حلم السلام الدائم بين أذربيجان وأرمينيا مازال بعيد المنال
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
في الشهر الماضي استخدمت أذربيجان القوة للاستيلاء على إقليم ناغورني قرة باخ، ذي الأغلبية الأرمينية والمتنازع عليه منذ سنوات طويلة مع أرمينيا، مما أدى إلى نزوح أغلب سكان الإقليم الأرمن.
وقد يبدو أن خروج السكان يمهد الطريق أمام سلام شامل بين الجارتين أذربيجان وأرمينيا. وعموماً فإنه إذا لم يعد الوجود الأرميني في الإقليم عنصراً سياسياً، فما الذي يمكن الجدال بشأنه؟ ومع ذلك فإن قرة باخ لم يكن المصدر الوحيد للصراع بين البلدين.
Can There Be Lasting Peace Between Armenia and Azerbaijan? - Carnegie Endowment for International Peace https://t.co/IWcRGBwqGm
— ForensicPsyMD (@ForensicPsyMD) October 27, 2023وقبل الحرب التي شنتها أذربيجان ليوم واحد في 19 سبتمبر (أيلول) الماضي واستولت فيها على ناغورني قرة باخ، كان الجدل يدور حول ما إذا كان أي اتفاق مع أرمينيا سيكون وقفاً للشروط الروسية أو الشروط الغربية. ولكن الآن أصبح واضحاً أن أذربيجان هي التي ستحدد شروطها وتختار مكان توقيع الاتفاق، بحسب تحليل الكاتب الروسي كيريل كريفوشيف الذي نشره موقع مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.
ويقول كريفوشيف إن "رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، بددا فرصتين للتفاوض بشأن اتفاق سلام. الفرصة الأولى كانت أثناء قمة القادة الأوروبيين في إسبانيا قي 5 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، حيث كان من المتوقع لقاء الزعيمين لأول مرة منذ حرب 19 سبتمبر (أيلول) الماضي. ولم يمنع غياب علييف رئيس وزراء أرمينيا من الذهاب إلى إسبانيا، وتوقيع إعلان يعترف بوحدة أراضي أذربيجان. وكان قد وقع وثيقة مماثلة في حضور علييف في العاصمة التشيكية براغ في العام الماضي، ولكن تلك الوثيقة كانت تحدد مساحة أذربيجان على أنها 86.6 ألف كيلومتر، أي أنها لم تكن تتضمن مساحة قرة باخ، كما لم تتضمن جيوب أخرى كانت تابعة لأذربيجان في الحقبة السوفيتية".
وبعد أيام من قمة إسبانيا، كانت هناك قمة لكومنولث الدول المستقلة الذي يضم جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق في مدينة بيكشك بقيرغيزستان، وفي هذه المرة تبدلت الأدوار فحضر علييف وغاب باشينيان. كما لم يحضر وزير خارجية أرمينيا الاجتماع الوزاري لدول الكومنولث وأرسل نائبه بدلاً منه. وكان هذا التصرف بمثابة إزدراء لروسيا التي كانت تخطط لعقد اجتماع بين الدبلوماسيين الأرمنيين والأذربيجانيين. وكان هذا الاجتماع لصالح روسيا أكثر منه لأذربيجان، لكن علييف مضى في الأمر حتى يمكنه مرة أخرى اتهام أرمينيا بتخريب أي اتفاق للسلام.
ويمكن لباشينيان وعلييف اختيار القمم التي يحضرها أي منهما، لأن جوهر أي اتفاق سلام مستقبلي تحدد بالفعل بحرب 19 سبتمبر (أيلول) الماضي. فوضع إقليم قرة باخ الذي ظل نقطة خلاف بين الوسطاء الروس والغربيين، لم يعد محل نقاش. فبحسب التقديرات الأرمينية لم يعد يعيش في قرة باخ سوى 40 أرمينياً، في حين تقول باكو إن 98 أرمينياً في الإقليم قدموا طلبات للحصول على وثائق تتيح لهم الاندماج في أذربيجان.
Ilham Aliyev has raised the National Flag of the Republic of Azerbaijan at the Sarsang reservoir. pic.twitter.com/wx11qK05MF
— Ilham Aliyev (@presidentaz) October 15, 2023ويواصل الغرب انتقاد أذربيجان بسبب استخدام القوة ويؤكد على حق الأرمن في العودة لمنازلهم. لكن باكو مازالت هي المسيطرة وتستطيع اختيار الوسيط الذي تفضله. وبدلاً من مسودتي الاتفاق الروسية والغربية، هناك الآن مسودة واحدة هي الأذربيجانية بغض النظر عن المكان الذي سيتم توقيعها فيه. وأحد الخيارات سيكون جورجيا المجاورة لتأكيد سيادة منطقة القوقاز والحد من نفوذ أي لاعبين خارجيين.
وفي الوقت نفسه، فإن معاهدة السلام المنتظر التي طال انتظارها، لن تكون بالتأكيد أكثر من إطار عمل، ولن تحل باقي النزاعات. والأكثر احتمالاً، هو أنها سوف تتضمن اعترافاً من الدولتين بوحدة أراضي كل منهما وفقاً لخريطة محددة، إلى جانب التخلي عن استخدام القوة المسلحة، وبدء عملية ترسيم للحدود، واتخاذ أول خطوة لإقامة علاقات دبلوماسية والتعهد بحرية انتقال البضائع بين البلدين.
