يرون الجمال والبهجة عند زيارة الموتى.. من هم سياح شواهد القبور؟
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- قضت مؤرخة الأفلام، كاري بايبل، مرحلة طفولتها بأكملها تقريبًا في العيش بجوار مقبرة إلى أن غادرت للالتحاق بالجامعة.
كان هذا هو المكان الذي ركبت فيه بايبل دراجتها، ولعبت فيه مع شقيقها، ومرت به كل يوم تقريبًا.
وفي حين تبادل أطفال آخرون قصصًا مخيفة عن المقابر، أو أقسموا على أنّها مسكونة، إلا أنّ بايبل، وهي من تكساس، كانت مقتنعة بقيمتها.
وقالت بايبل لـCNN: "كان التواجد بجوار المقبرة أمراً طبيعياً بالنسبة لي"، وأكّدت: "لطالما اعتقدت أنّها جميلة للغاية".
صورة لشاهد قبر الموسيقي، جوني رامون، في مقبرة "هوليوود للأبد" في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية. Credit: Roberto Dantoni/Alamy Stock Photoوبعد أعوام من انتقالها إلى لوس أنجلوس كشخصٍ بالغ، انتهى المطاف بها في واحدة من أشهر مقابر أمريكا، وهي "هوليوود للأبد" (Hollywood Forever)، التي تحتفي بهوليوود القديمة والأشخاص الذين بنوها.
ووجدت بايبل عددًا لا يُحصى من القصص لترويها، وكان ذلك منذ أكثر من 20 عامًا.
وأصبحت بايبل المرشدة السياحية الرسمية للمقبرة منذ ذلك الحين، حيث قادت الزوار في رحلات شهرية عبر المكان لزيارة الأضرحة المصنوعة بإتقان، وشواهد القبور المتواضعة، ومختلف التكريمات المخصصة لكبار النجوم.
وقالت بايبل لـCNN: "أنا أحب هؤلاء الأشخاص، ويسعدني للغاية إبقاء ذكرياتهم حية، وجعل تراثهم مستمرًا".
تمثل مقبرة Bonaventure في ولاية جورجيا "الطراز القوطي الجنوبي"، وفقًا لما ذكرته بايبل. Credit: Darryl Brooks/Alamy Stock Photoوتقضي بايبل أيامها مع "سياح شواهد القبور"، وهم عشاق المقابر الذين يسافرون عبر البلاد والعالم إلى مقابر مهمة للتواصل مع المدفونين هناك، والاستمتاع بالتاريخ.
وشبّه المؤسس والمدير التنفيذي لمعهد أبحاث السياحة المظلمة في جامعة "سنترال لانكشاير" في المملكة المتحدة، فيليب ستون، سياحة شواهد القبور بـ"زيارة قصور الموتى".
وليست المقابر وجهات سياحية تقليدية، لكنها أصبحت محطات أساسية لمحبي التاريخ، والجماليات، والزوار الفضوليين الذين يتطلعون إلى معرفة المزيد عن المجتمع الذي يزورونه.
ويشجع "سياح شواهد القبور" المزيد من الأشخاص بالتفكير بالجمال المرعب للمقابر.
قالت جوي نيبورز، وهي كاتبة تسلط الضوء على هوسها بالمقابر في مدونة تُدعى A Grave Interest: "بالنسبة لي، تشبه المقابر المتاحف الفنية".
غنية بالتاريخ تُعد مقبرة St. Mary Magdalene Churchyard الأقدم من نوعها في المملكة المتحدة. Credit: Richard Barnes/Alamy Stock Photoوأشارت الأستاذة المشاركة في قسم الضيافة بجامعة "جورج ماسون"، سو سلوكوم، إلى أنّ الأشخاص غالبًا ما يزورون المقابر للتواصل مع الماضي، ولاستكشاف اهتمامهم بالموت، والحياة الآخرة.
وأضافت أنّ سياحة المقابر تُعتبر أحد أشكال "السياحة المظلمة"، أو رحلات السفر التي تتضمن زيارة المواقع المرتبطة بالموت.
وبالنسبة لعشاق التاريخ، تُعتبر المقابر مصادر غنية.
وقالت نيبورز إنّ شواهد القبور بحد ذاتها تُعد آثارًا للماضي، والأشخاص المدفونين أسفلها.
وتسرد تصاميمها قصصًا عن العصر الذي صُنِعت فيه.
وإذا كانت متقنة الصنع ومحفوظة جيدًا على سبيل المثال، فقد تنتمي لأحد أفراد المجتمع الأثرياء المعروفين.
مقبرة "بير لاشيز" في باريس. Credit: Colors Hunter/Chasseur de Coul/Moment RF/Getty Imagesوالرموز الموجودة على شواهد القبور تسرد قصصًا أيضًا، ففي القرنين الـ19، والـ20، كان من الشائع تزيين شواهد القبور برموز للديانة أو المجموعة التي انتمى إليها الشخص المدفون.
وأكّدت بايبل: "تتمتع المقابر بشخصيات نوعًا ما"، وشرحت: "تمتلك جميعها مجموعتها الخاصة من التاريخ، والأنماط، ولا توفّر أي منها التجربة ذاتها".
المقابر أكثر ترحيبًا مما تبدووشهدت بايبل نصيبها من ضيوف المقابر الجامحين، وقالت: "هناك سبب وراء وجود رفوف مخصصة لتخزين الدراجات حول (قبر) جيم موريسون"، مشيرةً إلى الحواجز المحيطة بشاهد قبر عضو فرقة The Doors في مقبرة "بير لاشيز" بباريس.
