دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ

صدقوني أو لا تصدقوني عايزه الحرب دي تنتهي وما عايزاها تنتهي. قولوا لي ليه؟
لأني خايفه نرجع كما كنا أو أسوأ. ترجع ريما لعادتها القديمة وكأنك يا أبو زيد ما غزيت، وكأننا لا رحنا ولا جينا، ساقية جحا تشيل من البحر وتكب في البحر.
العين دي يا جماعة ما بملاها إلا التراب عشان كدي أشكمها وما تخليها تبحلق شمال ويمين، بتغطِّس حجرك والله ولات حين مندم.

المحيِّرني في الزايلة دي إنه الخواجات ديل عايزين يسرقوا بلادنا ويدمرونا وينموا بلادهم ويبسطوا شعوبهم، بالله شوف الحقارة دي!!! لا، وشر البلية ما يُضْحِك إنه في ناس يقولوا ليك نحن عارفين دا كله. طيب ليه بتساعدوهم؟ ياخي ما تعرف دا كله، أعرف ذرة منه وحاول مقاومته وإحباطه. أفريقيا دي يتخيل لي إنها الوحيييدة في قارات العالم السبعة مبتلاة بأكبر عدد من أبناءها الما عندهم ولاء لبلادهم، يشيلوا خيراتهم ويدوها للمحركنهم بالرموت كنترول بكل عين قوية. ضُل الدوم البضُل بعيد، يعني بشيلوا أصبعهم يطبزوا بيهو عين الوطن. ياخي لو العين دي عينك براك أطبزها، إن شاء تقِدَّها أو حتى تقلعها وتجدعها في النفايات، إنت حُر، لكن دي عين الوطن، عين ملايين البشر... البودِّيك تتصرف فيها زي كأنها إقطاعيتك شنو؟ المثل المصري بقول جحا أولى بلحم توره، نحن كوارع شنو؟ جِلْده ما لامين فيه. حسبنا الله ونعم الوكيل. يببعوا بلدهم ونفسهم بالرخيص. ما عارفه، دي عقدة عبودية وللا عقدة دونية وللا عقدة شنو؟ وليه؟ الموارد دي كووولها حقتك، مفروض إنت اللي تسيطر عليهم مش تسلمهم بلدك. غايتو، عشنا وشفنا. ربنا يعدل الحال. ياخي أعرف إنه العالم ما برفع تعظيم سلام إلا للقوي. الخنوع والخيانة دي دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ.
ما شفنا وما حضرنا اجتماعاتهم، لكن إضنينا ما سدّيناهم بس دائماً بنشوف في فيديوهاتهم ساستهم وكبراؤهم بيقولوا الافارقة أو السود ديل أصلاً ما عندهم فايده ولا لزوم في هذا الكون لأنهم أقل ذكاء منهم، عدييل كدي ما عندهم مخ وحرام يقعدوا في أرض بهذه الخيرات، بس وقع علينا الفقري اللي استكثروا عليه لبن عنزه على قول حبوبة الله يرحم الجميع. (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ، "32" الزخرف).) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَّا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا "53" أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا "54"، النساء). يشيلوا مواردنا وثرواتنا عشان هم أحق بيها مننا وبيعرفوا يدبروها وليهم حق عشان هم بشيلوا موادنا الخام ويصنعوها ويرسلوها لينا مرة تانية منتجات ونشتريها بقروشنا ونحن مبسوطييين وفرحانييين. ليهم الحق لأنهم هم بيستغلونا عن طريقنا نحن ذاااتنا، مننا وفينا (بيدي لا بيد عمرو، مع التعديل في المعنى).
