البابا تواضروس يوضح أثر «التشجيع» فى اكتشاف مواهب الأطفال
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
الأمانة والإصرار.. سلاح الساعى فى طريق النجاح
شهد العالم فى الآونة الأخيرة، تحديات تفرضها الحياة تشير ضرورة تمكين العقول الواعية والقلوب المنيرة بالإيمان والمتسلحة بالعلم حتى يأتى المستقبل المنشود الذى يطمح إليه كل إنسان محققًا النجاح والآمان والاستقرار.
عاشت الكنسة القبطية الأرثوذكسية هذه الفترة أحداثًا كبيرة وسخرت من جهودها ما استطاعت من أجل تحقيق المعونة والمساعدة لكل محتاج فى مصر والعالم، بل ماسرت دوره الرعوى فى مواصلة الطقوس والصلوات من أجل تحقيق السلام والهدوء للعالم الذى يستمر فى محاربة الإنسانية ويرفض الاستماع لصوت العقل.
البابا يتفقد الأقباط فى الأزبكية
عادة ما يبرز دور قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، فى إرشاد أبناء الكنيسة بصورة متواصله إلى الطرق النجاح التى تمكنهم من استمرار الحياة رغم التحديات، فى ظل المشاهد القاسية والخوف الذى ينتاب العالم بشأن المجريات.
ألقى قداسة البابا فى عظته الروحية منذ أيام، والتى جاءت فى جنابات الكنيسة المرقسية الكبرى بالأزبكية، بعنوان «نجاحًا للطلبة» فى إطار سلسلة «صلوات قصيرة من القداس» التى تقام أسبوعيًا خلال الاجتماع العام.
كانت هذه الجلسة متفرده بما فيها من خصوصية روحية بمشاركة نيافة الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس قطاع وسط القاهرة، إلى جانب البابا تواضروس.
وجد قداسته ترحاب واسع المدى من أسقف الأقباط وأبناء الكنيسة الذين اعتبروا هذه الزيارة التفقدية ذات أهمية وجدانية كبيرة بالإضافة إلى القيمة الإيمانية والعلمية التى تفيض فى مثل هذه اللقاءات الرعوية.
النجاح فى حياة الإنسان
كان موضوع هذا اللقاء حول «النجاح» وهو عنصر هام فى حياة الإنسان بصفة عامة، يرددها الأقباط فى صلواتهم بصورة مستمرة مرردين «نجاحًا للطلبة ذلك خلال طِلبة قصيرة من الطِلبات التى ترفعها الكنيسة فى القداس الغريغورى، وهو استكمال لسلسلة «صلوات قصيرة قوية من القداس» التى يتناولها البابا تواضروس أسبوعيًا فى اجتماع الأربعاء.
هناك مراجع إيمانية كثيرة تناولت مفهوم النجاح الذى فسرها قداسته بأنها كلمة تُطلق على جميع المراحل فى حياة كل إنسان، كالنجاح فى الدراسة أو كالنجاح فى الطريق الروحى وفى هذا الشق الأخير يعيد إلى الأذهان مقولة مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث «الإنسان الروحى يكون ناحجًا».
وكغيرها من الأحداث التى تحمل سمات خاصة، أوضح البابا صفات خاصة للنجاح، واستهلها بـ«أساس الحياة» مستشهدًا بكلمات الكتاب المقدس فى «مز 3:1»، وثانيًا «شمولية حياة الإنسان»، وهو ما تحقق فى مثال ذكره قداسته بـ«يوسف الصديق»«مَهْمَا صَنَعَ كَانَ الرَّبُّ يُنْجِحُهُ» (تك ٣٩: ٢٣)، ويكون النجاح بمثابة معونة وهبها الله للإنسان الذى يطلبها وأخيرا يجدد النجاح حياة كل إنسان ويمنحه استقرارًا وهدوء وسعادة.
مفاتيح النجاح
يهب الله النجاح لكل مجتهدًا، ويشير البابا تواضروس فى حديثه إلى بعض المفاتيح التى قد تساعد الإنسان فى تحقيق ما يتمنى، وتمثلت فى «النظام» كأول عنصر نجاح، و«الجهد»، و«الإيمان لأن النجاح يحتاج الثقة والعقيدة القوية الإيمان بعدم ضياع الجهد»، أخيرا كانت فى جزئين «الحب والحصاد».
خطوات النجاح
وهناك مراحل وخطوات لابد من العبور خلالها حتى يتحقق الأمل المنشود، وفسر البابا خطوات طريق النجاح، مستهلًا بـ»الأمانة» كأول خطوة يمر بها الإنسان فى كل شىء سواء عملًا أو خدمة، وثانى الطرق هى «طاعة الوصية الروحية» أما عن الخطو الثالثة فكانت «المحافظة على الصلوات والحياة الروحية» إذ تساعد هذه الخطوة على تجدد الطاقة فى نفس كل إنسان وتساعده على المواصلة والسير فى طريق الأمل.
