أغلق عينيً مجبرة بعد أن ثقلت جفونى وأصبحت كأكياس الرمل المنتفخة.. أغفو لثوانٍ.. فأصحو مفزوعة على صوت نزار قبانى يكرر ويكرر
يا أيّها الثوار..
فى القدسِ، فى الخليلِ
فى بيسانَ، فى الأغوار..
فى بيتِ لحمٍ، حيثُ كنتم أيّها الأحرار
تقدموا..
تقدموا..
فقصةُ السلام مسرحيّة..
والعدلُ مسرحيّة..
إلى فلسطينَ طريقٌ واحدٌ
يمرُّ من فوهةِ بندقيّة.
منذ عشرين يومًا وأنا مصلوبة أمام شاشات الهاتف والتلفاز والكمبيوتر، أشاهد تلك المجزرة الانسانية فى حق أهل غزة العزل.. أشعر بالعجز القاتل للروح.. كل مقاومتى أن أغضب وأغضب وأغضب حتى تشتعل الحرائق بداخلى فتتلف فى طريقها الأعصاب والسكينة.. تكرس الشعور المخزى بأننا نعيش فى عالم ليس بخير.. أشاهد الناطق باسم الجيش الإسرائيلى يعلن أنّ طائرات سلاح الجو أسقطت منذ بداية الحرب (فى نحو 50 ساعة فحسب) أكثر من 1000 طن من القنابل على غزة، وجرى استدعاء 300 ألف جندى احتياط فى أكبر عملية من نوعها على الإطلاق. أغلق شاشة التلفاز التى أمامى.. أشعر بوجع نافذ فى قلبى.. وصدرى يضيق كلما تنفست.. أقرر أن أغلق التلفاز للأبد ما عدت أحتمل المزيد، ولكن وبشكل لاإرادى وجدتنى عدت لأتابع من جديد.. مقاطع فيديو وثقت دقائق ما بعد القصف على سوقٍ شعبى فى مدينة جباليا الفلسطينية.. الجثث متطايرة فى أماكن مختلفة من الشارع مع وجودِ محاصرين تحتَ الأنقاض وجرحى فى كلّ مكان.. أصمت مطأطئة الرأس فأنا مواطنة عربية لاحول لى ولا قوة.. يأتى صوت المذيع مرتبكًا: بلغَ عددُ الضحايا فى حصيلة أوليّة ما لا يقلُّ عن 50 قتيلًا أغلبهم من المدنيين وتخطى عشرات الجرحى.. لم يكتفِ سلاح الجو الإسرائيلى بالغارات العشوائية التى طالت خمسة مساجد فى يومين وبنكًا، فضلًا عن عشرات المنازل، بل قصفَ سيّارة إسعاف كانت تقلُّ جرحى ومصابين.
تتداخل الأصوات والمشاهد.. ما عدت أميز الموتى.. هناك فى أرض الزيتون يموت الأب محتضنًا ابنه الميت.. وتصرخ الأم ملتاعة على ولدها الشهيد فتصيبها رصاصة قاتلة فتسقط ميتة.. أمسح دموعى مكتفية بتأبينهم بالدعاء والصلاة.. فأنا مواطنة عربية لاحول لى ولا قوة.. بعد لحظات أرى الشاشة أمامى تتحول إلى بقعة خضراء.. وأراهم جميعًا بأثواب بيضاء كالملائكة.. يغمرهم الضوء من كل جانب يرددون بسعادة مقولة الشاعر الفلسطينى محمود درويش وهم مرفوعو الرأس: تعرف ماهو الوطن؟ ليس سؤالًا تجيب عليه وتمضى.. إنه حياتك وقضيتك معًا.. لنا أحلامنا الصغرى؛ كأن نصحو من النوم معافين من الخيبة.. لم نحلم بأشياء عصية! نحن أحياء وباقون، وللحلم بقية.
أغفو وأصحو.. أشاهد وأغضب.. تتكدس الصحف اليومية على الطاولة التى أمامى.. لا أقرأ شيئًا.. يكفينى منشور الطبيب البريطانى الفلسطينى، غسان أبو ستة، على شبكة الإنترنت من غزة: «لا يوجد مكان أكثر عزلة فى هذا الكون من سرير طفل جريح لم يعد لديه عائلة تعتنى به».
وكان الدكتور أبوستة يعمل جراحا متخصصا فى التجميل فى بريطانيا، وهو الآن فى مستشفى الشفاء فى غزة يعالج المصابين جراء الغارات الإسرائيلية على القطاع، عقب الهجوم الذى شنته حركة المقاومة الإسلامية حماس، على إسرائيل، وأسفر عن مقتل 1400 شخص.
