الإخوان الإرهابية ومسيرة التلون والتواطؤ (١١٥)
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
نستكمل حديثنا اليوم مع المحاولة التى كشفت تخوف جهاز أمن الدولة من أن يحصل أبو العلا على الحزب، ثم يلقى به فى حجر عبدالمنعم، وبذلك يكون ألقاه كله فى حجر الإخوان المسلمين، لكن وضح أيضا أن الأجهزة الأمنية كانت على استعداد تام لمنح أبو العلا الترخيص بالحزب إذا وافق على شروطها أو استجاب لها بالطريقة التى تريدها، فلم تكتف الأجهزة الأمنية بإعلانه أنه يختلف عن الجماعة أو مع عبدالمنعم، بل كانت تريده أن يعلن الحرب عليهم جميعا، لم تكن هذه هى المفاجأة الوحيدة بل كانت هناك مفاجأة أكبر عزيزى القارئ، لقد حدث اتفاق تام يصل إلى درجة الصفقة الكاملة بين نظام مبارك وجماعة الإخوان المسلمين لوأد حزب الوسط وعدم تمكينه من الخروج إلى النور، وقد تتعجب من تحالف النظام والإخوان على أحد قيادات الجماعة السابقين، لكن هذا ما حدث بالفعل والوقائع الآتية تؤكده وتدعمه.
كان هناك إصرار من جماعة الإخوان على تعطيل حزب الوسط، ولذلك لجأت إلى كل الطرق لتحقيق ذلك، فقد ضغطت على المؤسسين الأوائل فى ١٩٩٦ وحصلت على تنازلات من بعضهم مثل صلاح عبدالمقصود، وجمال حشمت، وآخرين، وذهب اثنان من محامى الجماعة هما مختار نوح، ومأمون ميسر بالتنازلات إلى المحكمة، وانضما إلى محامى الحكومة ضد حزب الوسط، وفى العام ٢٠٠٥ وبعد أن صدر تقرير مفوضى الدولة لصالح حزب الوسط، وهو التقرير الذى شهد بتميزه، وقتها خرج مهدى عاكف وقال إنه صاحب هذا الحزب، وقام أبو العلا بعمل إنذار على يد محضر له، وكتب ردًا مطولًا على كلام مهدى سرد فيه القصة الكاملة لحزب الوسط، كان هدف مهدى عاكف واضحًا من التصريح بأنه صاحب فكرة حزب الوسط، وأنه من وضع فكرته، فقد أراد الرجل العجوز أن يقدم لنظام مبارك الحجة التى يضرب بها أبناء الحزب، فها هو أبو العلا يتخفى تحت عباءة الوسط من أجل الحصول على حزب يقدمه للإخوان المسلمين، وكان النظام قد ابتلع الطعم، لأنه يروق له بالفعل، وعطل الحزب ولم يمنحه الترخيص، ولذلك حاول أبوالعلا ماضى أن يفسد هذه المحاولة، لكنه كان يفشل طوال الوقت.
لم ينزعج أبو العلا ماضى مما تقوم به الجماعة مع حزب الوسط وقتها قال «إنهم منزعجون من حزب الوسط ولا يريدونه أن يخرج إلى النور، لأنهم يعتقدون أننا نخطط لنأخذ منهم الأعضاء، وهو كلام ليس صحيحًا على الإطلاق، فأعضاء الإخوان لا يصلحون للعمل السياسى، إننا نريد أن نضم مواطنين مصريين عاديين وطبيعيين، تدينهم بسيط، إننا لا نريد أن نكون الإخوان بشرطة، ولابد أن يعرف الجميع ذلك»؛ وفى غضب واضح قال أبو العلا «الإخوان يتعاملون معنا بشماتة رهيبة، ويستغلون رفض الحزب كل مرة فى تثبيت أعضاء الإخوان، يقولون لهم لقد خرج «أبوالعلا» ومن معه وحتى الآن لم يستطيعوا أن يفعلوا شيئًا، ولذلك فإننى أقول وبصراحة إن التأخير المتعمد فى الإفراج عن حزب الوسط وإخراجه للنور يصب فى النهاية فى مصلحة الإخوان المسلمين دون غيرهم»؛ فلم يكن هذا هو ما فعلته الجماعة لتعطيل حزب الوسط فقط فعندما أعلن أبو العلا ماضى أنه سيتقدم بأوراق حزبه للمرة الرابعة خرج عصام العريان وقال دون أن يسأله أحد وكان ذلك فى ندوة بجريدة الشروق إن الإخوان هم أصحاب حزب الوسط.
