بملتقى الهناجر الثقافي.. ناقدة: 6 أكتوبر الذكرى الأهم في تاريخنا الحديث والمعاصر
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
أقام قطاع شئون الإنتاج الثقافى برئاسة المخرج خالد جلال، ملتقى الهناجر الثقافي الشهرى، تحت عنوان "أكتوبر 73 واليوبيل الذهبي" أمس السبت، بمركز الهناجر للفنون برئاسة الفنان شادى سرور.
أدارت الملتقى الناقدة الأدبية الدكتورة ناهد عبد الحميد مدير ومؤسس الملتقى، وقالت اليوم نحتفل بالذكرى الأهم، ذكرى معركة الكرامة فى يوبيلها الذهبى، ونقدم تحية إعزاز وتقدير لشهداء النصر ولرجل الحرب والسلام الرئيس محمد أنور السادات، ونستدعى الذاكرة الوطنية المصرية للحظة من أهم اللحظات الفارقة، ذكرى الإنتصار الذى رفع رأس كل مصرى، الحرب التى قدمت النموذج الأمثل للحمة الوطنية، نسترجع معا كل معانى الفداء والوطنية، مؤكدة أن مصر اليوم تعبر عبور آخر هو العبور الاقتصادى، وأن مصر مركزا للقوة الناعمة.
تحدث فى الملتقى اللواء أركان حرب محمد الهمشري مستشار أكاديمية ناصر العسكرية ومدير مركز دراسات التنمية ورئيس أكاديمية النيل الدولية، وقال إن مصر قادرة على الاحتواء الحضارى، والمواطن المصرى لا ينهزم أبدا، فعقب النكسة توالت الانتصارات فى حرب الاستنزاف، وذكر منها معركة رأس العش وعملية إغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات، وأضاف أن الأجيال الجديدة أسلوب تفكيرها تحليلى نقدى، ولا بد من دعمهم وبث روح أكتوبر فى نفوسهم، مؤكدا أن نصر أكتوبر كان ملحمة متكاملة مدنية وعسكرية.
وأكد الدكتور خلف الميري أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس، أن التاريخ هو الوعاء الأعم والأشمل لمثل هذه الأحداث التاريخية، ولكى ندخل روح أكتوبر فى نفوس الأجيال الجديدة، لابد أن نضع أيديهم على حقائق، وذكر عدة معارك عبر العصور فى مقارنة بينها وبين انتصار أكتوبر، موضحا بذلك أن أبناء مصر الذى حققوا انتصار أكتوبر هم أحفاد من حققوا هذه الانتصارات الماضية على مر العصور، مشيرا إلى أن المصريين اقتحموا خط بارليف بالمواجهة وليس بالتمويه كما فعل الألمان فى اقتحام خط ماجينو لدخول فرنسا في الحرب العالمية الثانية، وهذا يدل على أن نصر أكتوبر كان إنجازا وإعجازا.
من جانبه، تحدث اللواء محمد ربيع مهندس الصواريخ المضادة للدبابات في حرب أكتوبر، عن إعادة تسليح وتدريب الجيش المصرى بعد نكسة ٦٧، مشيرا إلى الدور الهام للمرأة المصرية فى الريف والمدن وقت الحروب، خاصة خلال نصر أكتوبر المجيد والذى عبر فيه ٨٠ ألف جندي القناة ودمروا خط بارليف فى ٦ ساعات فقط، لافتا إلى ضرورة الحديث دائما عن نصر أكتوبر أمام الأجيال الجديدة لتذكيرهم ببطولات القوات المسلحة التى إستعادت كرامة الشعب المصرى .
واستعرض الإعلامى حسن هويدي وكيل وزارة الإعلام سابقا، كيف تكاتف الشعب مع الجيش فى ٦٧، وذكر العديد من المواقف التى شاهدها فى ذلك الوقت ليؤكد على دعم ومساندة الشعب للقوات المسلحة، ووصف ترابط الشعب مع الجيش خلال نصر اكتوبر ٧٣ بالملحمة، مشيرا إلى أن الشعب المصرى يقف دائما خلف قيادته السياسية حتى لو كان مختلف معها حين يكون هناك خطر يهدد أمن وسلامة مصر، متمنيا أن يستشعر الإعلام حاليا الخطر ويكون على قدر الموقف.
