إن الشخص الذي يحمل مفتاح أزمة الأسرى في غزة غير العادية في الشرق الأوسط ليس إسرائيلياً ولا فلسطينياً، بل هو حاكم قطر الشاب قليل الكلام.

هكذا بدأت أنشال فوهرا، كاتب العمود في مجلة "فورين بوليسي" مقالها الذي نشرته المجلة بعنوان: "كيف أصبحت قطر الوسيط الذي لا غنى عنه في الشرق الأوسط؟" لتلقي الضوء على دور قطر المتصاعد في مجال الوساطة في أحد أكثر ملفات المنطقة توترا الآن، وجهود أمير البلاد تميم بن حمد في هذا الإطار.

وقالت الكاتبة إن الحرب الحالية بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية منحت فرصة جديدة للأمير تميم لتعزيز مكانة بلاده المتميزة في الجغرافيا السياسية بالمنطقة.

نفوذ الأمير تميم

وتضيف: على عكس جيرانه في المنطقة، فهو لا يشعر بالقلق من حدوث انتفاضة أو تحدي لحكمه من قبل الإسلاميين السياسيين.

اقرأ أيضاً

بوتيرة أبطأ.. مفاوضات قطر للتهدئة في غزة مستمرة رغم التصعيد

وبدلا من ذلك، فهو يستضيف مكاتب سياسية لجماعات إسلامية مسلحة، مثل "طالبان" و"حماس"، إلى جانب مكتب تجاري إسرائيلي وآلاف من القوات الأمريكية في قاعدة العديد الجوية، التي تنفذ منها الولايات المتحدة بشكل روتيني عمليات في المنطقة.

وتشير إلى أنه لا شك في أن تعاطف أمير قطر موجود دائما لصالح الفلسطينيين، حيث ألقت وزارة خارجيته اللوم على إسرائيل فقط فيما حدث منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

ومع ذلك، فإن نفوذ الدوحة على "حماس" قد يكون الأمل الوحيد للعائلات الإسرائيلية اليائسة في لم شملها مع ذويها الأسرى في غزة، وغيرهم من أحبائهم، كما تقول الكاتبة.

وفي عام 2012، مع احتدام الحرب في سوريا ومعارضة قيادة "حماس" للنظام السوري، قدمت الدوحة لها المأوى. وقال قطريون إن القرار اتخذ بالتنسيق مع الولايات المتحدة وبمباركة الولايات المتحدة آنذاك. الرئيس باراك أوباما.

وتشير أنشال إلى أن "حماس" تشعر أيضا بالامتنان لقطر بعد تمويل الدوحة بملايين الدولارات لمساعدة الفقاء في قطاع غزة، ودفع تكاليف الطاقة التي يتم تزويد القطاع بها.

اقرأ أيضاً

قطر تحذر من عملية برية صهيونية بغزة وتركيا ترفض تصريحات إسرائيلية ضد أردوغان

نجاح قطري

وحتى الآن، تمكنت قطر من إقناع "حماس" بالإفراج عن أربعة أسرى إسرائيليين، جميعهم من النساء.

وقبل يوم واحد من إطلاق سراح الإسرائيليين، قال مسؤول كبير مطلع على المفاوضات الجارية لمجلة "فورين بوليسي" إنه سيتم إطلاق سراح المزيد من الأسرى الإسرائيليين غير العسكريين في الأيام المقبلة.

وقال المسؤول: "إنها تتحرك بشكل أبطأ مما توقعنا".

وأضاف أن "قصف المستشفى أدى إلى تأخير المفاوضات"، في إشارة إلى استهداف إسرائيل للمستشفى الأهلي العربي المعمداني في مدينة غزة.

مهارات الوساطة القطرية

ومع ذلك، كانت هناك حركة إيجابية، حيث أرادت "حماس" في البداية صفقة تبادل كامل للأسرى، بما في ذلك المدنيين لديها، لكنها الآن لا تمانع إطلاق سراح غير العسكريين مقابل لا شيء.

وعزا المسؤول ذلك التحول إلى "مهارات الوساطة القطرية".

اقرأ أيضاً

أمير قطر يتلقى اتصالا من رئيس إيران تزامنا مع تصعيد العدوان على غزة

وتعتقد دولة الاحتلال والعديد من حلفائها الغربيين أن آل ثاني يمارس نفوذاً على "حماس" أكبر بكثير مما يسمح به على الأرجح.

ويمكن القول إنه يستطيع ممارسة المزيد من الضغوط على قادتها لتحرير الأسرى.

ويشعر القطريون بالقلق من أنه إذا استمر جيش الاحتلال الإسرائيلي في إسقاط القنابل وشعرت "حماس" بأنها تقترب من نقطة حرجة، فقد تنهار المفاوضات، كما أدى ارتفاع عدد الشهداء في غزة والخوف من احتمال مقتل الأسرى إلى زيادة الدعوات إلى "الهدنة" الإنسانية.

