الجزيرة:
2025-04-24@15:58:08 GMT

لماذا تأخرت إسرائيل في دخول غزة بريا إلى الآن؟

تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT

مرت أكثر من ثلاثة أسابيع على عملية "طوفان الأقصى"، ورغم أن دولة الاحتلال الإسرائيلي حشدت مئات الآلاف من الجنود على حدود غزة، فإن هذه القوات لا تزال تنتظر قرارا نهائيا بالدخول، هذا التأخير له أسباب عدة، بعضها سياسي بالطبع، والبعض الآخر يتعلق بالأسرى الذين تحتفظ بهم حماس، وهي نقطة ضغط قوية لا شك، لكن البعض الآخر يتعلق بمخاوف إسرائيلية مما يمكن أن يحدث لقوات الاحتلال خلال هذا الهجوم البري، وهو ما ظهرت بوادره في التوغلات المحدودة التي شنها الاحتلال خلال الأيام الماضية.

 

في تقرير سابق بعنوان: "حرب الأفخاخ".. ما الذي ينتظر جيش الاحتلال الإسرائيلي إذا دخل غزة؟، تبيّن لنا كيف أن المقاومة الفلسطينية منذ حرب غزة 2014 قد تمكنت من تطوير أدواتها وخبراتها بشكل من المتوقع أنه سيسمح لها بإيقاع خسائر كبيرة في صفوف وعتاد جيش دولة الاحتلال الإسرائيلي في أي مواجهة برية حضرية، وخاصة بعد عملية طوفان الأقصى التي أوضحت قدر التطور العملياتي والاستخباراتي لدى فصائل المقاومة وتحديدا حركة حماس.

 

كل شيء محتمل الجندي الإسرائيلي ببساطة غير متجهز كفاية لحرب برية الآن، وهو رغم ذلك مدفوع إليها دفعا. (الصورة: الفرنسية)

لهذا السبب (من ضمن أسباب أخرى) فإن القوات الجوية الإسرائيلية تُغرق غزة بالصواريخ والقنابل من الجو، ليس من أجل استهداف أماكن تمركز المقاومة كما تدّعي، ولكن لإحداث أكبر قدر ممكن من الخسائر في أرواح الفلسطينيين العُزَّل للضغط على حماس وإضعاف عزيمة مقاتليها.

 

في غاراتها على غزة، استخدمت دولة الاحتلال بكثافة القنابل الذكية من النوع المُسمى1 "ذخيرة الهجوم المباشر المشترك" المعروفة اختصارا باسم "جدام" (JDAM)، وهي عبارة عن حزمة أدوات توجيهية تحول القنابل غير الموجهة إلى ذخائر موجهة بدقة وذكية، وذلك عن طريق إضافة نظام ملاحة بالقصور الذاتي يعتمد على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وزعانف تحكم. ويسمح نظام "جدام" للطائرات بإيصال القنابل بدقة إلى أهداف محددة، حتى في الظروف الجوية السيئة أو البيئات الصعبة. ويمكن إطلاقها من ارتفاعات متوسطة وعالية وتظل تحتفظ بدقتها. يعني ذلك أن استهداف مبانٍ مثل المستشفى المعمداني من الصعب أن يكون مجرد خطأ، بل هو متعمد.

"ذخيرة الهجوم المباشر المشترك" (JDAM). (الصورة: شترستوك)

إلى جانب ذلك، بِتنا نعرف الآن أن تركيز الجيش الإسرائيلي على التكنولوجيا2 العالية دفع صناع السياسات وكبار الضباط إلى الوقوع ضحية للوهم القائل إن التكنولوجيا فقط كافية لضمان التفوق في أي مواجهة، لأن التكنولوجيا بطبعها دفاعية، والتركيز عليها أدى إلى ضمور مهارات مهمة، مثل القدرة على إجراء عمليات أسلحة مشتركة معقدة عند الهجوم، وبدلا من الاستعداد للحروب المستقبلية، كان جيش الاحتلال مشغولا بمراقبة الضفة الغربية وغزة وقمع الفلسطينيين العزل، ظنا منه أنه لن يكون هناك أي حاجة إلى مواجهة برية قريبة.

