توفر الحرب الإسرائيلية الراهنة في قطاع غزة مكاسب محتملة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لكنها تطرح أمامه أيضا تحدٍ يتمثل في الغضب الشعبي المتزايد، بحسب ليزا أندرسون، في تحليل بمجلة "فورين أفيرز" الأمريكية (Foreign Affairs) ترجمه "الخليج الجديد".

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، تتواصل حرب بين جيش الاحتلال الإسرائيلي من جهة وحركة "حماس" وفصائل مقاومة فلسطينية أخرى في غزة من جهة أخرى.

وقالت أندرسون إنه "بينما تستعد إسرائيل لغزو بري لغزة، تحول الكثير من الاهتمام إلى كيفية الرد المصري، فالحكومة المصرية كانت طرفا في الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 16 عاما على غزة، حيث فرضت ضوابط مشددة على ما يدخل ويخرج من القطاع عبر معبر رفح الحدودي".

وتابعت أن "هذا المعبر يوفر الآن الطريق الوحيد لمَن يحاولون الخروج من غزة ونقطة الوصول الوحيدة للمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها لسكان المنطقة المحاصرة، والبالغ عددهم 2.2 مليون نسمة".

وتخضع غزة لحصار إسرائيلي منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية في 2006.

وأضافت أندرسون أن "اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة سمح لبعض الشاحنات، التي تحمل مساعدات إنسانية، بالدخول إلى غزة من مصر، لكن هذا ليس كافيا؛ نظرا لحجم الأزمة وعدد النازحين".

ولليوم الـ23 على التوالي، يواصل الجيش الإسرائيلي الأحد شن غارات مكثفة على غزة، وقتل إجمالا 8005 فلسطينيين، منهم 3324 طفلا و2062 سيدة، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 20 ألف آخرين ووجود 1870 مفقودا تحت الأنقاض، بحسب وزارة الصحة. كما قتلت إسرائيل 114 فلسطينيا في الضفة الغربية، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، وفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

فيما قتلت حركة "حماس" من جانبها أكثر من 1400 إسرائيلي وأصابت 5132، وفقا لوزارة الصحة الإسرائيلية. كما أسرت ما لا يقل عن 230 إسرائيليا، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب في مبادلتهم بأكثر من 6 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون إسرائيل.

اقرأ أيضاً

إثر التصعيد بغزة.. واردات مصر من الغاز تنخفض إلى الصفر

خيبة أمل

و"الاضطرابات في غزة ليست أمرا سيئا تماما بالنسبة لنظام السيسي. وفي كثير من النواحي، ستكون حكومته سعيدة لرؤية إسرائيل تقضي على حماس، التي انبثقت من جماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبر عدو السيسي"، كما تابعت أندرسون.

ولفتت إلى أن السيسي أطاح في 2013 بالرئيس المصري محمد مرسي (2012-2013) المنتتمي لجماعة الإخوان المسلمين.

وأردفت أنه "مع تعثر الاقتصاد المصري، قد يرى السيسي أيضا فرصة للضغط من أجل تخفيف الديون والحصول على تنازلات أخرى من الدول الغربية والمؤسسات الدولية مقابل الموافقة على ممرات المساعدات الإنسانية وتسهيل مغادرة الرعايا الأجانب من غزة".

و"مثل معظم نظيراتها في جميع أنحاء المنطقة، تعتبر الحكومة المصرية حكومة استبدادية، فهي ليست تمثيلية ولا شعبية وتفضل الاستقرار على المساءلة"، كما أردفت أندرسون.

واستدركت: "لكن هذا الافتقار إلى المساءلة قد يقوض الآن حكم السيسي، مع تزايد خيبة أمل المصريين الغاضبين من الحكومة التي تعمل على إفقارهم وتفشل في معالجة المحنة البائسة التي يعيشها جيرانهم (في غزة)".