وقال للقناة الرابعة فى إذاعة بى بى سى إن 40 فى المئة من المصابين الذين وصلوا إلى المستشفى أطفال.
وأضاف: «كلها إصابات بالانفجار. وهناك إصابات فظيعة بالشظايا والحروق، وسقوط الحجارة، فالناس أخرجوا من تحت أنقاض بيوتهم».
ويصف المشهد فى المستشفى بأنه ظاهرة «الطفل الجريح الذى فقد جميع أفراد عائلته».. كفى يا دكتور غسان.. سأغفو فجفونى مثقلة كأكياس رمل منتفخة، فأنا مواطنة عربية لاحول لى ولا قوة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تقدموا
إقرأ أيضاً:
صحيفة: الهجرة الطوعية لسكان غزة لن تكون محلّ اعتراض من أطراف عربية
كشفت صحيفة الأخبار اللبنانية، اليوم السبت، 01 فبراير 2025، آخر التطورات المتعلقة بفكرة الهجرة الطوعية التي تدعمها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لسكان قطاع غزة ، بعد اتفاق وقف إطلاق النار.
ووفقاً لمصادر مصرية تحدثت إلى للصحيفة، فإن «فكرة الهجرة الطوعية التي تدعمها إدارة ترامب، لن تكون محلّ اعتراض من أطراف عربية عدّة، خصوصاً في ظلّ العمل على وضع تصوّرات لاستقبالهم في عدد من الدول، ومنها دول غير عربية، في مقابل حوافز عدّة.
وأضاف المصادر، أن مصر لا ترغب في استقبال أعداد أكبر، خصوصاً أنها تستضيف ما يزيد على 100 ألف فلسطيني دخلوا بالفعل منذ بداية الحرب.
وفيما تبدي القاهرة ارتياحاً إزاء المرونة التي تُظهرها المقاومة في العديد من المسارات المقترحة للوحدة الداخلية وإنهاء الخلافات، فإن مواقف السلطة تمثّل، من منظور القاهرة، العائق الرئيسي أمام إنهاء الانقسام الداخلي. وفق الصحيفة
اقرأ أيضا/ القسام يُسلّم أسيرين إسرائيليين للصليب الأحمر في خانيونس (فيديو)
وبحسب الصحيفة، "تدرس مصر سيناريوات عدّة للتعامل مع موقف واشنطن، وتصوّراتها حول تهجير «سريع وفوري» للسكان من القطاع، وهو ما ترفضه القاهرة، إذ تسعى إلى تسريع وتيرة إعادة الإعمار وتأهيل القطاع بشكل تدريجي، علماً أنه جرت مناقشة هذه التفاصيل في اجتماعات عدة عُقدت في الأيام الماضية، على مستوى استخباري، فيما لا تلقى التصوّرات المصرية دعماً مالياً خليجياً".
وفيما تعتمد أفكار مبعوث الرئيس الأميركي، ستيف ويتكوف، على خطّة إعادة إعمار بضوابط وقيود واضحة تستغرق نحو 15 عاماً، وتشمل تنازلات يقدّمها الفلسطينيون، فإن القاهرة تعمل في المقابل على بلورة خطة تتوافق مع الطبيعة الديموغرافية للقطاع.
وتحدّث مسؤولون مصريون مع ويتكوف حول ضرورة مراعاة طبيعة المجتمع الفلسطيني وتكوينه وخصوصية طريقة بناء المنازل فيه، والتي لا تعتمد بشكل رئيسي على نظام الشقق السكنية الذي ترغب واشنطن في دعمه، فيما تبحث القاهرة عن دور أكبر في عملية إعادة الإعمار، على اعتبار أن معبر رفح سيكون المدخل الرئيسي للمساعدات. كذلك، تعمل مصر، بالتشاور مع قطر، على تقديم مقترحات متكاملة في شأن غزة لوضعها أمام الإدارة الأميركية، كمسار لاستمرار التهدئة، في وقت تراهن فيه أيضاً على ضغوط ترامب لبقاء وقف إطلاق النار أطول وقت ممكن.
المصدر : الأخبار اللبنانية اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين بث مباشر: القسام يُسلّم أسيرين إسرائيليين للصليب الأحمر في خانيونس المخبز الأردني المتنقل بدأ التوزيع في غزة الحية : الشعب والفصائل حققوا أهداف معركة طوفان الأقصى الأكثر قراءة قائمة بأسماء 200 أسير فلسطيني ستُفرج عنهم إسرائيل اليوم غزة: ترتيبات حكومية لعودة النازحين إلى مدينة غزة وشمال القطاع صيدم: سرية اتفاقية وقف إطلاق النار بغزة بدأت تتكشف على الأرض "التنمية" تدعو المواطنين العائدين لغزة والشمال بجلب خيامهم عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025