المستثمرون المحليون أم الشركات الأم.. من المتضرر في حملات المقاطعة؟
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في السابع من أكتوبر، انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي دعوات واسعة من أجل مقاطعة مجموعة من الشركات العالمية، لاتهامها بدعمها لإسرائيل وعملياتها العسكرية في القطاع.
وفي مقابل هذه الحملة التي استهدفت شركات بعينها، برزت دعوات مضادة تتسائل عن جدوى خيار المقاطعة، معتبرة أنه يضر أساسا بالشركات المحلية التي تحصل على حق الامتياز التجاري (فرانشايز) وبالتالي على الاقتصادات الوطنية، في حين لا تمس آثاره الشركات الأم المستهدفة.
وبعيدا عن نقاش ما إذا كانت الشركات المستهدفة تدعم فعلا إسرائيل أو جيشها من عدمه، تتباين مواقف عدد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين الذين تحدث معهم موقع "الحرة" بشأن جدوى وتأثيرات حملات مقاطعة الشركات الكبرى.
الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، رشاد عبده، يرى أن من شأن خطوات المقاطعة "أن تؤثر على المستثمرين الوطنيين، وأن لا تخدم مصالح الاقتصادات المحلية التي ستتضرر نتيجة لهذه الحملات".
ويضيف عبده، في تصريح لموقع "الحرة"، أنه ينبغي التفريق بين ما إذا كانت الشركة فرعا أجنبيا أو استثمارا وطنيا حاصلا على حقوق الامتياز التجاري.
ويعد نظام الامتياز التجاري عقدا تجاريا يجمع بين طرفين يقوم بموجبه الطرف الأول المالك للعلامة التجارية بمنح الثاني حقوق استغلال واستعمال هذه العلامة في منطقة معينة ولفترة محددة، وفق نظام التشغيل الذي يعتمده الطرف الأول، بشروط وبمقابل مادي يتفقان عليه وبنسبة ثابتة من الأرباح.
في هذا السياق، يضيف عبده موضحا أن "أصحاب المشاريع التي تستهدفها حملة المقاطعة الأخيرة عبارة عن مستثمرين محلييين يعملون بالسوق المحلية ويعتمدون على منتجات مصنعة محليا"، بالتالي عند مقاطعة شركاتهم فإن "هذا العقاب يطال الشركات المحلية الحاصلة على حقوق الامتياز وليس الشركات الأم المستهدفة".
"اتهامات وردود"وتصاعدت دعوات المقاطعة ضد عدد من الشركات، أبرزها سلسلتي "ستاربكس" و"ماكدونالدز"، بعد أن رفعت الأولى دعوى قضائية ضد نقابتها العمالية التي عبرت في بيان لها عن تضامنها مع الفلسطينيين وانتشار تقارير تزعم دعمها لإسرائيل، في حين واجهت "ماكدونالدز" انتقادات واسعة، بعد إعلان أحد مشغلي سلسلة المطاعم المعروفة في إسرائيل عن تقديم وجبات مجانية لأفراد الجيش الإسرائيلي، وفقا لـ"آي بي سي نيوز".
وأمام توسع حملات المقاطعة التي طالت السلسلتين ومؤسسات تجارية أخرى معروفة، سارعت الشركات المالكة لحقوق امتيازها التجاري بالمنطقة بالخروج ببيانات تنفي فيها دعمها لإسرائيل واستقلاليتها وعدم صلتها بما يقوم به وكلاء آخرون بدول أخرى.
وخرج عدد من مشغلي ماكدونالدز بدول عربية، للتأكيد على أنهم "لا يشتركون في الملكية مع الامتياز الإسرائيلي"، معلنين أيضا عن تقديم تبرعات لمساعدة سكان غزة، حيثُ قُتل أكثر من 8 آلاف شخص، منذ بداية الحرب.
كيف وجدت "ماكدونالدز" نفسها في قلب حرب إسرائيل وحماس؟ دخلت واحدة من أشهر العلامات التجارية في الولايات المتحدة على خط الصراع الدائر بين إسرائيل وحركة حماس، وفقا لما أوردته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، السبت.كما أصدرت "ستاربكس ـ الشرق الأوسط"، بيانا، نفت فيه دعهما لإسرائيل، معتبرة أنها "مجرد إشاعة مغرضة لا تمتّ إلى الحقيقة بأي صلة"، كاشفة أنها "لا تقدم أي نوع من الدعم المالي للحكومة الإسرائيلية، أو للجيش الإسرائيلي".
