التصعيد مستمر من لبنان... حزب الله مرتاح داخلياً
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
يعمل "حزب الله" بشكل جدي على رفع مستوى التصعيد العسكري من جنوب لبنان من دون ان يعني ذلك الذهاب الى حرب شاملة، لكن الحزب لم يعد مكتفياً بمنسوب التصعيد الحالي ويحاول ايجاد مداخل أخرى يتمكن من خلال من توجيه ضربات أكثر إيذاء لاسرائيل بالتزامن مع زيادة منسوب انخراطها بالحرب البرية في غزة وذلك لمنع جيشها من التفرغ للجبهة جنوب فلسطين واستنزاف المقاومة الفلسطينية.
هذا التصعيد بدأ يظهر من خلال استخدام الحزب اسلحة دفاع جوي فعالة ضد المسيّرات الاسرائيلية والأحاديث المتزايدة عن استخدامه منظومات اكثر تطورا للصواريخ المضادة للدروع، كان قد كشف عنها قبل اشهر قليلة، من هنا يظهر أن الحزب مصر على تحقيق أهداف معينة عبر هجماته المنظمة ضد المواقع العسكرية الاسرائيلية، وهذا يخدم المعركة الحالية ومرحلة ما بعد انتهائها ايضاً..
واهم هذه الاهداف هو تعطيل قدرة اسرائيل على الاستطلاع والرصد من خلال استهداف التقنيات في كل المواقع وهو ما يركز عليه الحزب بشكل كبير، وهو ايضا ما سيجعله يفرض معادلة تتيح له استهداف هذه التقنيات حتى بعد انتهاء المعركة في غزة والتوترات عند الحدود، ضف الى ذلك كسره النهائي لقواعد الاشتباك لصالحه، فمن يضمن الا يستمر الحزب عملياته العسكرية الاستنزافية في مزارع شبعا بعد توقف اطلاق النار في غزة.
تصعيد الحزب المدروس، وعدم دخوله في كباش عسكري كبير، يعود لاسباب كثيرة، احدها الوضع الداخلي الذي يبدو انه بات مريحاً بالنسبة لحارة حريك، خصوصا في ظل حصول ثلاثة تحولات اساسية، التحول الاول أصاب الشارع السنّي الذي يعتبر المعركة التي تحصل في غزة معركته قبل ان تكون معركة "حزب الله" وبدأ يتماهى مع حراك الحزب العسكري خصوصا في ظل مشاركة بعض التنظيمات الفلسطينية بالعمليات جنوبا وكذلك الجماعة الاسلامية.
اما التحول الثاني والذي لا يقل اهمية هو الذي احدثه النائب السابق وليد جنبلاط في الشارع الدرزي اذ ان الرجل يخوض معركة اعلامية وسياسية واضحة دعما لغزة ولم تقتصر مواقفه على دعم "حزب الله" افتراضياً بل أسس لخطوات كبيرة من أجل الاستعداد للاسوأ واستيعاب المهجرين من بيئة الحزب وتأمين المأوى لهم ومساعدتهم، وهذا بحد ذاته يحقق الكثير من الارتياح بالنسبة للحزب.
التحول الثالث هو عودة التحالف بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" الى سابق عهده بعدما اعاد رئيس "التيار" جبران باسيل تموضعه، وأعلن تأييده الكامل لخطوات الحزب العسكرية، وهذا يحسن، وان بشكل جزئي، واقع الشارع المسيحي الذي كان بدأ ينسلخ بالكامل عن تقاربه مع الحزب. هكذا بدأ "حزب الله" يجد انه مرتاح بشكل كبير في الداخل اللبناني ما يتيح له رفع وتيرة التصعيد بما لا يوصل الى افتعال حرب لا يزال معظم اللبنانيين يرفضونها.
المصدر: لبنان 24
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
حديث إسرائيلي عن قرب نهاية الحرب في لبنان.. هل حقق الاحتلال أهدافه؟
مع احتدام المعارك في جنوب لبنان، وتخطي حزب الله عتبة "الانهيار" التي كان الاحتلال يعول عليها بعد استهداف قيادته، يجري حديث إسرائيلي عن قرب انتهاء المعركة في الجبهة الشمالية.
ووضع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو عدة أهداف للحرب على لبنان على رأسها إعادة سكان الشمال الدين هجرهم قصف حزب الله المستمر منذ أكثر من عام.
أسباب عدة
وحول وقف العملية البرية في جنوب لبنان، تحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن عدة أسباب.
وقالت القناة الـ12 الإسرائيلية، إن "إسرائيل تدرس إمكانية وقف إطلاق النار بالجبهة الشمالية لتجنب أي قرار من مجلس الأمن الدولي ضدها".
