العملية الانتخابية للفترة العاشرة .. نقلة نوعية ملموسة فـي مسيرة الانتخابات فـي سلطنة عمان
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
وزير الداخلية يطلع على سير العملية الانتخابية
مسقط ـ العُمانية: التقى معالي السَّيد حمود بن فيصل البوسعيدي وزير الداخلية باللجنة الرئيسية لانتخاب أعضاء مجلس الشورى للفترة العاشرة أمس بديوان عام وزارة الداخلية، وقد اطلع معاليه على سير العملية الانتخابية التي بدأت حسب ما خُطط لها. حيث أدلى الناخبون العُمانيُّون أمس بأصواتهم لاختيار من يُمثِّلهم في عضوية مجلس الشورى للفترة العاشرة عبر تطبيق (أنتخب).
كما زار معالي السَّيد حمود بن فيصل البوسعيدي وزير الداخلية وعددٌ من أعضاء اللجنة الرئيسية لانتخاب أعضاء مجلس الشورى للفترة العاشرة الإدارة العامة للجوازات والأحوال المدنية بشُرطة عُمان السُّلطانية للتعرف على عمليات الربط الإلكتروني للسجلِّ الانتخابي بسجلِّ الأحوال المدنية. وكان في استقبال معاليه لدى وصوله معالي الفريق حسن بن محسن الشريقي المفتش العام للشُّرطة والجمارك. وفي ختام زيارته، قدَّم معالي السَّيد وزيرُ الداخلية شكره لكافة العاملين في الإدارة العامة للجوازات والأحوال المدنية بشُرطة عُمان السُّلطانية على ما يبذلونه من جهد لتسهيل كافة الخدمات.
كذلك قام معالي السيِّد حمود بن فيصل البوسعيدي وزير الداخلية وعدد من أعضاء اللجنة الرئيسية لانتخاب أعضاء مجلس الشورى للفترة العاشرة، بزيارة إلى غرفة العمليات لإدارة المنظومة الخاصة بالانتخاب وتطبيقاتها التي تمَّت استضافتها في السحابة الإلكترونية بمقرِّ الشركة العُمانية للاتصالات (عُمانتل). وثمَّن معاليه الأدوار التي تقوم بها لتوفير خدمات الاتصال لكافة القرى والولايات والمحافظات تسهيلًا للناخبين للإدلاء بأصواتهم. وأكَّد طلال بن سعيد المعمري الرئيس التنفيذي للشركة العُمانية للاتصالات (عُمانتل) لوكالة الأنباء العُمانية على أنَّ الأنظمة الحمائية تعمل بكفاءة عالية ولم يتم تسجيل أيِّ محاولات لهجمات (سيبرانية). وأضاف: إنَّ العملية الانتخابية عبر تطبيق أنتخب تأتي كجزء من التحوُّل الرقمي في سلطنة عُمان لتثبت أنَّه بالإمكان تسخير التقنية في عمليات معقدة وحساسة كالعملية الانتخابية التي من شأنها الإسهام في تحقيق نتائج مثمرة، وهناك جهود كبيرة من القطاعين الحكومي والخاص لتسهيل انسيابية وسلاسة عملية الانتخاب.
فيما عقدت اللجنة العليا لانتخاب أعضاء مجلس الشورى للفترة العاشرة أمس بوزارة الداخلية اجتماعها لمتابعة سير العملية الانتخابية برئاسة فضيلة الشيخ المختار بن عبد الله بن عيسى الحارثي نائب رئيس المحكمة العليا. وأكدت اللجنة أنَّها لم تُسجّل أي بلاغات عن وجود تجاوزات حتى الآن، والعملية الانتخابية تسير بكُلِّ يُسر وسهولة كما خُطط لها.