وأشار البيان إلى أن "ستاربكس لم ترسل جزءا من أرباحها للحكومة الإسرائيلية أو الجيش الإسرائيلي، وأنها مجرد شائعات لا تمت إلى الحقيقة بصلة".
وأضافت الشركة: "تعمل ستاربكس في الشرق الأوسط منذ 1999 وذلك من خلال اتفاقية امتياز حصرية مع شريكها التجاري، مجموعة الشايع في الكويت".
في هذا الجانب، يقول عبده إن بـ"محاربتي الشركات المحلية، أحارب مشروعا وطنيا، من شأنه أن يؤدي إلى تسريح العمالة المحلية والإضرار بأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية"، لافتا إلى أن "هذه الحملات تؤثر على مناخ الاستثمار العام، وعلى استقطاب هذه الأسواق لاستثمارات جديدة، وخاصة الأجنبية".
"مستوى تأثير متباين"بالمقابل، تقول المحللة الاقتصادية، ليان الصالحي، إن "حملات المقاطعة تؤثر بالتأكيد على الشركات الأم، التي تستفيد بشكل شهري أو سنوي من أرباح ومبيعات الشركات المحلية بمختلف دول ومناطق العالم، مقابل استغلال اسمها التجاري".
وتوضح الصالحي في تصريح لموقع "الحرة"، أن "تأثر الشركات المحلية من مقاطعة منتجاتها وحدوث أي خلل على مستوى أرباحها، يطال الشركة الأم أيضا".
وتكشف المحللة الأردنية أن لحملات المقاطعة "أهدافا أخرى غير فقط الإضرار ماديا واقتصاديا بهذه الشركات، تتمثل بحسبها، في "إيصال صوت وآراء الشعوب بشأن ما يجري للفلسطينيين إلى هذه الشركات".
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي، إسماعيل بن دويسة، أن "تأثير حملات مقاطعة بعض الماركات يكون أقوى على الشركات المحلية، فيما أن الأضرار ستلحق الشركة الأم، إذا ما إذا كانت هذه الدعوات منسّقة وموجّهة بشكل واسع وفي دول ومناطق عديدة".
ويضيف بن دويسة، في تصريح لموقع "الحرة"، أن "الشركات الكبرى تعمد دائما نحو تنويع أرباحها ومداخلها، وعندما تتأثر في منطقة ما، فهي تكثف نشاطها وتعتمد على جهات ومناطق أخرى لتعويض خسائرها".
ويوضح الخبير الاقتصادي أن "آثار المقاطعة على الشركات المحلية، إذا لم يكن لديها تنويع في استثماراتها فستكون وخيمة عليها، باستثناء الشركات التي لديها أكثر من امتياز تجاري لاستغلال منتجات أخرى عالمية لا تشملها حملات المقاطعة، وتستغل ذلك للتخفيف من تداعيات الأزمة".
وشددت الصالحي في تصريحها على أن الهدف الأساسي يبقى "الضغط على هذه الشركات من أجل أخذ مواقف واضحة"، مضيفة أن "تأثير المقاطعة يظهر أيضا من خلال الأثر على السمعة والصورة والتي لا تقاس بالضرورة بمقابل مادي".
وأشارت إلى أن" عددا من الأشخاص قرروا إيقاف التعامل مع هذه الشركات ودعم شركات أخرى محلية مئة بالمئة".
في هذا السياق، يوضح الخبير المصرفي، مازن أحمد العمري، أنه بالرغم من التخوفات بشأن أثر حملات المقاطعة على الاقتصادات والشركات المحلية، إلا أنها قد "تدفع نحو نشوء شركات وطنية بديلة غير المرغوب فيها"، معتقدا أن ذلك "سيكون له بعض الآثار الإيجابية على الاقتصاد المحلي".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الشرکات المحلیة حملات المقاطعة هذه الشرکات
إقرأ أيضاً:
ساعتان مع رئيس الجامعة الأم!!
ساعتان مع رئيس الجامعة الأم!!
بقلم: د. #ذوقان_عبيدات
بدعوة من جمعية الشؤون الدولية، كان لنا فرصة الاستماع إلى د. نذير عبيدات رئيس الجامعة الأردنية، وبحضور عدد من أصحاب الدولة. والتربويين، وكأنك تستمع إلى مفكر تربوي، وليس طبيبًا ناجحًا، مفكر وقائد تحدثت عنه إنجازات عديدة قيل: إنها أعادت للجامعة الأردنية ألقها ومكانتها. تحدث رئيس الجامعة في موضوعات عديدة، أقتطف ما كان لها صلة بالتغيير، والتجديد، والتطوير في مجالات الفكر التربوي، والسياسات التغييرية التي قادها! متجاوزًا الإنجازات التي يعرفها كل أردني في تطوير بنى الجامعة المادية، وتحسين تصنيفها العالمي!
