البوابة نيوز:
2025-02-09@06:11:48 GMT

الحرب على غزة تفجر عاصفة تهزُّ الوعي الغربي!

تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT

يمكن الجزم بأن المواقف داخل الدول الغربية ليست الآن بنفس وتيرة الدعم الذي ظهر في السابع من أكتوبر تجاه آلة الاحتلال الإسرائيلية الفتّاكة في مقابل تقدّم مواقف الرفض، شعبيًّا ورسميًّا، لقصف المدنيين في غزة وحصارهم بدون ماء ودواء وكهرباء ووقود. إشارات انفضاض الإجماع الغربي حول الكيان المحتلّ بدأت بالتحديد منذ القصف على مستشفى المعمداني الذي أثار مواقف التشكيك في رواية الاحتلال الإسرائيلي، كما خفتَ حالات "السعار" لدى أعضاء في الكونجرس الأمريكي والاتحاد الأوروبي؛ ثم جاءت استقالة موظفين بالخارجية الأمريكية، وتلويح بها من عدد آخر.

كما هزّت الكارثة الإنسانية في غزة وعي سياسيين آخرين في الولايات المتحدة وبريطانيا والعالم. مع ذلك، مازالت هذه الصحوة غير كافية لإيقاف الكيان المحتل عن تنفيذ خطّته لشطب أكثر من مليوني فلسطيني من الجغرافيا!

 مما لا شك فيه أن المعركة بين المقاومة الفلسطينية والكيان المحتل ستظل محتدمة لفترات لا نعرف أمدها. لكن تاريخ الصراع بين قوى الاستعمار والمستعمرات يعلّمنا أن الحسم لا يتمُّ بالأسلحة الفتاكة وإنما من خلال الوعي الدولي التراكمي بحقيقة ما يجري من حيف على الأراضي المغتصبة؛ وهذا من شأنه أن يساهم في تحريك المواقف نحو انحياز أقل تجاه دولة الاحتلال ومساندة متنامية نحو المحتَل، حتى لو بعد حين. 

مؤشرات هبوب عاصفة استعادة الوعي بدأت من داخل الخارجية الأمريكية عند إعلان جوش بول، مدير مكتب الشؤون السياسية والعسكرية في الوزارة، استقالته في نفس اليوم الذي زار فيه الرئيس بايدن الكيان الإسرائيلي لإظهار الدعم العلني وتعهده بمزيد من التمويل من الكونجرس. جوش بول، الذي لم يشر أي تقرير إلى كونه يهوديًا، شعر بعد أكثر من عقد من العمل على صفقات الأسلحة، أنه لا يستطيع أن يدعم "أخلاقيا" بلاده في مدها إسرائيل بالمزيد من الأسلحة، خاصة أنه في هذه المرة "بمثابة شيك على بياض من الكونجرس" مع انعدام "الشهية للنقاش".. تلك الاستقالة يراها البعض نتيجة لتجاهل وزير الخارجية أنتوني بلينكن لخبرائه مما أدى إلى إحباط الموظفين، لدرجة تنبئ بوجود "تمرد يختمر داخل الخارجية"، حيث وقّع أربعمئة مسؤولٍ على عريضةٍ انتقدوا فيها إدارة بايدن، بسبب ما وصفوه "إهمال دعم الفلسطينيين الذين يعيشون معاناةً كارثية على أيدي الحكومة الإسرائيلية".

ومن المعروف أن إنشاء قناة المعارضة قد وُلدت من رحم حرب فيتنام حتى يعبّر الموظفون عن خلافاتهم السياسية في رسائل سرية تذهب إلى وزير الخارجية، دون خوف من الانتقام. ومنذ ذلك الحين استخدمها الدبلوماسيون، خاصة في حرب البوسنة، للتحذير من خيارات خطيرة تعود بالوبال على المصالح الأمريكية. 

وفي استمرار لتصاعد أزمة الوعي، قدّمت لارا فريدمان، رئيسة قسم "السلام في الشرق الأوسط"، استقالتها احتجاجًا على دعم إدارة بايدن العدوان الإسرائيلي على غزّة. تُعتبر فريدمان مرجعًا لدى الوزارة في السياسة الخارجية المتعلّقة بـ"الصراع الإسرائيلي-العربي-الفلسطيني". ولا يبدو أن بلينكن قد استوعب رسائل عاصفة الوعي، بل هوّن منها واعتبرها "ردة فعل عاطفية نتيجة الظروف الصعبة التي تركتها الحرب الدائرة على موظفيه". يعني بتعبير آخر "أعصابهم تعبانة"!