المشكلة إنه الجواسيس واللصوص الراقين وغيرهم ديل مننا. زمان زمن الاستعمار كان الرجل الأبيض بيجي يحكمك عينك عينك، حُمرة عيين كدي، هسع بقوا بجوا من وراء حجاب أو بغطاء، تمويه camouflage زي ما بقولوا يعني عن طريق غير مباشر عشان الأفارقة المساكين ديل ما يكتشفونا . بتعرفوا لعبة الدسوسية اللي لعبناها زمااان ديك؟ بس... ياها ذاااتها. يكونوا مندسين وراء وجوهنا النضرة دي وكلما تتمد يد من أيادي ناسنا ديل للقمة سمينة كف تختفها يدهم وتبلعها ... بالساحق والماحق. بس مرة مرة كدي بيمدوا رأسهم ويتاوقوا ويقولوا بابتسامة صفراء: يااااك. ويزوغوا وبعدها عينيك ما تشوف إلا النور. ودا كوولو البنفذو ليهم منو؟ أيادينا الخفية صباح وعشيّة ونفوسنا رضية.
الاستعمار دا إلا يجيك عدييل كده بالباب ويقول ليك: هاي، هالووو، أنا استعمار؟ الاستعمار دا عنده مقدرة على التمويه عجيبة وصوره عديدة واسوأ وأقسى استعمار استعمار النفس وذوي القربى (وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند). أهلنا بقولوا الليك ليك لو لبن عًشر خُتُّوا في عينيك. لكن هيهات، مرات لبن العشر دا هو اللي بيعميك.
عمالة وطابور خامس يزداد كل يوم... لماذا؟ أمن أجل حفنة دولارات ورقها لحوم الأبرياء والوانها دم الشهداء وأرقامها قوت الفقراء؟ زول يصحيني ويقول لي دا كابوس. الحركات الخسيسة دي دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ.
دا كله كوم وتشريد الكفاءات والعطالة (ما مقنعة، كاشفة رأسها عدييل كدي) والمحسوبية والواسطة وتعيين غير المؤهلين في وزارات أو مواقع هي عصب حياة هذا البلد الطيب كووم رماد كبيير. مفروض الفرصة تكون للشخص المؤهل الجدير بالوظيفة دي مش ناس كشى مشى عزموا فطور وعشان عنده واسطة جاء عشى.
ليه التعيين عشان قريبي وقريبك، عشان قبيلتي وقبيلتك؟ عشان نرَضِّي فلان أو علان عشان بحمل السلاح؟ هو أصلاً مفروض تكسر شوكته ولا يُسمح بحمل السلاح إلا للجيش القومي الواااحد دا وبقية القوات النظامية مش يطبطبوا ليهو ويحنِّسوه كأنه ماسك علينا ذلة، أحسمه لتشرد به من خلفه وأقفل الباب دا بالضبة والمفتاح.
الحمد لله الأفكار اتطورت والنت ساعدت وفتحت آفاق أوسع للبزنس خارج فلك الخدمة المدنية، لكن برضو نرجع ونقول: المحسوبية والواسطات دي دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ.
الحفلات في موسم الحرب (تصلح عنوان قصة مش كده؟)، هجيج وضجيج ولا كأنه الوطن بنزف واتدمر بمعنى الكلمة، ولا كأنه في أُسَر انقرضت في لمح البصر، ولا كأنه في ناس نزحوا من مقامٍ كريم ونعمة وشُردوا بلا مأوى وهاموا في الطرقات مرضى، عطشى وجائعين بعد أن كانوا مترفين. ولا كأنه في يتامى وأرامل وثكالى. ولا كأنه في الخائف وفي المريض كان مرض جسدي أو نفسي من الحصل ليهو، فقد عزيز، فقد شقاء عمره، فقدت شرفها ففقدت أسرتها عزتها وحياتها، ولا كأنه في ... وفي...
ولا كأنه نحن بشر وعندنا إحساس. لو ما حاسين بالحاصل لغيركم على الأقل جاملوهم ساكت، جبر الخواطر فيه الأجر. لا أراكم الله مكروه في عزيز.
بعدين يعني موقفنا في الأمم المتحدة يكون كيف؟ مااااا أحرجتونا مع العالم... هسع يقولوا علينا شنو؟ !!!
ويا ريت الموضوع وقف هنا، لا، كمان جابت ليها فن سرقة دم قلب المساكين البيلقِّطوا في قريشات التأشيرات والإقامات زي دم الحجامة لتحقيق أحلام آلاف يهتفون (محمد أحمد الغلبان يمثلني). الواحد ما بسأل نفسه هل دا حلال وللا حرام؟
لشنو يا اخوانا نحن بقينا كده؟ ليه بقينا ما بنرحم بعض؟ ما بنحس ببعض؟ الناس الغلابة ديل يلاقوها من الحرب وللا من الدراكولات ديل؟ صحي نعيب زماننا والعيب فينا. التقليعات الما بتشبهنا دي دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ.