منافسة مع دول أخرى

وتشير الكاتبة إلى وجود رغبة لدى أطراف أخرى،  غير قطر، للعب دور وساطة في هذا الملف، حيث عرضت تركيا المساعدة بما تمتلكه أيضا من نفوذ على "حماس"، لكن العرب ربما ما زالوا يفضلون زعيماً عربياً يتولى القيادة، وهو ما يرجح كفة قطر.

أيضا هناك سلطنة عمان، التي تمتلك اتصالات متقدمة مع إيران، والأخيرة تعتبر من ممولي "حماس"، لكن عمان ليس لها تأثير يذكر على "حماس" مثل قطر.

اقرأ أيضاً

نيويورك تايمز: بطلب أمريكي.. قطر تبدأ وساطة مع حماس لإطلاق صراح أسرى بغزة

التحدي من مصر

التحدي الأصعب الذي يواجه قطر في هذا الملف، بحسب الكاتبة، ينبع من مصر، حي تختلف القاهرة والدوحة منذ فترة طويلة حول الأولوية الدبلوماسية في المنطقة، والتي لعبت أيضًا دورًا في إطلاق سراح أسيرتين إسرائيليتين وتوسطت في عدة اتفاقيات لوقف إطلاق النار بين الاحتلال الإسرائيلي و"حماس" في اشتباكات سابقة.

لكن سلطان بركات، الأستاذ في جامعة حمد بن خليفة التابعة لمؤسسة قطر، يعتقد أن فرصة الدوحة أكبر من القاهرة هذه المرة، ليس فقط للتوسط في إطلاق سراح الرهائن ولكن أيضًا في وقف إطلاق النار الدائم، حيث باتت نصر طرفا غير مباشر في الصراع، بعد الموقف الإسرائيلي الراغب في دفع أهالي غزة للنزوح إلى سيناء، وهو ما ترفضه القاهرة.

وقد تواصلت العديد من حكومات الاتحاد الأوروبي بشكل بارز مع قطر، بدلاً من مصر، على أمل تحرير مواطنيها المحتجزين كرهائن.

السعودية ودول التطبيع

من جانبها، فقدت السعودية بعض مصداقيتها كوسيط مع الفلسطينيين، حيث يبدو أنها وجهت معظم طاقتها الدبلوماسية في الفترة التي سبقت هذه الحرب لتطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال.

اقرأ أيضاً

قطر تنفي بدء وساطة لتبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل: ليس أوانه

وفي الوقت نفسه، تحظى إيران بازدراء معظم العرب، أما أولئك الذين وقعوا على "اتفاقيات أبراهام" مع إسرائيل في عام 2020 استبعدوا أنفسهم كمحكمين.

ومع ذلك، فقد نجحت قطر، وهي دولة صغيرة ذات ثروات هائلة، في المناورة بشكل مطرد للوصول إلى موقع يمكنها من التحدث مع تب أبيب مع أخذ مصالح الفلسطينيين في الاعتبار.

المصدر | أنشال فوهرا / فورين بوليسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: قطر حماس غزة وساطة قطر الأمير تميم بن حمد تبادل أسرى فورین بولیسی إطلاق سراح اقرأ أیضا فی غزة

إقرأ أيضاً:

مراقبون: نتنياهو يراوغ أمام مرونة حماس.. وتسريبات لتجنب الرفض

أكد مراقبون فلسطينيون، اليوم الثلاثاء، أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواصل المماطلة والمراوغة قبل التوصل لاتفاق جديد يتضمن وقف إطلاق النار في قطاع غزة وعقد صفقة لتبادل الأسرى مع حركة حماس، وذلك تعليقا على المقترح المصري الأخيرة لإنهاء حرب الإبادة الوحشية.

وقال المحلل السياسي إياد القرا في تحليل اطلعت عليه "عربي21" إنّ "المفاوضات بشأن صفقة الأسرى لم تتوقف، وشهدت خلال الأيام الأخيرة تحركات متواصلة عبر القاهرة والدوحة".

وأشار القرا إلى أن "حركة حماس أبدت مرونة واضحة في التعاطي مع المقترحات، خصوصًا المقترح المصري الذي تضمن استعدادًا مبدئيًا لتسليم خمسة جنود إسرائيليين، من بينهم الجندي الحامل للجنسية الأمريكية، مقابل الالتزام بفتح المعابر، وإدخال المساعدات، والانطلاق الفوري إلى مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق".

تسريب يهدف إلى "جس النبض"
وتابع قائلا: "يبدو أن الحركة ربما أبدت مرونة إضافية، لكن شكل المقترح المصري الجديد لا يزال غير واضح، خاصة أنه سُرّب عبر وسائل إعلامية قبل تقديمه رسميًا للطرفين، في محاولة واضحة لجس النبض، وتجنّب رفض من الجانب الإسرائيلي".

