القارة السمراء.. تباين في المواقف من الحرب على غزة
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
في سياق معركة "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي أعقبها، أعلنت بعض الدول الأفريقية دعمها للشعب الفلسطيني، في حين وقفت دول أخرى على النقيض تماما من هذا الموقف، وأرسلت الرسائل وأصدرت البيانات للتنديد بهجوم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس) على مستوطنات غلاف غزة.
أما غالبية دول القارة، فقد أصدرت مواقف دبلوماسية مثل إدانة قتل المدنيين من الجانبين والدعوة إلى التفاوض ووقف إطلاق النار.
على الحيادمع بداية معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أصدر رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، بيانا ناشد فيه الطرفين بالتوقف عن القتال والعودة إلى طاولة المفاوضات دون شروط، وأشار إلى أن عدم حصول الفلسطينيين على دولة مستقلة هو أحد أسباب التصعيد الدائم في المنطقة.
كذلك، حضر فكي اجتماعا مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، صدر على إثره بيانا مشتركا من الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية مطالبين بفتح ممرات إنسانية والوقف الفوري للأعمال العسكرية في غزة، كما حذر البيان من الاجتياح البري لغزة الذي "قد يفضي إلى إبادة جماعية غير مسبوقة".
أما في قمة السلام التي عقدت في القاهرة قبل أيام، أعلن فكي تمسكه بالبيان الأول الصادر عن الاتحاد الأفريقي الذي يدعو لوقف "العنف من الطرفين والعودة إلى المفاوضات على أساس حل الدولتين".
كان لدول مثل تنزانيا وأوغندا موقف مشابه لموقف الاتحاد الأفريقي، إذ دعت تنزانيا إلى وقف أعمال العنف من الطرفين والدعوة إلى السلام.
كما دعا الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني للعودة إلى حل الدولتين وحل المشاكل عبر الحوار.
وتربط أوغندا علاقات قوية وقديمة مع إسرائيل، فكثيرا ما استعانت بالخبرات الإسرائيلية في القمع لمواجهة الانتفاضات الشعبيّة.
وأما إثيوبيا، الدولة صاحبة الارتباط الأقوى والتاريخي مع إسرائيل، فلم تبدِ موقفا صريحا من الحرب الدائرة في قطاع غزة حتى الآن.
دعم إسرائيلانضمت كينيا إلى بقية العالم في التضامن مع دولة إسرائيل، وأدانت بشكل لا لبس فيه -ما وصفته "الإرهاب والهجمات على المدنيين الأبرياء في البلاد"، هذا ما عبر عنه الرئيس الكيني وليام روتو -على حسابه في منصة إكس- واعتبر هجوم كتائب القسام على مستوطنات غلاف غزة "عنفا غير مبرر" على حد تعبيره.
يذكر أن كينيا تمتلك علاقات رسمية قوية مع إسرائيل، حيث زار الرئيس الكيني روتو إسرائيل في مايو/أيار الماضي، وأكد على عمق العلاقات بين الطرفين وسعيه المتواصل لتقويتها.
كينيا ليست الدولة الوحيدة المتضامنة مع إسرائيل، إذ أعربت غانا عن موقفها الداعم لإسرائيل و"حقها في الوجود والدفاع عن النفس". وبصفتها عضوا مؤقتا في مجلس الأمن، امتنعت غانا عن التصويت لصالح مشروعي قرارين لوقف إطلاق النار في غزة، أحدهما روسي والآخر برازيلي.
يرجع موقف غانا إلى علاقتها الوثيقة بإسرائيل، وقبل 3 أشهر افتتح وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين منتدى الأعمال الإسرائيلية-الغانية، وهو المنتدى الاقتصادي الأول من نوعه في القارة، والذي يبحث تعميق التعاون الاقتصادي فيما بين الدولتين في مجالات المياه والزراعة وتطوير المشاريع.
وكان للكاميرون والكونغو الديمقراطية مواقف مشابهة، فأعلنت دعمها لإسرائيل في ظل ما أسمته "الهجوم الإرهابي على أراضيها"، وأرسل كلا الرئيسين بول ميا رئيس الكاميرون، وفيليكس تشيسكيدي رئيس الكونغو الديمقراطية، تعازيهما للقتلى الإسرائليين.