 

الجندي الإسرائيلي ببساطة غير متجهز كفاية لحرب برية الآن، وهو رغم ذلك مدفوع إليها دفعا، ولأن قدرات حماس في تصوير مهامها ونشرها عبر وسائل الإعلام قد ارتفعت وباتت أكثر احترافية، فإن رجال السياسة وجنرالات الحرب الإسرائيليين لا بد أنهم خائفون من أن تُبث هزائمهم أمام مرأى ومسمع العالم، وتتحول إلى فضيحة جديدة لدولة تُصدِّر نفسها على أنها الأقوى على الإطلاق في المنطقة. إنها مشكلة الحرب الأزلية: الآلة لا تنتصر وحدها أبدا، على الأقل إلى لحظة كتابة هذه الكلمات.

 

حرب متعددة الجبهات الجيش الإسرائيلي ربما يستعد بالفعل لـ"حملة على ثلاث جبهات"، ستكون القوات الإسرائيلية في موقف هجومي في اثنتين منها، وهما غزة ولبنان، بينما في سوريا ستكون في موقف دفاعي. (الصورة: الفرنسية)

هناك سياق آخر للأمر، وهو انتظار الدعم من الولايات المتحدة الأميركية، التي أرسلت حاملتَيْ طائرات هما الأثقل على الإطلاق في ترسانتها البحرية، "يو إس إس دوايت آيزنهاور" و"يو إس إس جيرالد فورد"، وكلتاهما يمكنها استيعاب نحو 75 طائرة عسكرية مقاتلة، بما في ذلك "إف-35″، لم يكن ذلك فقط لدعم دولة الاحتلال، لكن بالطبع هناك رغبة في تحديد المعركة البرية داخل غزة، لتكون فقط داخل غزة، ولا تتطور إلى حرب متعددة الجبهات.

 

في الواقع، إن أصواتا عدة داخل جيش الاحتلال الإسرائيلي تتبنى مخاوف متزايدة بشأن احتمالات التصعيد الأفقي، أي فتح جبهات متعددة في الوقت نفسه مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وما يبدأ في غزة فلا بد أنه في إحدى المراحل سيُفعِّل اشتباكات في الضفة الغربية وجنوب لبنان ومرتفعات الجولان، الأمر الذي يُمثِّل خطورة حقيقية من وجهة نظر الاحتلال.

 

كان هذا النقاش دائرا لأكثر من عقد من الزمان داخل أروقة وزارة الدفاع الإسرائيلية، وخاصة بعد أن أطلق يعقوب عميدرور، الرئيس السابق لشعبة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، اسم "حلقة النار" على إستراتيجية عسكرية جديدة يمكن أن يستخدمها خصوم إسرائيل تتضمن بناء حلقة من النار (الصواريخ والمسيرات) حول دولة الاحتلال الإسرائيلي من جميع الجهات.

 

ووفقا للصحفي عاموس هاريل من صحيفة "هآرتس" في حوار3 مع جين-لوب سمعان، وهو زميل أبحاث أول في معهد الشرق الأوسط التابع لجامعة سنغافورة الوطنية، فإن الجيش الإسرائيلي ربما يستعد بالفعل لـ"حملة على ثلاث جبهات"، ستكون القوات الإسرائيلية في موقف هجومي في اثنتين منها، وهما غزة ولبنان، بينما في سوريا ستكون في موقف دفاعي، مع التركيز على لبنان بوصفه مركزَ ثقلٍ أساسيا، لكن هذه الاستعدادات ما زالت جارية وربما لم تنتهِ إلى الآن.

 

حزب الله إذا قرر حزب الله المشاركة في الحرب بالجبهة الشمالية والشرقية، فإننا نتحدث عن أكثر من 50 ألف مقاتل، حوالي 50% منهم يخدمون بانتظام. (الصورة: الأناضول)

حزب الله دخل بالفعل إلى المعركة، لكن على استحياء وليس بثقله الكامل بالطبع، وكانت آخر تدخلاته الإعلان الصادر يوم السبت 28 أكتوبر/تشرين الأول أنه استهدف بصواريخ موجهة دبابة إسرائيلية من طراز "ميركافا"، في إحدى النقاط التابعة للجيش الإسرائيلي على الحدود مع لبنان. وكان "حزب الله" قبلها بيوم واحد فقط، استهدف موقعَيْ "الصدح" و"مسغاف عام" التابعين لجيش الاحتلال بالصواريخ الموجهة.

