هل تجمع قمة أفضل بين بايدن وشي جين بينج؟
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
تتوجه كل الأنظار الآن صوب الاجتماع المقبل بين قادة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي، الذي تستضيفه سان فرانسيسكو في الفترة من الحادي عشر إلى السابع عشر من نوفمبر، والسبب وجيه: حيث يتجلى احتمال لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الصيني شي جين بينج على هامش هذا التجمع الإقليمي، بعد مرور عام كامل على آخر قمة جمعت بينهما في بالي عشية قمة مجموعة العشرين السنوية.
شهد اجتماع بالي قدرا ضئيلا من الإنجاز، ورغم أن بايدن وشي اتفقا على وضع «أرضية» لتثبيت العلاقات الصينية-الأمريكية المتدهورة، فإن النتيجة لم تكن مستقرة على الإطلاق، فبعد أقل من ثلاثة أشهر من قمة بالي، تسبب إسقاط الولايات المتحدة منطاد مراقبة صينيًّا في تجميد العلاقات الدبلوماسية مؤقتا، وأعقب ذلك فرض عقوبات إضافية على التكنولوجيا الصينية، فضلًا عن وقوع صدامات وشيكة عديدة بين أقوى جيشين في العالم.
من ناحية أخرى، عمل الكونجرس الأمريكي على تأجيج الخلاف بشأن تايوان، واتهم شي الولايات المتحدة بتنفيذ سياسة «الاحتواء الـمُـحـكَـم»، ربما تكون قمة أخرى تجمع بين بايدن وشي فرصة ثانية مطلوبة بشدة، ويبدو أن كلا الجانبين يجتهدان في التحضير لها، خلافًا لاجتماع بالي، يجب أن يكون سيناريو قِـمة سان فرانسيسكو مكتوبا على النحو الذي يضمن لها النجاح، في ظل المتاعب الخطيرة التي تمر بها العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، ومع الحاجة الماسة إلى الزعامة في عالم تمزقه الحروب، ينبغي للقمة المقبلة أن تسعى إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية.
الأول يتمثل في التركيز على الأهداف القابلة للتحقق، على الرغم من نفور أمريكا من التعامل مع الصين لأسباب تحريفية -في واقع الأمر، إلقاء اللوم عن الصراع الحالي على عقود من «الاسترضاء» بدأت عندما انضمت الصين إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001- فمن الأهمية بمكان أن نعمل على إيجاد أرضية مشتركة يُـعـاد عليها تأسيس الحوار البنّاء.
يجب أن يكون التركيز أقل على الشعارات -«أرضية» العام الماضي أو «إزالة المخاطر» هذا العام- وأن يركز بشكل أكبر على أهداف واضحة وقابلة للتحقق، وقد يشمل هذا إعادة فتح القنصليات المغلقة (على سبيل المثال، القنصلية الأمريكية في تشنجدو والقنصلية الصينية في هيوستن)، وتخفيف متطلبات الحصول على التأشيرات، وزيادة الرحلات الجوية المباشرة (24 رحلة أسبوعيًا الآن، مقارنة بأكثر من 150 قبل كوفيد)، واستئناف التبادلات الطلابية الشعبية (مثل برنامج فولبرايت).
الواقع إن تحسين العلاقات بين الشعبين -وهو ما يستطيع الرئيسان معالجته بسهولة إذا كانا جادين بشأن العودة إلى المشاركة- يُـفـضي غالبًا إلى تخفيف العداوة السياسية، ومن خلال اقتطاف الثمار الدانية، يصبح بوسع بايدن وشي أن يفتحا الباب للمحادثات حول موضوعات أكثر إثارة للجدال، مثل تخفيف القيود المفروضة على المنظمات غير الحكومية، وهي الغراء الذي يربط بين المجتمعات، أو التصدي لأزمة الفنتانيل، التي يضطلع فيها البلدان بدور حيوي.
لكن الهدف القابل للتحقق الأكثر إلحاحا يتمثل في استئناف الاتصالات المنتظمة بين المؤسستين العسكريتين، التي علقها الصينيون بعد الزيارة التي قامت بها رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة نانسي بيلوسي إلى تايوان في أغسطس 2022، كان الخطر الذي فرضه انهيار الاتصالات العسكرية على هذا النحو واضحا بشكل صارخ أثناء الفشل الذريع في إدارة أزمة المنطاد في أوائل فبراير، وكذا الحوادث الوشيكة الوقوع مؤخرا بين سفن حربية تابعة للقوتين العظميين في مضيق تايوان وحادثة الطائرة فوق بحر الصين الجنوبي، مع تصاعد التوترات بين مؤسستين عسكريتين لا تتواصلان، تصبح مخاطر اندلاع صراع عرضي مرتفعة ومتصاعدة.
