عربي21:
2024-09-30@15:22:09 GMT

اليمن ووحدة الساحات وحرب الإبادة في غزة

تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT

حرب الإبادة التي يشنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة والشعب الفلسطيني، تستوجب إعادة التفكير بطبيعة الكتابة حول هذا الحدث وصياغة المواقف حياله على نحو جذري، خصوصاً عند قراءة وتقييم تشعبات هذه الحرب وتأثيراتها، ومواقف الأطراف التي تشتبك على الساحة الإقليمية في حروب متعددة الأهداف وعلى أرضية من التحالفات المتناقضة.



لا شيء أكثر أهمية اليوم من أي جهد يمكن أن يفِلَّ في سلاح الكيان الصهيوني ويشتت جهده العسكري ويقلل من وطأة اعتداءاته الإجرامية على قطاع غزة، سواء جاء من إيران أو حزب الله أو العراق أو سوريا، أو حتى من جماعة الحوثي التي تستظل بحرب الصهاينة على غزة لتواصل اعتداءاتها وتقتل الأطفال والنساء وتستهدف المشافي والمرافق الصحية والمنشآت العامة وتواصل الحصار الظالم على عدد من مدن اليمن، وتقف حائلاً أمام استعادة الدولة وتحقيق السلام في هذا البلد.

هيمن مصطلح "وحدة الساحات" على التعليقات التي تناولت موقف إيران وتوابعها في المنطقة، في محاولة لاستدعاء هذا الحلف الإقليمي الذي تقوده إيران وتلتزم تجاهه بمبدأ وحدة الساحات، وهو مبدأ يتطلب وفقاً لتلك التعليقات ترجمة عمليةً على الأرض، خصوصاً من قبل حزب الله ومن بقية الساحات التي يشرف عليها الحرس الثوري الإيراني وذراعه الرئيس "فيلق القدس".

هيمن مصطلح "وحدة الساحات" على التعليقات التي تناولت موقف إيران وتوابعها في المنطقة، في محاولة لاستدعاء هذا الحلف الإقليمي الذي تقوده إيران وتلتزم تجاهه بمبدأ وحدة الساحات، وهو مبدأ يتطلب وفقاً لتلك التعليقات ترجمة عمليةً على الأرض، خصوصاً من قبل حزب الله ومن بقية الساحات التي يشرف عليها الحرس الثوري الإيراني وذراعه الرئيس "فيلق القدس"
الجميع ينتظر أن يفتح هذا الحلف جبهات جديدة في مواجهة الكيان الصهيوني، وهو الأمر الذي يتحقق في جنوب لبنان بواسطة حزب الله، لكن بصورة تكتيكية وعلى قاعدة الالتزام الصارم بقواعد الاشتباك، فيما بقيت جبهة الجولان على حالها من الجمود الأبدي، واكتفت المليشيات الشيعية في العراق بالقيام بمشاغبات محدودة وهجمات غير مؤثرة على قاعدة عين الأسد في العراق وبعض القواعد الأمريكية في شرق سوريا.

سيركز هذا المقال على اليمن، الذي يلعب فيه الحوثيون المدعومون من إيران دوراً متزايداً ويتعاظم تأثيرهم العسكري الذي يجري توظيفه بشكل مؤثر من قبل إيران، على نحو ما رأيناه في حرب اليمن والاشتباكات العابرة للحدود مع المملكة العربية السعودية، وها هم يبرزون إلى الواجهة في حديث لا يكاد يتوقف عن صلة لهم بهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ وصلت إلى مسافة قريبة من ميناء إيلات، وضربت في مدينتي طابا ونويبع المصريتين الواقعتين جنوب سيناء.

