بعد انتهاء الحرب بين تل أبيب وحركة "حماس"، ستجد السلطة الفلسطينية، برئاسة محمود عباس (87 عاما)، نفسها أمام سيناريوهين سيحددان مستقبلها، فإنا أن تعقد "صفقة جديدة" مع إسرائيل أو تتخذ خطوات تدفع "بشكل حقيقي نحو تقرير المصير الفلسطيني".

تلك القراءة طرحها كل من أنس قطيط وتريستان دانينج، في تحليل موقع "وورلد بوليتيكس ريفيو" (WPR) ترجمه "الخليج الجديد"، على ضوء الحرب المتواصلة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

وقال قطيط ودانينج إن "الحرب المستمرة أثارت تساؤلات جدية حول الأهمية السياسية والاستراتيجية للسلطة الفلسطينية".

وتابعا أن "الحرب جاءت في أعقاب تصعيد غير مسبوق للعمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، ما يعكس تأييد الحكومة الإسرائيلية اليمينية الحالية الضمني لأنشطة وتعديات المستوطنين في الضفة".

وأضافا أن "الوضع الراهن في غزة يفاقم الوضع المتردي أصلا في الضفة الغربية؛ مما يشكل اختبارا إضافيا لقدرة السلطة الفلسطينية على الصمود".

و"من المرجح أن يؤثر رد فعل السلطة الفلسطينية على مستقبل بنيتها التحتية المدنية والأمنية، حيث تتحول قدرتها على البقاء على المدى الطويل الآن من كونها موضع نقاش أكاديمي إلى أولوية سياسية عاجلة"، كما أردف قطيط ودانينج.

وزادا بأن "الدوائر داخل مجتمع صنع السياسات الإسرائيلي تشارك الآن بنشاط في المناقشات الرامية إلى منع الانهيار المحتمل للسلطة الفلسطينية".

اقرأ أيضاً

عين على الأنبار وسيناء.. تطهير عرقي إسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني

3 تحديات

وهناك ثلاثة تحديات في السنوات الأخيرة "تلعب دورا محوريا في تشكيل مستقبل السلطة الفلسطينية، وهي التصعيد الدراماتيكي لعنف الجيش الإسرائيلي والمستوطنين في الضفة الغربية؛ ما أدى إلى ظهور مراكز المقاومة الفلسطينية في شمال الضفة"، كما أضاف قطيط ودانينج.

وتابعا: وكذلك "تراجع الاستقرار المالي والمؤسسي للسلطة الفلسطينية، والتحولات الإقليمية في شكل تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية والتخلي الفعلي عن مبادرة السلام العربية لعام 2002".

ومن أصل 22 دولة، تقيم 5 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي تواصل احتلال أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان منذ حرب 1967.

وترفض الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة مبادرة السلام العربية، التي تعرض إقامة علاقات طبيعية بين الدول العربية وإسرائيل، مقابل انسحابها من الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.

و"يبدو أن الحرب في غزة دفعت السعوديين إلى إيقاف المناقشات حول صفقة تطبيع محتملة مع إسرائيل، لكن ما لم تسفر الحرب عن تحولات إقليمية زلزالية، فمن المرجح أن تعود القضية الفلسطينية إلى أسفل قائمة أولويات عدد كبير من القادة الإقليميين"، وفقا لقطيط ودانينج.

اقرأ أيضاً

لبحث التصعيد الإسرائيلي على غزة.. عباس يدعو لقمة عربية طارئة

موقف سلبي

قطيط ودانينج قالا إن "الغياب الواضح للسلطة الفلسطينية كعامل سياسي في الصراع الحالي يؤكد عجزها الاستراتيجي".

وأضافا أن "مبادرة حماس لشن الحرب تتناقض بشكل صارخ مع الموقف الصامت والسلبي الذي تبنته السلطة الفلسطينية في مواجهة التعديات والعنف الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، ما يؤدي إلى تضخيم عجز السلطة عن حماية أمن وحقوق الفلسطينيين".

وفي 7 أكتوبر الجاري، أطلقت "حماس" عملية "طوفان الأقصى" ضد إسرائيل؛ ردا على اعتداءات  الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة.

و"سيكون للحرب  آثار كبيرة على الديناميكيات المتطورة للتمثيل السياسي الفلسطيني، وفي حال القضاء التام على حماس في غزة، وهو غير مرجح، فستمثل السلطة الفلسطينية الخيار المعقول الوحيد لحكم القطاع، كما فعلت بين 1995 و2007"، كما أردف قطيط ودانينج.

واستدركا: "مع ذلك، فإن رغبتها وقدرتها على القيام بذلك تظل موضع شك؛ نظرا للأزمة الإنسانية الهائلة التي ستواجهها غزة، والفوضى التي ستنشأ في حال القضاء على حماس، والازدراء العام الذي تعاني منه السلطة الفلسطينية بالفعل في أعين غالبية الفلسطينيين".