كان العريان يكرر نفس السيناريو السابق الذى انتهجه مهدى عاكف، يستبق الأحداث بأن يلصق الإخوانية الواضحة بحزب الوسط، حتى تقف هذه التهمة حائلًا بين أن يحصل أبو العلا ومن معه على الترخيص بالحزب، رغم أن العريان فعليًا كان يحتقر ويتعالى على مجموعة أبو العلا ماضى، قائلا فى ديسمبر ٢٠٠٩، لو سأل أحد من هى مجموعة أبو العلا ماضى فلن تجد أحدا يذكر إلا ثلاثة أو أربعة أسماء على الأكثر، وحكاية أبو العلا بشكل موضوعى لو قيمناها لسألنا من رأيه صواب، المناطحة للحصول على رخصة حزب، أم الهدوء فى التعامل مع النظام، فهذا أمر لن يتم إلا بالتراضى، وكان هذا رأى قادة الإخوان، وللحديث بقية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أبو العلا على الحزب حزب الوسط حزب الوسط
إقرأ أيضاً:
???? مدنيون ضد الحقيقة ومع تدمير العقل السياسي السوداني
????انحطّ الفكر السياسي السوداني في أدنى مستوياته، إلى دركٍ غير مسبوق. في ظلّ هذا التفكك الفكري المؤسف، تحوّل هدف السياسيين والمفكرين من البحث عن الحقيقة والدفاع عن المصلحة العامة، إلى هدفٍ واحدٍ هو إيجاد أو اختلاق رابطٍ بين الإخوان المسلمين وحدهم وأي كارثةٍ في أي مكانٍ وزمانٍ في السودان وتحميلهم المسؤولية وحدهم وإعفاء الآخرين. تأمل هذه الأمثلة الثلاثة:
????قبل يومين، قال بابكر فيصل أن الأخوان نفذوا العملية العسكرية ضد الجيش السوداني في عام ١٩٧٦ المعروفة بالغزو الليبي أو المرتزقة كما سماها نظام نميري. هذا تزوير واضحٌ للتاريخ، لأن تلك العملية العسكرية خُطط لها ونُفّذت من قِبَل ثلاثة أحزاب: الأمة والإتحادي الذي ينتمي إليه بابكر فيصل والاخوان. وكان الإخوان حينها الشريك الأصغر في هذا الثالوث التابع للقذافي، إذ كانوا، حتى مصالحتهم مع النميري في نهاية سبعينيات القرن الماضي، شريكًا أصغر ذا نفوذٍ سياسيٍّ محدودٍ في ظلّ هيمنة الحزبين الكبيرين، الختمية والأنصار.
????والأسوأ من ذلك، أن السيد بابكر أشار إلى العملية العسكرية عام ١٩٧٦ كدليلٍ على أن الإخوان قوّضوا الجيش السوداني الذي يتباكون عليه الآن، وحاربوه، بينما لم يُهِن هو وصمود الجيش قط. من الواضح أن السيد بابكر قد نسي مشاركة حزبه وحزب الأمة في عملية ١٩٧٦ ثم نسي أن أحزاب التجمع الوطني شنت حربًا على الجيش السوداني في التسعينيات انطلاقًا من معسكراتها العسكرية التي أنشأتها في إثيوبيا وإريتريا. وشمل هذا التحالف حزبه وأغلب الأحزاب الأخرى المناهضة للإخوانالتي إستمرت في قحت وتقدم وصمود وجماعة نيروبي.
أو لننظر إلى روايتين اختزاليتين بصورة جذرية يرددهما بعض المدنيون حول كيفية بدء الحرب ومن بدأها:
???? كان هناك كيانان، الجيش والجنجويد. لاستعادة ملككهم، قرر الإخوان دفع الكيانين لخوض حرب. في منتصف أبريل ٢٠٢٣، استيقظ قلة من الإخوان مبكرًا، وصلوا إلى ربهم، وتوجهوا بسياراتهم إلى المدينة الرياضية، وأطلقوا بضع رصاصات على معسكر الجنجويد هناك، وفجأة نتج عن ذلك أن تجاهل الجيش والجنجويد الإخوان مطلقي الرصاصة الأولي. وبدلا عن التصدي للاخوان بدأ الجيش والجنجويد ا في قتل بعضهمأ البعض ونسيا الأخوان. هذه رواية غبية اختزالية، لا بد أن يشعر كل من يسمعها بالإهانة.
كان هدف هذه الرواية العبيطة هو إعفاء الجيش والجنجويد من مسئولية إندلاع الحرب بهدف المحافظة علي إمكانية عودة قحت للحكم في شراكة مثالية أخري مع نفس الجيش والجنجيويد بدون حرج التحالف مرة أخري مع طرف أو طرفين أشعل أحدهما حربا مزقت المواطن.
???? هذه حرب الأخوان ضد الأخوان يشنها الإخوان، وهي حرب فيما بينهم لهزيمة الثورة. إنها حرب الإخوان ضد الإخوان. وفي حرب بين الأخوان والاخوان لهزيمة الثورة يجوز الحياد. يمكن تلخيص الحدوتة السخيفة كما يلي: كان هناك نظامٌ يسيطر عليه الإخوان، وهو الذي أنجب الجنجويد. سقط النظام نتيجة ثورة شعبية. قرر الإخوان هزيمة الثورة واستعادة مملكتهم. لا خلاف مني هنا، من المعقول والمتوقع أن يسعي الأخوان لإستعادة مملكتهم . لكن كيف سعي الإخوان لهزيمة الثورة للعودة إلي الحكم؟ لقد فعلوا ذلك بشن حربٍ فيما بينهم، بين كيزان وكيزان.
هذه رواية من سخفها لا ينبغي لأحدٍ أن يأخذها على محمل الجد. وهي بالطبع، تسكت عن القوى الخارجية التي تموّل هذه الحرب، ولا تحدد من هم أخوان الخارج الممولين أحد أطرافها . ولكن الرواية مريحة، فلو كانت الحرب حرب أخوان لإستعادة السلطة يمكن تبرير الحياد الحقيقي والمفتعل لانها ليست حربا ضد الدولة السودانية وضد المواطن كما في الجنينة وود النورة وارحام النساء والطفلات والشيخات تشنها ميليشيا ممولة من الخارج لتنفيذ أجندة أجنبية إستعمارية. مرحبا يا حياد أغمرني شجونا والتياع.
معتصم أقرع
إنضم لقناة النيلين على واتساب