وتُعدُّ العملية الانتخابية للفترة العاشرة من خلال النسخة الثانية من تطبيق (أنتخب) نقلةً نوعية ملموسة في مسيرة الانتخابات في سلطنة عُمان حيث أدخلت عليه تحسينات وتحديثات جديدة كخاصية القراءة الصوتية لذوي الإعاقة البصرية (المكفوفين) وميزة لغة الإشارة المتاحة بشكل اختياري لذوي الإعاقة من الصُّم والبُكم. ويتميز التطبيق بواجهة مستخدم سهلة وبسيطة وبمستوى عالٍ من الأمان باستخدام أحدث التقنيات في مجال التشفير، ويتم التحقق من بيانات الناخب في ثلاث خطوات أساسية، وهي: تصوير أصل البطاقة الشخصية من الجهتين، ثم قراءة بيانات البطاقة الشخصية عن طريق خاصية اتصال قريب المدى (NFC)، والتقاط صورة شخصية للناخب.
ووفَّرت وزارة الداخلية أكثر من 12 خدمة انتخابية إلكترونية منها الساحة الحوارية والعديد من الخدمات الانتخابية مثل القوائم الأوَّلية والنهائية للمرشَّحين، والقوائم الأوَّلية والنهائية للناخبين، والتحقق من القيد في السجلِّ الانتخابي، ومتابعة مؤشرات الفرز الآلي في يوم التصويت، ويقدِّم التطبيق أيضًا إحصائية عددية توضح نسبة التصويت في كُلِّ ولاية، والفئات العمرية والنوعية للناخبين، ويتيح خدمة تقديم المقترحات والبلاغات لمستخدمي التطبيق. وذكرت الوزارة أنَّ البيانات والمعلومات ستكون متاحة بكُلِّ شفافية عبر بث المؤشرات والإحصاءات بشكل مباشر خلال يوم التصويت، مؤكدةً أنَّ العملية الانتخابية للفترة العاشرة تتميز بدقة وشفافية البيانات وسرعة تدفقها خصوصًا بعد إدخال جميع الخدمات الانتخابية إلى التحوُّل الرقمي. كما تابعت «اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان» سير العملية الانتخابية لمجلس الشورى للفترة العاشرة التي تتم عبر تطبيق «أنتخب» بعد زيارة فريق من اللجنة للمقر الرئيس للانتخابات بوزارة الداخلية أمس ، واطلع على آلية العمل، وسير العملية الانتخابية. وأشادت اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان بما وقفت عليه من تنظيم متطوِّر وخصوصًا المتعلق بالتحوُّل الرقمي، وإدخال الذكاء الاصطناعي، وبالخدمات والتحديثات التي قامت بها وزارة الداخلية بما فيها متابعة مؤشرات الفرز الآلي في يوم التصويت، ونسبة التصويت في كُلِّ ولاية، ومعرفة الفئات العمرية والنوعية للناخبين، وعرض القوائم الأوَّلية والنهائية للمرشحين، والقوائم الأوَّلية والنهائية للناخبين، والتحقق من القيد في السجلِّ الانتخابي، مما أسهم في تسهيل عملية الانتخاب، وزيادة الإقبال عليها. وأثنت اللجنة بتسهيل وصول ذوي الإعاقة، وتمكينهم من عملية التصويت بسهولة ويُسر عبر خاصية القراءة الصوتية لذوي الإعاقة البصرية (المكفوفين)، وتوفير خيار لغة الإشارة لذوي الإعاقة من فئتي (الصُّم والبُكم).
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الاولي لانتخاب أعضاء مجلس الشورى للفترة العاشرة سیر العملیة الانتخابیة وزیر الداخلیة لذوی الإعاقة الع مانیة معالی الس
إقرأ أيضاً:
«الحماية الاجتماعية» سلطنة عمان .. فصاحة سياسية وجماليات المواطنة
فـي عام 1791م صدر «قانون لو شابيلييه» والذي يحظر عمل التجمعات المهنية النشطة من أجل توفـير الحقوق الاجتماعية للعمال، لكن رغم ذلك وبعيدا عن أعين السلطات نشأ ما يسمى بجمعيات المساعدة المتبادلة والتي كان غرضها مساندة من يفقدون وظائفهم أو يتعرضون لإصابة عمل، وهكذا ظل الأمر فـي توتر بين القوى المهنية والسلطات، ما اضطر عُمَّال فرنسا الانتظار حتى 1898م حيث صدر «ميثاق التعاونية». والجمهورية رائدة فـي مجال الحماية الاجتماعية وقد صاغت تصورا فلسفـيا فـي 1945م، تصورٌ يستجيب للخصائص الثقافـية، ما جعل مظلتها الاجتماعية مُشبعة بالكثير من الالتزامات الأخلاقية تجاه الشرائح الأضعف.
