أحمد ياسر يكتب: فقدت الدبلوماسية الأمريكية زخمها في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
إذا تورطت إسرائيل في غزة، وهو أمر لا يمكن استبعاده بأي حال من الأحوال، فهناك احتمال كبير بأن يفتح حزب الله جبهة ثانية.
وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى سلسلة من ردود الفعل التي قد تخرج عن نطاق السيطرة، وهنا يكمن الخطر إذا لم يتم الاتفاق على وقف إطلاق النار في وقت مبكر بما فيه الكفاية في الصراع...يكمن دافع بايدن في حاجة الولايات المتحدة الماسة لاستعادة دورها القيادي في الشرق الأوسط.
والواقعان الأكثر إلحاحًا اللذين يرفضان القيادة الأمريكية هما: الأول، التضامن الإقليمي الموحد القوي الذي يتجاوز الانقسامات الطائفية سعيًا إلى التوصل إلى تسوية بشأن فلسطين، على نحو لم يحدث من قبل، وثانيهما، التقارب السعودي الإيراني.
التطورات الأخيرة المتعلقة بحماس وإسرائيل قوضت الجهود الأمريكية لإقناع المملكة العربية السعودية بالاعتراف بإسرائيل.... لا شك أن الموقف السعودي من القضية الفلسطينية أصبح أكثر تشددًا.
أحمد ياسر يكتب: مخاوف أمريكا "المزدوجة" مدفوعة بالنفاق أحمد ياسر يكتب: هجوم 7 أكتوبر حطم حلم أوروبا في الشرق الأوسط أحمد ياسر يكتب: هدف إسرائيل في تدمير حماس إلى الأبد غير واقعي أحمد ياسر يكتب: عندما يصبح المدنيين وقودًا للمدافع!!وينعكس هذا الخلاف العميق أيضًا في مجلس الأمن الدولي، حيث أيدت دولة الإمارات العربية المتحدة مشروع القرار الروسي، الذي دعا إلى "وقف فوري ودائم لإطلاق النار لأسباب إنسانية، ويحظى بالاحترام الكامل"، لكنها عارضت مشروع القرار الأمريكي، الذي كان مراوغًا بشأن إنهاء الحرب.... وبدلًا من ذلك عزف على حق إسرائيل في الدفاع عن النفس.
وبالنظر إلى المستقبل، فإن السؤال الكبير يدور حول النوايا الأمريكية.... هل هو استعراض للعضلات أم مؤامرة خفية لخلق حقائق على الأرض يمكن استغلالها كذريعة للحرب لشن هجوم ضد إيران، وهو مشروع طويل الأمد للمحافظين الجدد الذين يهيمنون على خطابات السياسة الخارجية الأمريكية؟
وأعلن بايدن في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض... أنه حذر المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي من أنه إذا استمرت طهران في التحرك ضد القوات الأمريكية في المنطقة، فإن واشنطن سترد.
وعلى حد تعبير بايدن، كان تحذيري لآية الله هو أنهم إذا استمروا في التحرك ضد تلك القوات، فسوف نرد.. وينبغي أن يكون مستعدا...... ولا علاقة له بإسرائيل. (كان بايدن يشير إلى الهجمات المتزايدة على القواعد الأمريكية في العراق وسوريا).
أحمد ياسر يكتب: سد الانقسامات في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أحمد ياسر يكتب: تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم أحمد ياسر يكتب: بعد 600 يوم من الحرب في أوكرانيا أحمد ياسر يكتب: الدبلوماسية المُحايدة وسط القصف الدمويورد النائب السياسي في مكتب الرئيس الإيراني محمد جمشيدي منذ ذلك الحين على تصريحات بايدن قائلا: الرسائل الأمريكية لم تكن موجهة إلى قائد الثورة الإسلامية ولم تكن سوى طلبات من الجانب الإيراني... إذا كان بايدن يعتقد أنه حذر إيران، فعليه أن يطلب من فريقه أن يطلعه على نص الرسائل.
ومن المتصور أن تشكل الهجمات الأخيرة التي شنتها الجماعات المسلحة في سوريا والعراق صداعًا لبايدن في السياسة الداخلية... وبحسب ما ورد، أصيب نحو عشرين جنديًا أمريكيًا بجروح ومقتل مقاول عسكري حتى الآن.
ويوجد ما يقرب من 2500 جندي أمريكي في العراق ونحو 900 جندي في سوريا.
