كان يوم أمس حدثا تاريخيا في مسيرة الشورى بسلطنة عمان، ليس لنضج التجربة وهي تدخل الفترة العاشرة فحسب، ولكن بالثورة التقنية التي ترجمت في التصويت الالكتروني، وما صاحبه من توظيف للذكاء الاصطناعي في قراءة المؤشرات، وتحليل البيانات.
ومثلما مارس الموظف حقه الانتخابي باختيار من يمثله تحت قبة الشورى بلمسة زر على هاتفه وهو في مكتبه، فعل الأمر نفسه المزارع وهو يترقب تشبع الجلبة بالماء، والراعي وهو يسير وراء غنمه، والسائر في الطريق، والأمهات وهن يؤدين عملهن في بيوتهن.
كل عمان كانت أمس حاضرة في انتخابات الشورى بكل أطيافها، بالكيفية التي تواكب روح العصر، وتوظف أحدث التقنيات، فالناخب لم يعد بحاجة أن يتكبد عناء ومشقة الطريق ولا أن يقف خلف طوابير طويلة ينتظر دوره.
سارت عملية التصويت كما خطط لها دون إشكاليات وعقبات فنية تحول دون سلاستها، وبذلك سبقت عمان الآخرين، وبقدر ما سهل تطبيق «أنتخب» إدارة عملية اختيار المرشحين، فإنه كان ضمانة للنزاهة في التصويت والشفافية في سير العملية الانتخابية، ولم تعد هناك حاجة للانتظار حتى ساعات الفجر الأولى للانتهاء من فرز النتائج، فالمؤشرات تتجدد تلقائيا على مدار الساعة، وأمام مرأى الجميع حتى قبل إعلانها رسميا..
عمان بهرت العالم وهي تسير في درب التحول الرقمي وتوظفه في عملية الانتخاب، ولا شك أنها تجربة ستكون محل اهتمام الكثيرين للاستفادة منها، وإذا كانت قد اعتمدت هذه الطريقة في انتخابات المجلس البلدي، فإنها مع انتخابات الشورى كانت أكثر نضجا وتطورا، إذ أضيف إليها ما يسهل الأمر أمام كل شرائح المجتمع بمن فيهم الأشخاص ذوو الإعاقة، فكان مستوى النجاح كبيرا بقدر ما كان الإعداد جيدا، وهو ما يقتضي الشكر والتقدير لجهود اللجنة العليا للانتخابات في الارتقاء بهذه المنظومة المهمة التي تؤدي دورا محوريا في رسم ملامح عمان المستقبل.
واليوم نحن مع مجلس جديد للشورى يتكون من 90 عضوا يمثلون جميع الولايات، وأمامهم مسؤوليات كبيرة للمشاركة في عملية التطور والبناء وما يتطلبه العمل الوطني، وفق الصلاحيات الممنوحة لهم، وإنهم على يقين بأن ما ينتظرهم يحتم عليهم استشعار دورهم في تمهيد مسار عمان إلى رؤيتها الوطنية تحت أعين عاهلها المفدى وبآمال شعب طموح حاملين عبء الأمانة قبل وسام الشرف.
لذلك، يجب أن تتسم هذه الدورة بأعلى درجات التكامل للتمكين من الوقوف على جميع الملفات، والإحاطة بالأدوات المعينة في تحقيق المستهدفات وفق ما خطط لها، فالكفاءة النوعية في العضو إضافة إلى قبة المجلس بأكملها، وتنوع الخبرات يسهل ترجمة رؤوس الأقلام إلى واقع يستحق التنويه.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
نائب سابق يحذر من ارتفاع وتيرة الخطابات الطائفية مع قرب انتخابات 2025 - عاجل
بغداد اليوم - بغداد
حذر النائب السابق والمحلل السياسي فوزي ترزي، اليوم الثلاثاء (18 آذار 2025)، من تصاعد النبرة الطائفية من بعض الشخصيات التي خسرت جمهورها مع قرب انتخابات 2025.
وقال ترزي في حديث لـ "بغداد اليوم"، إنه "لا يمكن الجزم بأن الخطابات الطائفية والمذهبية انتهت بعد أحداث سوريا ولبنان، خاصة وأننا لا نزال نرصد وجود بعض السياسيين الذين يحاولون تصعيد النبرة الطائفية في تصريحاتهم بين فترة وأخرى"، مضيفًا أن "هذا يدل على وجود نفوس ضعيفة تحاول استغلال أي حدث ما لتسويق نفسها مجددًا بعد أن خسرت جمهورها بسبب الفساد واستغلال النفوذ وعدم التفاعل مع مصلحة الوطن، وبالتالي هم يقدمون مصالحهم الشخصية والحزبية على مصلحة الوطن".