وذكر أنه مقابل مرونة حركة حماس فإنّ نتنياهو يواصل المماطلة والمراوغة، مبينا أنه "رغم إبداء حماس قبولا بالمقترح المصري، إلا أن نتنياهو يستخدم العدوان المستمر كأداة ضغط سياسي وميداني، بهدف فرض شروط جديدة، أو كسب مزيد من الوقت".

ونوه إلى أن تصريحات نتنياهو من واشنطن، وحديثه عن "مقترح جديد"، دون الإشارة إلى المقترح المصري تحديدا، والذي سبق ورفضه بنفسه، يكشف عن ازدواجية في الموقف الإسرائيلية، وقد يكون ويتكوف المبعوث الأمريكي قد طرح مقترحا آخر، لم يُعلن أو تبنى المقترح المصري الجديد، الذي تم طرحه خلال لقاء الرؤساء المصري والفرنسي والملك الأردني.


وبحسب تقدير القرا، فإن "الولايات المتحدة لا تمارس أي ضغط حقيقي على الاحتلال، بل تواصل تقديم غطاء سياسي وعسكري علني له، في ظل حرصها على إبقاء العلاقة مستقرة مع نتنياهو خلال هذه المرحلة، والتي يُرجح أنها تُستخدم لتهيئة المشهد لزيارة مرتقبة لدونالد ترامب".

وتوقع أن "يسعى ترامب خلال زيارته لتقديم إنجاز في ملف الأسرى، ليتم توظيفه، دون أن يُخسر تل أبيب سياسيا"، مضيفا أن "الضغط الأمريكي يظهر بوضوح في الملف الإيراني، حيث بدا نتنياهو مرتبكا في تصريحاته ومواقفه، ما يعكس حجم الضغط الذي تمارسه واشنطن في هذا الاتجاه، بعكس دعمها المستمر له في ملف غزة".

ولفت إلى أن تصريحات ترامب الأخيرة جاءت لتزيد الإحراج، حين وصف المساعدات الأمريكية لإسرائيل بأنها "كبيرة جدًا"، معتبرا أنها "رسالة غير مباشرة تُربك موقف نتنياهو داخليًا، وتُقلّص من مساحة المناورة لديه أمام الجمهور الإسرائيلي واليمين المتطرف".

فرصة حقيقية
ورأى القرا أنه بالمحصلة هناك فرصة حقيقية لإنجاز صفقة قد تُمهد لتهدئة مؤقتة أو طويلة الأمد، مستدركا: "نجاحها مرهون بثلاثة شروط رئيسية، الأول كبح المراوغة الإسرائيلية، والثاني وقف سياسة الكيل بمكيالين من قبل واشنطن، والثالث تحرك دولي جاد لدفع الاحتلال نحو اتفاق متوازن يُنهي معاناة الأسرى، ويُعيد إدخال المساعدات إلى غزة، التي يُحاصرها الاحتلال منذ أكثر من 40 يومًا، ويواصل عدوانه عليها منذ 2 مارس 2026 دون توقف".

من جانبه، أكد الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة في قراءة اطلعت عليها "عربي21"، أن مؤتمر ترامب ونتنياهو الأخير يشير إلى أنه "لا انتصارات كبرى لنتنياهو عند عودته لإسرائيل".

وأوضح عفيفة أنه "لن تكون حرب قريبة على إيران بل جولة مفاوضات جديدة"، مضيفا أنه "فيما يتعلق بحرب غزة يجب أن تُغلق لا أن تبقى مفتوحة".

وختم بقوله: "مشهد بارد وكلمات فاترة ورسائل لا تحمل شيئا من الوعود القديمة سوى مزيد من التهريج، في حلبة السيرك بشأن غزة والتهجير والاسم الجديد حرية"، بحسب تعبيره.

مقالات مشابهة

  • مراقبون: نتنياهو يراوغ أمام مرونة حماس.. وتسريبات لتجنب الرفض
  • حماس: التصعيد الإسرائيلي لن يعيد الأسرى أحياء
  • نتنياهو: عازمون على القضاء على حماس وملتزمون بإعادة جميع الأسرى
  • حماس: استهداف النساء والأطفال لن يعيد الأسرى بل يهدد حياتهم
  • حماس لجيش الاحتلال: التصعيد العسكري لن يُعيد الأسرى أحياء
  • حماس: ما يجري في غزة ليس ضغطًا عسكريًا والتصعيد لن يعيد الأسرى أحياء
  • مقترح مصري جديد لوقف إطلاق النار في غزة.. والاحتلال يتحفظ على بعض بنوده
  • عائلات الأسرى الإسرائيليين: نتنياهو يعرقل الصفقة والقتال لن يكسر حماس
  • قمة ثلاثية بين مصر والأردن وفرنسا بشأن الأوضاع في غزة
  • القسام تنشر تسجيلا جديدا لأسيرين إسرائيليين: “الوقت ينفد”