الجهات المسئولة، حراام مص دم المواطن واستغلاله بمشاريع يدفع فيها دم قلبه وفي النهاية تطلع أي كلام. الحرب دي كشفت إنه المتغطِّي بالجهات المسئولة عريان. بالله ما حرام بلد فيه كل الخيرات دي ويعيش المواطن فيه شحاد وقدر اللي بيلقِّطوا تجي الجهات المسئولة عنه تمد قرعتها وتلقط الفي قرعته؟ لو ثرواتنا دي في بلد فيها ربع ثرواتنا دي، لكن فيها مخافة الله وضمائر حية كان حالنا اتغير وعشنا في نغنغة وكان في الحرب دي لقينا مأوى وكان وكان... كاان زماان، آآآه.
بأمانة كده هل في مقارنة بين العمار العمَّروه الإنجليز المستعمرين في البلد دي (وحالتو ما كان في التطور الحالي) وبين حكوماتنا الوطنية؟ دي ما دعوة لتمجيد المستعمر، ولكنها الحقيقة.
حقو أي واحد يعيِّنوه في منصب يحلف على المصحف إنه ما جاء لمصلحة شخصية أو جهوية وإنه هدفه خدمة البلد وأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين وبعد داك كل زول يشيل شيلتو والحشَّاش يملأ شبكته.
الأنانية وحب الشفط واللَّهط والطمع وكل الأشياء القبيحة دي دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ.
العنصرية ما حبابها. إنها تدمر كل شيء أتت عليه. ما بجي من وراها إلا التناحر والخراب للأفراد والمجتمع، تقضي على التنمية وعلى الحياة. العنصرية ممكن تلبس أي توب: التعليم، فرص العمل، العلاج، توزيع الأراضي سكنية أو تجارية أو الثروة، إلخ... وما ننسى هنا دور الواسطة وهي بالنسبة للعنصرية علامة الجودة. الله يمن علينا بمسئولين يتقون الله فينا وينبذون العنصرية والأنانية، ينوموا بهَم المواطن ويقوموا ببناء الوطن وتغيب الواسطة ونحلِّي بالباسطة.
مافي زول راضي بالتاني، أنا عربي (بالله؟) وانت إنجليزي، أنا أبيض وأنت برتقالي وناسين أو متناسين إنه المعيار الأساسي هو التقوى وليس العرق أو اللون.
إستراحة رقم 1: رفض العريس اللي جابته بنته لأنه ما من قبيلتهم، قبيلته أقل شأناً في نظرهم. وعشان يحلِّي الموضوع شويه قال عنده شورة، أولاد أعمامها واخوالها، لكنهم خذلوه ورفضوا. يستاهل.
إستراحة رقم 2: واحد أبوه رفض البنت اللي عايز يخطبها ولده لأسباب عرقية وعشان يموه الموضوع قال ليهو في الأول غطِّي قدحك، قال ليهو بااااس. جبتها من الآخر. دا زاااتو السبب المخلِّيني ما أضَحِّي واتزوجها؟ تضحِّي؟ مالها؟ حوصاء وللا عوراء وللا متخلفة وللا؟ يا أبوي أنا ضد التنمُّر. أنا ما قصدت كده. من الآخر كده غطِّي قدحك دي زااتها الحامياني إتزوجها. قول لي ليه؟ أها ليه؟ عشان بُكره بُكره ما يقولوا لي أبو القدح. رفع الوالد فردة مركوبه وقال بغضب: قوم من قدامي. قامت قيامتك. وبكده ماتت القضية.