دعم فلسطينحافظت دولة جنوب أفريقيا على موقفها الثابت من القضية الفلسطينية، واللافت أن التضامن مع فلسطين لم يكن رسميا فقط، إنما شعبيّ أيضا، حيث تتواصل المسيرات والمظاهرات في مختلف المدن تضامنا مع فلسطين بشكل شبه يومي.
ومما يشكّل الدافع الأساسي للتضامن الشعبي مع فلسطين، أن الشعب الجنوب أفريقي يرى ما يحصل في فلسطين على أنه نظام فصل عنصري، مثل الذي تعرضوا له على مدار سنوات طويلة.
رسميا، فقد دعت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور، الحركات النقابية إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية. كما أكد رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، دعمه للقضية الفلسطينية، حيث ظهر في فيديو يرتدي الكوفية الفلسطينية، ويطالب بالوقوف مع الشعب الفلسطيني.
أما في السنغال، فقد طالبت الحملة السنغالية للدفاع عن القدس وفلسطين، المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق في جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
كما دعت كل الفعاليات الشعبية والرسمية في السنغال إلى التضامن مع الشعب الفلسطيني وإسناده، وترأس السنغال لجنة الأمم المتحدة للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.
الدول العربيةوبالنسبة لعرب أفريقيا، كان الموقف العام مساندا للشعب الفلسطيني، إذ أكدت الجزائر على موقفها التاريخي من القضية الفلسطينية، وتحفظت على البيان الختامي لاجتماع وزراء الخارجية العرب، بسبب مساواته لحق الشعب الفلسطيني بممارسات إسرائيل.
وحملت تونس نفس الموقف الجزائري، إذ أعلن الرئيس قيس سعيد عن تضامنه الكامل مع الشعب الفلسطيني، كما أكد وزير الخارجية التونسي أن الحل يكمن في توحد كل العرب للتصدّي للحرب الواقعة على غزة.
كذلك صرّح رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية عبد الحميد الدبيبة، بأن ما يحصل في غزة هو جريمة حرب مكتملة الأركان، وأدان الانحياز الغربي لـ"إسرائيل" على حساب الشعب الفلسطيني.
في حين أكد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، أنه يتألم ككل الموريتانيين على ما يحصل في غزة. وأعلنت الحكومة الموريتانية الحداد لـ3 أيام، إثر جريمة قصف المستشفى المعمداني.
وأعربت المغرب عن إدانتها لقتل المدنيين من الطرفين، وذكرت وزارة الخارجية المغربية أن نهج الحوار والمفاوضات هو السبيل الوحيد لإيجاد حل للقضية الفلسطينية. فيما جاء هذا التصريح الرسمي، في الوقت الذي تشتعل فيه ميادين وساحات المغرب تضامناً مع غزة وتنديدا بجرائم الاحتلال الإسرائيلي.
أما مصر، الوسيط التاريخي بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، فقد أعلنت في اليوم الأول للمعركة إدانتها لأعمال القتل من الجانبين، وطالبت بوقف إطلاق النار وإعلان الهدنة. ومع تطور الموقف، لم تفتح مصر معبر رفح المُغلق في وجه سكّان قطاع غزة، كما رفضت فتحه لإخراج الرعايا الأجانب، واشترطت لذلك إدخال مساعدات إنسانية للقطاع.
شعبيا، ملأت الشعوب العربية الشوارع احتجاجا على قصف سكان قطاع غزة، ودعما للشعب الفلسطيني، وأطلقت حملات تبرعات لضحايا الحرب من الغزيين.
نظرة تاريخية للدور الإسرائيلي في القارةمنذ نشأتها، سعت إسرائيل إلى فتح علاقات دبلوماسية مع الدول الأفريقية. بالنسبة لإسرائيل، ترجع أهمية هذه العلاقات إلى حجم الكتلة الأفريقية في المجتمع الدولي وعدد أصواتها في المنظمات الدولية. ونجحت إسرائيل خلال خمسينيات القرن الماضي في بناء علاقات مع دول جنوب الصحراء، باستثناء العربية، منها: الصومال، جيبوتي.
انضمت إسرائيل لمنظمة الوحدة الأفريقية عضوا مراقبا، وحجزت لها مكانا بين الدول الإفريقية. وأقامت علاقات سياسية واقتصادية واجتماعية مع دول مثل رواندا وكينيا وإثيوبيا وغيرها.
