني ولدت في إسرائيل، فإنني أجد صعوبة في التماهي بشكل كامل مع دولة تنظر إليّ كمواطنة من الدرجة الثانية، وتتحدث علنا ضد العرب، وتضطهد الفلسطينيين، والقائمة تطول.
أنا لا أؤيد العنف باسم الدين، ولا أستطيع أن أؤيد أو أتعاطف مع هجوم حماس على المدنيين الأبرياء في 7 أكتوبر، على الرغم من كوني فلسطينيّة فخورة تدعم المجتمعات المضطهدة وتتحدث بنشاط ضد الاحتلال والاستعمار الإسرائيلي، فإن هذا الهجوم على المدنيين الإسرائيليين لا يتماشى مع معتقداتي، إنني أشجب قتل المدنيين وأحزن بشدة على الخسائر في الأرواح بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
كوني فلسطينيّة، فإنّ اتخاذ موقف في هذا الشأن يبدو أمرًا معقدًا، لكن حماس لا تمثلني، كما أنها لا تستطيع تمثيل الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية ومختلف أنحاء العالم. ورغم أن العالم كثيرا ما يصور هذا «الصراع» على أنه إسرائيل في مواجهة فلسطين أو اليهودية في مواجهة الإسلام، فإن الواقع أكثر تعقيدا من ذلك بكثير. الأمر كله يتعلق بالناس، وليس بالحكام الذين لا يبدون أي اهتمام بالمدنيين. ولنكن واضحين: يمكن للمرء أن يدعم حق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال وإنهائه دون دعم حماس.
لقد تأثر العديد من أصدقائي الإسرائيليين بهذا الهجوم، وحقيقة أن قلبي ينفطر لأن أصدقاء أصدقائي ما زالوا مفقودين أو أنهم قد توفوا، فمواجهة مثل هذا الهجوم في حفلة أو في منزل آمن أمر لا يمكن تصوره. ويصبح الوضع أكثر ألما عندما نفكر في المأساة المستمرة في غزة، حيث ما يقرب من نصف السكان هم من الأطفال. والتناقض الصارخ هنا هو أن الإسرائيليين لديهم خيار الهروب عند الهجوم عليهم، في حين أن الفلسطينيين في غزة محاصرون وليس لديهم أي وسيلة للهروب، ولذلك لم أصدق عند سماع أمر (بنيامين نتنياهو) غير المنطقي بالإخلاء: كيف يمكن الخروج من سجن مفتوح؟
إن فكرة احتفال أي شخص بوفاة الأبرياء، سواء كانوا إسرائيليين أو سكان غزة، تحيرني، فالتعاطف يجب أن يكون عالميًا؛ لأن الكراهية لن تولّد إلا المزيد من الكراهية، مما يسبب المزيد من المعاناة. ومن المؤسف أن الزعماء من كافة الأطراف، بما في ذلك حماس وإسرائيل والسلطة الفلسطينية، لا يبدون أي اهتمام حقيقي بشعوبهم.
عندما عبرت عن حيرتي على وسائل التواصل الاجتماعي، واجهت تعليقات بغيضة وتهديدية من الإسرائيليين. ومن ناحية أخرى، عندما أظهرت تعاطفا مع أصدقائي الإسرائيليين، شكك أصدقائي الفلسطينيون في موقفي. لكنني أقف مع المضطهدين والمدنيين الأبرياء أيا كانوا. ولا يوجد أي مبرر للعقاب الجماعي والقتل.
قد يعتقد البعض أن حماس هي المشكلة الوحيدة هنا، ولكن من المهم أن نفهم أن التطهير العرقي والاحتلال العسكري للأراضي الفلسطينية كان موجودا قبل وقت طويل من ظهور حماس إلى الوجود. ووفقا لمنظمة العفو الدولية، المنظمة الرائدة في مجال حقوق الإنسان في العالم، فإنّ «إسرائيل تفرض نظاما من القمع والهيمنة ضد الفلسطينيين في جميع المناطق الخاضعة لسيطرتها». ووفقا لمركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بي. تسيلم): « فإنّ النظام الإسرائيلي يطبق نظام الفصل العنصري في جميع الأراضي التي يسيطر عليها».
باعتباري مواطنة عربية في إسرائيل، أشعر بقلق بالغ إزاء تخفيف وزارة الأمن القومي لقوانين حمل الأسلحة للإسرائيليين العاديين بعد هجمات حماس، والتهديدات التي تفرضها الجماعات اليهودية المتطرفة، ونتيجة لذلك ومنذ 7 أكتوبر، قُتل 64 فلسطينيًا في الضفة الغربية، من بينهم رجل وابنه قُتلا بالرصاص أثناء حضورهما جنازة. أتذكر بوضوح المشاهد المروعة في مايو 2021، عندما أصبحت الشوارع أشبه بالحرب الأهلية، وهنا أؤكد أنه لا ينبغي لأي مدني بريء أن يموت بسبب معتقداته أو آرائه.
