أوهام السفسطة وحل الصراع على أرض الطهر والرسالات فلسطين المحتلة
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
«ينبغي أن يكُونَ واضحًا بالنسبة لنَا أنَّه لا مكان لشعبَيْنِ في هذا البلد» هكذا قال يوسف فايتس (1890–1972) مدير إدارة الأراضي والتحريج في الصندوق القومي اليهودي في كتابه المذكَّرات ص 1965. وبتصوُّري أنَّ جزءًا كبيرًا من الاستراتيجيَّة السِّياسيَّة والأمنيَّة الإسرائيليَّة للتعامل مع احتلال الأرض الفلسطينيَّة تعمل وفق هذا المبدأ الاستعماري القديم المُتجدِّد.
                
      
				
لا أتصوَّر أنَّ هناك أيَّ مسألة تاريخيَّة أو سياسيَّة أو أمنيَّة أو غير ذلك غائبة في فهْمِ أبعاد الصراع على أرض الطُّهر والرسالات فلسطين المحتلَّة، إلَّا أن أُريد لها أن تغيَّبَ أو يتمَّ تناسيها أو تجاهلها، وينطبق هذا الأمْرُ على مختلف الإشكاليَّات والحلول الممكن طرحها. أقول هذا؛ لأنَّ هذه القضية أصلًا أكبر بكثير من إمكان حسمها عَبْرَ أيِّ حلٍّ سياسي أو دبلوماسي أو حتَّى عسكري بشكلٍ كامل، والجميع يدرك ذلك تمامًا.
بل لديَّ قناعة مُطْلَقة أنَّ القيادة السِّياسيَّة والعسكريَّة الإسرائيليَّة نَفْسَها تعلَمُ يقينًا باستحالة نجاح أيِّ عمليَّة عسكريَّة أو حتَّى حلول سياسيَّة كاملة لوقف الصراع والاقتتال بَيْنَ الأطراف المباشرة للأزمة، وتنطبق ذات القناعة على المؤسَّسات السِّياسيَّة والعسكريَّة العربيَّة، بالإضافة إلى الأُمم المُتَّحدة الَّتي لَمْ تقبلْ «إسرائيل» لها أيَّ قرار، ومن أهمِّ تلك القرارات عدم اعتراف هذه الأخيرة بقرار التقسيم الصادر في 29 نوفمبر 1947.
لعلَّ المستعمرة الإسرائيليَّة الكبرى تعوِّل للحصول على أكبر قدر ممكِنٍ من المكاسب على الدَّاعمين لها مِثل الولايات المُتَّحدة الأميركيَّة، بالإضافة إلى استغلال ضعف الصَّف العربي الرَّسمي في هذا الوقت. وأقول هذا الوقت؛ لأنَّ لدى «إسرائيل» نَفْسِها قناعة أخرى بعدم وجود ضمانات أبديَّة لاستمرار المواقف السِّياسيَّة للدوَل الإسلاميَّة أو إمكان عودة العرب إلى مواقف الوحدة العربيَّة لسببٍ أو لآخر، وفي أسوأ الأحوال تراجع الولايات المُتَّحدة الأميركيَّة أو حتَّى ضعف دعمها لأسبابٍ عديدة ومختلفة، بالإضافة إلى اتِّساع هوَّة الرافضين لاستمرار الصراع والحرب في الداخل الإسرائيلي نَفْسِه، وما يُمكِن أن تتسببَ به مواقف الشعوب المسلِمة في مواجهة تغيير مواقف حكوماتها تجاه قضيَّة الأُمَّة الإسلاميَّة في مواجهة المستعمرة الإسرائيليَّة الكبرى.
أسهل ما يُمكِن توضيحه لتأكيد الموقف السَّابق هو الثوابت لدى الأُمَّة الإسلاميَّة، بالإضافة إلى الفلسطينيِّين كأصحاب حقٍّ من جهة، والإسرائيليِّين والقوميِّين الصهاينة المحتلِّين والدَّاعمين لهم في الغرب من جهة أخرى. بمعنى آخر، هل يُمكِن أن يقبلَ أيُّ مُسلِم التنازل عن المسجد الأقصى؟ هل يفكِّر أيُّ عاقل بإمكان تنازل الفلسطينيِّين عن أرضهم؟ هل يُمكِن أن تبردَ الدِّماء النَّازفة بسلام واهمٍ أو مؤقت؟ كما أنَّ الإسرائيليِّين أنْفُسهم لا يُمكِن لهم الخروج من فلسطين؛ لأنَّهم أصلًا غير مقبولين في أيِّ مكان حَوْلَ العالَم.