لعب الأمريكيون دوراً أساسياً في استدعاء الحوثيين إلى الواجهة بعد أن أعلنوا أن المدمرة الأمريكية يو أس أس بارني، تصدت في التاسع عشر من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، وبينما كانت تمر قبالة السواحل اليمنية، لصواريخ سكود وطائرات مسيرة من المرجح أنها كانت في الطريق لضرب أهداف إسرائيلية، وتفاوتت المعلومات بشأن عدد الصواريخ والطائرات المسيرة، لكن اللافت أنه لم تصدر عن قيادات حوثية معنية توضيحات لما جرى ولطبيعة الدور الذي يقوم به الحوثيون في إطار التضامن المشترك المعبر عنه بـ"وحدة الساحات"، والأهم أن الحوثيين لم يظهروا ما يكفي من الدلائل على انخراطهم في عملية دعم معركة الدفاع عن غزة.

ويقيني أن إيران اليوم كما كانت في السنوات الماضية، هي المتحكم الأساسي في توظيف الموقع الجيوسياسي لليمن، وهي أحرص ما تكون على الزج بالساحة اليمنية في أتون معركة إقليمية، من الواضح أنها تتكئ على تضحيات أبطال المقاومة في غزة، دون أية مؤشرات جدية على أن إيران يمكن أن تدفع بحلفائها الشيعة على وجه الخصوص إلى المعركة.

ولعل ما تتوخى إيران تحقيقه من وراء إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة تزامناً مع مرور المدمرة الأمريكية قبالة السواحل اليمنية، هو أولا: التغطية على دور إيران المباشر في استخدام الساحات الخاضعة للفصائل المسلحة الشيعية ومنها جماعة الحوثي، وثانياً: تثبيت الجغرافيا اليمنية التي يسيطر الحوثيون على جزء مهم منها، كإحدى الساحات الإقليمية النشطة التي تديرها إيران ضمن معركة النفوذ في المنطقة، وهي اليوم تستدعيها لتكون جزءا من المناورة التكتيكية الهادفة إلى تأكيد ان الحرب على غزة مكلفة للغاية، وستكون أكثر كلفة فيما لو فكرت الولايات المتحدة وإسرائيل استهداف حزب الله، وهذا سيقتضي تقويض حلف الأقليات في المنطقة بشكل كامل.

في هذه اللحظة الحاسمة من الصراع مع الكيان الصهيوني، التي يهيمن عليها التضامن المطلق مع الأشقاء في قطاع غزة وفلسطين، يمكن لليمنيين ان يتجاوزا الجراح الغائرة التي أحدثها الحوثيون في وجدانهم، والتخريب الذي استهدف دولتهم عبر هذه المليشيا، إذا كانت هذه الجماعة قادرة بالفعل على التأثير في القدرة العسكرية للصهاينة وإن على مستوى تشتيت التركيز العسكري، أو تعميق الآثار المترتبة على حربهم الإجرامية على قطاع غزة والشعب الفلسطيني.

ما من دلائل قطعية على جهد عسكري حقيقي للحوثيين في إسناد معركة غزة، في ظل الجدل الذي نشأ على خلفية وصول أجسام متفجرة غريبة إلى كل من طابا ونويبع المصريتين، فبعد أن توعدت مصر بالرد في الوقت المناسب على طرف لم تسمه، جرى فيما بعد تبني الرواية التي صدرت عن الخارجية الإسرائيلية وهي أن الطائرات أو الصواريخ قدمت من جنوب البحر الأحمر
لكن ما من دلائل قطعية على جهد عسكري حقيقي للحوثيين في إسناد معركة غزة، في ظل الجدل الذي نشأ على خلفية وصول أجسام متفجرة غريبة إلى كل من طابا ونويبع المصريتين، فبعد أن توعدت مصر بالرد في الوقت المناسب على طرف لم تسمه، جرى فيما بعد تبني الرواية التي صدرت عن الخارجية الإسرائيلية وهي أن الطائرات أو الصواريخ قدمت من جنوب البحر الأحمر.

يتحول الحوثيون اليوم إلى مجرد لافتة لأنشطة عسكرية تكتيكية تمارسها إيران عبر سفنها المتواجدة في البحر الأحمر، أو حتى باستخدام الأراضي اليمنية الواقعة تحت سيطرة حلفائها الحوثيين، الذين يرتبطون بتعاقدات سرية مع الأمريكيين تعود لأكثر من عقدين من الزمن، وهدفت إلى تكريس وظيفتهم ذات البعد الطائفي، في ساحة لطالما جلبت اهتمام الأمريكيين باعتبارها ساحة للنشاط الإرهابي.

