أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارا جوهريا يؤكد حماية حقوق المرأة في جميع أنحاء العالم باستثناء النساء في فلسطين. تم تبني قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم "1325 يو إن إس سي آر" (UNSCR 1325) عام 2000 للاعتراف بتباين الآثار للحروب والنزاعات على النساء. ينص القرار على حماية المرأة ومنع العنف ضدها وزيادة مشاركتها في عمليات صنع السلام والمفاوضات وحل النزاعات أثناء الحروب والصراعات.

ومع ذلك، فإن هذا القرار المهم لا يشمل النساء الفلسطينيات، رغم أنه يعزو أسباب النزاعات في مختلف أنحاء العالم إلى صراعات عنصرية ودينية وعرقية، فإنه لا يذكر النساء تحت الاحتلال الاستعماري العسكري كما هو الحال في الأرض الفلسطينية المحتلة. والسؤال الذي يدور في أذهاننا -كدول أعضاء في الحوار السنوي المفتوح في مجلس الأمن للنهوض بأجندة المرأة والسلام والأمن في أكتوبر/تشرين الأول الحالي- هو ما إذا كان المجتمع الدولي سوف يستمع إلى أصوات النساء الفلسطينيات، ويأخذ معاناتهن بعين الاعتبار.

لم يجلب قرار مجلس الأمن رقم 1325 -الذي تم تبنيه قبل 23 سنة- الأمل للمرأة الفلسطينية وذلك لافتقاره أي آلية للتنفيذ والمساءلة. لقد فشل المجتمع الدولي في محاسبة الاحتلال الإسرائيلي على الانتهاكات الفعلية للقانون الإنساني الدولي وانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين، ومنهم النساء، وفشل في تحقيق العدالة وتأمين الحماية واحترام حقوق الإنسان.

منذ عام 2021، تحقق المحكمة الجنائية الدولية، بالرغم من عدم اعتراف إسرائيل بها، في الاتهامات الخاصة بارتكاب جرائم حرب وغيرها من الانتهاكات الأخرى في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ يونيو/حزيران 2014.

ونتيجة لهذا الفشل في التحرك، فإن العنف وانتهاكات القانون الإنساني الدولي لا تزال تهدد ليس فقط المرأة الفلسطينية، بل الشرق الأوسط والعالم. تشعر النساء الفلسطينيات بالقلق إزاء ما يعتبرنه معايير مزدوجة، أي تطبيق القرار في بلدان أخرى وعدم تطبيقه في فلسطين. وفي الفترة بين عامي 1967 و2020، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد 44 قرارا لمجلس الأمن تتعلق بإسرائيل.

من الصعب رؤية الأمل للنساء الفلسطينيات مع استمرار انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي واتفاقيات جنيف، والدعم المالي والعسكري الأمريكي لإسرائيل، بالإضافة إلى استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) المنتظم ضد قرارات مجلس الأمن بشأن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

لقد فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الاثنين الماضي في اعتماد قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة لأسباب إنسانية في أعقاب التصعيد الأخير. يجب على إسرائيل أن تفي بالتزاماتها القانونية، ويجب أن تخضع للمساءلة عن الانتهاكات الحالية والسابقة باعتبارها قوة محتلة بدلاً من أن يُعرض عليها شيك على بياض للإفلات من العقاب.

إذ تدعو المادة 11 من قرار مجلس الأمن رقم 1325 إلى عدم منح الحصانة لمرتكبي جرائم الحرب، علما أن نسبة 60% من القتلى هم من تشكل النساء والأطفال. بالإضافة إلى أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء في حادثة مقتل الصحفية الفلسطينية-الأمريكية شيرين أبو عاقلة، بالرغم من وجود أدلة على قتلها خارج نطاق القانون.

بينما تلتزم معظم الدول الأوروبية والولايات المتحدة الصمت، تواصل إسرائيل انتهاك قرار مجلس الأمن رقم 1325 في فلسطين من خلال اعتقال النساء والشباب والقتل ومداهمة المدن ومخيمات اللاجئين وهدم المنازل للاستيلاء عليها من قبل إسرائيل ومصادرة الأراضي وجدار الفصل العنصري وسحب الإقامة الدائمة من سكان القدس وفرض حصار غير قانوني على قطاع غزة مدة 17 عاما. ولهذه الإجراءات تأثير مباشر على المرأة الفلسطينية، إذ تسهم في تفكك النسيج الاجتماعي وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وغالبا ما تسبب التوتر والصدمات.

إن النساء في فلسطين غير قادرات على الاستجابة للأزمات مع وجود القيود على الحركة وانعدام الأدوات والموارد، ومن ذلك قدرتهن على الاستجابة لأزمة تغير المناخ. تخسر النساء مصدر رزقهن بسبب إخراجهن من أراضيهن، إضافة إلى تقييد حق المرأة في المشاركة في المجتمع المدني، وذلك لتصنيف بعض المؤسسات الفلسطينية لحقوق الإنسان والمؤسسات النسوية، مثل اتحاد لجان المرأة الفلسطينية، على أنها مؤسسات "إرهابية".

وعلى الرغم من هذا القرار الذي يدعو الدولة إلى ضمان حماية نسائها من العنف المبني على النوع الاجتماعي، فإن النساء الفلسطينيات المعرضات للعنف القائم على النوع الاجتماعي يدفعن ثمنا باهظا بسبب عدم فعالية النظام القانوني في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث هنالك عوامل تسهم في فشل النظام القانوني منها تعطيل إجراء الانتخابات البرلمانية الفلسطينية وغياب المجلس التشريعي الفلسطيني والانقسام السياسي الداخلي بين الحزبين الرئيسيين، ومن ثم يتم تطبيق القانون القبلي والتشريعات القديمة في غياب نظام قانوني فعال.