 

يمتلك حزب الله قوة ضاربة، وإذا قرر المشاركة في الحرب بالجبهة الشمالية والشرقية فإننا نتحدث4 عن أكثر من 50 ألف مقاتل، نحو 50% منهم يخدمون بانتظام، ويبلغ قوام وحدة النخبة التابعة لحزب الله (قوة الرضوان) نحو 2500 فرد. أما ترسانة الحزب من الصواريخ والقذائف الصاروخية وقذائف الهاون فيبلغ عددها بين 100-200 ألف قطعة في بعض التقديرات، بما في ذلك عشرات آلاف الذخائر قصيرة المدى (حتى 40 كيلومترا)، وآلاف متوسطة المدى (حتى 75 كيلومترا)، وآلاف بعيدة المدى (200-700 كيلومتر). ومؤخرا أطلق حزب الله مشروعا لتحديث ترسانته من حيث الدقة، وبحسب آخر التقديرات فإنه يمتلك المئات (وربما الآلاف) من الصواريخ الدقيقة عالية التدمير.

 

كل هذا ولم نتحدث عن ترسانة حزب الله من المسيرات التي تخدم جميع الأغراض، بما في ذلك جمع المعلومات الاستخبارية أو الطائرات الهجومية سواء كانت مسيرات انتحارية أو قاذفات القنابل.  ومن جانب آخر، يمتلك حزب الله ترسانة من الصواريخ المضادة للسفن مثل "سي-802″، وهو نسخة مطورة للتصدير من الصاروخ الصيني "يج-8″ يبلغ مداها 120 كيلومترا، وتحمل رأسا حربيا وزنه 190 كيلوغراما، و"ياخونت بي -800" وهو صاروخ كروز روسي أسرع من الصوت مضاد للسفن، وهو نظام ذو استقلالية كاملة في الاستخدام القتالي (يعمل بطريقة "أطلق النار وانسَ")، ويمتلك مجموعة من المسارات المرنة وسرعة تفوق سرعة الصوت في جميع مراحل الرحلة، ويمكن استخدامه في بيئة الإجراءات المضادة الإلكترونية وتحت نيران العدو.

 

هذا ولم نتحدث بعد عن الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، بما في ذلك أنظمة الجيل الثالث التي يمكنها اختراق معظم أسلحة جيش دولة الاحتلال الإسرائيلي، تعتمد صواريخ الجيل الثالث على نظام "أطلق وانسَ"، وتمتلك باحثا ليزريا أو جهاز تصوير كهروضوئي أو باحثا راداريا في مقدمة الصاروخ. بمجرد تحديد الهدف، لا يحتاج الصاروخ إلى مزيد من التوجيه أثناء الطيران، بل ينطلق مباشرة لهدفه بشكل مستقل.

منظومة SA-22. (الصورة: شترستوك)

وتشير التقديرات إلى أنه بالإضافة إلى أنظمة الصواريخ المحمولة مثل "SA-7" و"SA-14″، يمتلك حزب الله أنظمة دفاع جوي متقدمة مثل "SA-8″ و"SA-17" و"SA-22″، الأخير هو نظام صاروخي من عائلة صواريخ أرض-جو ذاتية الدفع متوسطة المدى مضادة للطائرات. وفيه تُشكِّل ثلاثة أنواع من المركبات نظاما واحدا: قاذفة صواريخ، وشاحنة رادار، ومركز قيادة. صُمِّم بالأساس لتوفير دفاع جوي للمنشآت العسكرية والصناعية والإدارية ضد الطائرات والمروحيات والذخائر الدقيقة وصواريخ كروز والمسيرات، ولتوفير حماية إضافية لوحدات الدفاع الجوي ضد الهجمات الجوية للعدو باستخدام ذخائر دقيقة، خاصة على ارتفاعات منخفضة إلى منخفضة للغاية.

