رأي الوطن : الموقف العماني من جرائم الحرب الصهيونية
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
أكَّد رفض وزير الاتِّصالات في حكومة الاحتلال الصهيونيِّ شلومو قرعي لإعلان رجُل الأعمال الملياردير الأميركيِّ إيلون ماسك عن تأمين خدمة الإنترنت عَبْرَ نظام (ستارلينك) للأقمار الصناعيَّة لـمُنظَّمات الإغاثة المعترف بها دوليًّا، والتبجُّح بالقول إنَّ الكيان الصهيونيَّ سيستخدم ما وصفها بالوسائل المتاحة لمنَعِ ماسك من تزويد منظَّمات الإغاثة في غزَّة بالإنترنت، وتلويحه بقطعِ علاقات وزارته مع شركة (ستارلينك) الَّتي يمتلكها رجُل الأعمال الشهير، ما يؤكِّد أنَّ كيان الاحتلال الصهيونيِّ يسعى إلى التعتيم المُطْلَق على ما يرتكبه من جرائم ضدَّ الإنسانيَّة، ويُسهم في تعميق الكارثة الإنسانيَّة الَّتي يعيشها قِطاع غزَّة، ويضيف حالة أخرى من الرعب والخوف لدى أبناء غزَّة.
يأتي هذا التبجُّح الصهيونيُّ على الرغم من أنَّ القانون الدوليَّ يُجرِّم هذه الأفعال؛ كونها مخالفة للقوانين والحقوق الأساسيَّة المنصوص عَلَيْها في الأعراف الدوليَّة، ولها دَوْر كبير في إخفاء جرائم الحرب الصهيونيَّة الَّتي ترتكبها قوَّات الاحتلال في القِطاع المُحاصَر. كما أنَّ هذه الممارسات ضدَّ البنى الأساسيَّة للاتِّصالات تؤدِّي ـ بحسب المنظَّمات الإغاثيَّة العاملة في غزَّة ـ إلى قطع اتِّصال طواقم الإسعاف والدِّفاع المَدنيِّ فيما بَيْنَها ومع مركزها، ما يتسبَّب في عدم القدرة على توجيه هذه الطواقم لأماكن القصف عِند وقوعه، ما يعني فقدان الكثير من الأرواح، وكذلك حرمان المَدنيِّين الفلسطينيِّين العُزَّل بشكلٍ متعمَّد من حقِّهم بالاتِّصال والاطمئنان على بعضهم بعضًا بسبب النزوح والقصف المستمر.
إنَّ إصرار كيان الاحتلال الصهيونيِّ على أنْ يصبحَ قِطاع غزَّة الَّذي يقطنُه نَحْوُ 2,4 مليون نسمة، مقطوعًا عن العالَم مع توقُّف الاتِّصالات وخدمة الإنترنت، رغم أنَّه في حدِّ ذاته جريمة، لكنَّه يؤكِّد أيضًا عزم الكيان الصهيونيِّ المارق على ارتكاب المزيد من الجرائم، خصوصًا بعد أنْ فشلت آلتُه الدعائيَّة وحلفائه في تحويل عدوانه السَّافر لأكذوبة الدِّفاع عن النَّفْس، وظهَرَ ذلك جليًّا في تصويت الجمعيَّة العامَّة للأُمم المُتَّحدة، حيث لا يوجد (فيتو) يحمي الكيان الصهيونيَّ. لذا يعمل على التعتيم على جرائمه عَبْرَ قطْعِ الإنترنت والاتِّصالات القادرة على توثيق جرائم الحرب الَّتي يرتكبها كيان الاحتلال، حسبما أكَّد عددٌ من المنظَّمات الحقوقيَّة الدوليَّة، وعلى رأسها منظَّمة العفو الدوليَّة.
ومن هذا المنطلق جاء الموقف العُمانيُّ المسانِدُ والدَّاعم للحقوق الفلسطينيَّة، والَّذي حرص على تسمية ما يحدُث في قِطاع غزَّة بمسمَّاه الحقيقي دُونَ مُوارَبة، حيث أكَّدت سلطنة عُمان أنَّ استمرار التصعيد الخطير وسياسة العقاب الجماعيِّ والانتهاكات الجسيمة للقانون الدوليِّ والقانون الدوليِّ الإنسانيِّ الَّذي تُمارسه قوَّات الاحتلال الصهيونيِّ في حربها الغاشمة على قِطاع غزَّة تُعدُّ جرائم حرب وجرائم ضدَّ الإنسانيَّة وتشجبها كافَّة القوانين والأعراف الإنسانيَّة والدوليَّة، كما حذَّرت الخارجيَّة العُمانيَّة من مغبَّة العمليَّات العسكريَّة البَرِّيَّة الَّتي يعتزم جيش الاحتلال الصهيونيِّ القيام بها والَّتي تُنذر بآثار كارثيَّة خطيرة على المنطقة والعالَم وعلى فرص تحقيق السَّلام والاستقرار، وهو موقف عُمانيٌّ يضع العالَم أمام مسؤوليَّاته لحماية الفلسطينيِّين العُزَّل، عَبْرَ التدخُّل الفوريِّ لوقف الحرب والانتهاكات الصهيونيَّة المستمرَّة وفقًا لقرار الجمعيَّة العامَّة للأُمم المُتَّحدة الصادر بتاريخ 27 أكتوبر حقنًا لدماء الأبرياء ولتمكين إيصال المساعدات الإنسانيَّة العاجلة والضروريَّة للمَدنيِّين.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الاحتلال الصهیونی
إقرأ أيضاً:
يجب حظر الحركة الإسلامية السودانية