وتحتاج أرمينيا لتوقيع مثل هذه المعاهدة، على الأقل لتقليص احتمالات المواجهات الحدودية، ولكن إلى أي مدى يمكن أن تساعد في هذا الأمر. فالدولتان تعرفان أن الرصاصة الأخيرة في الصراعات الحدودية بينهما لم تنطلق بعد. وتصر أذربيجان على ضرورة ضم جيب ناخيشيفان الواقع على الحدود مع أرمينيا وتركيا وإيران إلى أراضيها. لكن من غير المحتمل أن تتحرك باكو في الوقت الحالي لضمه بالقوة، ولكن المناوشات يمكن أن تؤدي إلى مزيد من التصعيد وإجبار أرمينيا على تقديم تنازلات جديدة.
ولن تكون التنازلات المنتظرة مرتبطة بالضرورة بإقليم ناخيشيفان. ففي الحقبة السوفيتية كانت هناك8 جيوب أذربيجانية في أرمينيا، وجيب وأرميني واحد في أذربيجان. لذلك فأي مبادلة بسيطة للجيوب بين البلدين ستكون مستحيلة. علاوة على ذلك فإن استيلاء أذربيجان على جيبي يوخاري أسكيبارا وبارخودارلي سيسمح لها بقطع الطريق السريع بين ياريفان عاصمة أرمينيا، وتفليس عاصمة جورجيا إذا أرادت ذلك. كما توجد الكثير من التحديات أمام تحقيق سلام نهائي بين ياريفان وباكو، تتمثل ليس فقط في تحديد وتأمين هذه الجيوب وإنما أيضاً ضمان حق الوصول إليها.
ولم يتضح حتى الآن كيف ومن الذي سيتولى إدارة ممر باكو ناخيشيفان. وبحسب بيان مشترك وقعته روسيا وأرمينيا وأذربيجان بعد حرب أذربيجان وأرمينيا عام 2020، يتولى حرس الحدود الروس إدارة الممر. لكن مثل هذه النتيجة لم تعد مرجحة الآن، بعد أن انسحبت قوات حفظ السلام الروسية من قرة باخ، وتدهورت العلاقة بين ياريفان وموسكو، وأصبحت باكو صاحبة القرار الأكبر.
وأخيراً يرى كريفوشيف أن تسوية كل الخلافات بين أرمينيا وأذربيجان سيحتاج إلى سنوات، وسيعتمد على تغير آليات القوة في المنطقة. وفي الوقت الحالي فإن توقيع أي اتفاق سلام أولي يردع أذربيجان عن القيام بأي تصعيد جديد سيكون نتيجة جيدة بالنسبة لأوكرانيا. وتعرف باكو هذه الحقيقة لذلك فهي تحاول الحصول على أكبر قدر ممكن من التنازلات، ولذلك لا يمكن أن نتوقع الوصول إلى سلام دائم بين البلدين في المستقبل القريب.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة أرمينيا أذربيجان قرة باخ بین البلدین أی اتفاق قرة باخ
إقرأ أيضاً:
من دبي إلى باكو.. "جناح الأديان" يحشد الأصوات في مواجهة تحدي المناخ
واصل "جناح الأديان" خلال مشاركته في مؤتمر الأطراف COP29، المنعقد في العاصمة الأذربيجانية باكو، حشد الأصوات الأخلاقية والدينية في مواجهة تحدي المناخ والبناء على النجاحات التي تحققت في COP28 الذي استضافته دبي العام الماضي.
ويشارك جناح الأديان هذا العام في مؤتمر الأطراف بتحالف عالمي يضمَّ 97 منظمة، تمثل 11 ديانة وطائفة متنوعة ليناقش موضوعات جوهرية تتزامن مع التحديات المناخية الراهنة، بما في ذلك المسؤولية الأخلاقية المشتركة للمجتمعات الدينية في الحفاظ على البيئة ومواردها الطبيعية، وسبل تعزيز النظم الغذائية المستدامة، وحماية صغار المزارعين خاصة في الخطوط الأمامية للتغير المناخ، والتأثيرات غير الاقتصادية لتغير المناخ، لا سيما الآثار الثقافية والنفسية والروحية، والحاجة إلى تعزيز مفهوم الحوكمة العالمية لرعاية الأرض، ودعم الفئات المهمشة والضعيفة في المجتمعات الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ.وانطلقت فكرة تنظيم جناح الأديان في COP28، المبادرة الاستثنائية الأولى من نوعها في تاريخ مؤتمر الأطراف، التي توفر منصة عالمية تجمع بين قادة وممثلين من مختلف الديانات إلى جانب العلماء والأكاديميين وخبراء البيئة وممثلي الشعوب الأصلية والشباب والمرأة، من أجل إيجاد حلول ناجعة وحاسمة تعالج الأزمة المناخية.
وقال المستشار محمد عبدالسلام الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، إن "مواجهة أزمة المناخ تتطلب تطبيق نهج شامل يجمع بين الجهود العلمية والقيم الأخلاقية والروحية من أجل تحقيق العدالة المناخية، خاصة للمجتمعات الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ، وتعزيز الاستدامة البيئية".
وعلى مدار الأسبوع الأول شهد جناح الأديان في COP29 العديد من الفعاليات، حيث تناولت جلساته الحوارية التي استضافت أكثر من 150 متحدثا من جنسيات وأديان متنوعة، استعرضت العديد من الجهود والتجارب والممارسات المناخية الرائدة التي تطبقها عدد من المؤسسات الدينية حول العالم، وإلقاء الضوء على أُطر عملية تدمج المعرفة البيئية التقليدية مع النهج العلمي الحديث لتعزيز المرونة، وتشجيع الممارسات المستدامة.
ووجه المشاركون دعوات بضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة لمعالجة الخسائر الثقافية والنفسية الناجمة عن تغير المناخ، خاصة تلك التي تؤثر على المجتمعات الأصلية والمواقع التراثية، وتقديم برامج ومشروعات متخصصة تدعم المرأة في تعزيز قدرتها على التكيف مع تغير المناخ، لا سيما في القطاعات الريفية والزراعية.