وقدم المؤرخ والكاتب الصحفي محمد الشافعي، أجندة سريعة عن فترة ٥ يونيو ٦٧ وحتى أكتوبر ٧٣، وأحداث حرب الإستنزاف، التى كبدت خسائر كبيرة للعدو الإسرائيلى، وذكر مجموعة من رجال القوات المسلحة الذين حققوا بطولات فى تلك الفترة، منهم الشهيد عبد المنعم رياض وماحققه من خسائر للعسكرية الإسرائيلية قبل استشهاده، مشيرا إلى البطولات والدور الهام الذى قامت به قوات البحرية والصاعقة خلال حرب الإستنزاف لكسر كرامة الصهاينة، مطالبا بتدريس بطولات أكتوبر وإضافتها لمنهاج التعليم بمختلف مراحله.
وأشار الكاتب الصحفي عبد الجواد ابوكب، إلى أن هناك العديد من الأسماء التى سجلت بطولات فى نصر أكتوبر، وتحدث عن الدور البطولى الذى قامت به المرأة السيناوية فى ٧٣ وكيف استطاعت بأشكال متعددة نقل الذخيرة خلال التحركات، ودور المصور مسعد القفاص الذى قام بتصوير الحرب فى الفترة من ٥١ حتى ٧٣، فمعظم الصور التى نشاهدها للإسرائيليين فى السويس أو مشاهد السويس المدمرة أو مشاهد الانتصار هى من أعماله، وأيضا المشير أحمد إسماعيل الذى أنشأ وحدة إدارة الخداع فى المخابرات العامة والتى لعبت دورا كبيرا وهاما فى نصر أكتوبر، لافتا إلى وجود تقصير للدراما فى تجسيد بطولات نصر أكتوبر، التى يجب أن تتواجد على الساحة بشكل كبير ومكثف ليس فى مصر فقط بل على مستوى العالم أيضا، "فالدراما سيف لا يقهر".
من جانبها أوضحت الدكتورة أمانى فاخر أستاذة الاقتصاد الدولي وعميد كلية التجارة السابق بجامعة حلوان وعضو المجلس القومى للمرأة، أن المرأة المصرية قدمت الزوج والأخ والأبن والأب فى حرب أكتوبر، ومثلت قوة ناعمة وتحملت العبئ الاقتصادى التى إدارته بإقتدار فى بيتها، ومازالت تقف مواقف مشرفة فى كل أحداث البلد، لافتة إلى أن الوضع الاقتصادي فى ٢٠١٣ يكاد يكون على شفا الإنهيار، إلى أن جاءت القيادة السياسية لتنهض بالبلد اقتصاديا، فعلى مدار ٨ سنوات استطاعت مصر تخطي النموذج الصينى، ولأن مصر دولة استطاعت أن تبنى نفسها لذا فهى تحارب دائما.
وأكد الفنان القدير طارق الدسوقي، أن قضيتنا اليوم هى قضية وعى، ونحن فى حالة حرب حقيقية ويحاك لنا مؤامرات من كل جانب، لافتا إلى أن مصر بلد قوية ممكن تضعف أو تمرض لكن لا يمكن أن تموت، وأن الوعى الجمعى يأتى من الثقافة والتعليم والفن بمختلف أنواعه، مؤكدا أن الجين المصرى الأصيل يظهر فى المواقف الصعبة فيجب أن نفتخر بمصريتنا ونورثه لأحفادنا.
وقدمت فرقة شموع بقيادة الفنان الكبير سعيد عثمان مجموعة من أشهر الأغانى الوطنية منها " أحلف بسماها وبترابها، عاش، عظيمة يا مصر ، خلى السلاح صاحى، الأرض بتتكلم عربى".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المخرج خالد جلال أكتوبر 73 واليوبيل الذهبي مركز الهناجر للفنون نصر أکتوبر مشیرا إلى إلى أن أن مصر
إقرأ أيضاً:
في الذكرى السادسة للحراك الشعبي.. أية جزائر جديدة؟
تعود الذكرى السادسة للحراك الشعبي في الجزائر وتعود معها أسئلة الحاضر والصدى الذي لازال يتردد لهذا الحدث التاريخي الذي مازال يلقي بظلاله على المشهد رغم القمع والمنع ومحاولة تزوير الحقائق وليِّ عنق الوقائع.
بدا لافتا غياب الاحتفاء الرسمي بالذكرى رغم حديث تبون عن الحراك الذي أنقذ الجزائر، ودسترته واعتباره محطة بارزة في تاريخ البلاد.. وترسيمه "يوما وطنيا للأخوة والتلاحم بين الشعب وجيشه من أجل الديمقراطية".
