الخرطوم- اعتبر مراقبون سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور وثاني كبرى مدن السودان تحوّلا في الحرب المستمرة منذ نحو 7 شهور، ورجحوا أن تتجه قيادة الدعم السريع إلى تشكيل سلطة في غربي البلاد على غرار نموذج شرقي ليبيا، إذا لم تحقق المفاوضات الجارية بين الجيش والدعم السريع تسوية تنهي الأزمة.

وتعد نيالا ثاني أكبر مدينة في البلاد بعد العاصمة الخرطوم من حيث الثقل السكاني والاقتصادي، وبها مطار دولي يربطها مع الدول الأفريقية المجاورة، وهي أول رئاسة فرقة عسكرية في إقليم دارفور تسيطر عليها قوات الدعم السريع.

وأهمية نيالا تنبع أيضا من موقعها الإستراتيجي، حيث ترتبط بحدود مع دول أفريقيا الوسطى وتشاد وجنوب السودان، وبها أكبر مناجم الذهب في إقليم دارفور بمنطقة "سونغو".

 

 

وتعدّ ولاية جنوب دارفور معقلا للحاضنة الاجتماعية للدعم السريع، بجانب ولاية شرق دارفور المتاخمة لها، وتقطن بها المجموعات القبلية التي أعلنت انحيازها له، وينحدر منها قطاع كبير من القوات التي تواجه الجيش في الخرطوم، وينتمي إلى نيالا كبير مفاوضي الدعم السريع عمر حمدان.

وتعد قيادة الفرقة 16 مشاة في نيالا بمثابة رئاسة قيادة المنطقة الغربية للجيش في إقليم دارفور، حيث يوجد عدد من الكتائب منها المدفعية والمهندسون وسلاح المدرعات.

وبثت قوات الدعم السريع عددا من مقاطع الفيديو، يظهر فيها عبد الرحيم دقلو نائب قائد قوات الدعم السريع وعدد كبير من جنودها وهم يتجولون في مواقع داخل الفرقة 16 مشاة.

ونشر ناشطون مقاطع فيديو أمس السبت أظهرت نهب سوق نيالا الرئيسي، وتدمير متاجر وسيارات تنقل سلعا، وتحدث مواطنو بعض الأحياء في المدينة عن حالات سلب ونهب من المنازل من قبل مقاتلين يرتدون زي الدعم السريع.

نيالا شهدت معارك ضارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع (الفرنسية) إدارة مدنيّة لنيالا

وأعلن عبد الرحيم دقلو أمس السبت إكمال سيطرة قواته على مدينة نيالا، وشكّل إدارة مدنية وعسكرية لإدارة المدينة، ودعا من نزحوا منها للعودة إلى منازلهم، وتعهد بحمايتهم.

وكلف عبد الرحيم دقلو قائد قطاع جنوب دارفور في الدعم السريع صالح الفوتي بمهام قائد الفرقة 16 مشاة والوحدات التابعة لها في المنصب الذي كان يشغله قائد الفرقة من الجيش اللواء حسين جودات.

كما كلف اللواء بشير آدم عيسى بمهام مدير قوات الشرطة، وأمر بفتح مقار الشرطة والنيابات والمحاكم، وصيانة محطات المياه والكهرباء، وإعادة الاتصالات وخدمات الإنترنت، وتشكيل لجان للخدمات ونظافة المدينة، وتشغيل المستشفيات، وتأمين فتح الأسواق.

وأعلن تشكيل قوة مشتركة من الدعم السريع وقوات حركات الكفاح المسلح، ووجّه قواته باعتقال قيادات ورموز النظام السابق ومعاملتهم كأسرى وتقديمهم إلى العدالة.

قائد الفرقة 16 مشاة نيالا المكلف يطمئن مواطني جنوب دارفور بعد تحرير الولاية من الفلول#معركة_الديمقراطية #حراس_الثورة_المجيدة pic.twitter.com/gfVp6c1E9U

— Rapid Support Forces – قوات الدعم السريع (@RSFSudan) October 28, 2023

انسحاب لإعادة الترتيب

ولم يصدر تعليق من الجيش السوداني على الأوضاع في نيالا، لكن مسؤولا عسكريا في وزارة الدفاع يقول للجزيرة نت "إن قوات الجيش انسحبت بطريقة منظمة من مقر قيادتهم بوسط نيالا إلى خارج المدينة بأسلحتهم الثقيلة والخفيفة بعد أن ظلوا محاصرين عدة أيام واقتراب نفاد الذخيرة والمؤن والعلاج".

ويوضح المسؤول العسكري -الذي فضل عدم الكشف عن هويته- أن نيالا تمت مهاجمتها من قوات "متمردي الدعم السريع" بأكثر من 400 مركبة مقاتلة وآلاف المقاتلين على متن السيارات والدراجات البخارية.

ويؤكد أن آلاف القوات التي هاجمت المدينة من المرتزقة من دول تشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان والنيجر، مشيرا إلى أن أوجه الحرب هي "الهجوم والتقدم والدفاع والانسحاب".

ويضيف أن الجيش كبّد "متمردي الدعم السريع" خلال الثلاثة أيام الأخيرة من موجات الهجمات المتتالية أكثر من 750 قتيلا، ودمّر عشرات المركبات وغنم أسلحة وذخائر، ووصف ما قام به قائد وضباط وجنود الفرقة 16 بأنه عمل بطولي نادر في ظروف بالغة التعقيد.