والواقع أن تعبير «حماية» يحمل دلالات واسعة تستند على مفهوم أنْسنَة أساليب الحكم والإدارة، كَوْن الحماية الاجتماعية شكلٌ من أشكال التَّضَامُن يبني قيما مشتركة فـي المجتمعات، ويكرس مفاهيم المساواة والحرية.
ويقف ضد مفهوم « السِّعْر» كمعنى اقتصادي متجذر فـي الدولة الحديثة يحدد علاقتها بمواطنيها، وهنا فالقيمة المركزية المُحَرِّكة للسلطة قيمة أخلاقية متعددة الجوانب، فـ «الخير والعدالة» بل حتى جماليات القانون، وهذه كلها سيعاد ترتيبها فـي سياق أكثر إنسانية يرتفع بفكرة الدولة من مجرد آلية تنفـيذية إلى فضاء سياسي يعتمد فـي أشغاله توفـير الحقوق وتسنيدها إلى جملة مظاهر التمثيلات الاجتماعية للفردي والجماعي فـي المجال العام. وفـي لغتنا تكتسب لفظة «حماية» معنى أكثر بلاغة، فالحماية هي «الوقاية» وحمَى الشَّيءَ من النَّاس: منعه عنهم، والحقيقة أنه جَرَتِ العادة أن تقوم الدول بصياغة قوانين لحماية مجالها الاقتصادي ما يدفعها أحيانا إلى التدخل فـي توجيهه لتحقيق أهداف ربحية من الأساس، ومن ذلك تشجيعها الصناعات المحلية وفرض رسوم جمركية على بعض الواردات، كل هذا مفهوم ومعلوم، لكن تتجلى إنسانية حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه، فـي رؤية عميقة للسياق الاجتماعي لشعبه فإصداره المرسوم السلطاني الخاص بالحماية الاجتماعية فـي عام 2023م، يكشف عن امتلاكه فلسفة اجتماعية متقدمة بمعايير وطننا العربي، فلسفة قِيَم أهمها قيِّم المواطنة والتَّضمين الإيجابي، وهو اعتراف بليغ بأن المجتمع يشكل مرجعية وأنه مرآة ترى فـيها السلطة نفسها أكثر. فالشرائح التي يخدمها هذا القانون هي: (كبار السن، الأطفال، ذوو الإعاقة، الأيتام والأرامل، الأسر المتعففة).
ويكشف هذا التقسيم استناده إلى نظرية اجتماعية مرتبطة بأبعاد أخلاقية، أما ومن هذه الشرائح كبار السِّن وهي فئة مهملة فـي منطقتنا العربية، ومن مظاهر هذا الإهمال أنهم وبعد حياة حافلة بالعطاء والنشاط يُحْتَبَسُونَ فـي فضاء محدود، ليعيشوا حالات من العزلة الشعورية بسبب تباين نشاطهم الاجتماعي وبقية الشرائح الأخرى، وما زلت أذكر جَدَّي وهو يُودّع حياته المهنية وكيف تبدلت أحواله النفسية وتغيرت طبائع سلوكه، فالرجل اختار مكانا خاصا فـي الدار كإعلان عن عزلة إجبارية مظهرها الأجلى فقدانه دوره القديم فـي رعاية الأسرة، ما انتهى إلى ابتعاده تدريجيا عن الجميع، والمُشرق فعلا فـي هذا القانون أنه يشمل النساء ممن بلغن الستين، والحق أنها التفاتة مشبعة بقيمة العدالة الاجتماعية، فهذه الشريحة من أمهاتنا وجدَّاتنَا يعيشون على الهامش الاجتماعي، ليأتي هذا القانون حماية لهن وبموجبه لن يكون من المحتمل أصلاً التفكير فـي مؤسسات لرعايتهن فـي حال تسربت مستقبلا فكرة دار للعجزة، فالتعبير السابق «عَجزة» يرتبط أكثر بعدم القدرة على الإنتاج فـي نواح عديدة، ولابد من إشارة أن هذا الفعل يضع سجال النسوية فـي مأزق، ويُغَيِّر فـي طبيعته بجعله نابعا من سياقه الخاص وليس مجرد صدى لما يبيعه لنا الوعي الغربي، وهنا تكمن صلاحية هذا الفعل بصورة لا مثيل لها، وبالتالي يعالج جملة مشكلات بطريقة استشرافـية متينة التركيب لأن إيلاء الاهتمام بهذه الفئة من المجتمع يعزز عمليات التضمين فـيها هذا خلاف أنه اعتراف وتكريم مستحق ويمدها بالقدرة على الإسهام فـي العطاء ويُحَسّن من سلامها النفسي، ومن المكاسب الخفـية أن ديمومة القدرة المالية لهذه الفئة يشكل حافزا لها للانخراط أكثر فـي المجال الأسري والعام ما يُقْوِي من عمليات التمثيل الاجتماعي المتوازن.