ومع ذلك، فهي تتعاطف مع من يكون اهتمامهم بالمقابر معقدًا.
وفي بعض الأحيان، يمكن لزيارة مقبرة إحياء ذكريات مؤلمة، بحسب ما ذكرته.
وغالبًا ما تُعتبر المقابر أماكن خاصة للتوقير بهدوء، بدلاً من كونها وجهات للسياحة أو الترفيه.
وأفادت سلوكوم بأنّ الحفاظ على جو من الجدية في المقابر "مفهوم أمريكي للغاية".
وقالت نيبورز إنّ زيارة المقابر للاستمتاع بها فحسب اعتُبِرت "تدنيسًا" تقريبًا.
ومع ذلك، إلا أنّ المقابر التاريخية في جميع أنحاء البلاد والعالم تشجع الزوار على نحو متزايد بالقيام بجولة فيها، والتعرف على قصص الأشخاص المدفونين هناك. ولاحظت نيبورز أنّ العائلات، وممارسي رياضة الركض، وحتّى الموسيقيين بدأوا في قضاء الوقت بانتظام في مقبرتها المحلية، وكان هذا الأمر نادرًا قبل 10 أعوام.
وأصبحت بعض المقابر، مثل "مقبرة أوكلاند" في أتلانتا، مراكز مجتمعية حيث يمشي فيها الأشخاص مع كلابهم، أو يقومون بنزهة، بدلاً من كونها وجهات جاذبة للسياح فقط.
وأكّدت نيبورز: "بدأ الأشخاص يدركون أنّ هذا موقع رائع يمكننا استخدامه لأشياء أكثر من مجرد زيارة الموتى".
أمريكاتجاربنشر الأحد، 29 أكتوبر / تشرين الأول 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: تجارب
إقرأ أيضاً:
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة
الثورة نت/..
عثر علماء الآثار على أقدم كتابة أبجدية معروفة محفورة على أسطوانات طينية بطول الإصبع تم استخراجها من قبر في سوريا.
وقدر العلماء في جامعة جونز هوبكنز في الولايات المتحدة تاريخ الكتابة إلى نحو 2400 قبل الميلاد، متقدمة على النصوص الأبجدية الأخرى المعروفة بنحو 500 عام.
وهذا الاكتشاف الذي سيتم تقديمه في الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية للأبحاث الخارجية، يقلب ما نعرفه عن أصل وتطور الأبجديات، وما تعنيه للحضارات المبكرة.
وقال عالم الآثار غلين شوارتز، الذي كان ضمن فريق اكتشاف الأسطوانات الطينية: “لقد غيرت الكتابة الأبجدية الطريقة التي يعيش بها الناس، وكيف يفكرون، وكيف يتواصلون”.
وقال العلماء إن هذا الشكل من الكتابة ربما أحدث ثورة في اللغة من خلال جعلها في متناول العامة، خارج إطار العائلة المالكة والنخبة الاجتماعية.
ويدرس الدكتور شوارتز وفريقه كيف تطورت المناطق الحضرية المبكرة في الشرق الأدنى القديم في جميع أنحاء سوريا، وكيف ظهرت مدن أصغر في المنطقة.
وشارك الفريق في أعمال حفر أثرية استمرت 16 عاما في تل أم المرا، أحد أول المراكز الحضرية القديمة متوسطة الحجم المعروفة التي ظهرت في غرب سوريا.
وفي هذا الموقع، اكتشف علماء الآثار سابقا مقابر يعود تاريخها إلى العصر البرونزي المبكر بين 3500 و2000 قبل الميلاد.
وعثر على أحد هذه المقابر المحفوظة جيدا والتي تحتوي على ستة هياكل عظمية ومجوهرات من الذهب والفضة وفخار سليم وأواني طبخ، وغيرها.
ووسط هذه القطع الأثرية، وجد العلماء أربع أسطوانات طينية مع ما يبدو أنه كتابة أبجدية محفورة عليها.
وقال الدكتور شوارتز: “يُظهر هذا الاكتشاف الجديد أن الناس كانوا يجربون تقنيات الاتصال الجديدة في وقت أبكر بكثير وفي مكان مختلف عما تخيلناه من قبل”.
واستنادا إلى الثقوب الصغيرة الموجودة على الأسطوانات الطينية، يشتبه العلماء في أنها كانت مربوطة على جسم آخر وتعمل كنوع من العلامة.
وأوضح الدكتور شوارتز: “ربما توضح هذه النصوص محتويات وعاء، أو ربما من أين جاء الوعاء، أو إلى من كان ينتمي. ودون وسيلة لترجمة الكتابة، لا يمكننا إلا التكهن”.
وأكد العلماء، باستخدام تقنيات تأريخ الكربون، أن المقابر والتحف والكتابة، جميعها تعود إلى نحو 2400 قبل الميلاد.
ويضع هذا أصل الأسطوانات قبل نحو 500 عام من أقدم كتابة أبجدية معروفة سابقا.
وأشار الدكتور شوارتز: “في السابق، اعتقد العلماء أن الأبجدية اخترعت في مصر أو حولها في وقت ما بعد عام 1900 قبل الميلاد. لكن التحف التي لدينا أقدم ومن منطقة مختلفة على الخريطة، ما يشير إلى أن الأبجدية قد يكون لها قصة أصل مختلفة تماما عما كنا نعتقد”.