اقرأ أيضاً

مصر.. حصيلة المعتقلين بمظاهرات دعم غزة ترتفع إلى 48

نزوح جماعي

"إن احتمال إضافة مئات الآلاف من اللاجئين (الفلسطينيين) إلى ملايين المصريين الفقراء بالفعل هو أكثر مما يمكن أن تتحمله أي حكومة مصرية"، بحسب أندرسون.

وأضافت أنه أيضال "من المرجح أن يهرب العديد من مقاتلي حماس إلى مصر من خلال أي نزوح جماعي؛ مما يخلق صداعا آخر للسلطات".

ولفتت إلى أن "السجون المصرية مليئة بالفعل بالإسلاميين المصريين، ويوجد تقدير بوجود نحو 40 ألف سجين سياسي، وليس هناك مجال كبير للمزيد".

واستدركت: "مع ذلك، ستحاول حكومة السيسي تحويل هذه الأزمة لصالحها وانتزاع أكبر قدر ممكن من المساعدات الخارجية".

وقالت إنه "على الرغم من أنها لن تسمح بدخول اللاجئين من غزة، إلا أنها ستفي بوعودها بتقديم أنواع مختلفة من التنازلات الإنسانية، مثل فتح ممرات المساعدات إلى غزة، وصفقات خاصة مثل السماح بإجلاء الرعايا الأجانب".

أندرسون توقعت أن "يكون تخفيف الديون على رأس قائمة (مطالب) السيسي"، مشددة على أنه "بقدر ما تختار الولايات المتحدة والأوروبيون دعم الأنظمة الاستبدادية، فإنهم يضعون أنفسهم بشكل مباشر إلى جانب هذه الأنظمة التي تثير استياء مواطنيها بمرارة متزايدة".

وزادت بأن "القوى الغربية أمضت العقد الماضي في التوصل إلى تسوية هادئة مع عدد كبير من الأنظمة العربية الاستبدادية، بما فيها مصر، على الرغم من السخط الشعبي المتزايد".

اقرأ أيضاً

اتصالات مصرية مكثفة لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة

المصدر | ليزا أندرسون/ فورين أفيرز- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السيسي مصر حرب غزة إسرائيل ديون فی غزة

إقرأ أيضاً:

قائمة بأبرز مكاسب باماكو في صراعها مع الشركات الغربية

في الوقت الذي يضغط فيه المجتمع الدولي والمعارضة المحلية في مالي لعودة الحياة السياسية وإنهاء الفترة الانتقالية، يبدو المجلس العسكري الحاكم غير مكترث بتلك الأصوات ويقرر المضي قدما في تحقيق ما سماه بالسيادة الاقتصادية واستعادة ثروات البلاد.

وبعد مجيئه عبر انقلاب أغسطس/آب 2020، طرح المجلس العسكري بزعامة الجنرال عاصيمي غويتا فكرة "تحرير البلاد بتحرير الاقتصاد" إذ أراد أن تكون المؤسسات المساهمة في تعبئة موارد الميزانية العامة تابعة للدولة، أو تملك فيها حصصا لا تنقص عن 30%.

بدأ في مراجعة العقود وإعادة التفاوض مع الشركات الأجنبية وخاصة العاملة في قطاع المناجم الذي يشكل أكثر من 70% من صادرات البلاد.

ويوم الخميس الماضي، أعلنت "شركة باريك غولد" الكندية العاملة في مجال تعدين الذهب أنها قامت بتسوية نزاعها مع السلطات في باماكو، حيث ستدفع 438 مليون دولار إلى خزينة الدولة المالية مقابل إطلاق الإفراج عن موظفيها المعتقلين بتهمة الاحتيال والتهرب الضريبي.

قانون للتعدين

وفي سنة 2023 أصدرت الحكومة قانونا للتعدين يهدف إلى السيطرة على ثروة المناجم من خلال إلزام الشركات بالإفصاح عن حجم الإنتاج الفعلي من دون مغالطات.

واعتبرت الحكومة أن الشركات تحقق أرباحا كبيرة بينما تستغل العمالة المحلية في تشغيلها بمبالغ زهيدة، وتعمد إلى التهرب الضريبي عبر تقديم الرشوة لبعض المسؤولين.