وأوضحت القناة، أن إدارة بايدن تمارس ضغوطا شديدة على إسرائيل لإنهاء القتال على الجبهة الجنوبية.
من جانبها، ذكرت القناة 13 العبرية، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يقترب من إعلان انتهاء العملية البرية في جنوب لبنان بعد أكثر من شهر على بدايتها.
وأوضحت القناة أن التقديرات تشير إلى أن أكثر من 90 بالمئة من العمليات البرية للجيش في لبنان انتهت، كما تشير تلك التقديرات إلى أن الجيش لن يعلن انتهاء العملية البرية في لبنان قبل التوصل إلى اتفاق سياسي.
والأسبوع الماضي، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر مطلعة في الجيش قولها، إن البرية حققت "إنجازات، أبرزها اكتشاف بنى تحتية تابعة لحزب الله وتدمير مخابئ أسلحة وأسر عناصر من الحزب يوفرون معلومات استخباراتية"، وفق زعما.
وأشارت إلى بدء تسريح الآلاف من القوات النظامية والاحتياطية لاستراحة مؤقتة، مع بدء التخطيط لإعادة انتشار القوات على طول الحدود اللبنانية.
وكان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي قال في وقت سابق إنه بات بالإمكان إنهاء الحرب على جبهة لبنان، لأنه تم القضاء على القيادة العليا لحزب الله.
مزاعم عن تقدم في المفاوضات
انفرد إعلام الاحتلال بالحديث عن تقدم في المفاوضات حول وقف إطلاق النار في لبنان، إذ نقلت صحيفة "إسرائيل اليوم" عن مسؤول سياسي إسرائيلي أن هناك تقدما ملموسا في المحادثات بخصوص الجبهة الشمالية.
وقال المسؤول الإسرائيلي إن الحديث يدور حول اتفاق جيد جدا لإسرائيل يلبي مصالحها بشكل أمثل، فيما قالت هيئة البث الإسرائيلية إن هناك تقدما حقيقيا في الاتصالات بخصوص الجبهة الشمالية.
هل حقق الاحتلال أهدافه؟
حتى الآن لا يبدو أن الاحتلال استطاع تحقيق شيء من أهدافه في لبنان على الرغم من نجاحه باغتيال قيادة حزب الله، إلا أن الهدف الأساس "عودة المستوطنين" لم يتحقق بعد.
ما يحدث يشير إلى العكس تماما، فحزب الله يخوض معارك ضارية في الجنوب ويكبد الاحتلال خسائر جسيمة.
كما وتيرة الصواريخ آخذة بالتصاعد حتى شملت أهدافا في حيفا و "تل أبيب الكبرى".
وتيرة قصف متصاعدة
وأعلن الحزب، في وقت مبكر اليوم الأحد، أنه قصف بالصواريخ تجمعا لقوات إسرائيلية قرب بوابة حسن في محيط بلدة شعبا اللبنانية.
كما قال الحزب إنه استهدف تجمعا آخر للجيش الإسرائيلي في مستوطنة هغوشريم برشقة صاروخية.
وقالت الجبهة الداخلية الإسرائيلية، في وقت مبكر اليوم الأحد، إن صفارات إنذار دوت في مستوطنتي كريات شمونة ومرغليوت بإصبع الجليل للتحذير من تسلل طائرة مسيرة من لبنان.
وأشار الحزب في بيان إلى تنفيذ 27 عملية السبت كان أبرزها إعلانه أنه هاجم للمرة الأولى قاعدة عين خوزلوت جنوبي بحيرة طبريا، كما أعلن أنه هاجم للمرة الأولى أيضا مصنع ملام العسكري جنوبي مدينة تل أبيب، لافتا إلى أن هذا المصنع يبعد عن حدود لبنان نحو 132 كلم.
كما قصف الحزب 3 قواعد في حيفا والجليل الأعلى وتجمعات لجنود إسرائيليين في الشمال، وشن هجوما صاروخيا على قاعدتي ميرون في الجليل وزوفولون للصناعات العسكرية شمال مدينة حيفا، ومدينة صفد، ومستوطنتي برعام وكريات شمونة.
وبث ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطعا مصورا يوثق إطلاق حزب الله صواريخ من مواقع قريبة من الحدود على الرغم من التوغل البري الإسرائيلي المستمر منذ أسابيع، الذي يهدف لإبعاد مقاتلي الحزب عن الحدود.
???? مصادر عبرية: توثيق لحظة إطلاق حزب الله لصواريخ من على الحدود رغم العملية البرية لجيش الاحتلال في بلدات جنوبي لبنان pic.twitter.com/RPY7Vl7FWX — ساحات - عاجل ???????? (@Sa7atPlBreaking) November 9, 2024
في المقابل، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه رصد إطلاق 70 صاروخا من لبنان منذ صباح السبت، وإن الاستهداف شمل مناطق في عكا وخليج حيفا والجليل.
