متحف فلسطين.. قطعة من الأراضي المحتلة في قلب إسطنبول
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
يعدّ "مُتحف فلسطين" بإسطنبول الأول من نوعه في تركيا بل وفي العالم. ويهدف المتحف الذي افتتح أبوابه في يوليو/تموز الماضي، لحفظ الذاكرة الفلسطينية حية، وتقديم التراث للزوار.
وحسب مدير الجمعية التركية للتضامن مع فلسطين "فيدار" إبراهيم العلي، فإن الجمعية أنشأت المتحف لتأكيد "عدالة القضية الفلسطينية"، ولتكون إسطنبول "قبلة السياح في العالم" مكانا لإحياء ذاكرة الأجيال الجديدة، وتوثيق الحياة الفلسطينية بكامل تفاصيلها.
وأقيم "متحف فلسطين" على مساحة تبلغ حاليا 70 مترا، وتأمل "فيدار" مستقبلا بتوسعته، وزيادة مقتنياته ومحتوياته، وفق إبراهيم.
منتجات عديدة تظهر حقيقة وجود الشعب الفلسطيني والتصاقه بأرضه (الأناضول)توثيق الحالة الفلسطينية
ويضم المتحف وثائق وصورا توثّق الحالة الفلسطينية، ومنتجات تؤكد التصاق الشعب الفلسطيني بأرضه، إذ يسعى القائمون عليه لدحض مزاعم أن فلسطين كانت "أرضا بلا شعب" قبل النكبة.
كما يشتمل "متحف فلسطين" على صور ومستلزمات الحياة العادية وملابس وجلسات عربية، وفناجين قهوة وركن المطبخ، إضافة إلى زجاجة تحوي ترابا من فلسطين، وعملات فلسطينية قديمة.
ويشعر الزائر بعبق التاريخ الفلسطيني، إذ حرص القائمون على المتحف على تقديم صورة مشرقة للزوار عن البلد التي لم يزوروها ولم يعرفوها، عبر الملابس والمستلزمات المعروضة.
كما حرصت جمعية "فيدار" على عرض بعض المقتنيات التي أخرجها فلسطينيون في موجات النزوح الأولى، حاملين معهم ما استطاعوا، سواء من الموجودين في تركيا أو في دول الجوار، على غرار سوريا ولبنان والأردن.
وثائق وصور تدحض مزاعم أن فلسطين كانت "أرضا بلا شعب" (الأناضول) فكرة المتحففي معرض حديثه عن المتحف، قال مدير "فيدار" إبراهيم العلي، إن الفكرة "انطلقت في إسطنبول خلال بحث عدالة القضية الفلسطينية، ومظلومية الشعب الذي يعاني منذ 75 سنة من الاحتلال، وسبقها الانتداب البريطاني والانتهاكات التي جرت خلالهما".
وأضاف إبراهيم، "ادعت الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب، وهذه المقولة الزائفة كان لا بد من تفنيدها؛ من خلال إبراز معالم فلسطين التاريخية والجغرافية والحضارية. فلسطين كانت زاهرة في الجانب الاقتصادي والإداري والعملي، وكان فيها إعلام ومشافي، وكل ما يوجد في أي بلد متحضر".
وتابع إبراهيم، "مقولة إن فلسطين كانت خالية وخاوية اخترعها الاحتلال لتسويغ احتلاله وقمعه والسيطرة على أرضها. من هذا المتحف كانت رسالتنا للعالم؛ رسالة فلسطين من إسطنبول، التي هي قبلة للسائح المسلم والعربي، ومن أحرار العالم، بأن تلقى القضية الفلسطينية الدعم والإسناد اللازمين للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله ضد الاحتلال".
يضم المتحف بعض مقتنيات الأجداد الذين حملوها معهم وقت النزوح (الأناضول) أقسام ومقتنيات المتحفوحول ما يتعلق بالإعداد للمتحف ومقتنياته وأقسامه، قال إبراهيم العلي، "عملنا على إعداد المكان في مساحة صغيرة، وجلبنا الأغراض إليها، وأمّنّا قسما منها من داخل تركيا، ومن سوريا ولبنان والأردن عبر الشحن، وهناك من قدّم لنا مقتنيات موجودة من الأجداد الذين حملوها معهم وقت النزوح".
وأضاف، "هناك مرحلة تاريخية، وتعريف بالجغرافيا الفلسطينية، ويستطيع كل زائر فلسطيني تعرّف قريته، والعديد من الزائرين شعروا بالحنين، ونبشنا الذاكرة عندما دخل الزوار، وشاهدوا مقتنيات المتحف".