قائد ثاني قوات الدعم السريع يزور خلاوي القرأن بولاية جنوب دارفور ويتعهد برعاية الطلاب .#معركة_الديمقراطية #حراس_الثورة_المجيدة pic.twitter.com/MvDVGapkdO

— Rapid Support Forces – قوات الدعم السريع (@RSFSudan) October 28, 2023

تأثير في التفاوض

ويرى الخبير العسكري اللواء المتقاعد مازن محمد إسماعيل أن سيطرة الدعم السريع على نيالا سيكون لها تأثير في المفاوضات الجارية في منبر جدة بين طرفي القتال، وستدفع نحو تسوية بينهما بشكل متدرج من المسار الإنساني ووقف النار حتى يسهل تمريرها.

ويرجح إسماعيل، في حديث للجزيرة نت، أن تتجه قيادة الدعم السريع إلى تشكيل سلطة في نيالا (غربي السودان) في مقابل الحكومة المكلفة من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، التي تتخذ من بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر (شرقي السودان) مقرا مؤقتا لها.

ويعتقد أن قيادة الدعم السريع ستستخدم تشكيل السلطة ورقة في المفاوضات من أجل اقتسام السلطة في الخرطوم، أو الاتجاه إلى الانقسام السياسي على غرار النموذج الليبي إذا لم تتوصل إلى "صفقة" مع الجيش لاقتسام السلطة، مما يجعل نيالا أداة لفرض مسار سياسي في طاولة التفاوض.


لا اتجاه للانفصال

ويقول مستشار قائد الدعم السريع الباشا محمد طبيق إن سيطرتهم على نيالا ضمن "الخطة العملياتية" لتحرير عدد من المواقع العسكرية، ومنها السيطرة على بعض رئاسات الفرق العسكرية للجيش في الولايات خلال الأيام المقبلة.

وعن اتجاههم إلى دارفور بعد يأسهم من الاستيلاء على السلطة في الخرطوم، يقول طبيق للجزيرة نت إنهم يسيطرون على أكثر من 90% من الخرطوم، ويحاصرون مقر قيادة الجيش ومقري سلاح الإشارة في الخرطوم بحري والمهندسين في أم درمان، كما يحاصرون الفرقة الخامسة للجيش في الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان.

ويؤكد أنهم لا يسعون إلى تطبيق النموذج الليبي أو اليمني أو تقسيم السودان بعد السيطرة على نيالا، وأنهم ذهبوا إلى مفاوضات جدة تقديرا لظروف الشعب السوداني، وتلبية لدعوة الوساطة السعودية الأميركية.

ويضيف طبيق أن منبر جدة يسعى إلى اتفاق على إطلاق وقف النار، وفتح مسارات إنسانية لتقديم المساعدات إلى المتضررين من الحرب، وتسهيل عودة المواطنين الذين خرجوا من بيوتهم.

ويلفت إلى أن الدعم السريع يسعى إلى إصلاح شامل لمؤسسات الدولة العسكرية والمدنية لمعالجة الأخطاء المتراكمة التي ظلت تمارسها النخب السياسية منذ استقلال البلاد، و"لن نسمح بتمزيق السودان وتفكيكه إلى دويلات".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الفرقة 16 مشاة جنوب دارفور فی الخرطوم على نیالا

إقرأ أيضاً:

في عملية نوعية.. قوات درع السودان تسيطر على مدينة ود راوة و تفصل الخرطوم عن الجزيرة

على نحو مفاجئ و في عملية نوعية خاصة تمكنت قوات درع السودان بقيادة اللواء أبو عاقلة كيكل من السيطرة على مدينة ود راوة فجر اليوم ليتم بهذه العملية فصل الخرطوم عن الجزيرة.
و في تفاصيل الخبر أكد مصدر عسكري أن قوات الدرع اجتاحت ليل الأحد و في وقت مبكر من صباح اليوم الاثنين في عملية نوعية خاطفة المناطق الشمالية الشرقية لولاية الجزيرة المتاخمة لولاية الخرطوم تمكنت من خلالها من تحرير عددا من قرى الوحدة الإدارية ود راوة، التابعة لمحلية شرق الجزيرة، قبل أن تسيطر على مدينة ود راوة نفسها في عملية نوعية جرئية و ذلك، ضمن خطة تحرير ولاية الجزيرة.
إذ تمثل مدينة ود راوة أهمية استراتيجية كونها تفصل بين الخرطوم و ولاية الجزيرة و تقطع أي فزع قادم للجزيرة من شرق النيل من الاتجاه الشرقي.

السودان الجديد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • تحقيق يكشف عمليات قائد إسرائيلي في غزة: "قوة خاصة للهدم والتخريب خارج سلطة الجيش"
  • البرهان: لا يمكن العودة لأوضاع ما قبل الحرب مع الدعم السريع
  • حاكم الخرطوم: الشعب السوداني يقف خلف الجيش
  • مواجهات عنيفة بين الجيش والدعم السريع بالخرطوم والجزيرة والفاشر
  • شاهد بالفيديو.. بعد اقتحامه منطقة “ود راوة” بشرق الجزيرة.. “كيكل” يستعرض الغنائم التي حصل عليها من الدعم السريع ويقبض على العشرات من جنودهم
  • حاكم الخرطوم يتحدث عن السبب الرئيسي لإفشال خطط الدعم السريع
  • الاغتصاب والعنف يدفعان نازحات نيالا إلى التخلي عن العودة لمنازلهن
  • في عملية نوعية.. قوات درع السودان تسيطر على مدينة ود راوة و تفصل الخرطوم عن الجزيرة
  • «الدعم السريع» تتحدث عن «انتصارات ساحقة»… والجيش يحقق تقدماً في الخرطوم .. معلومات عن مقتل مئات في معارك طاحنة بالنيل الأزرق وصحراء دارفور
  • القوات المشتركة: انتصرنا في شمال دارفور.. والدعم السريع تنفي