 

الحرب البرية على غزة إذن ليست مجرد "حرب برية على غزة"، بل هي جوقة واسعة من الاحتمالات التي يمكن أن تتطور لحرب متعددة الجبهات، بل وحرب إقليمية لا نظن أن دولة الاحتلال الإسرائيلي كانت مستعدة لها أو حسبت تداعياتها بشكل كاف في الوقت الراهن.

——————————————————————————————————–

المصادر

1- Joint Direct Attack Munition GBU- 31/32/38

2- Israel’s Military Tech Fetish Is a Failed Strategy

3- ‘Decisive Victory’ and Israel’s Quest For a New Military Strategy

4- Hezbollah’s Military and Political Strength – Factsheet 11

5- YJ-83 NATO: CSS-N-8 Saccade, Export: C-802A

6- PANTSIR-S1 / PANTSYR-S1 / SA-22 GREYHOUND

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دولة الاحتلال الإسرائیلی جیش الاحتلال بما فی ذلک حزب الله فی موقف أکثر من

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: إسرائيل تمنع دخول المساعدات لغزة منذ 50 يوما

قالت الأمم المتحدة، إن إسرائيل تمنع دخول كافة أنواع المساعدات إلى قطاع غزة منذ 50 يوماً، وإن تأثير ذلك على مواطني القطاع "خطير جداً".

جاء ذلك على لسان المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، خلال مؤتمر صحفي عقده، الليلة الماضية، بمقر الأمم المتحدة في ولاية نيويورك الأميركية.

وأوضح دوجاريك أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أكد بأنه منذ 50 يوما، لم يتم إدخال أي طعام أو وقود أو دواء أو أي مواد أساسية أخرى إلى غزة.

وأضاف أن مخزونات الغذاء انخفضت بشكل "خطير" خلال هذه الفترة، وأن الأدوية والإمدادات الطبية واللقاحات على وشك النفاد.

وأشار إلى أن الأطفال والبالغين يعانون من الجوع، وأن النظام الصحي في القطاع بات على وشك الانهيار.

وأردف: "مئات الآلاف من الأشخاص نزحوا، والهجمات الإسرائيلية على العاملين في مجال المساعدات الإنسانية والصحية زادت مرة أخرى".

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين شهداء وإصابات في ليلة صعبة على غزة - استهداف متعمد للآليات الثقيلة نقابة المحامين تصدر بيانا مهما بشأن تنظيم الوكالات الخاصة لتحقيق اختراق بمفاوضات غزة - اتصال مُرتقب اليوم بين ترامب ونتنياهو الأكثر قراءة ترامب يثير الجدل داخل إدارته أيضاً! سلطات الاحتلال تُعيد فتح حواحز أريحا بعد إغلاقها لساعات ويتكوف: الاتفاق مع إيران مرهون بـ "شرطين" محدث: تصاعد الاحتجاج في إسرائيل: آلاف من قطاعات جديدة تُطالب بوقف الحرب عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • السيد القائد: اعتداءات العدو الإسرائيلي في لبنان كبيرة وانتهاكاته جسيمة والمسؤولية الآن تقع على عاتق الدولة
  • مرصد حقوقي: إسرائيل تنفذ تهجيرا قسريا للفلسطينيين بغزة وسط صمت دولي
  • الحوثي تعلن مهاجمة هدفين بدولة الاحتلال بصاروخ باليستي ومسيرة (شاهد)
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 16 فلسطينيًا شمال رام الله
  • كيف تمزّق فيديوهات حماس للأسرى المجتمع الإسرائيلي وتزيد الضغط على دولة الاحتلال؟
  • مصر تكثف الجهود لإنهاء احتلال إسرائيل لمواقع بجنوب لبنان
  • ‏الرئيس اللبناني: استمرار الاحتلال الإسرائيلي لـ 5 تلال جنوبي لبنان لا يساعد على استكمال تطبيق القرار 1701
  • صحة غزة: منع إسرائيل دخول تطعيمات شلل الأطفال يهدد 602 ألف طفل
  • الأمم المتحدة: (إسرائيل) تمنع دخول المساعدات لغزة منذ 50 يوماً
  • الأمم المتحدة: إسرائيل تمنع دخول المساعدات لغزة منذ 50 يوما