وبين ترزي، أن "هذه الخطابات قد تعود بوتيرة أكبر مع قرب انتخابات 2025، خاصة وأن البعض يدرك أن الخطاب الطائفي قد يشكل له طوق نجاة من خلال إثارة الشارع في محاولة لاستغلال العواطف، وبالتالي محاولة حصد المزيد من الأصوات كما حدث في الدورات السابقة"، مشيرًا إلى أن "هذا الأمر يثير واجس ومخاوف حقيقية من اللعب على هذه الورقة الخطيرة".
وأكد ترزي أن "أملنا يبقى في مجتمعنا بكافة أطيافه الذي يدرك خطورة النعرات الطائفية ويرفض مثل هذه التوجهات"، مشددًا على أن "هذه الخطابات يجب أن تُرفض من قبل العقلاء في الدولة، وأن يتم تخطي هذه المرحلة الحساسة من تاريخ العراق من خلال وحدة الصف والخطاب المعتدل الذي يراعي مصالح جميع مكونات الشعب العراقي".
وأشار إلى أنه "مهما كان الوعي المجتمعي حاضرا، يبقى الخطاب الطائفي والمذهبي خطيرًا لأنه ينشط في أحداث معينة، وبالتالي من الضروري أن تأخذ القوانين الرادعة للخطابات الطائفية سياقها في محاسبة من يحاول ضرب السلم الأهلي وإثارة مواضيع تخلق بلبلة"، مؤكدًا أن "القانون القوي هو من يسهم في ردع الأصوات التي تحاول إعادة الأوضاع إلى المربع الأول".
وكان قد أكد الخبير في الشؤون الأمنية، صادق عبد الله، اليوم الثلاثاء، وجود ما أسماه بـ"الفيتو الإقليمي" على الفتنة الطائفية في العراق لثلاثة أسباب رئيسية.
وقال عبد الله في حديثه لـ"بغداد اليوم"، إن دول الجوار، بالإضافة إلى بعض الدول الإقليمية، قد أدركت خطورة الاضطرابات الطائفية في العراق، وأن هذه الاضطرابات قد لا تبقى داخل حدود العراق، بل تمتد إلى عواصم أخرى" .
وأضاف، أن "هذه الدول باتت تشعر بالقلق من ارتدادات الفتنة الطائفية، وبالتالي فإن هناك محاولات جادة لدعم استقرار العراق والتقليل من حدة التوتر الطائفي، لافتًا إلى أن هناك دوافع كبيرة لدى هذه الدول في عدم دعم أي طرف قد يساهم في تصعيد الأوضاع الطائفية".
وأشار عبد الله إلى أن العديد من الدوائر المخابراتية في دول الجوار وبعض الدول الإقليمية قد تورطت بشكل غير معلن في أحداث الاضطرابات التي شهدها العراق بعد عام 2006، عبر دعم مجموعات مسلحة لتحقيق أجندات خاصة، لكن مع تحول هذه الاضطرابات إلى فتنة طائفية امتد تأثيرها إلى عواصم عدة، ما دفع هذه الدول إلى اتخاذ موقف حازم ضد الفتنة الطائفية في العراق".
وأوضح عبد الله أن "هناك ثلاثة أسباب رئيسية وراء هذا (الفيتو الإقليمي)، وهي ارتدادات الفتنة الطائفية إلى دول أخرى في المنطقة، وعودة العديد من المقاتلين من العراق إلى بلدانهم، مما يشكل تهديدًا لأمن هذه الدول، والتأثير السلبي للاضطرابات الأمنية على البيئة التجارية والاقتصادية في المنطقة، مما يفاقم حالة عدم الاستقرار".
وتابع، أن "أي جهة إقليمية لن ترغب في فبركة مقاطع فيديو أو استغلال الوضع في سوريا لإثارة الفتنة الطائفية بين العراق وسوريا، لأن ذلك يتعارض مع (مشروع الشرق الأوسط الجديد) الذي تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقه".
يذكر ان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق محمد الحسان، اكد في كانون الثاني الماضي بان رسالتنا، واضحة ومع استقرار وامن العراق وهو وطن الجميع .
وقال الحسان في مؤتمر صحفي، تابعته "بغداد اليوم"، خلال زيارته للمجمع الفقهي العراقي بالأعظمية، ان "تربة العراق الطاهرة رافضة للمشاريع الطائفية والفئوية والاقصائية، ورسالتنا واضحة، مع استقرار وامن العراق، وهو بلد الجميع، وهو وطن يحتضن الكل"، مؤكدا ان "تربة العراق الطاهرة رافضة للمشاريع الطائفية والفئوية والاقصائية"، محذرا بقوله، "الامم المتحدة ترى مثل هكذا مشاريع طائفية، بيد انه اردف قائلا،" لدينا ثقة بالمواطن وبقدرته على التمييز بين الغث والسمين".
وتُعد الانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق محطة سياسية مهمة في ظل التحديات الداخلية والإقليمية التي تواجه البلاد.