ومن أبرز نتائج قانون التعدين الجديد في مالي ما يلي:

• رفع نسبة الدولة في كل عمليات الاستخراج الجديدة لتصل إلى 30% بدلا من 10% التي كانت في القانون السابق • تخصيص نسبة 5% للسكان والتنمية المحلية • ارتفاع نسبة قطاع التعدين في الناتج المحلي لتصل إلى 20% بدلا من 9% • إلغاء الإعفاء على بعض الجوانب الضريبية الذي كانت تستفيد منه الشركات الأجنبية • إنشاء صناديق للتنمية المحلية والعمل على تشييد الطرق من ميزانية قطاع المناجم.

وفي وقت سابق، قال وزير الاقتصاد الحسيني سانو إن قانون التعدين الجديد سينعكس بتحسينات سنوية على ميزانية الدولة العامة التي تبلغ 500 مليار فرنك أفريقي (803 ملايين دولار).

التأميم والتغريم

ومع وصول المجلس العسكري للحكم أسس "شركة البحث واستغلال الموارد المعدنية" (سوريم) ودخلت العمل في مجال المعادن لتمثل توجه الدولة في تعزيز السيادة الاقتصادية، والعمل على منافسة الشركات الأجنبية في استخراج ثروة الذهب.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2024 أصدرت الحكومة مرسوما بتأميم منجم "ياتيلا" بعدما وقعت عقد تنازل مع شركتي "أنغلوغولد أشانتي" الجنوب أفريقية، و"أمغولد" الكندية.

كما قامت السلطات بتغريم العديد من شركات تعدين الذهب واعتقلت مسؤولين كبارا في إداراتها مثل شركة "ريزولت ماينينغ" الأسترالية، وكذلك "بي تو غولد" و"روبيكس كولد" الكنديتين.

واعتقلت الحكومة الرئيس التنفيذي لشركة "ريزولت ماينيغ" الأسترالية واثنين من معاونيه نهاية العام 2024 بتهمة الاحتيال والتهرب الضريبي وغسيل الأموال.

كما احتجزت السلطات بداية العام الجاري 4 مسؤولين من شركة "باريك غولد" وأصدرت مذكرة اعتقال في حق مديرها التنفيذي مارك بريستو، وصادرت 3 أطنان من مخازنها.

وفي النهاية، اختارت أغلب هذه الشركات الاستجابة لمطالب الحكومة ودفعت غرامات مالية تصل في مجملها إلى قرابة 800 مليون دولار أميركي.

وفي مقابل المكاسب التي حققتها الحكومة من هذه الإجراءات، فإن أرباح الشركات تراجعت بشكل عام رغم التفاوت في الحجم، حيث وصل إنتاج الذهب في العام المنصرم إلى 51 طنا متريا، وهو ما يشكل انخفاضا بنسبة 23% مقارنة بالعام الماضي الذي وصل فيه إلى أزيد من 66 طنا.

مقالات مشابهة

  • صفقات اقتصادية كبرى..ترامب يناقش مع بوتين ما بعد الحرب في أوكرانيا
  • من غزة إلى السودان، حقوق الإنسان تحت ضغط متزايد ودعوة أممية إلى رؤية بديلة متجذرة في القانون
  • قائمة بأبرز مكاسب باماكو في صراعها مع الشركات الغربية
  • الجيش السوداني يحقق مكاسب ميدانية جديدة أمام الدعم السريع
  • العراق لانقاذ طيرانه من العقوبات: تعثر القطاع العام ونجاح متزايد للقطاع الخاص
  • ما قصة الأسيرة بيباس التي كادت جثتها أن تهوي باتفاق وقف إطلاق النار؟
  • والد أسير إسرائيلي: مشكلتنا في نتنياهو وعرقلة صفقات التبادل
  • خام البصرة يحقق مكاسب أسبوعية ويتفوق على برنت وغرب تكساس ‎
  • صفقات الشتاء في قمة الأهلي والزمالك
  • لحظة انفعال وغضب جاستن بيبر على الباباراتزي .. فيديو