يسعى المتحف لنقل زواره إلى فلسطين ومدنها دون أن يذهبوا إليها رغم مساحته الصغيرة (الأناضول) لوحة استشرافية للمستقبلوعن وجود لوحة استشرافية للمستقبل في المتحف، قال إبراهيم، إن القائمين حرصوا على تصوّر "كيف يحطم الفلسطيني الجدار الفاصل، وصولا لتحرير الأقصى، وهناك قسم الفن والأدب والسينما الفلسطينية، ويعرض فيها أفلام عن تاريخ فلسطين ونضالها، وعن انتفاضة الأقصى، ووعد بلفور مثلا، ومعلومات عن القرى، وهذه كلها تعريفية باللغتين العربية والتركية".
كما يبرز المتحف قضية الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، الذين يعانون من الانتهاكات، وفي المتحف مجسم يجسّد العزل الانفرادي في سجون الاحتلال، التي يعزل فيها الأسير ليس ليوم أو يومين فقط، فهناك من عُزل منهم 5 آلاف يوم، يعني قرابة 14 سنة، لا يرى فيها الأسير شيئا.
يضم المتحف مستلزمات الحياة العادية والجلسات العربية ودلال وفناجين القهوة بالإضافة إلى وثائق فلسطينية (الأناضول) تحديات المتحفوعن التحديات والآفاق، أفاد إبراهيم العلي أن "المتحف غني بمحتوياته، والمساحة اليوم هي التحدي الأكبر. المساحة حوالي 70 مترا مربعا، ونطمح أن يكون لاحقا على مساحة 700 متر، ثم 7 آلاف متر. نتمنى أن تكون لنا قاعات أوسع، وهذا يأتي لاحقا، والمهم أن الفكرة انطلقت والمشروع بدأ، والرسالة تصل لكل من يزور المتحف".
يقول إبراهيم، إنه "رغم أن كثيرا من الفلسطينيين عاشوا هذه المرحلة ومروا بها؛ ومع ذلك عندما يدخلون المكان يعيشون مرحلة من نبش الذاكرة والحنين للبلدة والقرية التي وُلد بها آباؤهم وأجدادهم. هناك جيل جديد تعرّف فلسطين من هذا المكان، ونحن نتكلم أمام أبناء الجيل الرابع من الفلسطينيين (منذ هجرة 1948)، وكان هناك رهان على نسيان الأجيال، ولكن عندما جاؤوا وشاهدوا المتحف عرفوا فلسطين، وعندما شاهدوا الأفلام والمجسمات والأشياء المعروضة كان لديهم تساؤلات، وقدمنا الشرح لهم".
زوار المتحف من العرب والمسلمين، ومن كل أبناء الجاليات، قال كثير منهم، إن المتحف نقلهم لفلسطين دون أن يذهبوا إليها.
واختتم إبراهيم العلي، بالقول، إن "متحف فلسطين" هو "الأول من نوعه في تركيا، ونأمل أن تتكرر فكرته في مدن ثانية، وفي مختلف دول العالم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فلسطین کانت
إقرأ أيضاً:
منصور بن زايد: متحف "نور وسلام" يعكس رؤية الإمارات في تعزيز السلام والتعايش
افتتح الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة متحف "نور وسلام"، في مركز جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي.
وقام الشيخ منصور بن زايد آل نهيان بجولةٍ في أقسام المتحف، برفقة عدد من كبار المسؤولين، اطلع خلالها على محتوياته وأنشطته وما يقدم من معارف حول الحضارة الإسلامية وما جادت به عبر عصورها من فنون وعلوم، وما تتسم به من تسامح وتعايش، ساهم في رفد حركة التأثير والتأثر بينها وبين غيرها من حضارات العالم، حيث يتضمن المتحف خمسة أقسام تتضمن تجارب تفاعلية، توظف التقنيات والوسائط المتعددة، وتستعرض المقتنيات النادرة والفريدة التي تعبر عن رسالة المتحف وتقدم سردًا حسيًّا شائقًا يتيح لزائري المتحف فرصة التفاعل مع محتواه الثقافي ويفتح قنوات الحوار الحضاري بين الثقافات. كما تعرف على تجربة "ضياء" الغامرة -قاعة الوسائط المتعددة-، والتي تعزز رسالة الجامع الحضارية، وذلك في "قبة السلام"، التي تضم العديد من المرافق الثقافية.
