حزب الله بين نداءات متباينة: تخفيف الهجمات والتصعيد
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
وصلت الإشارات الأولى إلى أن حرب غزة قد تمتد إلى لبنان بشكل أعمق إلى العاصمة بيروت. فبعد أسبوع من شن مقاتلي حماس هجومهم داخل إسرائيل، ظهرت لافتة في وسط بيروت تقول: "لا شيء يردع الظلم إلا الدم".
حزب الله يجب ألا يدخل الحرب
وتقول صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها من بيروت إن الرسالة كانت من فصيل مسلح متحالف مع حزب الله.
ولكن حتى قبل رفع اللافتة، كان القصف متبادلاً يومياً بين إسرائيل والجماعات المسلحة في لبنان، بما في ذلك حزب الله وجناح من حماس. مخاوف من الانزلاق وحتى الآن، يقتصر إطلاق النار عبر الحدود على المنطقة الحدودية. ومع ذلك، في بيروت وأجزاء أخرى من لبنان، لا تعني المسافة البعيدة نسبياً عن الصراع الكثير. وفي بلد لا يستطيع تحمل المزيد من الاضطرابات، هناك مخاوف من أن الأحداث قد تجر لبنان إلى صراع أوسع.
“in Beirut and other parts of Lebanon, the physical distance from the conflict means little. In a country that can least afford more disruption, there are fears that events could drag Lebanon into a wider conflict.” @SarahDadouch https://t.co/KpjteSjn9F
— Mohamad El Chamaa (@MohamdEch) October 29, 2023
على مدى السنوات الأربع الماضية، كان لبنان ينتقل من أزمة إلى أخرى. وقد أدى السقوط الاقتصادي الحر إلى تدمير سبل العيش ورفع معدل التضخم إلى 350 في المائة في أسعار المواد الغذائية في وقت مبكر من هذا العام. وتركت الصراعات الطائفية والسياسية لبنان بلا دفة تقريباً مع الافتقار إلى مؤسسات وخدمات الدولة الموثوقة. ويسيطر حزب الله وحلفاؤه على البرلمان.
Lebanon's Hezbollah published pictures of targeting the communications equipment of the Israeli' Al-Abad base pic.twitter.com/SXFFKxgEc6
— Sprinter (@Sprinter99800) October 28, 2023
وبعد حرب عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله، كانت التحذيرات صارخة، لذا قد تكون الحرب المقبلة قد تكون أكثر تدميراً على لبنان.
وقال مسؤول لبناني كبير، تحدث شرط عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية المناقشات: "جميع الدول الغربية تتحدث إلينا، وترسل سفراءها، وتقول إن حزب الله يجب ألا يدخل الحرب"، مضيفاً أن رسالة لبنان هي أن الولايات المتحدة يجب أن تضغط على إسرائيل ضد غزو بري كبير في غزة قد يدفع حزب الله إلى تكثيف اشتباكاته مع إسرائيل.
وأكد أن "ما نقوله لحزب الله، كحكومة، هو أننا لا نستطيع خوض حرب. والجواب هو: نحن نفهمك. ولكن لا يمكننا أيضاً أن نتقبل سقوط حماس".
وتحض الولايات المتحدة إسرائيل على شن هجمات برية جراحية بدلاً من شن هجوم كبير.
Lebanon’s Hezbollah weighs dueling appeals: ease attacks or escalatehttps://t.co/iVCkoZQWVZ
— ❇️ IamOdyla (@IamOdyla) October 29, 2023
ومنذ بدء الحرب الأخيرة، توقفت الحياة في لبنان ببطء وأصبحت المطاعم فارغة، وكذلك الفنادق والحانات. وألغت الأندية فعالياتها تضامناً مع سكان غزة.
وتقول الصحيفة إن اللبنانيين نفسهم الذين احتفلوا بتوغل حماس انتقدوا أيضاً تورط حزب الله، خوفاً من رؤية صور الدمار القادمة من غزة تتكرر في بلدهم. وقد تم التوقيع على عريضة ضد تورط لبنان من قبل ما يقرب من 8000 شخص.
ويلتزم الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الصمت منذ هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر(تشرين الأول). ووراء الكواليس، تصاعدت الضغوط من جانب المسؤولين اللبنانيين من أحزاب أخرى على الحزب للامتناع عن الانخراط في قتال شامل مع إسرائيل.
وكلما مرت أيام دون تعليق علني من نصر الله، يصبح صمته مريباً ويزيد غضب أتباعه الذين يدعمون دعواته إلى "مقاومة" لا تتزعزع لإسرائيل.
وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول)، قال نائب رئيس الحزب نعيم قاسم إن حزبه على علم بالمطالبات بعدم "المشاركة بشكل أوسع في عملية المقاومة".