على العموم لعلَّ البعض يطرح سؤالًا حَوْلَ عنوان هذا المقال، ما دخل السفسطة بالقضيَّة والصراع على أرض الطُّهر والرسالات فلسطين والمواجهة مع المستعمرة الإسرائيليَّة الكبرى؟
وأنا أقرأ كتابًا لديفيد بن جوريون المعنون «الصورة والحقيقة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني» ص 110، شدَّ انتباهي الجملة الآتية «يرى الجميع أنَّ ثمَّة صعوبة في مسألة العلاقة بَيْنَ العرب واليهود، ولكن ليسوا كلُّهم قادرين على أن يروا أنَّه ليس من حلٍّ لهذه المسألة، ليس من حلٍّ! هناك هوَّة وليس من أحَد قادر على ملئها، وحْدَها السفسطة يُمكِنها أن تحلَّ النزاع بَيْنَ المصالح اليهوديَّة والعربيَّة، لا أعرف أيَّ عربي سيوافق على أن تصبحَ فلسطين ملكًا لليهود… نحن كأُمَّة نريد أن يكُونَ هذا البلد لنَا، والعرب كأُمَّة يريدون أن يكُونَ هذا البلد لهُمْ».
طبعًا فهْمُ بن جوريون لهذه القضيَّة يوضِّح بجلاء كيف يفكِّر اليهودي والصهيوني والقائد السِّياسي والعسكري في «إسرائيل»، كيف يفهمون ويمارسون السِّياسة وثقافة التعاطي مع الصراع حتَّى هذا اليوم، حيث إنَّ السفسطة من وجهة نظره وحدها مَن يُمكِن أن يتعاطى مع هذه القضيَّة، والسفسطة باختصار هي مجموعة من الأوهام الَّتي تعتمد على الجدل والتلاعب بالألفاظ بقصد الإقناع. بمعنى آخر: إنَّ الخداع والأوهام والتلاعب بالمصطلحات والأفكار جزء من ثقافة التعاطي الإسرائيلي مع الحلول الَّتي يُمكِن أن تطرحَ للتعامل مع مسألة الصراع، أمَّا الرؤية الواقعيَّة الَّتي يؤمنون بها فهي ترتكز على أبديَّة الاحتلال والتوسُّع، وهو ما يؤكِّده بن جوريون بقوله «إنَّ الأمْرَ لا يكمن في الإبقاء على الوضع القائم فنحن بحاجة إلى دَولة حركيَّة مهيَّأة للتوسُّع».
محمد بن سعيد الفطيسي
 باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
 رئيس تحرير مجلة السياسي – المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية
 azzammohd@hotmail.com
 MSHD999 @
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ة الإسرائیلی بالإضافة إلى
إقرأ أيضاً:
صعدة.. ترحيل 1,429 مهاجراً أفريقيا وضبط كميات ضخمة من المخدرات
يمانيون |
 تمكنت شرطة محافظة صعدة من تحقيق إنجازات أمنية لافتة خلال شهر ربيع الآخر 1447هـ، حيث تمكنت من ضبط وترحيل 1,429 مهاجراً غير شرعي من جنسيات أفريقية. تم نقل المهاجرين إلى مصلحة الهجرة والجوازات بالعاصمة صنعاء بعد ترحيلهم من مركز الإيواء بالمحافظة.
كما أفاد تقرير صادر عن شرطة المحافظة أنها نفذت 368 مهمة أمنية خلال الشهر نفسه، شملت تأمين الفعاليات والمسيرات الشعبية والرسمية، بالإضافة إلى المشاركة في العديد من الأنشطة الميدانية.
في مجال مكافحة الجريمة، سجلت شرطة صعدة نسبة مرتفعة في ضبط الجرائم، التي تنوعت بين الجرائم الجسيمة وغير الجسيمة، وجرائم تهريب المخدرات. حيث ضبطت الشرطة 1,429 قالباً من الحشيش المخدر، بالإضافة إلى أكثر من 111,000 حبة مخدرة متنوعة، و1,845,247 حبة من نوع بريجابالين، كانت موجهة من مناطق سيطرة العدوان إلى الأراضي السعودية.
إلى جانب هذه الجهود الأمنية، أصدرت شرطة صعدة العديد من الوثائق الخدمية، شملت بطاقات هوية وشهادات ميلاد ووفاة، بالإضافة إلى جوازات سفر للمواطنين.
وفي مجال المرور، أنجزت شرطة المرور بالمحافظة 317 معاملة تشمل إصدار وتجديد رخص السيارات والدراجات النارية، ما يعكس الجهود المتواصلة لتعزيز النظام المروري وخدمة المواطنين.
تأتي هذه الإنجازات في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها شرطة محافظة صعدة لتعزيز الأمن والاستقرار ومكافحة الجريمة، إضافة إلى تقديم الخدمات المدنية للمواطنين.