وانضمّ ثلاثون عضوا من مجلس الشيوخ للمطالبة بالعمل من أجل وقف إطلاق النار، وإيصال المساعدات إلى غزة، ووقف الدعم غير المشروط للاحتلال. واشنطن تخسر المزيد من الأصدقاء في الشرق الأوسط وتجني المزيد من الغضب الرسمي والشعبي، وهذا ينبئ بما قد تعانيه من أعباء أمنية ومخاطر على بعثاتها وقواعدها في المنطقة في الأيام القادمة. هذا ما حذر منه أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي. وهو تحذير ليس بعيدا عما ذكره الصحفي الأميركي، توماس فريدمان، في مقاله بنيويورك تايمز، عندما طالب بايدن بالضغط للحيلولة دون ما أسماه "فخ الغزو البري لغزّة" الذي اعتبره إيذانا بإشعال حريق عالمي مدمّر للمصالح الأميركية في المنطقة والتحالف المؤيد لها الذي "هندس له كيسنجر بعد حرب أكتوبر73". لكن لا يبدو أن نصائح "فريدمان" عرّاب السلام تجد طريقها إلى آذان الإدارة الأمريكية! 

أما على الصعيد البريطاني فالعاصفة ليست بأقل وطأة، حيث أصبح حزب العمال على صفيح ساخن نتيجة الدعم المطلق لزعيمه كير ستارمر للقصف الإسرائيلي على غزة والذي وصل لحد تبرير منع الماء والكهرباء والوقود عن سكان القطاع. أدى ذلك إلى استقالة أعضاء مجلس مدينة أكسفورد الثمانية واستقالة عشرين آخرين من أعضاء المجالس العمالية، ويمكن خسارة المزيد من المجالس بل والانتخابات المقبلة. من ويلات هذا الزمان أن ستارمر هو محامي يدافع عن حقوق الإنسان!

في إسبانيا، هناك أيضا مؤشرات لاستعادة الوعي وبأكثر جرأة داخل الحكومة، حيث دعت وزيرة الحقوق الاجتماعية الإسبانية بالإنابة إيوني بيلارا، الدول الأوروبية إلى "قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل وفرض حظر على الأسلحة وعقوبات اقتصادية". 

لقد أصبح داعمو فلسطين أكثر جرأة وأعلى صوتا، حتى داخل الدول التي تعيش بعقدة الذنب تجاه ما اقترفته في تاريخها ضد اليهود. كما يُمكن التماس قدرٍ من التحسُّن في مواقف بعض أعضاء الجمعية العامة مثل اليابان، وفى لُغة البيانات اللاتينية والأفريقية، بل وفي موقف الأمين العام للأمم المتحدة نفسه. ربما لن يؤدي كلّ هذا التحسّن، بما في ذلك استقالة الدبلوماسيّين الأمريكيّين، إلى تغيير فوري في السياسة الأمريكية والأوروبية المساندة للكيان المحتل، لكنه بالتأكيد يشجّع آخرين يتصارعون مع مشاعر مماثلة من إعلان موقفهم بأكثر جرأة وأخذه على محمل الجد. والمعركة مستمرة على صعيد استعادة الوعي!

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الدول الغربية أكتوبر

إقرأ أيضاً:

كيف ساهمت حرب القسام الإعلامية بتسليم الأسرى في إحباط الاحتلال الإسرائيلي؟

كشفت أوساط إعلامية إسرائيلية أن "حماس نظمت تظاهرة إعلامية كبرى خلال عمليات تسليم الأسيرات في غزة، مما يستدعي من إسرائيل ألا يقع في فخ دعائي عميق في خضم موجة الإثارة والفرح التي أحاطت بعودتهن، حيث برز مشهد غير مفهوم للدعاية الصرفة التي تنقلها الحركة للإسرائيليين على الهواء مباشرة، لأنها تسببت برفع وتيرة الحرب النفسية التي تمارسها الحركة".

وذكر إيدي كاتسمان، الكاتب بصحيفة معاريف، أن "الحرب الدعائية التي تشنها حماس على إسرائيل تمثلت بوضع الأسيرات في عرض مسرحي، في محاكاة لحفل تحرير، وحاولت تقديم تمثيل مفاده أن الأسيرات عشن في ظروف جيدة، وتم إطلاق سراحهن في مسرحية ظهرن فيها كأنهم يشكرن خاطفيهن، والغريب أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تعاونت مع هذا الضغط النفسي من حماس، بوعي أو بغير وعي، ومرة تلو الأخرى على مدار اليوم، ظهر هذا المشهد في وسائل الإعلام، والعناوين الرئيسية، ومختلف المطاعم الفاخرة".

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "وقف هذه العروض المسرحية يستدعي من الدولة إعادة جميع المختطفين في أقرب وقت ممكن، حتى لو كان سيكلفها تكاليف باهظة، ودون أن يعني بالضرورة تغييراً جذرياً وحقيقياً في المفهوم، مما قد يضمن عدم تكرار مثل هذه الكوارث في المستقبل، رغم صعوبة اتخاذ قرار في التعاون مع بث هذه العروض التي تنظمها حماس بعناية".