ومع ذلك، في حين أن الولايات المتحدة لا تزال تتمتع بقوة لا مثيل لها في الشرق الأوسط، إلا أن نفوذها قد تضاءل، مع ظهور حقائق جديدة:
١- لقد أصبحت إسرائيل أكثر قوة عسكريًا واقتصاديًا في مواجهة الفلسطينيين، لكنها لم تعد تتمتع بالهيمنة الإقليمية.
٢- وتؤكد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، القوتان المهيمنة في الشرق الأوسط، على نحو متزايد على مصالحهما الخاصة.
٣- الصين، على الرغم من كونها لاعبًا جديدًا نسبيًا، لم تعد تقتصر على الدبلوماسية الاقتصادية.
٤-لقد فقدت الولايات المتحدة القدرة على الاستفادة من سوق النفط العالمية، حيث تعمل روسيا بشكل وثيق مع المملكة العربية السعودية ضمن نطاق أوبك + لمعايرة مستوى إنتاج النفط وأسعاره.
ونتيجة لذلك، فإن البترودولار يضعف..
٥- لقد تم وضع اتفاقيات أبراهام على الرف عمليا.
٦- لقد اتخذ الصراع العربي الإسرائيلي أبعادًا جديدة في السنوات الأخيرة، وذلك بفضل صعود محور المقاومة، الأمر الذي يتطلب مواقف جديدة وتفكيرًا عمليًا من جانب الولايات المتحدة.
٧- لقد تحولت السياسة الإسرائيلية بشكل حاد نحو اليمين المتطرف.
٨- إن البيئة العالمية معقدة للغاية؛ ولم يعد من الممكن أن تظل عملية السلام تحت إشراف الولايات المتحدة....حيث استضافت روسيا اجتماعا ثلاثيا في موسكو مع نائب وزير الخارجية الإيراني ووفد من حماس.
أحمد ياسر: لماذا أُزيلت فلسطين من جدول الأعمال ولماذا عادت؟ أحمد ياسر: هل الصين الملاذ الأخير للصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟ أحمد ياسر يكتب: فك رموز تركيا من الصراع بين إسرائيل وحماس أحمد ياسر يكتب: تأثيرات الحرب الأهلية السورية على الشرق الأوسطوفي وقت لاحق، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، وهو أيضا المبعوث الرئاسي الخاص للشرق الأوسط وإفريقيا، أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس "سيصل قريبا في زيارة رسمية" إلى موسكو لإجراء محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
في حرب شاملة مع إيران، ستتكبد الولايات المتحدة خسائر فادحة وقد يواجه الكيان المحتل الدمار.. وفي الواقع، قد تختار إيران امتلاك قدرة الردع النووي.. ومن شبه المؤكد أن تتحول الحرب الأمريكية الإيرانية إلى حرب عالمية.
ومن الواضح أن مبدأ الحرب لم يعد خيارا..
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: احمد ياسر فلسطين اخبار فلسطين غزة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الاحتلال الاسرائيلي نتنياهو حماس حزب الله ايران سوريا الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط أحمد یاسر یکتب
إقرأ أيضاً:
الشرق الأوسط..تشكلٌ جديدٌ
التاريخ ليس صدفةً، وأحداثه ليست خبط عشواء، ولكنه بين رابح منتصر وخاسر مهزوم، وفي عام ونيفٍ تغير وجه منطقة الشرق الأوسط كلياً، فما بعد 2024 ليس كما قبلها على كل المستويات، خبت محاور إقليمية وصعدت محاور أخرى، سقط «اليسار الليبرالي» المتطرف في أمريكا والغرب، وصعد اليمين المحافظ، ورجع ترامب لقيادة أمريكا على الرغم من كل ما صنعه اليسار الليبرالي وآيديولوجيته العابرة للحدود.
مطلع الثمانينات، دولياً، حدثت حرب أفغانستان والاتحاد السوفياتي، ووقفت السعودية بقوةٍ مع حق الشعب الأفغاني ومع أمريكا حتى انتصر الشعب الأفغاني، وإقليمياً حدثت ثورة الخميني و«تصدير الثورة»، لكنها انطفأت الآن وتراجعت.
مطلع التسعينات حدث انفجارٌ سياسيٌ وعسكريٌ إقليمياً ودولياً، قاده صدام حسين باحتلاله الكويت، وشكلت السعودية تحالفاً دولياً مع أمريكا ألحق به هزيمةً منكرةً، فاضطر راغماً إلى الخروج من الكويت... وتجرع العراق مرارات الهزيمة والإذلال بفعل عنجهيةٍ حمقاء تنتمي لتاريخ مضى من خطابات القومية والبعث في التاريخ العربي الحديث.