واستطردا: "كما أن افتقار السلطة الفلسطينية إلى الشرعية الشعبية سيتفاقم إذا شوهدت وهي تعود إلى غزة خلف الدبابات الإسرائيلية ووسط الجثث الفلسطينية، بينما ظلت على الهامش أثناء الحرب".

اقرأ أيضاً

الإطاحة بحماس تهدد بانهيار السلطة الفلسطينية.. إليك الأسباب

صفقة أو تغيير

وقال قطيط ودانينج إنه "مع تراجع أهمية السلطة الفلسطينية محليا ودوليا، فقد تختار عقد صفقة جديدة مع إسرائيل شبيهة باتفاقيات أوسلو (في تسعينيات القرن العشرين) كجزء من عملية التطبيع الإسرائيلية السعودية، لحماية عدد كبير من الجهات الفاعلة التي لها مصالح خاصة مالية أو غير ذلك".

وتابعا أنه "في حال استمرار وجود السلطة الفلسطينية، فسيعني ذلك استمرار العمل كمقاول أمني لإسرائيل؛ مما يزيد من تعريض شرعية السلطة للخطر، وخاصة في أعقاب الحرب في غزة".

و"بدلا من ذلك، يمكن أن تسعى السلطة إلى إظهار القيادة وتغيير الوضع الراهن الراكد منذ فترة طويلة، والدفع بشكل حقيقي نحو تقرير المصير الفلسطيني"، كما أضاف قطيط ودانينج.

وأوضحا أن "ذلك يمكن أن يشمل إحياء حقيقي لمنظمة التحرير الفلسطينية المهمشة، وضمان أنها تمثل جميع الفصائل السياسية الفلسطينية وتشمل الفلسطينيين في كل من فلسطين والشتات".

و"كما يمكن للسلطة الفلسطينية أن تدعو إلى تشكيل حكومة أزمة أو مجلس قيادة يُخصص لاتخاذ قرارات محورية بشأن مستقبل الحركة الوطنية الفلسطينية، خاصة في ظل المحاولات المستمرة لمحو الوجود الفلسطيني في أجزاء من غزة والضفة الغربية.. وفي أي من السيناريوهين، فإن المسار الذي تختاره السلطة سيحدد مستقبلها"، كما ختم قطيط ودانينج.

اقرأ أيضاً

بعد هجوم الناشطين.. الوكالة الفلسطينية تعدل بيان عباس الذي هاجم فيه حماس

المصدر | أنس قطيط وتريستان دانينج/ وورلد بوليتيكس ريفيو- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: غزة حرب حماس السلطة الفلسطينية مستقبل إسرائيل للسلطة الفلسطینیة السلطة الفلسطینیة الضفة الغربیة مع إسرائیل اقرأ أیضا فی الضفة فی غزة

إقرأ أيضاً:

المقاومة الفلسطينية تواصل استهداف العدو الصهيوني في كافة محاور التوغل في غزة

يمانيون../
فيما طوى العدوان الصهيوني على قطاع غزة يومه الـ438 تواليا، تواصل المقاومة الفلسطينية التصدي للقوات الصهيونية المتوغلة في كافة محاور التوغل بقطاع غزة، والتي أسفرت حتى اللحظة بحسب اعترافات جيش العدو عن مصرع المئات من ضباطه وجنوده وإصابة عشرات الآلاف، بالإضافة إلى تدمير المئات من آلياته العسكرية كلياً أو جزئياً.

فخلال الساعات الـ48 الأخيرة كبدت فصائل المقاومة الفلسطينية قوات العدو الصهيوني خسائر في عدة مواقع، حيث أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، عن تمكن مقاتليها من الاشتباك مع قوات صهيونية متوغلة داخل مخيم جباليا شمال قطاع غزة.. مؤكدة قتل وجرح 14 جندياً في عدة كمائن.

وقالت القسام في بيان لها عبر قناتها على “تلغرام” أمس الثلاثاء: “تمكن مجاهدو القسام من الاشتباك مع قوة صهيونية راجلة غرب معسكر جباليا وأجهزوا على ثلاثة جنود من المسافة صفر وشوهدت الطائرات المروحية تجلي القتلى والمصابين”.

وفي بيان لاحق أكدت القسام تمكن مجاهديها من تفجير منزل مفخخ في قوة صهيونية قوامها 11 جندياً وإيقاعهم بين قتيل وجريح، بالإضافة إلى ذلك تم تدمير ناقلة جند لجيش العدو بعبوة “شواظ” وسط مخيم جباليا شمال قطاع غزة.

بدورها، أفادت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بأنها قصفت بقذائف الهاون النظامي “عيار 60” تجمعات لجنود وآليات العدو المتوغلين في محيط مسجد العطار جنوب غرب مدينة رفح.