وأشار إلى أن "وسائل الإعلام الإسرائيلية تعرف كيفية التصرف في حالات الحرب النفسية، فتختار عدم بث بعض المشاهد التي تنشرها حماس، دون تجنب تقديم معلومات أساسية للجمهور، وقد حدثت حالات من هذا النوع مرات لا تحصى منذ بداية الحرب، خاصة عندما تم نشر مقاطع فيديو لأسرى يتم اختطافهم، مما يدعو للتساؤل: لماذا لم يحدث هذه المرة أيضًا، لماذا على الجمهور أن يتلقى الدعاية المعادية طوال اليوم، وعلى الهواء مباشرة، مع أنه متحمس لعودة المختطفين، ويحتاج لمعلومات إخبارية مهمة، لكن بدون عرض برنامج حماس الدعائي على شاشة التلفزيون في وسط غرفة المعيشة الخاصة به".

وختم بالقول إن "الأسيرات الإسرائيليات لا يستحققن الظهور على الهواء مباشرة كدعائم لحماس، مع رفع أعلام فلسطين في خلفية العرض، لأن الشيء الوحيد الذي يستحقه المختطفون هو اعتذار كبير من الجيش الذي تخلى عنهم في ذلك اليوم الرهيب من الاختطاف، ومن الدولة التي كانت قلقة بشأن التخلي عنهم منذ ذلك الحين".

أما غادي عيزرا المدير السابق لمركز المعلومات الإسرائيلي، ومؤلف كتاب "11 يومًا في غزة"، زعم أن "حماس لم تتردد للحظة واحدة، وسارعت لإعلان النصر حتى قبل أن يؤكد نتنياهو وجود اتفاق وقف إطلاق النار، حتى أن الخسائر التي تكبدتها، واغتيال قياداتها، والدمار في شوارع غزة، كل هذا لم يربك جهاز الدعاية والإعلام فيها، بل إنها ادعت أن "طوفان الأقصى خلق الفخر"، وفق ما ظهر في رسومات مواقع التواصل الاجتماعي، مما يؤكد أن عمل الحركة الإبداعي يعمل بجهد إضافي".


وأضاف في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" أن "الفلسطينيين هم الفئة السكانية الوحيدة في العالم التي تستطيع أن تزعم الإبادة الجماعية والنصر في نفس الوقت، بهدف واضح يتمثل بتعزيز الوعي الفلسطيني، ومواصلة ترسيخ سيطرة حماس في القطاع، أمام عدم نجاح حملة التوعية الإسرائيلية، في ضوء الخطاب الدولي السائد الذي يرى أن حرب غزة بدأت في الثامن من أكتوبر، وبات "النضال الفلسطيني" يدور حول شرعية الذهاب للحرب في المقام الأول، والبيانات تتحدث عن نفسها".

وأوضح أنه "بحسب استطلاع أجرته مؤسسة هارفارد-هاريس في أكتوبر 2024، فإن 44 بالمئة من الجيل الأصغر سناً في الولايات المتحدة (18-24 عاماً) أيّدوا وقف إطلاق النار في غزة، حتى لو لم يتضمن إطلاق سراح المختطفين، وهذه إحصائية صادمة تشير لمشكلة استراتيجية تواجه القيادة الأميركية في المستقبل، وجهل مقلق فيما يتصل بالظروف والخطر الحقيقي الذي يهدد المراحل التالية من صفقة التبادل".

مقالات مشابهة

  • يصعب معها السفر.. "الأرصاد الأمريكية" تحذر من عاصفة ثلجية
  • كيف ساهمت حرب القسام الإعلامية بتسليم الأسرى في إحباط الاحتلال الإسرائيلي؟
  • كيف سيتم مراجعة برنامج المساعدات الخارجية الأمريكية في إدارة ترامب؟
  • الشيخ يدين الموقف الإسرائيلي الذي يستهدف المملكة العربية السعودية وسيادتها
  • وزير الخارجية يؤكد على الاهتمام الذي توليه مصر لعلاقاتها مع موزمبيق
  • رئيس الشاباك يُقر بالفشل الإسرائيلي في 7 أكتوبر
  • حزب الوعي يجدد موقفه الرافض للتهجير
  • ما الذي كشفه غالانت عن خطة هجوم البيجر وتداعيات الحرب في غزة؟
  • الخارجية الإيرانية ترد على قرار الإدارة الأمريكية ببيع النفط الخام
  • داخل منطقة جنوبية.. معلومات تكشف ما فعله الجيش الإسرائيلي