وقال في خطاب ألقاه في جنازة أحد أعضاء حزب الله، في إشارة إلى دعم غزة وحماس: "إنهم يريدون أن يكون الجواب: لا علاقة لنا بهذا... لكننا نقول لهم دائما إننا منخرطون، ونحن جزء من هذه المعركة"، و"إذا طرأت أحداث تتطلب المزيد من المشاركة من جانب الححزب، فسوف نفعل ذلك".
وقال مهند الحاج علي، وهو زميل في مركز كارنيغي للشرق الأوسط ومقيم في بيروت، إن حزب الله تبنى "تصعيداً تدريجياً مع القوات الإسرائيلية...اليوم، قواعد الاشتباك تقع ضمن منطقة جغرافية محصورة". لكنه توقع أن يوسع حزب الله هجماته إذا دخلت القوات البرية الإسرائيلية إلى غزة بأعداد كبيرة.
وأضاف أن الجماعة "تعتبر أن هذا الصراع صراع وجودي". "وبالنظر إلى هذا الرأي، فإن السبيل الوحيد للمضي قدمًا هو التصعيد التدريجي لمحاولة تجنب صراع أوسع نطاقًا".
خلال الأسابيع الماضية، نشر حزب الله مقاطع فيديو يُزعم أنها تظهر قناصيه وهم يضربون كاميرات المراقبة ويقصفون مواقع الجيش داخل إسرائيل بصواريخ.
وقتل ما لا يقل عن 51 شخصاً في الغارات الإسرائيلية في لبنان، من بينهم 47 من مقاتلي حزب الله، وفقا لبيانات الجماعة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن خمسة إسرائيليين على الأقل قتلوا في الشمال، من بينهم ثلاثة جنود في تبادل لإطلاق النار مع مسلح من حزب الله تسلل عبر الحدود.
وقال مسؤول غربي لصحيفة "واشنطن بوست" إنه تم إجراء اتصالات مع المسؤولين اللبنانيين وحزب الله، وطلب منهم "الامتناع عن أي نوع من التصعيد من الحدود، وإبقاء لبنان بعيدًا بشكل عام عن الصراع الدائر في غزة".
وأكد المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته إن لبنان وسكانه “لا يستطيعون تحمل صراع جديد وسط انهيار الدولة والوضع الاقتصادي المتردي”.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل حزب الله
إقرأ أيضاً:
حصاد 2024| لبنان يزداد أوجاعه مع اتساع الحرب بين إسرائيل وحزب الله.. الاحتلال يضرب بقوة الضاحية الجنوبية لبيروت.. وتفجيرات أجهزة بيجر واغتيال حسن نصر الله أبرز الأحداث المؤلمة
تفاقم الأزمات في لبنان بعد اتساع الهجمات بين حزب الله وإسرائيلالاحتلال يستهدف معظم قادة الجماعة اللبنانية بقوةالانتهاكات تستمر رغم دخول اتفاق وقف النار حيز التنفيذ في 26 نوفمبر
مع بداية عام 2024، تلقت جماعة حزب الله اللبنانية إنذارًا إسرائيليًا يهددها بأنها إذا لم تنسحب على الفور من الحدود الإسرائيلية اللبنانية وتوقف هجماتها الصاروخية، فإن حربًا شاملة باتت وشيكة. وكان هذا التهديد هو الذي سبق العاصفة.
وفي اليوم التالي، تحولت النيران الإسرائيلية، التي كانت تقتصر في السابق على تبادل إطلاق النار عبر الحدود منذ 8 أكتوبر 2023، إلى الضاحية الجنوبية لبيروت لأول مرة.
ومن هنا بدأ الاحتلال هجماته، فاستهدفت طائرة بدون طيار إسرائيلية مكتبًا لحماس في حارة حريك، مما أسفر عن استشهاد الرجل الثالث بحزب الله، صالح العاروري. وفي الوقت نفسه، زادت عمليات قتل قادة حزب الله في جنوب لبنان بشكل كبير.
تفاقم الأزمات في لبنانوحسب موقع "أراب نيوز"، أدت هذه الحرب إلى تفاقم الأزمات القائمة في لبنان، إذ دخل عام 2024 وهو يعاني من تفاقم الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية، بعد أن عانى بالفعل من الانهيار المالي في عام 2019، خاصة مع فشل تعيين رئيس للبلاد بسبب الانقسامات الدائرة، ما أدى إلى شلل الحكومة منذ أكتوبر 2022.
ومع اندلاع الاشتباكات على الحدود في البداية، أدى الأمر إلى نزوح 80 ألف شخص من قراهم، مما زاد من الضغط على اقتصاد البلاد وزاد من الفقر.
وفي منتصف ديسمبر 2023، أبلغت الدول المانحة لبنان بخطط لتقليص المساعدات للحماية الاجتماعية في بداية عام 2024.