ولم تكتف إسرائيل بعلاقات مع الدول، إنما حاولت تعزيزها لتشمل منظمات ولجان إقليمية أفريقية، حيث شارك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قمة أفريقية إقليمية مصغرة بشأن قضايا الأمن والإرهاب، وعُقدت عام 2016 في أوغندا بحضور رؤساء دول وحكومات كينيا ورواندا وإثيوبيا وجنوب السودان وزامبيا وملاوي.
كما حضر في العام التالي قمة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) رغم مقاطعة بعض الزعماء الأفارقة لهذه القمة.
نجحت إسرائيل في التوغل في القارة الأفريقية في السنوات القليلة الماضية، إذ أقامت علاقات مع السنغال وغينيا، بالإضافة إلى تشاد ومالي أصحاب الغالبية المسلمة، ودولتين عربيتين هما المغرب والسودان. ووافق رئيس الاتحاد الأفريقي على إعطائها عضوية في المنظمة، قبل تدخل الجزائر وجنوب أفريقيا وإيقاف العملية برمتها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الاتحاد الأفریقی الشعب الفلسطینی جنوب أفریقیا مع إسرائیل قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
فتح: إقامة الدولة الفلسطينية حق لا يمكن التنازل عنه
أكدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" أن هدف الحرية وإنجاز الاستقلال الوطني وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، هو حق لا يمكن التنازل عنه ولا يخضع للمساومة، وهو ثابت وطني سيبقى الشعب الفلسطيني متمسكا به ويسعى لتحقيقه مهما بلغت التضحيات، مشيرة إلى أن حرمان الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير والاستقلال لا يمكن أن يستمر، وهو ظلم تاريخي يجب أن يتوقف، وفقا لما أوردته وكالة وفا.
كمال ماضي: فلسطين لن تتزحزح أبدًا عن بؤرة الاهتمام فلسطين تخيم على افتتاح الدورة الـ45 للقاهرة السينمائى.. وغياب النجوم يلفت الانظارودعت فتح، في بيان صادر عن مفوضية الإعلام بمناسبة الذكرى السادسة والثلاثين لإعلان الاستقلال، إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية كدولة كاملة العضوية في هيئة الأمم المتحدة، كخطوة ضرورية لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في الشرق الاوسط، مؤكدة أن الدولة الفلسطينية قائمة فعلا لكنها تحت الاحتلال الإسرائيلي، وأن الشعب الفلسطيني يستحق أن يقرر مصيره بنفسه على أرض وطنه التاريخي في إطار حل الدولتين الذي يجمع عليه المجتمع الدولي.
وقالت "فتح" إن المدخل اليوم لحماية حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية، هو في وقف العدوان في قطاع غزة فورا، ووقف المخططات التوسعية في الضفة بما فيها القدس، مشيرة إلى أن ما تقوم به حكومة اليمين الإسرائيلي في قطاع غزة من تهجير وتغيير في واقع القطاع إنما هدفه منع إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ولتمرير مخطط فرض "السيادة" الإسرائيلية على الضفة، وحرمان الشعب الفلسطيني مجددا من حقه في تقرير المصير، والذي هو حق ينص عليه ويضمنه ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي.
ودعت "فتح"، المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأميركية للضغط الكافي على الاحتلال الإسرائيلي للتخلي عن وهم القضاء على الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته، وكسر إرادة الحرية والاستقلال لديه، مؤكدة أن هذا الوهم قد أسقطته تجربة الصراع الطويل، فقد أثبت الشعب الفلسطيني بصموده على أرض وطنه التاريخي، وتمسكه الذي لا يلين بحقوقه الوطنية، بأنه شعب متجذر في الأرض لا يمكن هزيمته وثنيه عن حقه الأصيل بالاستقلال.
ودعت "فتح" جماهير الشعب الفلسطيني، إلى الوحدة والتلاحم والصمود في مواجهة العدوان والاحتلال، مشيرة إلى أن الوحدة الوطنية والتمسك بالثوابت هما المدخل لهزيمة الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية، معاهدة جماهير شعبنا بأنها ستواصل الكفاح على درب الشهداء الأبرار والأسرى الأبطال، درب التحرير والحرية والعودة.