ويأتى عنصر «الإصرار والثبات» فى أساسيات الخطوات التى يمر بها الإنسان فى طريق النجاح لما فيها من قوة تفيض فى الفؤاد مما يمنحه قوة مواجهة تحدى الصعاب، واختتم حديثه بأهمية عنصر «التشجيع»، مفسرًا أنه الوقود الذى يدفع الجميع إلى اكتشاف المواهب والطاقات، استرشد فى هذه المرحلة بـ«البابا ألكسندروس» البابا الـ19 فى تاريخ الآباء البطاركة، والذى استطاع اكتشاف الطفل الذى أصبح فيما بعد القديس أثناسيوس البطريرك الـ20 فى تاريخ الكنيسة القبطية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عالم العلم مصر سلسلة صلوات قصيرة من القداس البابا تواضروس کل إنسان
إقرأ أيضاً:
منى أحمد تكتب: شمس الموسيقى العربية
يحكي زياد الرحبانى في إِحدي الحوارات التلفزيونية، أنه عندما كان يسجل أغنية زوروني كل سنة مرة لسيد درويش بصوت السيدة فيروز فى ألمانيا، أنبهر الموسيقيين الألمان باللحن مما دفعهم للسؤال عن صاحبه، و اِرتسمت علامات الدهشة عندما عرفوا أنه لموسيقارمصرى عاش فى أوائل القرن الماضى، فكانوا يظنون أنه لحنا من مقطوعة عالمية .
ويخطئ من يتصور أن سيد درويش أغنية ولحن فقط ،بل هو مفجر الثورة الموسيقية وفكراً متطوراً قامت علي أكتافه المدرسة المصرية فى تجديد الموسيقي الشرقية، نجح في نقل الألحان الشرقية من عليائها البعيدة عن المزاج المصرى, والمنفصلة عن واقعها بمقاماتها التركية المليئة بالجمل اللحنية المعقدة والزخارف التى تعانى الجمود الفنى ،أسيرة التحفظ شبيهة محبيها من الطبقة الأرستقراطية، ليتجه بها خالد الذكر من القصورإلى قارعة الطريق نحو الأصول الشعبية والهوية المصرية .
فشعرالمصريون لأول مرة بأن لهم موسيقاهم المعبرة عنهم ،من خلال جملة موسيقية درويشية تحمل عبق مزيج حضارى متنوع تميزت به الاسكندرية وتشم معه فى نفس الوقت رائحة ملح الأرض الذى ينتمى إليه عموم الشعب ،فجمع بين التنوع والأصالة والحداثة في آن واحد بعد أن نقلها لمرحلة الواقعية، التى إستلهمها من واقع المصريين بجميع طوائفهم وطبقاتهم فكانت أعماله المرآة العاكسة لهمومهم وقضاياهم .
جاءت ألحان فنان الشعب لتشعل جذوة الروح الوطنية بين المصريين، والتى كانت تسرى بينهم كالنارفى الهشيم ،وسرعان ما يتداولها الشعب بجميع فئاته فى الشوارع والمقاهى ،وظهرت البصمة الموسيقية المتفردة لسيد درويش التى لا تخطأها أذن أثناء ثورة 1919، فكانت ألحانه وكلمات بديع خيري بمثابة منشور سياسى مؤجج للضمير الوطنى والشرارة التى أشعلت ثورة الشعب الذى يتنظر الاِنتهاء من تلحينه حتي يتغنى به في مظاهراته .
وبدأ يؤرخ لصناعة الأغنية السياسية التى وقفت ضد الإحتلال الإنجليزى، وجاءت أغنية بلادى بلادى التى لحنها سيد درويش بكلمات مستوحاة من كلمات الزعيم مصطفى كامل ،لتكون نشيد الشعب فى ثورة 1919 وتصبح النشيد الوطنى لمصر بعد أكثر من 90 عاما.
اِستطاع سيد درويش التعبير باللحن عن الكلمات والمواقف الدرامية لأول مرة فى تاريخ الموسيقى العربية، و أدخل على الألحان الشرقية الأسلوب التعبيري ،وأحدث ثورة بكسر المقامات المتجاورة فى لحنه فكان يقفز قفزات غير مؤلوفة ومن مقامات مختلفة ليصيغ مقاماً موسيقاً جديداً، يدخل القلب ويتسلل إلى الروح متجاوزاً وعابراً حدود الزمان والمكان وهو ما كتب لها الخلود والتفرد.
ورغم عمره الفنى الذى لم يتعدى العشر سنوات، إلا أن التراث الإِبداعى لسيد درويش أصبح بمثابة الشعلة المغناطيسية ،التى تجتذب إليها كل من يستمع لها واِستطاع من خلالها أن يصبح جزءًا هاماً من تاريخ الأمة ووجدان الشعوب العربية.
سيد درويش حالة إبداعية شكلت الهوية الموسيقية المصرية، وعاشت أعماله لأكثر من قرن من الزمان وستعيش لقرون عديدة لتسجل إسمه كعلامة فارقة فى تاريخ الموسيقي ،تحية لروح خالد الذكر الشمس التى لم ولن تغيب عن الوجدان .