لكن تصاعدت المواجهات العسكرية بسرعة، وحافظ حزب الله على استراتيجية "الجبهات المرتبطة"، وأصر على أنه سيواصل هجماته حتى انسحاب الاحتلال من غزة، بينما أصرت إسرائيل على امتثال حزب الله للقرار 1701 وسحب قواته شمال نهر الليطاني.
وبين 8 أكتوبر 2023 وسبتمبر 2024، شن حزب الله 1900 هجوم عسكري عبر الحدود، بينما ردت إسرائيل بـ 8300 هجوم على جنوب لبنان، وقد تسببت هذه الضربات في مقتل المئات ونزوح مجتمعات بأكملها في جنوب لبنان وشمال إسرائيل.
ورغم الجهود الدبلوماسية المكثفة ــ وخاصة من جانب فرنسا والولايات المتحدة ــ لم يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار خلال هذه الفترة.
وتصاعدت حدة المواجهات، حيث وسع الاحتلال نطاق غاراته وأهدافه إلى منطقة بعلبك، في حين كثف حزب الله نطاق ضرباته لتتسع إلى مواقع عسكرية إسرائيلية عميقة.
ولم تسلم قوات اليونيفيل الدولية في المواقع الأمامية من إطلاق النار المتبادل، حيث تصاعدت الهجمات بعد دخول قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى مناطق عمليات القوة الأممية.
وبحلول منتصف يوليو الماضي، كانت السفارات الغربية في لبنان تحث رعاياها على مغادرة البلاد فورًا، مدركة تهديد إسرائيل بتوسيع الصراع إلى حرب شاملة على لبنان.
استهداف قادة حماسوتكثفت الضربات الإسرائيلية على قيادة حزب الله، وبلغت ذروتها بقتل قائد فرقة الرضوان فؤاد شكر بجنوب بيروت في يوليو.
وفي اليوم التالي، تم استهداف رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، مما أدى إلى تفاقم التوترات بين إسرائيل وإيران.
وتعمقت الضربات الجوية الإسرائيلية عبر جنوب لبنان ووادي البقاع، في حين وسع حزب الله هجماته إلى مستوطنات كريات شمونة وميرون وضواحي حيفا وصفد.
وفي17 و18 سبتمبر، شن الاحتلال الإسرائيلي هجومًا منسقًا على آلاف أجهزة النداء واللاسلكي التابعة لحزب الله، مما تسبب في انفجارات أسفرت عن مقتل 42 شخصًا وإصابة أكثر من 3500 آخرين، ورغم أن إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها، فإن الهجوم كان بمثابة تصعيد كبير.
وبحلول 27 سبتمبر، كان استشهاد زعيم حزب الله حسن نصر الله وغيره من كبار قادة الجماعة اللبنانية في حارة حريك إيذانًا ببدء حرب أوسع نطاقًا، خاصة مع استخدام قوات الاحتلال صواريخ دقيقة التوجيه لضرب المباني والمخابئ، مما أسفر عن مقتل قادة حزب الله وإجبار الضاحية الجنوبية لبيروت على إخلاء أعداد كبيرة من سكانها.
ورداً على ذلك، أكد حزب الله التزامه بربط أي وقف لإطلاق النار في لبنان بوقف النار في قطاع غزة، ومع ذلك، بحلول الأول من أكتوبر، كثفت الاحتلال الإسرائيلي غاراته، فدمرت المباني السكنية وحتى المواقع الأثرية في صور وبعلبك.
كما بدأ الجيش الإسرائيلي هجومًا بريًا في جنوب لبنان، ودمر قرى حدودية وقطع المعابر البرية مع سوريا لتعطيل خطوط إمداد حزب الله.
التوصل لاتفاق وقف النارفي 26 نوفمبر الماضي، توصل رئيس مجلس النواب نبيه بري، بوساطة أمريكية، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. ومع ذلك، سبق الاتفاق تصعيد إسرائيلي هائل في بيروت.
ودخل القرار حيز التنفيذ، لكن على الرغم من وقف إطلاق النار، استمرت الانتهاكات. وفي الوقت نفسه، أصبحت الخسائر الاقتصادية للحرب واضحة.
وقدر وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام، الخسائر الأولية بنحو 15 إلى 20 مليار دولار، مع فقدان 500 ألف وظيفة، وإغلاق الشركات على نطاق واسع، فيما أثر الدمار الزراعي على 900 ألف دونم من الأراضي الزراعية.
ورغم أن قيادة حزب الله وترسانته القوية قد تقلصت بشكل كبير مع استمرار الحرب في غزة، فإن حقيقة نجاة الجماعة من الصراع منذ العام الماضي تُظهِرها باعتبارها انتصاراً في حد ذاتها.