وللتذكير ففي بيان لرئاسة الجمهورية في 19 فبراير 2020 "أن تبون وقع مرسوما رئاسيا بترسيم يوم 22 فبراير يوما يخلد الهبة التاريخية للشعب في الثاني والعشرين من فبراير 2019، ويحتفل به عبر جميع التراب الوطني من خلال تظاهرات وأنشطة تعزز أواصر الأخوة واللحمة الوطنية، وترسخ روح التضامن بين الشعب وجيشه من أجل الديمقراطية".
في مقابل هذه "السردية" تقول الوقائع التاريخية إنه عندما انتفض الشعب الجزائري في فبراير 2019 ضد النظام وترشيحه للرئيس المريض المقعد عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، كان رئيس أركان الجيش آنذاك الفريق أحمد قايد صالح، يهاجم المظاهرات العارمة ويصف المتظاهرين بـ"المغرر بهم" ويجدد دعمه لـ"فخامة الرئيس بوتفليقة"، كما كان يكررها، ويؤكد أن الجيش سيحمي الانتخابات الرئاسية، التي كانت مقررة في أبريل 2019.
كانت هناك آمال بأن يدخل قايد صالح ومعه قيادة الجيش التاريخ باستغلال الفرصة التي وفرها الحراك لتحقيق تغيير سلمي وانتقال ديمقراطي سلس، وطي صفحة الماضي، الذي كان عنوانه حكم العسكر الفعلي منذ الاستقلال بفصوله الدامية والمؤلمة، ورعاية الفشل الاقتصادي والفساد والتورط فيه.كان قايد صالح، الذي عينه بوتفليقة رئيسا لأركان الجيش في 2004، ونائبا له كوزير للدفاع، في 2013، يحضر نفسه لتكرار سيناريو الانتخابات الرئاسية لـ 17 أبريل 2014، الذي لعب قايد صالح دورا أساسيا في إخراجه والتمثيل فيه حينها، خاصة عندما ظهر، تحت صورة الرئيس الفرنسي آنذاك فرانسوا هولاند إلى جانب رئيس الوزراء آنذاك المسجون حاليا عبد المالك سلال، في ذلك المشهد التمثيلي مع بوتفليقة الذي كان يعالج لثمانين يوما في مستشفى فال دوغراس العسكري، ثم في مصحة ليزانفاليد في باريس التابعة لوزارة قدماء محاربي فرنسا!
لكن بعد أسابيع من استمرار المظاهرات المليونية، ركب قايد صالح موجة الحراك الشعبي ـ الذي كان يصفه في اجتماع سري وبالفرنسية بـ "ما يسمى بالحراك"، كما كشف تسجيل مسرب عنه ـ وأعطى لنفسه دور البطولة، في سيناريو انقلابي دعائي قام فيه بسجن ما أسماها رموز "العصابة"، التي كان في الحقيقة أحد الوجوه البارزة فيها، مثل السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس وعدوه اللدود الجنرال توفيق قائد المخابرات السابق ـ (الذي سيطلق سراحه لاحقا بعد رحيل أحمد قايد صالح)ـ، وخليفته الجنرال طرطاق، وطلب من الرئيس المريض المقعد عبد العزيز بوتفليقة الاستقالة، تحت عنوان كبير هو تحقيق إرادة الشعب المنتفض في التغيير.
تناسى المتظاهرون، حينها، مواقف قائد الجيش، ذراع بوتفليقة الحامي والوفي، وتهجمه على الثورة السلمية، وتوسموا خيرا فيه، وبدلا من شعارات "ديقاج (ارحل) قايد صالح"، دوى شعار "جيش شعب خاوة خاوة (إخوة)".
كانت هناك آمال بأن يدخل قايد صالح ومعه قيادة الجيش التاريخ باستغلال الفرصة التي وفرها الحراك لتحقيق تغيير سلمي وانتقال ديمقراطي سلس، وطي صفحة الماضي، الذي كان عنوانه حكم العسكر الفعلي منذ الاستقلال بفصوله الدامية والمؤلمة، ورعاية الفشل الاقتصادي والفساد والتورط فيه.
غير أن قائد الجيش الراحل سرعان ما قاد انقلابا على مطالب الثورة الشعبية بتغيير حقيقي، ليفرض بالقوة وببروباغندا خطيرة مقسمة للشعب (بمنطلق عرقي خاصة) وبمنطق "فرق تسد"، استمرار النظام العسكري نفسه بواجهة حكم مدنية جديدة له عبر انتخابات رئاسية في ديسمبر 2019 شهدت مقاطعة شعبية كبيرة، أوصل عبرها للرئاسة عبد المجيد تبون، أحد رموز نظام الحكم، الذي انتفض الجزائريون ضده، والذي كان وزيرا حتى قبل وصول بوتفليقة للحكم، ثم وزيرا فرئيسا للوزراء لدى بوتفليقة، وكان يقسم حتى أن "برنامج فخامة الرئيس بوتفليقة لن يتوقف.. أحب من أحب وكره من كره"، وكان مدعما لترشحه لولاية خامسة.
