هل نبكي علي غزة الجريحة.. أم علي حالنا المتردي الأليم ؟
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
الإثنان علي سرج واحد ويستحقان البكاء،لما وصل به الحال من الزل والهوان وقلة الصديق عند الضيق ،والحبيب عند إشتداد المصائب.
لكن حسرة السودان أكبر وأعمق وأخطر لأنها جارية مع الأيام منذ فجر الاستقلال...فهي تكمن في شرور أنفسنا ،نحن السودانيين، والعدو المتربص بنا ،هو جزء من تكويننا البنائي، بل أشك بأنه( خلية)من مكونات ذراتنا نتوارثها جيل بعد جيل.
ونبكي علي حالنا،أكثر،في ضياع الفرص الثمينة ،التي كان يمكن أن يكون لها دورا عظيما تجعل من السودان بلدا آمنا بل وجنة الله في أرضه.
نبكي علي حالنا،وكل أحلام قادتنا وشبابنا(امل الأمة) محمولة في حقيبة..حقيبة السفر والترحال..وترك هذه الديار عند المحن والبحث عن الوطن البديل.. حتي النازحون من الريف نحو المدن فكل أفكارهم عن الوطن هي عصا الترحال وتلك الحقيبة .. هم لا يدرون بأنهم يهجرون ويهاجرون من الملاذ الآمن الأمين..لو صبروا...ولو أحسنوا استغلال ثرواته وإمكانيات كما تستثمر الشعوب الحرة مواردها البشرية و الطبيعية بالجهد والمثابرة والعلم الحديث.. لا يشكون حالهم لأحد.
كيف لا نبكي حالنا...وقد أضعنا فرصة تحقيق ثلاثة فترات من الديمقراطية،كاملة الدسم، الرابعة كان يمكن لها أن تكون نقطة تحول جذرية في حاضر ومستقبل السودان وأهله، بعد نجاح ثورة ديسمبر المجيدة؟ ثم ضاع الأمس مني وإنطوت في القلب حسرة.
والآن، تلوح في الأفق فرصة عظيمة قادرة علي خروج هذا الوطن العظيم من كبوته..ونعني بذلك[ منبر جدة ]..وكل الخوف ضياع هذه الفرصة ونصبح من النادمين..فالأمر يحتاج من. قادتنا الكرام ...الخروج من دائرة المكاسب الآنية و(ابطلها الاشاوس ), بل ضرورة التفكير في أمن واستقرار ومستقبل السودان....وذلك هو الفوز والنصر الكبير لكل أهل السودان..
غدا ..سوف تهدأ جراح غزة..ويعود أبطالها مكللين بأقواس النصر مهما كانت نتائج التضحيات علي الأرض..يعودون مرفوعو الرأس بما قدموا من تضحيات في سبيل القضية الكبري...قضية الوطن المغتصب أرضه.. فقد تناسعوا خلافاتهم التنظيمية فكانوا علي قلب رجل واحد أمام العدو المشترك..
هذا ما نريده من قادتنا المتحاورين في [ منبر جدة ] ..لن نقلل من قيمة ووطنية أحدا...فالكل سواسية أمام محنة الوطن..والكل مسؤول عن سلامته،ووقف الحرب فورا،والتفكير في تضميد جراحه والتفكير بعقلانية في إعادة إعماره....كما دمرتوه اول مرة.
منبر جدة...هي فرصتنا الأخيرة في استعادة كلمة وطننا الحبيب واسترداد مكانته التي فقدها بين الشعوب ،بسبب تلك الحرب البربرية التي لم يعرفها السودان في تأريخه الحديث.
فإذا كانت خطايا الاجيال السابقة من السياسيين ،هي ضياع الفرص الثمينة في بناء الوطن...فيجب ألا يكون من أخطاء الجيل الحالي من القادة العسكريين والمدنيين..الوقوع في ذات الخطأ المشين..حتي لا تلاحقنا لعنات اجيالنا القادمة ونصبح من النادمين.