منارة للتسامحوأكد الشيخ منصور بن زايد آل نهيان على أن افتتاح متحف "نور وسلام" يعكس رؤية دولة الإمارات نحو تعزيز الثقافة والسلام والتعايش، مشيراً إلى أن هذا المشروع يعد خطوة أخرى في ترسيخ مكانة الدولة كمنارة للتسامح والحوار الحضاري بين الثقافات.
وصرح قائلاً: إن هذا المتحف يشكل نافذة تتيح للعالم استكشاف الثراء الثقافي للحضارة الإسلامية، ويمثل إضافة نوعية لجهود الإمارات في إبراز القيم الإنسانية المشتركة التي تربطنا كشعوب مختلفة، وجعل التراث والفن والعلم والآدب منصات للحوار والتقارب. نحن ملتزمون بدعم المبادرات التي تساهم في بناء مستقبل يعزز قيم التفاهم والسلام.
وأضاف: أن مركز جامع الشيخ زايد الكبير يواصل دوره ورسالته الحضارية التي تعزز مكانة الإمارات كوجهة ثقافية عالمية تجمع بين عبق الماضي وتطلعات المستقبل، ويؤكد رؤيتنا في تحقيق التنمية الثقافية التي تحترم تعدد الثقافات وتحتفي بالتنوع.
ويجمع المتحف بين الأجواء المميزة وطرق العرض المبتكرة للقطع الأثرية والوسائط المتعددة، ليخلق تجربة سردية ملهمة وغنية تتألف من خمسة أقسام، هي قيم التسامح – فيض النور، والقدسية والعبادة – المساجد الثلاثة، وجمال وإتقان–روح الإبداع، والتسامح والانفتاح – جامع الشيخ زايد الكبير، والوحدة والتعايش، تضاف إليها المساحة المخصصة لتجارب العائلة والأطفال.
محتوى ثقافي قيّمويزخر المتحف بمجموعة منتقاة من التحف والمعروضات، التي تعود إلى عصور إسلامية مختلفة، وتتمحور حول مواضيع متنوعة، ومن أهم ما تشمل معروضات المتحف: جزء من حزام الكعبة المشرفة (القرن 20)، ودينار عبدالملك بن مروان (77 ه) -أول مسكوكة إسلامية ذهبية-، وكتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (1296م /695ه)، ويتناول تخريج أحاديث موطأ الإمام مالك من الحديث الشريف ومدونات الفقه الإسلامي، وصفحات القرآن المخطوطة بالذهب من المصحف الأزرق (القرن 9-10 م)، وكتاب أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار (القرن 14 م)، والاسطرلاب الأندلسي (القرن 14م)، إضافة إلى المجموعة الشخصية للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه-، وغير ذلك من الأعمال الفنية العريقة والمعاصرة، والأطروحات العلمية والطبية، والزخارف والخطوط، والأعمال الفنية المعدنية والخشبية والرخامية، والمنسوجات.
وبهدف نشر رسالته على أوسع نطاق من خلال إطلاع مرتاديه من مختلف الثقافات، على رسالته، قدم المتحف مضمونه الحضاري، بسبع لغات هي العربية والإنجليزية والصينية والإسبانية والفرنسية والروسية والهندية، من خلال تقنية تمكّن المستخدم من تفعيلها على الشاشات الرقمية المصاحبة للتجارب الثقافية ضمن أقسام المعرض.
تجدر الإشارة إلى أن المتحف يقع في "قبة السلام"، الوجهة الثقافية الجديدة في إمارة أبوظبي، في مركز جامع الشيخ زايد الكبير، التي تضم عدداً من الأنشطة الثقافية منها مكتبة الجامع المتخصصة في علوم الحضارة الإسلامية وفنونها، والمسرح الذي يحتضن الفعاليات والمناسبات الدينية والوطنية والثقافية والمجتمعية، وتجربة "ضياء" الحسية الغامرة والملهمة التي تقدم رسالة الجامع الحضارية، بتقنية "360"، والتي تمثل برسالتها وأسلوب عرضها إضافة نوعية للتجارب الثقافية في المركز،
كما تحتضن مساحات "قبة السلام"، المعارض المؤقتة التي يقيمها المركز والتي تتميز بقيمتها الثقافية، ورسائلها الحضارية، التي تعزز رسالة الجامع ودوره الثقافي، من خلال تقديم محتواها الثقافي والإنساني في إطار معرفي تفاعلي متنوع، ومنها: معرض "الأندلس، تاريخ وحضارة"، ومعرض "النقود الإسلامية، تاريخ يكشف".