هذا الانقلاب والخطابات الاستفزازية المتهجمة على الحراك من قبيل "الشرذمة" و"الخونة"، التي كان يلقيها قايد صالح من الثكنات ـ مُهجياً ومُكسرا اللغة العربية تكسيرا ـ وأحيانا بمعدل 4 خطابات أسبوعيا، إلى جانب تهجمات مجلة "الجيش"، دفعت المتظاهرين للرد بشعارات ضد قايد صالح والجنرالات وثم بعدها المخابرات، وحكم العسكر، والمطالبة بـ"دولة مدنية وليس عسكرية".
وقد استمرت رعاية قيادة الجيش للوضع القائم مع تبون وبشكل أكثر انكشافا وتم قمع الحراك، لكنه مازال يؤكد حجته رغم كل الهوس القمعي المتواصل للسلطة ضد ناشطيه، الذين يستمر حبس المئات منهم، بينهم 4 نساء، والمتابعات القضائية المتواصلة، التي طالت الآلاف.
ورغم القمع والمنع لا يزال الحراك رغم مرور كل هذه السنوات، حاضرا في وجدان الجزائريين. وفي مقابل التضييق والمتابعات والاعتقالات في الداخل التي تزايدت بالتزامن مع الذكرى السادسة للحراك، استذكر الجزائريون في الخارج الذكرى بمسيرة لافتة في باريس.
فيما يتحدث الخطاب الرسمي عن تحقيق إنجازات خارقة اقتصادية واجتماعية وديبلوماسية في "جزائر جديدة ومنتصرة" يقول الواقع شيئا آخرا في مختلف الأصعدة الأخرى، وفي مقدمها مؤشر ظاهرة الحرقة التي زادت بشكل مأساوي بعدما توقفت تقريبا مع بدايات الحراك والآمال التي حملها.وفيما يواصل خطاب السلطة الحديث عن تحقيق مطالب الحراك و"تجسيد إصلاحات سياسية ودستورية" عبر 3 انتخابات خلال 6 سنوات، بينها الرئاسيات الأخيرة المقدمة في سبتمبر 2024، التي استمر عبرها تبون لفترة رئاسية ثانية، فالواقع أن كل هذه الانتخابات (تعديل الدستور، والانتخابات التشريعية والرئاسية) عرفت مقاطعة شعبية قياسية.
وفيما يتحدث الخطاب الرسمي عن تحقيق إنجازات خارقة اقتصادية واجتماعية وديبلوماسية في "جزائر جديدة ومنتصرة" يقول الواقع شيئا آخرا في مختلف الأصعدة الأخرى، وفي مقدمها مؤشر ظاهرة الحرقة (الهجرة غير القانونية) التي زادت بشكل مأساوي بعدما توقفت تقريبا مع بدايات الحراك والآمال التي حملها.
ضيعت الجزائر عقوداً من الرداءة والعبث منذ أكثر من ستين سنة من الاستقلال، بينها عشرية دموية حمراء في التسعينيات، ثم عشريتين من فساد أكبر تحت حكم بوتفليقة، ثم جاءت انتفاضة 22 فبراير 2022 الشعبية، التي أطاحت به، والتي تحولت إلى حراك سلمي وصفته صحيفة "واشنطن بوست" بأنه "علامة فارقة في تاريخ البشرية"، وقد غيًر فعليا صورة الجزائر في العالم.. لكن سرعان ما عادت عناوين "الجزائر الجديدة" (المزعومة) لعناوين أسوء حتى من عهد "بوتفليقة والعصابة".. عناوين الغلق والقمع والمنع و"الحقرة" و"الحرقة" والأزمات السياسية والاقتصادية والديبلوماسية في عالم متغير متقلب فعلا. في المقابل تواصل سلطة في "حالة إنكار مرضِية" جر الجزائر نحو "ما لا تحمد عقباه" عكس مجرى الفرصة التاريخية التي وفرها الحراك ومازال ـ رغم كل شيء ـ يوفرها لتغيير حقيقي يليق بالجزائر.. لعل "أولئك القوم يعقلون"!
*كاتب جزائري مقيم في لندن