د.فراج الشيخ الفراري
f.4u4f@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
من المستفيد ؟!
من المستفيد ؟!
المهندس : عبدالكريم أبو زنيمة
بداية فإنّي أوضِّح بأنّي لست من جماعة الأخوان وإنّي فكرياً على نقيض كبير معهم ، ولكني أحترمهم كحزب أردني منضبط ومسؤول ومكوّن أجتماعي وازن ، لقد آن الأوان لطرح هذا السؤال والإجابة عليه بكل صراحة وشفافية – من المستفيد من تشويه وشيطنة جماعة الأخوان المسلمين أو اي حزب سياسي آخر ؟! أنا لا أملك هذه الإجابة ولكنّي قد اجتهد برأيي ، جماعة الاخوان تعايشت مع النظام السياسي الحاكم وعاشت في كنف الحكومات الأردنية منذ نشأة الدولة الأردنية تقريبا واستند واستفاد كل منهما من الآخر ، فهم الحزب الوحيد الذي كان مصرّحاً له بالعمل وفتح مكاتبه وممارس نشاطاته وأعماله بكل حرية في الوقت الذي كانت تُقمع فيه بقية الأحزاب السياسية الأردنية وتزج كوادرها في المعتقلات وتُمنع من العمل والسفر وتصادر حرياتها ونشاطاتها أيّاً كانت حتى عودة الحياة البرلمانية في عام 1989 م ، في تلك الدورة الانتخابية جبهة العمل الإسلامي حققت فوزاً انتخابياً كبيراً ، ذلك الفوز دقّ ناقوس الخطر لدى السلطة الحاكمة نظراً لشعبيته الواسعة وكونه تنظيماً عابراً للحدود ، لذلك لجأت السلطة الحاكمة إلى العبث بالبيئة السياسية الناشئة من خلال التفنّن في تشويه قانون الانتخاب للحد من وصول البرلمانييين الأخوانيين وغيرهم من القوى الوطنية إلى قبة البرلمان واستبدالهم بنواب شكليين محسوبين على النخبة الحاكمة لتسهيل مهام السلطة وتمرير مخططاتها ومشاريعها التي كانت في غالبيتها لا تصبّ في مصلحة الوطن والمواطن ، إلّا أنّ الجماعة حافظت على شعبيتها وبقيت في صدارة المشهد السياسي الأردني مما دفع الحكومات المتعاقبة إلى مواجهتها بشكل مباشر والحد من نشاطاتها وفعالياتها وبذلت كل جهودها بطرق وأساليب شتى لإقصاء الجبهة في عدة مواقع وخاصة في النقابات المهنية والمعلمين ، وبدلاً من اعتراف السلطة الحاكمة بإخفاقها في تحقيق أيّة إنجازات وطنية وفشلها على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والتعليمية والصحية والخدمية نجدها تلجأ إلى البحث عن عدو وهمي تحمله مسؤولية هذا الفشل وتشتري بعض الوقت لإثارة فتن داخلية للهروب من مأزقها وأزماتها .