على الرغم من ذلك، يجب على الناشطين الفلسطينيين الاعتراف بأهمية هذا القرار، لأنه يسمح للمرأة الفلسطينية ببناء تحالفات، وتصميم خطط عمل وطنية، وتوثيق الانتهاكات، ورفع مستوى الوعي لدى المجتمع المحلي والدولي بشأن العنف ضد المرأة. تم الاحتفال بقيادة ومشاركة المرأة الفلسطينية في النضال الوطني من أجل العدالة والتحرير والحرية في جميع أنحاء العالم عبر التاريخ الفلسطيني. لكن هذا التاريخ الغني لنشاط المرأة لا ينعكس في النشاط السياسي بسبب نقص تمثيل المرأة.

لا بد من دعم المرأة الفلسطينية للمشاركة بنشاط في العمليات السياسية، منها اللجان الفنية والتقنية، والمشاركة في لجان المصالحة على المستوى الوطني. وهذه المشاركة ضرورية لتعزيز الوحدة الفلسطينية وتعزيز الأمل في سعي الشعب الفلسطيني لنيل الاستقلال وبهذه الطريقة سنضمن حماية واحترام حقوق الشعب الفلسطيني، وتعزز السلام والأمن للمرأة الفلسطينية.

تطالب النساء الفلسطينيات بشكل عاجل الأمم المتحدة والدول الأعضاء في مجلس الأمن بإصدار قرار خاص يعالج وضعهن تحت الاحتلال العسكري والأسباب الجذرية لمعاناتهن، والعقبات الرئيسية التي تعيق مشاركتهن والنهوض بأجندة المرأة والسلام الأمن، ومن ثم استمرار القيادات النسوية في لعب دور عظيم في إقامة دولة تتسم بالعدل والصمود والديمقراطية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المرأة الفلسطینیة قرار مجلس الأمن فی فلسطین

إقرأ أيضاً:

مجلس النواب يوافق عدة مواد خاصة بحقوق اللاجئين

وافق مجلس النواب على المادة 16 من مشروع قانون لجوء الأجانب، وتنص على أن يتمتع اللاجئ بذات الحقوق المقررة للأجانب المتعلقة بالحقوق العينية الأصلية والتبعية على الأموال الثابتة والمنقولة والحقوق المرتبطة بها، وله الحقوق ذاتها فيما يتعلق بالملكية الفكرية.

كما يحق للاجئ نقل ما حمله إلى جمهورية مصر العربية من ممتلكات لغرض الإقامة بها، ما لم يكن في ذلك مساس بالأمن القومي أو النظام العام، وذلك كله على النحو الذي تنظمه القوانين ذات الصلة.

كما تنص المادة 17 على: يكون للاجئ الحق في التقاضي، والإعفاء من الرسوم القضائية إن كان لذلك مقتضى، وذلك على النحو الذى تنظمه القوانين ذات الصلة.

ووافق البرلمان على المادة 18 من مشروع قانون لجوء الأجانب: يكون للاجئ الحق في العمل، والحصول على الأجر المناسب لقاء عمله، كما يكون له الحق في ممارسة المهن الحرة حال حمله لشهادة معترف بها بعد الحصول على تصريح مؤقت من السلطات المختصة بالبلاد، وذلك كله على النحو الذي تنظمه القوانين ذات الصلة.

كما تنص المادة 19 من مشروع قانون لجوء الأجانب على: يكون للاجئ الحق في العمل لحسابه، وتأسيس شركات أو الانضمام إلى شركات قائمة، وذلك على النحو الذى تنظمه القوانين ذات الصلة.

فيما تنص المادة (20) على: يكون للطفل اللاجئ الحق في التعليم الأساسي، ويكون للاجئين من حاملي الشهادات الدراسية الممنوحة في الخارج الحق في الاعتراف بها، وذلك كله وفقا للقواعد المقررة للأجانب في القوانين ذات الصلة.

وتنص المادة 21 على: يكون للاجئ الحق في الحصول على رعاية صحية مناسبة، وذلك على النحو الذي تنظمه اللائحة التنفيذية لهذا القانون، والقرارات الصادرة عن الوزير المختص بشئون الصحة.

مقالات مشابهة

  • لازاريني: لا بديل لوجود وكالة الأونروا بالأراضي الفلسطينية
  • مجلس الأمن يصوت على مشروع قرار يدعو إلى وقف النار في السودان  
  • مجلس النواب يوافق عدة مواد خاصة بحقوق اللاجئين
  • الاحتلال والأمم المتحدة.. ما الذي تخسره دولة تطرد من المنظمة الدولية؟
  • «الإفريقي للتنمية» يوقع اتفاقية لدعم البلدان الفقيرة بأنظمة الإنذار المبكر على هامش «كوب 29»
  • تقرير: دعم المجتمع الدولي مفتاح لاستعادة الثقة في العملية الانتخابية بليبيا
  • دومة: المصالحة الوطنية هي السبيل الوحيد لترسيخ السلام والتنمية في ليبيا
  • المرأة.. ذلك الكاىٔن المحير!!
  • السفير حسام زكي: إقامة الدولة الفلسطينية المخرج الوحيد للصراع في المنطقة
  • خارج السرب(خارج السرب)