أتذكر باستغراب تصريحات منسوبة لزعيم جماعة الحوثي قال فيها إن جماعته ستتدخل عسكرياً في الحرب الدائرة في غزة إذا تدخلت الولايات المتحدة. لم يكن تصريح كهذا سوى مثال بسيط على التوجه الاستغلالي الأناني والاستعراضي لهذه المعركة عبر ادعاءات تتجاوز حدود وقدرات هذه الجماعة. لذلك فإن أسوأ ما قد يجنيه اليمنيون من الانخراط المزعوم للحوثيين في حرب غزة، هو أن تتكرس هيمنة هذه الجماعة الطائفية، على الجزء الأهم من البلاد، كاستحقاق لم تجلبه مكاسبهم الحربية في الداخل فحسب، بل أيضاً من دورهم في حرب دارت حول فلسطين ونصرة الأقصى الشريف وهو أمر لا يزال في حدود المزاعم التي لا تسندها الوقائع حتى اللحظة.

twitter.com/yaseentamimi68

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة إيران اليمن وحدة الساحات الحوثيين إيران غزة اليمن الحوثيين وحدة الساحات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الکیان الصهیونی فی المنطقة قطاع غزة حزب الله

إقرأ أيضاً:

وحدة الساحات السودانية وخطاب البرهان

ماذا أراد السودانيون عندما اندلعت الحرب قبل نحو عام ونصف ؟ لا أحد يدري بالتأكيد. لكنهم يريدون الآن أن يقتصوا من “آل دقلو” ومليشياتهم ، وامتدت رغبات البعض والتي يجاهرون بها إلى حد إبادتهم، لم يطالب السودانيين اللاجئين والنازحين بأن تتوقف، لأنهم يعلمون إن توقفوا من طرف واحد فستكون الهزيمة، وهم لا يتحملونها بعد عام ونصف من تحطيم السودان أرضاً وشعباً ومحاولة تقسيمه.

المتابع جيداً وبدون أحكام مسبقة ، يجد أن لغة الرئيس البرهان في خطابه أمام الجمعية العامة للامم المتحدة، قد تغيرت كثيراً من سابقتها ، وأصبحت شروطاً لا استجداء للمجتمع الدولي ، قال الرئيس :” مليشيات آل دقلو تمردت على الدولة السودانية وحاولت الاستيلاء على السلطة بالقوة العسكرية بمساعدة دول في الإقليم قدمت لها الدعم المالي والعسكري وحشدت لها المرتزقة”.

للامارات وكلاء دائماً يشنون الحرب بدلاً عنها وهي تجني الثمار السياسية والاستراتيجية، بل والمادية! لكن هذه المرة في حرب السودان ، الخسائر من الضخامة بحيث لا يسهل تعويضها عن طريق تنازلات الولايات المتحدة. او ضغوط المجتمع الدولي ، أما زعماء القبائل والسياسيين والناشطين ، اولئك الذين ورطهم “دقلو” في الحرب و عملوا كمخالب قط من أجل حماية وتعزيز مصالح حقيقية أو وهمية تخص سيداً يقبع بعيداً، فمصيبتهم قد لا تكفي عقود لرفعها!
الواقع أنه بعد تدمير الكتلة الصلبة للمليشيات ، وافتتضاح نوايا قادتها الحقيقية التي دفعتهم لخوض الحرب ، وأنه لا علاقة لها بأي تحول ديمقراطي أو مصلحة للسودانيين، وافتتضاح حاضنتها السياسية التي استخدمت “التقية” خلال الفترة الأولى في أضخم عملية تضليل سياسي ، الواقع أن الجيش الان يخوض المعركة على جبهتين أو ثلاث داخلياً وخارجياً، والحقيقة الماثلة أن الدولة السودانية متقدمة على كافة الجبهات .