الحدث الأمني الاخير حدث ويحدث في معظم دول العالم ويُعالج في إطاره الأمني بعيداً عن التوظيفات السياسية ، وكما جاء تفصيله على لسان الناطق الحكومي تشكر عليه أجهزتنا الأمنية ، لكن سرديته وتلميحاته المبطنة للجماعة وما أعقبها إعلاميا وتفاعلا مجتمعيا تفوح منه رائحة الفتن وتمزيق لوحدتنا الوطنية ، وصولاً لتهجم البعض على شخصيات وقامات وطنية مشهود لها بالوطنية الصادقة وتحظى بحصانة برلمانية ، هذه ومثلها من النتائج المتوقعة هي بالتأكيد أخطر بكثير من الحدث الأمني نفسه ، وبالتدقيق في سردية الحدث فإن الناطق الحكومي لم يؤكد أن هذه المتفجرات كانت ستستخدم داخليا في عمليات إرهابية وأنّه قال ” قد تُستخدم داخليا ” هذه العبارة لم تكن موفقة وكان لها أثر كبير في تأليب الرأي المجتمعي وإثارته بما لا يصب في المصلحة الوطنية ، ناهيك عن أنّ هذه المتفجرات قد يتبين لاحقاً أنها كانت تُعدّ لتهريبها للمقاومة الفلسطينية داخل فلسطين كما جرى سابقاً من تهريب للأسلحة ، وفي هذة الحالة فإن مرتكبي هذا الفعل سيصبحون ابطالأ بنظر كلِّ حرٍّ شريف إن ما ثبت أن هدفهم كان دعم المقاومة الفلسطينية داخل حدود فلسطين ، علما بأن تهريب الأسلحة عبر الحدود هو ليس حالة أردنية خاصة وإنّما هي حالة دولية عامة .
كلنا نُدين أيَّ عبثٍ بأمن الوطن ويجب التصدي له ومحاربته بكل شراسة ، لكن لا يجب توظَّيف هذه المخاطر لخدمة فئةٍ هي نفسها تشكل أكبر خطر وأكثر تأثيراً على أمن وسلامة الوطن ، الفساد هو الخطر الرئيسي الأول الذي يهددنا وجودياً ، وعلى حكومتنا كما استنفرت كل مقدراتها لهذه الحالة عليها أن تتعامل بالمثل مع كل حالات الفساد السابقة واللاحقة ، حيث ان أساس وركيزة التنمية الاقتصادية هو الاصلاح السياسي الذي يكفيل تطهير الوطن وتنظيفه من كل العوالق والشوائب التي لصقت به ، لكن للأسف إنَّ كل ما قيل ويُقال عن محاربته هو مجرد شعارات وموشحا تتغنى به الحكومات المتعاقبة ومجرد حملات إعلامية تضليلية لا أثر لها على الأرض ، وكل يوم تأخير في تنفيذه هو تظخم بحجم البطالة وارتفاع في نسب المديونية أي متفجرات جديدة تتربص بأمننا واستقرارنا وتأخير في نهضتنا وتوطئة للمتربص بنا العدو الصهيوني لتمكينه من الزحف شرقاً بكل يسر ، فهو المستفيد الأول من زعزعة أمننا واستقرارنا ، اما المستفيد الثاني من هذا العبث فهي مؤسسة الفساد !
وأخيرا فإن جماعة الأخوان هم مكون رئيسي وطني أردني كان لهم وقفات تاريخية ومحورية في حفظ الأمن والاستقرار يستحيل إنكارها وليس في مصلحة أيٍّ كان تشويههم ، وتصفية أية حسابات لا يجب بأي شكل من الأشكال ان تكون على حساب الوطن وأمنه ، فالأردن بأمسِّ الحاجة لتضافر الجهود ورصِّ الصفوف لمواجهة الخطر الحقيقي الذي يتربص بنا على مدار الساعة ، وعلى القوى الوطنية الاردنية تذكر حكمة الإمام عليّ كرّم الله وجهه ” إن سكت أهل الحق عن قول الحق ظنّ أهل الباطل أنّهم على حقّ ” ، علينا جميعا التصدي بكل حزم وشجاعة لهذه الأقلام المأجورة التي تتصدر اليوم ساحات فضائنا الإعلامي بحجة الحرص على أمن الوطن ، هؤلاء الذين لم نشهد لهم أيّة مواقف من القضايا المفصلية التي تهدد وجودنا جميعا ومن قضايانا الوطنية ، وما كان الوطن يعني لهم شيئاً إلّا بمقدار ما يدخل في جيوبهم ، وأنّهم ما كانوا يوما إلا راقصين على حبال الحكومة ومدافعين عن سياسات فاشلة ومنظِّرين للفساد والتطبيع وسلام موهوم طمعا في مغنم هنا وارتزاق هناك .