بوابة الوفد:
2025-03-06@09:51:54 GMT

الشعر والحياة

تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT

الشعر يكتبنى جَمْرا فأتّقدُ. حينما كنت فى الابتدائية، كنت أذهب مع أبى رحمه الله إلى مجلس الخلوتية الصوفى وكان المُنْشِدون ينشدون أشعارًا أعجبتنى لجمالها وحلاوة أصواتهم. انضممتُ إليهم واحدًا من الجوقة أولا ثمّ غدوتُ منشدًا. كان الناس يهيمون على صوت المنشدين وكنت أرقبُ هذا الوجْد الذى يتخللهم وكأن بهم مَسًّا من سحر، عرفتُ أن هذى الحالة «جَذْبة» فازوا بها، وعندما ينشد المنشد:

«سلَبتْ ليلى منى العقلَ/ قلت: يا ليلى ارْحمى القَتْلى

كان النّاس يتحولون إلى طيور بيضاء تهيم فى الفضاء.

وكنت أتخيّلهم كائنات تحلّق فى فضاء الله. حفظتُ صغيرًا من المنشدين الكبار ديوان ابن الفارض، و ديوان عبد الرحيم البرعي، وبعض أشعار ابن عربى والحلاّج والشيرازى دون أن أرى دواوينهم. ولأنّه على المنشد أن يغدو ملحنا لهذه القصائد على إيقاع الذّكر، لم يكن الأمر سهلا، لكن ألفيتُ نفسى أحفظ وإن نسيت أكملُ من عندى حتّى لا يختل الإيقاع. فأنا مدين لأبى وكان شاعرًا عموديًا، ولأخى محمود وكان شاعرًا أيضا ولهذه الأجواء الصوفية التى جعلتنى أكتب شعرًا فى ليلى المحبوبة وعن الكأس والخمر التى شرب منها ابن الفارض قبل الخلق فسكر بها على حد قوله:

«شربنا على ذكر الحبيب مُدامةً/ سكرْنا بها من قبل أن يُخلق الكرْمُ»

من هنا جاءت بداية شعري، وعندما كنا نذهب لمزارعنا كان الشعراء الجوّالون يمرّون علينا ليحكوا السّيرة الهلالية ويتجمّع الناس حولهم فى حلقات وكان شاعر الرباب يحرّك وجدانهم فيتفاعلوا مع أبو زيد الهلالى أو الزناتى خليفة فى تونس الخضراء:

«صرخ الزناتى وقال آخْ/       يا تونسْ تعبتِ معايا

ما فضلشْ ولا خِل ولا آخْ/      فى الحرب يسندْ ورايا»

وتتعالى صيحات الجمهور يطالبون أن يردّد من جديد وكلٌّ يبكى وينحب وجيعته.

كانت النّساء يجتمعن فى الأفراح والأحزان يرثين المتوفَّى «بالعديد» فى مشهد لا أنساه ما حييت، وقد التحفن بالعباءات والملاءات السّوداء نائحات:

«كنتْ فين ْيا وعدْ يا مقدرْ/ كنت فى خزانةْ وبابها مصدّرْ

قبْر مِينْ إلّى البقرْ داسُهْ/ قبر الحبيب إلّى هجَرْ ناسُه»

كنّ يرددن هذه الأبيات فى نظام عجيب وأنا أرى الحزن فى قلوبهن وعيونهن فتتحول الجنازة إلى غناء أسطورى جمْعى حزين... بين هذا وذاك... بدأ الشّعر يكتبني

خاتمة الكلام

كم قلتُ إنى اعتزلتُ الشعر، معذرةً/

الحبُّ يكتبنى شعرا، فأتّقدُ.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الشعر والحياة الشعر الم ن ش دون سحر

إقرأ أيضاً:

تزيين ديوان مجلس مدينة بورفؤاد احتفالا بشهر رمضان

شهد ديوان مجلس مدينة بورفؤاد وضع "زينة رمضان" على واجهات الديوان الخارجية والمداخل الخاصة بالعاملين بالديوان، وأيضاً مداخل المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين ومركز إصدار تراخيص المحال العامة.

ووجه الدكتور إسلام بهنساوي، رئيس مدينة بورفؤاد، في وقت سابق مديري الإدارة الهندسية، وإدارة العلاقات العامة، وإدارة المشروعات، وإدارة الكهرباء، وإدارة تحسين البيئة، بالاستعداد وتجهيز عدد من المجسمات بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم.

في السياق ذاته، هنأ الدكتور إسلام بهنساوي، رئيس مدينة بورفؤاد، أهالي المدينة وذلك بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم، متمنياً  أن يأتي الشهر الكريم محملاً بالخير والبركات على الأمة الإسلامية ومصرنا الحبيبة، وأن يعم الاستقرار والأمان أرجاء الوطن.

في سياق متصل، تشهد مدينة بورفؤاد أجواءً احتفالية بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك متمثلة في وضع زينة رمضان في الشوارع، وإضاءة واجهات المساجد.

مقالات مشابهة

  • متقاعدون يبحثون عن عمل: رواتبنا لا تكفي والحياة مكلفة
  • مسلسل كامل العدد ++ الحلقة 6.. «ليلى وأحمد» يفقدان السيطرة على الأبناء
  • كلمات رديئة لميثم راضي.. أن تكون شاعرًا عراقيًا
  • مُعلّقة حسن المطروشي
  • تزيين ديوان مجلس مدينة بورفؤاد احتفالا بشهر رمضان
  • الخليل بن أحمد الفراهيدي
  • الغريب عبد الله قاضي… حين يموت الكبار في صمت الصغار
  • مسلسل "المداح 5" يفتح النار على ليلى عبداللطيف.. ما القصة؟
  • ليلى الدبة الأم.. ملخص الحلقة الرابعة من مسلسل كامل العدد 3
  • ماجد المصري: اتمرنت في النادي الأهلي.. وكان لدي رغبة أن أكون واحدا من أبطال الرياضة المصرية