بالامس ظهرت “وحدة الساحات” السودانية في أضخم عملية برية خاضها الجيش السوداني داخل العاصمة “الخرطوم” منذ اندلاع الحرب ، حيث عبرت قوات الجيش، هيئة مكافحة الإرهاب ، كتائب الاسناد من المقاومة الشعبية، الجسور إلى الخرطوم والخرطوم بحري ، وأجبرت المليشيا إلى الفرار من شمال بحري ووسط الخرطوم ،تزامن ذلك والرئيس البرهان يقول أمام المجتمع الدولي:” مليشيات آل دقلو روعت ملايين السودانيين ووقف الحرب لن يتم إلا بتجريد المليشيات من السلاح وتجميعها في مواقع محددة”، وبهذا يعلن الرئيس “البرهان” ان رصيد الحد الأدنى قد أصبح فارغاً.

خطاب الرئيس أمام العالم بهذه اللغة الحادة والمباشرة ، توضح أنه وصل إلى قناعة مفادها :لو كانت هناك نية دولية حقيقية لإرغام الامارات ومليشياتها فعلياً على وقف الحرب والعدوان لكان حصل ذلك منذ أشهر طويلة، ولكن الملاحظ هو الصمت واللعب على الوقت وعلى استدراج أطراف أخرى.

بعد محاولات لقراءة افكار الرجل ، وانطباعات متذبذبة نتاج مواقفه في بعض المحكات ، بدا لي واضحاً أن الرئيس البرهان رجل ذكي ، جنرال ثعلب ، انحنى لعاصفة الايام الأولى عسى ولعل أن ينقذ شيئاً من الحريق ، كان يفهم إن الشخص الذي يعيش واقعاً ملتبساً ومعقداً ومتأزماً لن يتجاوزه إلا بالحكمة.

ولكن بعد مرور عام ونصف ، استغرقها في محاولة لملمة الاوراق التي بعثرتها رياح العدوان داخلياً وخارجياً، وبعد تجارب لصيقة مع المجتمع الدولي الغربي واكاذيبه، وصل إلى يقين أن السياسة الدولية تنبذ الحكمة وتعدها خيار الضعفاء، لذلك اتجه إلى خيار آخر ، وهو فرض إرادة الشعب على الجميع بالقوة العسكرية بميدان القتال في السودان ، واعلان ذلك أمام العالم قائلا:” إرادة الدولة السودانية ستنتصر على العدوان”.
محبتي واحترامي

رشان اوشي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الوزير صباغ: لا يمكن فصل جرائم سلطات الاحتلال الإسرائيلي وعدوانها المستمر على سورية عن الدور التخريبي الذي انتهجته بعض الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث واصلت تلك الدول انتهاك سيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها عبر استمرار وجود قوات
  • الوزير صباغ: استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية منذ 1967 بما فيها الجولان السوري وارتكابه جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب لا يزال شاهداً ماثلاً على إخفاق الأمم المتحدة في إنهاء هذا الاحتلال العنصري التوسعي ويمثل دليلاً دامغاً على منع الولايات
  • هاليفي بعد ضربة اليمن.. إسرائيل ستواصل محاصرة إيران
  • "الجهاد": العدوان على اليمن سلسة من الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق الشعوب
  • صدى العدوان الإسرائيلي على لبنان: ما الذي قد يخفيه موقف اليمن؟
  • أبو هادي الذي تورط أيضًا في اليمن.. ماذا تعرف عن حسن نصرالله؟ (بروفايل)
  • وحدة الساحات السودانية وخطاب البرهان
  • ما نوع القنابل التي استخدمتها إسرائيل بـهجوم الضاحية.. إيران تفصح
  • اليمن.. تظاهرات حاشدة تضامنا مع فلسطين وللمطالبة بوقف العدوان على غزة
  • غزة تغرق في نفاياتها.. حصار وحرب يحولان المدينة إلى كارثة بيئية