أما الأكثر بلاغة فـي هذا القانون اهتمامه بشريحة الأطفال، والواقع أن هذا أمر غير مسبوق، ولكن ما يلفت أكثر، ليس فقط الجانب المادي من المنفعة، بل الفصاحة السياسية المؤنسِنة لِقيم الحداثة، ويضيف هذا القانون بعدا جديدا فـي مفهوم المواطنة، ذلك أنه قد استقر مفهوم «الحقوق والواجبات» كثنائية جوهرية فـيها، لكن هذا القانون يخترق الإطار بحيث يقدم الحق على الواجب بهدف تمكين الأطفال من بناء هويتهم المالية، ولا يكفـي النظر إلى هذه المسألة كآلية من آليات تحسين دخل الأسرة فقط، بل إن الجانب الأقوى فـيها تعميره الرابطة التي ستنشأ بين أجيال من الأطفال ووطنهم الأم، فهذه المنفعة تقدم دعما ماليا شهريا لهم من الولادة وحتى سن 18 عاما، وهذه رؤية واعية بأهمية ربط السياسة بالاجتماعي قبل الإجرائي، وما تعالجه هذه المنفعة شيء آخر شديد الأهمية وهو زيادة الوعي بالسياسة المالية للطفل، فللأسف يتأخر أطفالنا فـي تقدير جهد معيليهم وتنمو حاستهم تجاه هذه الرعاية بصورة اعتمادية ما يكرس فـيهم أبوية خالدة تنتقل من الأسرة إلى الدولة، أما الآن فإنهم يزدادون وعيا بأهمية الثقافة الادخارية، وسبل كسب العيش ما يقف بقوة ضد أي تفلتات اجتماعية قد يتسبب فـيها الفقر، وفـي هذا وعي عظيم بضرورة ترابط البنى وأهمية الحفاظ على التوازن الخادم لفكرة السلام الاجتماعي، هذا من جانب، والجانب الآخر أن فكرة الوطن ستتعمق فـي وعيهم بقوة، ما يحفز فـيهم الانتماء الفَعَّال ليس فقط لحصولهم على المال بل الأمر يتعلق بتوطيد الصلة العقلية والوجدانية مع وطنٍ يَعتبر أطفاله مواطنين كاملي الأهلية حتى وإن لم ينخرطوا بَعْد فـي السياقات التقليدية لخدمة أوطانهم.
ينبغي الكشف أكثر عن الجوانب الاجتماعية فـي قانون الحماية الاجتماعية، وضرورة قياس الأثر والعمل على تأسيس «مختبر» يعمل على مراقبة هذه العلاقات التي تقوم بين عناصر التكوين الاجتماعي طمعا فـي تطويرها وتلافـي أي قصور قد يعتريها، وستظل الفائدة الأكبر هي الحفاظ على التماسك الجمعي للشعب، وحماية أفراده من أي توترات قد تتغذى على عناصر غير مراقبة فـي الظاهرة، وما يُسْتَخلص من قانون الحماية الاجتماعية فـي سلطنة عمان أنه يؤسس لمعنى جديد فـي الحكم والسلطة، معنى يستند على المواطنة الجمالية فـي أكثر تجلياتها إنسانية.
غسان علي عثمان كاتب سوداني