وعرضت السرايا عبر منصتها على “تليغرام”، مشاهد لما قالت إنه “استحكام مدفعي” على جنود وآليات العدو المتوغلين في حي الجنينة شرق مدينة رفح.

كما أعلنت سرايا القدس أنها قصفت بقذائف الهاون، مقر قيادة وسيطرة تابع لقوات العدو في “موقع أبو عريبان” بمحور “نتساريم”.

من جانبها، أعلنت كتائب المجاهدين أن مجاهديها استهدفوا تمركزًا لجنود العدو الصهيوني في منطقة السودانية شمال غرب مدينة غزة بـ “صواريخ حاصب التكتيكية”.

وقصفت كتائب شهداء الأقصى، وفق بيان لها، مقر قيادة وسيطرة تابع لقوات العدو محيط مستشفى الصداقة في محور “نتساريم” بصاروخين “107”.

يأتي ذلك في الوقت الذي، اعترف فيه جيش العدو الصهيوني، بمصرع ضابط وجندي بمعارك رفح جنوب قطاع غزة.

وأعلن المتحدث باسم جيش العدو عن مصرع ضابط وجندي، في معارك رفح جنوب قطاع غزة، أحدهما من لواء “الناحال”، والثاني لم تنشر عنه معلومات بعد.

وأفادت إذاعة جيش العدو الصهيوني بمصرع الرائد بجيش الاحتياط موشيكو ماكسيم روزنفلد، قائد سرية بكتيبة الهندسة 7107 التابعة للواء ناحال، قُتل جراء انهيار مبنى في رفح؛ جندي آخر قُتل في الحادث، ولم يُسمح بعد بنشر اسمه.

ومساء الاثنين، قتل جنديان صهيونيان على الأقل وأصيب آخرون، في كمين تعرضوا له بمدينة رفح جنوب قطاع غزة.

وأوضحت مصادر في جيش العدو أن الجنود وقعوا ضحية لانهيار مبنى تم تفخيخه مسبقًا، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوفهم، ولم تذكر المصادر تفاصيل إضافية حول الحادثة أو العدد الدقيق للإصابات.

في سياق متصل، وثّقت معطيات رقمية صادرة عن قسم التأهيل في وزارة الحرب الصهيونية، إصابة 13 ألفا و500 من الجنود الصهاينة بنيران المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.

وذكر موقع “0404” الصهيوني نقلا عن قسم التأهيل في جيش العدو أن هناك ارتفاع بنسبة 20 في المائة بعدد الخاضعين للعلاج، حيث ارتفع عدد الجنود الخاضعين للعلاج من 62 ألف إلى 75 ألف.

وأضاف: إن الأعداد الجديدة وهم حوالي 13,500 كلهم من مصابي حرب “السيوف الحديدية” (معركة طوفان الأقصى) بقطاع غزة.

ولفت قسم التأهيل بوزارة الحرب الصهيونية أن نحو 13700 جندي ممن يتلقون الدعم هم من المصابين في هذه الحرب، وأن 8500 منهم يعانون من إصابات جسدية، و5200 يعانون من اضطرابات نفسية

ومؤخرا، ذكرت هيئة البث الصهيونية أن هناك توقعات من تصاعد الأزمات النفسية الناتجة عن الحرب، وارتفاع في حالات الانتحار مع انتهاء الحرب، وعودة الأوضاع إلى طبيعته، وفقا لما أوردته لجنة الصحة في “الكنيست” الصهيوني.

وذكرت دراسة صهيونية أن أكثر من 520 ألف شخص في الأراضي الفلسطينية المحتلة تعرضوا لـ”اضطراب ما بعد الصدمة” وبحاجة لرعاية وعلاج، كما شهدت دراسات إضافية على سوء الحالة النفسية لدى الصهاينة بسبب الحرب الطويلة.
سبأ

مقالات مشابهة

  • ترحيب إسرائيلي بهجوم السلطة الفلسطينية على المقاومة في جنين
  • المقاومة الفلسطينية تواصل استهداف العدو الصهيوني في كافة محاور التوغل في غزة
  • قائد كتيبة جنين: السلطة الفلسطينية طلبت تسليم سلاحنا ورفضت كافة الحلول
  • حماية وطن..السلطة الفلسطينية: مستمرون في بسط الأمن والقانون في جنين ومخيمها
  • عباس يخشى سقوط السلطة الفلسطينية وبداية “تمرد” داخل أجهزة الأمن وحالة غضب وغليان شعبي في الضفة -تفاصيل
  • حملة حماية وطن الفلسطينية تحمي المحتل!
  • الوثائقي الفلسطيني من المسافة صفر يترشح لجائزة الأوسكار
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: نريد أن نرى نهاية لهذه الحرب بأي شكل
  • الخارجية الروسية: مستقبل سوريا يجب أن يحدده السوريون بأنفسهم
  • «مهرجان قرطاج» يحتفي بالسينما الفلسطينية