مفهوم جديد للجامعة
تغير دور الجامعة من إعداد الطلبة باتجاه معين، إلى بناء شخصيات مفكرة، مرنة، قادرة على إحداث التغيير بأنفسهم، وتقبل التغيرات الخارجية ، والتعامل معها بنجاح! لقد انتهى عهد حامل الشهادة، فالعمل لن يتوقف عند السؤال عن الشهادة، بل سيسأل طالب العمل أسئلة تتعلق بماذا تستطيع أن تضيف لنا؟ وما المهارات التي يمكنك ممارستها في مؤسساتنا! فالجامعة تتوجه لأن تكون جامعة مهارات، لا جامعة شهادات. فالعمل الجامعي المستقبلي بناء للخرّيج وتزويده بمهارات العصر ومهارات المستقبل، وفي مقدمتها: كيف تنتج عملك الخاص، وكيف تخطط لذلك؟!
نعم، ركز الرئيس على بناء عقلية مفكرة مخططة ذات رؤيا مستقبلية!
والجامعة الحديثة لا تعمل بمعزل عن شراكات مع سوق العمل، ومؤسساته الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، ومع شراكات عربية وعالمية. فالأستاذ الجيد المأمول يقيم نصف وقته في السوق، وكذلك الطالب، فالإعداد والتعلم ليسا محصورين في قاعات التدريس بمقدار ما هما تعلم حقيقي في مختلف حقول الاقتصاد، واهتمامات المجتمع!
(٢)
مجتمعات البحث والتعلم
يقصَد بهذه المجتمعات شراكة مع باحثين من مختلف التخصصات، ومن الأكاديميين والتطبيقيين، والتقنيين، وبشراكة مع مؤسسات الجامعة الأردنية، والجامعات الأخرى. هذه المجتمعات تعمل معًا، وتتبادل الثقافة، والفكر، والإنجاز!
مجتمعات تعمل في بحوث تطبيقية تسهم في حل مشكلات المجتمع، ركز الرئيس على هذه المجتمعات، وإمكانات تقديم حلول لمشكلات مثل: الزراعة، والمياه، والمواصلات، والأبنية، والتعليم، والصحة، وغيرها.
ولا شك أن هذا التوجه واعِد، ومطلوب، نأمل أن يتوسع ويحفز جميع الهيئات التدريسية على تشكيل مثل هذه المجتمعات!
(٣)
ما بين التخصصات
ركز الرئيس على أهمية تشكيل مجتمعات من تخصصات مختلفة، بل وبناء هيئات تدريسية متنوعة الأعداد! فما المانع من تعيين أستاذ يحمل بكالوريوس فيزياء، ودكتوراة علوم سياسية، أو بكالوريوس لغة إنجليزية، ودكتوراة قانون! نحن بحاجة إلى خبرات متنوعة في الكلية الواحدة! انتهى عهد التضييق في المسرب الواحد: التخصص نفسه في البكالوريوس، والماجستير، والدكتوراة! إن وجود أساتذة من خلفيات متنوعة سيدفع بالكلية إلى سرعة التطور، ففي كلية التربية مثلًا نحتاج فنانًا، ومهنيّا، ومهندسًا، ومحاميًا، ورياضيّّا، ففي تفاعلاتها انطلاقة أكثر جرأة وإبداعًا.
(٤)
أفكار نقاشية
ساهم الجمهور في استخلاص أعمق ما لدى نذير عبيدات من أفكار، ودارت أفكار حول برامج ومناهج، ودبلومات تتم من خلال تقديم سندويشات تربوية، وأكاديمية قصيرة، وفق حاجات محدودة! وأفكار أخرى حول جامعات تفتح ليلًا بما يسمح بالتعلم المستمر!
أعجبني ذلك التباين بين من يهتمون بالمعدلات، والعلامات، والامتحانات، والشهادات، وبين من يهتمون بالمهارات، والخبرات!
سوق العمل لن يسأل في المستقبل وربما الآن: ما شهادتك؟
بل بماذا تستطيع أن تُضيف لي!!
فهمت عليّ؟