بعض الأقلام النابهة والوازنة صاحبة القدر المعتبر من الموثوقية وعمق الرؤية، بذلت اطروحات الحلول المحتملة لوقف الحرب وإعادة بناء الوطن، فهادنت وتسامحت على المستوى النظري مع الحركة الإسلامية الحاملة لوزر إشعال الحرب، والمسؤول الأول عن إزكاء نار خطاب الكراهية وخطيئة قصم ظهر الوطن، بجعل ذهاب الجنوب الحبيب لخيار الانفصال ممكناً، إذ ما تزال تؤجج نار الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، هذا فضلاً عن سجلها الإجرامي الحافل بفظائع الإرهاب الدولي، وضلوعها في ارتكاب خطايا جنائية لا تعد ولا تحصى، لا تؤهلها لأن تكون جزءًا من المشهدين السياسي والأمني مستقبلاً، والمقارنة بينها وبين بيض جنوب افريقيا لا تجوز، لأن جرم نظام الفصل العنصري أقل بكثير من خطيئتها، فأنصار رئيس جنوب أفريقيا الأبيض "دي كليرك" سجنوا نلسون مانديلا ثلاثة عقود من الزمان، لكن لم يخرقوا رأسه بمسمار ولم يجلسوه على خازوق، ولم يقم الرجل الأبيض بتطهير عرقي ممنهج استخدم فيه الطائرات الحربية والقنابل المزوّدة بالمواد السامة تجاه السود، ولم يدفن آبار مياه الشرب وما دمر البنية التحتية، على العكس من ذلك، حينما كان الناشطون السود يتظاهرون ويقتلون بالسلاح (الخفيف) للبيض في الميادين، كان نفس هؤلاء البيض يبنون ويعمّرون، لذا بعد اكتمال مشروع التحرير الوطني قبل الزعيم الإفريقي بالحقيقة وصالح وصافح "دي كليرك".
إنّ الحركة الإسلامية السودانية يجب أن يكون مصيرها كمصير حزب البعث العراقي، الذي أحال العراق إلى ركام من الحجارة الأسمنتية والجماجم البشرية، فجاءت أنظمة حكم ما بعد الدمار وحظرته، وأمسى البعثيون في شوارع بغداد مثل كفار قريش بعد فتح مكة، نفس المآل يجب أن يلحق بهذه الشرذمة الغريبة الفكر، ولو كان هنالك دليل إدانة واحد يوجب حظرها، سيكون هو إشعالها للحرب التي قتلت مئات الآلاف من السودانيين، فلا يمكن بأي حال من الأحوال التسامح مع من حطم الوطن وأعدم المواطن، ورأينا الشعوب والحكومات الأمينة مع شعوبها من حولنا كيف حظرت التنظيمات الإرهابية، لعلمها التام بأنها جماعات تعمل من أجل التخريب ولا تؤمن بالوطن، فالبارحة صدر قرار حظر السلطات الأردنية لجماعة الإخوان المسلمين هناك، فالأجرب لا يُعاشر، ومن يهادن الأجرب يكتوي بالداء اللعين، على الكتاب والمفكرين السودانيين القيام بدورهم الغيور على الأرض والعرض، وأن لا يسمحوا لأقلامهم بأن تمنح أفراد هذا التنظيم المتطرف بارقة أمل العودة لمنصات الفعل السياسي، فسودان المستقبل يستحق ان يكون خالياً من كتائب داعش الناحرة لأعناق لناس، في المدن التي تسيطر عليها الحركة الإسلامية، وعلى التحالفات السياسية والعسكرية – صمود وتأسيس – (استتابة) كادر الحركة الإسلامية المختبئ تحت لوائيهما، وإقعاده على الكنبة الخلفية لعلّه يفقه مبادئ الديمقراطية وأساسيات الحكم المدني.
بعد الحرب وفقدان العزيز والنفيس، لم يعد هنالك كبير في ميدان العمل العام، ولا توجد ضرورة لتكرار صناعة الاصنام القديمة – الصادق المهدي وحسن الترابي ومحمد عثمان الميرغني ومحمد إبراهيم نقد، لأن غربال الحرب أسقط الكهنوت وآلهة العجوة، ورفع قدر كل أشعث أغبر أساء الظن به الحركيون الإسلاميون فصنّفوه خارجاً عن الملّة، إنّ صياغة دنيا السودان الجديد لن تتأتى إلّا بزوال الهدّامين من أفراد التنظيم الواجب حظره، والاعتماد على البنائين من قادة الحراك الوطني غير الملوثين بغلواء الحماس الديني، المبني على استثارة العواطف دون مخاطبة العقول، وليحذر الناشطون الأحرار من مغبة الوقوع في فخاخ هذه الحيّة الرقطاء، وأن يؤسسوا اطروحاتهم على الحقيقة لا المصالحة مع الشر المطلق المتمثل في الحركة الإسلامية، وليعتبروا بتجارب البلدان الافريقية والعربية وكفاحها ضد حركات الإسلام السياسي، مثل تونس ومصر والأردن وبعض الدول الخليجية، وكيف أوقفت هذه البلدان هذا الفكر التدميري، ومن خفة دم وزير خارجية إحدى دول مجلس التعاون الخليجي، تعليقه على الخلية الإخوانية التي تم القبض عليها في بلاده قبل سنوات بقوله:(هل يعقل أن يُصدّر الدين الإسلامي إلينا من إفريقيا وجدنا هو من نشر الإسلام في إفريقيا)، فبعد هذا القول المفحم من سعادة الوزير، لا تعليق، وكما يقول المثل (العربي) اللبيب بالإشارة يفهم، وإذا لم يستوعب اللبيب الافريقي (الحركة الإسلامية السودانية)، عليه الاطّلاع على هجاء أبي الطيب المتنبئ لكافور الإخشيدي.
إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com