منذ أكثر من سبعين سنة وتحديدًا سنة 1950 كتب الصحفى محمد التابعى وما أدراك من هو، مقالًا فى مجلة «آخر ساعة» تحت عنوان «فوضى الألقاب» يسخر فيها من تلك الألقاب التى كانت سائدة فى ذلك الوقت، وكان يعترض على لقب «أستاذ» الذى كان يُطلق على كل «هلفوت» هذا على حد قوله، وأعطى أمثله لذلك، بأن الأستاذ شكوكو والأستاذ على الكسار وصاحبة العصمة «للراقصة سامية جمال» هذا اللقب لا يجوز أن يوصف به إلا الوزراء والقضاة والمحامين.
لم نقصد أحدًا!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمد عبدالوهاب
إقرأ أيضاً:
فوضى "المحمول"
بلغت التكنولوجيا وثورة الاتصالات مبلغاً لم نكن نتخيل الوصول إليه من قبل، وصار المرء منا لا يتخيل أن يستغنى عن هاتفه الذي صار أشبه بعضو جديد نما لدى الإنسان في هذا العصر إذ صار "يده الثالثة" وإذا نسيه ذات مرة فإنه يشعر أن شيئاً عظيماً ما ينقصه وصارت تطبيقات الهاتف المحمول تمتزج بحياة المرء منا سواء فى عمله أو حياته الخاصة.. إلخ.
ولا شك أن تلك التكنولوجيا لها من الفواىٔد ما لا يحصى بالنسبة للإنسان في شتى المجالات العملية والشخصية، إلا أنه ثمة جانب آخر بغيض يرتبط ببعض الممارسات الغريبة المنتشرة التى قد تؤدى بك إلى أن تلعن النت والنتيت والمحمول وكل أشباهه.
فقد تضطرك ظروفك إلى استقلال إحدى المواصلات العامة، وتجلس بجوار شخص ما، لكن لا يلبث هذا الشخص أن يخرج هاتفه المحمول ثم يبدأ فى الاستماع لإحدى فقرات «التوك توك» أو اليوتيوب بصوت عال يجلب لك الصداع دون أدنى اهتمام، وحينما تحاول تنبيهه كى يخفض صوته قليلاً أو يستخدم "سماعة"، فإنه ينظر لك باستغراب شديد ويخفض صوته على مضض هذا إن فعل ذلك من الأساس، بل قد يتطور الأمر إلى مشاجرة حامية الوطيس!!
وقد يجلس آخر بجانبك كى يتحدث مع أحدهم على هاتفه ويمكث طيلة وقت المواصلة يتجاذب أطراف الحديث بصوت عال تعرف من خلاله تفاصيل حياته كاملة بل تاريخ ميلاده وتفاصيل علاقاته الشخصية، أو تلك السيدة التى تعاتب صديقتها بصوت جهورى وهى تتحدث فى هاتفها المحمول على الملأ دون اهتمام بأن يسمعها أحد أو ما شابه وهكذا قد تعرف تفاصيل حياة الشعب المصرى كله أثناء استقلالك المواصلات العامة فى ظاهرة تعبر عما وصلنا إليه من ضوضاء سمعية تفقد المرء صوابه بل وقد تدفعه للجنون!!
ويرتبط بما سبق سلوك آخر في السياق نفسه، ويعد من أكثر مظاهر عدم احترام الخصوصية الآخر، يتمثل فى ذلك الفضول الغريب الذى أصبح سمة لا تنفصل عن شخصية الكثيرين بشأن ما تفعله أو تقرأه عندما يجبرك القدر على الجلوس بجوار أحدهم، إذ يمد أحدهم «بوزه» ليرى ما تشاهده على هاتفك المحمول، أياً كان ما تفعله، سواء عندما تقرأ كتاباً أو تشاهد صوراً خاصة بك أو حتى تلعب إحدى الألعاب لا يبالى بل قد تفاجأ بأحدهم يناقشك فيما تقرأ -حدث لى ذلك بالفعل إذ فوجئت بأحدهم يسألنى وهو متجهم الوجه وهو يشير إلى ما أقرأه قائلاً: «هل حضرتك موافق على الكلام المكتوب ده»، فسألته باندهاش «وانت مال حضرتك ده حاجة خاصة» وكاد ينقلب الأمر إلى ما لا يحمد عقباه!!- أو يحملق إلى صورتك الخاصة بشكل مستفز أو حتى يقترح عليك أن تلعب بشكل معين معتبراً نفسه مدربك في هذه اللعبة!!!
إنه نوع من سوء الأخلاق طال كل شىء الآن فلم يعد احترام الآخر ذا قيمة، ووصل الأمر إلى استباحة كل ما يخصه، فمن يعطى لنفسه الحق فى مشاهدة ما لا يخصه قد يتجاوزه لاستباحة ما هو أكثر..
هى سلوكيات قد يراها البعض بسيطة، لكنها تحمل فى العمق منها الكثير، فمن لا يحترم خصوصية الآخرين فى أبسط الأشياء بالتأكيد لن يحترمها فيما هو أكثر وقد يتطور الأمر لديه ليشمل التعدى على ما يتجاوز خصوصيته إلى ما يتعلق بماله أو عرضه أو ما هو أكثر من ذلك، فمعظم النار من مستصغر الشرر. فقط عليك أن تدرك أن لكل شخص مساحة عليك احترامها وألا تتجاوزها حتى لا يتجاوز الآخرون في حقك.