في مطلع الألفية الجديدة، وبعد عقدٍ من الزمان تحركت خلايا «تنظيم القاعدة» ونفذت جريمة 11 سبتمبر (أيلول) في عام 2001 بأمريكا، واختارت القاعدة بوعيٍ من قياداتها وبتوجيه من الدول الداعمة لها إقليمياً أن تجعل غالبية المشاركين في العملية من السعوديين لإحداث شرخٍ في العلاقة التاريخية، ولكن البلدين استطاعا تجاوز الأزمة بالعقلانية والواقعية السياسية، وفشلت «القاعدة» وفشل داعموها.
وفي مطلع العشرية الثانية من الألفية الجديدة جرت أحداث الربيع العربي الأسود، ووقفت السعودية وحلفاؤها في وجهه ورفضته وسعت لاستعادة الدولة المصرية من خاطفيها وعادت مصر لشعبها وجيشها، وتحرك اليمن وكان علي عبد الله صالح مشهوراً بالرقص مع الأفاعي، ولكن رقصته الأخيرة أودت به، لأنه رقص مع الحوثي ضد عمقه العربي في السعودية ودول الخليج، والحوثي باع نفسه ووطنه ودولته وشعبه للأجنبي.
كانت السعودية دائماً مع حق الشعب الفلسطيني، حتى في أحلك الظروف، ولكن الشأن الفلسطيني شأن الشعب الفلسطيني نفسه، وإذا لم تنته «حماس» من حكم غزة ولم ينته «حزب الله» نهائياً من السيطرة على لبنان، ولم تنته «الحوثية» من حكم اليمن، نهائياً ودون مثنوية، فإن اللعبة الغربية الطويلة في الشرق الأوسط ستستمر، وإن بعناوين جديدةٍ ووجوهٍ مختلفة.
في السياسة، لكل بائع مشتر، وإذا كان ترامب مستعداً للبيع فالسعودية مستعدة للشراء، ومصالح البلدين تحكم كلًّا من الطرفين، وصفقات كبيرة وكثيرة في التاريخ والواقع تتم على مبدأ (الفوز للطرفين)، وهذه الصفقة المليارية الضخمة هي لخدمة أجندة السعودية ومشاريعها وقوتها ومستقبلها بعيداً عن أي مغامراتٍ غير محسوبة العواقب تتم في المنطقة، وخطابات المزايدات الشعاراتية رأت الشعوب العربية كيف أودت بدولها واستقرارها وأورثتها استقرار الفوضى.
القيادة السعودية الشابة، قيادةٌ استثنائية ومتحفزةٌ للعمل والإنجاز والنجاح، وهي تنجح في جميع المجالات بشهادة العالم بأسره، وأكثر من هذا؛ أنها تحسن التعامل السريع مع المتغيرات، فالتغيير السريع في السياسية مهارةٌ وفنٌ لا يتقنه إلا الساسة المحترفون وهو أصلٌ تحكمه الجدة وسرعة التفاعل والحيوية المستمرة، وهو شأن السياسيين لا شأن الباحثين والكتاب.
لا تكاد الأجيال السعودية الجديدة تملك نفسها من الفرح العارم الذي يسيطر عليها كل يومٍ، مع كل إنجازٍ ونجاحٍ وتفوّقٍ، داخلياً وتنموياً وإقليمياً ودولياً، بحيث لم تعد دولتهم وحلفاؤها بحاجة للاستمرار في عقودٍ من ردود الفعل، بل هي تشارك في صنع الأحداث وتشكيل الحاضر والمستقبل، وكل هذا نتيجة الرؤية الثاقبة والعمل الدؤوب والمتقن.
محورٌ إقليميٌ معادٍ للعرب دولاً وشعوباً تهاوى، ومحورٌ إقليميٌ آخر يعمل بإمرة الدول الغربية ولخدمتها يعيد تشكيل نفسه وبناء أولوياته، ولكن الذي يجب أن يفكر فيه الباحث والمحلل هو أن غالب الأحداث تصب في مصلحة الدول العربية المتوثبة للمستقبل، وهي بعد لم تستخدم كل عناصر قوتها وما كان لهذا أن يحدث لولا وحدة القرار وشمولية الرؤية وسرعة التفاعل.
أخيراً، فإن التوازن واحدٌ من أهم مفاهيم السياسة، يستطيع المحلل من خلاله إدراك الكثير من المتغيرات وعدم الانجراف معها يميناً أو شمالاً، وهو عاصمٌ في الفكر والسياسة من الحماسة والتهور، ومن التراخي والدعة في الآن نفسه.