وأجبرت هجمات حزب الله الجمعة، على دخول نحو مليوني إسرائيلي إلى الملاجئ، فيما أعلنت الجبهة الداخلية تفعيل صفارات الإنذار في عكا وبلدات عدة في محيطها.
الخسائر تتفاقم
ومع تواصل المعارك في جنوب لبنان وشمال غزة، يفرض جيش الاحتلال رقابة صارمة على إعلان خسائره بشكل كامل.
والخميس الماضي، اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي بمقتل خمسة جنود وإصابة 16 آخرين في معارك بالجنوب اللبناني خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وكان الموقع الإلكتروني لجيش الاحتلال كشف الجمعة عن إصابة 10 جنود خلال 24 ساعة، ثمانية منهم أصيبوا بمعارك لبنان و2 في قطاع غزة..
ووفق الموقع الإلكتروني للجيش الإسرائيلي، فقد بلغ عدد الجرحى في غزة والضفة ولبنان 5292 عسكريا منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية في تقرير للكاتب السياسي بن كاسبيت٬ أن الاحتلال الإسرائيلي يخوض منذ أكثر من عام حربًا إقليمية على سبع جبهات، تكبد فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي خسائر تقدر بحوالي فرقتين من الجنود، في وقت يعاني فيه من نقص حاد في أعداد الجنود، حتى قبل احتساب القتلى والجرحى.
هذه الإجراءات، بحسب بن كاسبيت، تؤدي إلى استنزاف القوات المسلحة وارتفاع مستوى السخط بسبب زيادة العبء على القلة التي تخدم في الاحتياط، بينما يظل الجنود النظاميون يعانون من الضغط المستمر.
وأوضح التقرير أن "إسرائيل" تواجه أزمات متشابكة ومتتالية على الجبهة الداخلية، سواء كانت سياسية أو اقتصادية، في وقت تخوض فيه حربًا إقليمية، معتبراً أن السبب الرئيسي لهذه الأزمات هو "استمرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في منصبه".
حزب الله استوعب الصدمة
مرارا يؤكد أن حزب الله أنه تجاوز اغتيال قادته، وهذا ما تؤكده، المعطيات الميدانية ووتيرة القصف تجاه الأراضي المحتلة.
والأسبوع الماضي، قال الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، إنه لا مكان في "إسرائيل" ممنوع على طائرات وصواريخ حزب الله، مهددا بجعلها تستجدي وقف إطلاق النار، وتسعى إليه.
وأكد قاسم أن "حزب الله" منذ الحرب مع إسرائيل 2006 "وهو يستعد بكل أشكال الاستعداد" لهذا اليوم؛ لأنه كان يتوقع أن "تحصل الحرب في يوم من الأيام".
وأضاف الأمين العام: "نحن الآن في حالة دفاعية لمواجهة هذا العدوان الإسرائيلي والأهداف التوسعية التي أرادها" نتنياهو.
وبشأن موعد توقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، قال: "قناعتنا أنّ أمرا واحدا فقط هو الذي يوقف هذه الحرب العدوانية وهو الميدان"، في إشارة إلى صمود المقاومين في التصدي للعدوان.
وأوضح أن "الميدان يشمل قسمين: الحدود ومواجهة المقاومين لجيش الاحتلال على الحدود، والثاني هو الجبهة الداخلية وأن تصل إليها الصواريخ والطائرات حتى تدفع ثمنا حقيقيا، وتعلم أنّ هذه الحرب ليست حربا قابلة لأن ينجح فيها الإسرائيلي".
وفي هذا الصدد تحدثت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في تقرير لها أواخر الشهر الماضي، أن حزب الله نجح في تعيين قادة سريين بدلًا من الذين اغتالتهم إسرائيل ولكنها قيادة سرية ليس لدى الاحتلال أي معلومات عنهم، وفقا لمسؤول إسرائيلي تحدث للصحيفة.
وأضاف المسؤول، أن الحزب عين مقاتلين في مستويات منخفضة في القيادة العليا، ما مكنهم من تنظيم صفوفهم سريعا.
وأشارت إلى أن حزب الله تلقى سلسلة من الضربات القاسية في سبتمبر الماضي، وتسببت في خسائر كبرى، انتهت باغتيال حسن نصرالله الأمين العام للحزب، ولكن يبدو أن هذه الخسائر لم يكن لها تأثير فوري على العمليات العسكرية، حيث حقق حزب الله نجاحات غير عادية ضد إسرائيل في جنوب لبنان.