وسائل الإعلام دي دورها خطير جداً. ممكن يكون إيجابي وممكن يكون سلبي. ممكن تشعل نار العنصرية والفتنة وتزيدها حطب وممكن تكون عربية مطافي. في الميديا: إنتو يا ناس الشمال وانتو يا ناس الجنوب وانتو يا ناس الشرق وانتو يا ناس الغرب والقيامة قايمة (وأنا أعييط على قول عادل إمام) ولما تجي الحِلِّة أو الشُغُل تلقى الناس دي سمن على عسل وموية ما مندفقة بيناتهم. ياخي اتقوا الله في أنفسكم وفينا.
خلِّي غيرك... إنت يا البتدعو للعنصرية دا ومندعر وقايم وقاعد، خاف من حساب الله. خاف على صحتك، يمكن يرتفع ضغط دمك أو يجيك سكري أو مرض قلب أو أي بلوى فتقوم تلحق أمّات طه في شيء لا يسوى.
لو التهميش و... و... كان حاصل زمان هسع والحمد لله الكتوف اتساوت في الخراب والبلد كلها بقت حالتها واااحدة، طين في طين، يعني على قول الاخوة المصريين لا تعايرني ولا أعايرك، الهم طايلني وطايلك، وللا شنو؟ أصلاً نحن شعب وااحد، شئنا أم أبينا... في ناس جايين من الزهرة وناس من المريخ؟ ما كلنا عايشين في كوكب الأرض دي وكلنا لآدم وآدم من تراب. رفع النخرة وفوت الحدود فوق كم؟
المسألة دي حلها ما ساهل ودايره صبر وطولة بال، لكن ما مستحيل كان تضافرت الجهود وختينا إيد في إيد عشان نجدع بعيد. أوَّلك يا بادي لازم (نجتث - uproot) كل الأفكار السيئة والأوهام المعشعشة في العقول دي ونلعن إبليس ودا بيتم بنشر التوعية الدينية وكيفية تَقَبُّل الآخرين والاستفادة من التنوع والتعايش السلمي في المجتمع والمؤسسات التعليمية، والحكومة ليها دور كبير في تحقيق الكلام دا وتحقيق العدالة الاجتماعية وكمان في تجنب السياسات العنصرية اللي بتخلي بعض الفئات تشعر بالتهميش واللي بتخلي المجتمع يتقسّم إلى طبقات والطبقة العليا هي اللي بتجغم كل شيء وبتعاين للناس من برج عاجي. وكمان نحن زاااتنا كشعب علينا نبذ الطمع والمصلحة الذاتية والحسد وكل الحاجات السلبية اللا بتودِّي ولا بتجيب دي. بالله دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ.
إذا عايزين نذكر كل الحاجات اللي مفروض نغيِّرها، عيييك، حنكون دايرين ملفات عشان كده نذكر شوية أمثلة زي التسيُّب، الرشوة، كمان دلعوها وسمّوها تسهيلات. تمويه قال ليك.
الفساد وما أدراك ما الفساد. يا رب تاني ما ندور في الحلقة دي. لقد تعِبْنا. القضية دي مافي حل ليها غير تطبيق القوانين الرادعة فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن لأنه في ناس تخاف ما تختشيش. وكمان التبليغ عنها ويا ليت لو إلكترونياً، وتفعيل هيئة مكافحة الفساد وتكون في رقابة دقيقة. كمان الشفافية والمساءلة مهمة جداً لأنه مافي زول فوق القانون. طبعاً دا كله عايز تمويل عشان كده لازم تبدأ الشفافية من وزارة المالية. وما ننسى التوعية وتقوية الوازع الديني ودا دور مؤسسات التعليم ووسائل الإعلام بدل الغناء الكتير دا والفيديوهات الفي الفارغة ومقدودة دي في الميديا.
علييكم الله الحاجات البتدوينا لوراء مليون سنة ضوئية واللي بتخلينا نقعد نتحسر على الماضي وزماننا الراح دي دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ.
على قول أهلنا الله يولِّي علينا من يصلح. الله يدِّينا حكومة عندها أهداف ورؤية واااضحة زي عين الشمس للمستقبل ونعمل مع بعض بجد على تحقيقها... والسوَّاي ما حدَّاث، وللا كيف؟
الناس زمااان ما درسوا سياسة ولا كان عندهم أحزاب، ولكن كان عندهم تقوى ومخافة الله.

duria2004@yahoo.com  

المصدر: سودانايل