إن دعم فلسطين لا يعني معاداة السامية، فالدعوة إلى إنهاء العدوان الإسرائيلي على فلسطين لا تعني نسيان التجارب التاريخية وآلام الشعب اليهودي، فأهداف الصهيونية اليوم تأتي على حساب حياة العرب، مما يجعلنا نشعر بعدم الأمان، ونخشى التعبير عن آرائنا، ونتردد في التعاطف مع شعبنا الذي يعاني. وكرد فعل على الأحداث الأخيرة، تظاهر المواطنون الإسرائيليون ضد تحول حكومتهم نحو الديكتاتورية.
كونك عربيا في إسرائيل يعني فهم لغة «الطرف الآخر» وتاريخه، وعبارة «الطرف الآخر» تسلط الضوء على العلاقة بين الظالم والمظلوم، حيث يمتلك أحد الجانبين واحدًا من أقوى الجيوش في العالم، بينما الجانب الآخر ليس سوى أقلية. ولذلك، عند الحديث عن الأحداث الأخيرة، لا يمكننا أن نتجاهل سنوات الاحتلال والغزو، وكيف تعاملت إسرائيل مع العرب. وهذا ليس تبريرا لتصرفات حماس، بل لتقديم سردية تبرر ألم الفلسطينيين ومعاناتهم دون حماية.
وفي نهاية المطاف، يدفع الشعب الثمن من جميع الجهات. ومع تزايد الدعم العالمي لإسرائيل، فإنني أخشى على الفلسطينيين الأبرياء. أولئك الذين في السلطة هم المسؤولون. لقد حان الوقت لكي يتحد الناس ضد الحكومات القمعية. ولابد من تحرير فلسطين، ليس فقط من النظام الإسرائيلي القمعي، بل وأيضا من تأثير حماس.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الفلسطینیین فی فی إسرائیل
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تقدم وعداً لبايدن: لن نسعى لتهجير الفلسطينيين
كشف موقع "أكسيوس" أن إسرائيل بعثت رسالة إلى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تؤكد فيها أنها لا تنوي تهجير الفلسطينيين قسراً من شمال غزة أو تجويع السكان المدنيين، وذلك رداً على القلق الأمريكي من الوضع الإنساني في القطاع.
الرسالة، وصلت في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، بعد زيارة وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي إلى واشنطن، حيث أطلع المسؤولون الأمريكيين على الخطوات التي اتخذتها إسرائيل لمعالجة الأزمة الإنسانية في غزة.
وعلى الرغم من هذه التعهدات، لا تزال إدارة بايدن قلقة بشأن استمرار قيود وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، خصوصاً في مناطق مثل جباليا، حيث نزح عشرات الآلاف من الفلسطينيين بسبب العمليات العسكرية.
وزعم المسؤولون الإسرائيليون أن الجيش الإسرائيلي لم يصدر أوامر إخلاء للمدنيين في شمال غزة، وأن التحذيرات جميعها كانت تهدف إلى حماية السكان في أثناء العمليات العسكرية، وفق "أكسيوس".
إسرائيل نفت كذلك التقارير التي تشير إلى وجود خطة لتجويع سكان غزة، وأكدت أنها لا تعرقل وصول المساعدات الإنسانية.
ولكن في الواقع، كانت شحنات المساعدات محدودة بشكل كبير، حيث لم يتمكن سوى عدد قليل من الشاحنات من الوصول إلى مناطق النزاع، كما يقول الموقع.
وفيما يتعلق بالمساعدات، فقد زادت إسرائيل من عدد شاحنات المساعدات إلى 200 شاحنة يومياً الشهر الجاري مع تعهد بزيادة هذا العدد إلى 250 شاحنة قريبًا، لكن الولايات المتحدة طالبت بإدخال 350 شاحنة يومياً.
كما أشار المسؤولون الإسرائيليون إلى أنهم لن يعارضوا إدخال المساعدات عبر القنوات التجارية إذا ثبت أن المساعدات عبر القنوات الإنسانية غير كافية.
والولايات المتحدة طلبت أيضاً من إسرائيل السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة مراكز الاحتجاز، لكن إسرائيل رفضت هذا الطلب، مبررة ذلك بمخاوف من أن اللجنة لم تلتزم بالحياد في التعامل مع قضايا الرهائن الإسرائيليين.