ثانيًا: من الأهمية بمكان أيضا توضيح أهداف طموحة، ويجب أن يؤكد بيان مشترك من بايدن وشي على اعترافهما المشترك بخطرين وجوديين يهددان البلدين: تغير المناخ والصحة العالمية، على الرغم من اللقاء الذي جمع بين المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص لشؤون المناخ جون كيري ومسؤولين صينيين كِـبار عدة مرات هذا العام، فقد توقف التعاون في مجال الطاقة النظيفة، بسبب مخاوف مزعومة تتعلق بالأمن الوطني على الجانبين. علاوة على ذلك، لا يزال التقدم على مسار الصحة العالمية يواجه عقبات بسبب المسرح السياسي الذي تدور عليه مجادلة محتدمة حول منشأ مرض فيروس كورونا 2019 «كوفيد-19»، بطبيعة الحال، من الصعب أن نتوقع من قمة بايدن وشي أن تحل هذه المشكلات الوجودية، لكن ذِكر هذه المشكلات بالاسم وتحديدها بادرة رمزية مهمة، ودليل على الالتزام المشترك بالإدارة الجماعية لعالم محفوف بالمخاطر على نحو متزايد، هذه هي الحال بشكل خاص مع اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، والتي تهدد بالامتداد لتتحول إلى صراع إقليمي كبير في الوقت ذاته حيث تمر حرب أوكرانيا بلحظة محورية، بوسع الولايات المتحدة والصين إحداث فارق حقيقي من خلال التوسط في اتفاقيات سلام تنهي الحربين. ثالثًا: تحتاج العلاقات الصينية-الأمريكية إلى بنية جديدة للتبادل والمشاركة، فمن المؤكد أن اجتماع بايدن وشي في سان فرانسيسكو الشهر المقبل يُـعَـد تطورا إيجابيا، لكن مؤتمرات القمة السنوية ليست كافية لحل صراعات عميقة الجذور بين قوتين عظميين، كنت لفترة طويلة أفضّل التحول من الدبلوماسية الشخصية التي تحدث خلال اجتماعات نادرة بين قائدين إلى نموذج مشاركة مؤسسي يوفر إطارًا دائمًا قويًّا لاستكشاف الأخطاء وإصلاحها على نحو مستمر. يحقق اقتراحي بإنشاء أمانة عامة مشتركة بين الولايات المتحدة والصين مثل هذا الاحتمال، ولكن على الرغم من استقبال هذه الفكرة بشكل إيجابي في الصين، فلم يُـظـهِـر صناع السياسات في أمريكا أي اهتمام بها، الواقع أن النائب الأمريكي مايك جالاجر، الذي يتولى منصب رئيس اللجنة المعينة الجديدة بشأن الصين، يقرع طبول «خِـطبة الميت الحي»، محذرا من أن جهود إعادة التواصل مع الصينيين قد تؤدي إلى زوال أمريكا. من ناحية أخرى، أشعر بالتفاؤل بعد إنشاء أربع مجموعات عمل أمريكية صينية جديدة - نتيجة للجهود الدبلوماسية التي شهدها هذا الصيف، لكن هذا ليس كافيا بأي حال من الأحوال، وخاصة عندما نقارنه بمجموعات العمل الست عشرة العاملة التي أنشئت تحت مظلة اللجنة المشتركة المعنية بالتجارة والتبادل، التي حلتها إدارة ترامب في عام 2017، غالبا ما تُـعَـد مؤتمرات القمة بين القادة الوطنيين مجرد أحداث إعلامية.
من المؤسف أن هذه كانت الحال العام الماضي في بالي، ولا تملك الولايات المتحدة ولا الصين -ناهيك عن بقية العالَـم- ترف التوصل إلى نتيجة تافهة مماثلة هذا العام في سان فرانسيسكو، لقد أصبحت نافذة الفرصة المتاحة للعمل الجماعي ضيقة على نحو متزايد، ولا يجوز لنا أبدًا إهدار أي فرصة للتوصل إلى اتفاق بين بايدن وشي جين بينج على أهداف واقعية قابلة للتحقق، والتأكيد على أهداف طموحة، وإرساء الأساس لبنية جديدة للمشاركة.
ستيفن س. روتش عضو هيئة التدريس في جامعة ييل، ومؤلف كتاب «غير متوازن: الاعتماد المتبادل بين أمريكا والصين».
خدمة بروجيكت سنديكيت
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة سان فرانسیسکو بایدن وشی
إقرأ أيضاً:
عبد المنعم سعيد: المرحلة الأولى من حكم ترامب ستتركز على الولايات المتحدة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الدكتور عبد المنعم سعيد، عضو مجلس الشيوخ، إن أولوية الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، تغيير الولايات المتحدة، إذ من الواضح من خلال تعيينات إدارته، فإنه يسعى إلى إعادة تشكيل مؤسسات وهيئات الولايات المتحدة، أما فيما يخص الشرق الأوسط، لن يأخذ منه «وقت كبير»، فمن الممكن أن يبذل مساعي للتهدئة، أو يرسل المبعوثين الخاصين به للتعرف على الوضع في المنطقة، ولكن الجزء الأكبر من مرحلة ولايته الأولى سينصب التركيز فيها على تغيير الولايات المتحدة من الداخل.
وأضاف «سعيد» خلال للقاء ببرنامج «عن قرب مع أمل الحناوي» المذاع على شاشة قناة «القاهرة الإخبارية»، وتقدمه الإعلامية أمل الحناوي ، متحدثًا عن العلاقات الأمريكية - العربية في عهده ترامب، بأنه قبل أن تنتهي ولايته الأولى كان عقد الاتفاقيات الإبراهيمية، واعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وضم الجولان السوري لها.
وتابع عضو مجلس الشيوخ: «قبل الانتخابات تحدث ترامب عن أن مساحة إسرائيل الجغرافية صغيرة، مما يحي بأن لديه مجموعة من الأفكار والحلول للوضع الراهن في المنطقة، لن تتضمن الدولة الفلسطينية، كما أنه حث إسرائيل على القضاء على حزب الله و حماس».